• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

التشيع

  • 1

    {فاجعة سقط الجنين من مصادر أهل السنة والجماعة !!}

    أول مصدر : ذكر المسعودي صاحب تاريخ ((مروج الذهب)) المتوفى سنة 346 هجرية ، وهو مؤرخ مشهور ينقل عنه كل مؤرخ جاء بعده ،
    قال في كتابه ((إثبات الوصية)) عند شرحه قضايا السقيفة والخلافة : {فهجموا عليه [علي عليه السلام] وأحرقوا بابه ، واستخرجوه كرهاً وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً!!}.

    ثاني مصدر : قال الصفدي في كتاب ((الوافي بالوفيات)) الجزء 6 في صفحة 76 في حرف الالف ، عند ذكر إبراهيم بن سيار ، المعروف بالنظام ، ونقل كلماته وعقائده ،
    يقول : {إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت المحسن من بطنها !!}.

    ثالث مصدر : نقل أبو الفتح الشهرستاني في كتابه ((الملل والنحل)) الجزء 1 في الصفحة 57 وقال النظام : {إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها وكان يصيح [عم ] أحرقوا دارها بمن فيها !! وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحسين} .

    رابع مصدر : ابن ابي الحديد في((شرح نهج البلاغة)) في الجزء 14 في الصفحة 193 دار أحياء الكتب العربية ، بعدما ينقل خبر هبّار بن الأسود وترويعه زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أسقطت جنينها ، فأباح النبي صلى الله عليه وآله وسلم دم هبّار لذلك وهذا الخبر أيضاً قرأته على النقيب أبي جعفر رحمه الله ، فقال : { إذا كان رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] أباح دم هبّار بن الأسود لأنه روع زينب فألقت ذا بطنها ، فظهر الحال أنه لو كان حياً لأباح دم من روع فاطمة حتى ألقت ذا بطنها... ألخ} .

    خامس مصدر : محمد بن جرير الطبري في ((تاريخ الطبري)) في الجزء 3 في صفحة 203 وما بعدها ، قال : {دعا عمر بالحطب والنار وقال : لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقنها على من فيها .
    فقالوا له : إن فيها فاطمة !!
    قال : وإن !!} .

    سادس مصدر : محمد بن جرير الطبري في ((تاريخ الطبري)) في الجزء 2 في الصفحة 233 دار الكتب العلمية : حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن زياد بن كليب قال : {أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين ، فقال : والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة فخرج عليه الزبير....}.
    وغيرها من المصادر ومن أحب الزيادة فليرجع إلى كتاب ليالي بيشاور

    السلام على صاحبة الضلع المكسور
    السلام على ذات الآلام الكثيرة
    في المدة القصيرة
    السلام على المظلومة المهضومة
    ألا لعن الله قاتليها وشانئيها
    وغاصبي حقِّها

  • 1

    إرتفعت حصيلة الاعتداء الإرهابي الذي استهدف مسجداً للمسلمين الشيعة في العاصمة الأفغانية كابول إلى 28 شهيدا ونحو خمسين جريحا.

    وشارك مئات الأفغانيين في تشييع ضحايا الهجوم الذي تبنته جماعة "داعش" الإرهابية.
    وكان انتحاري فجر نفسه في مدخل مسجد في شمال العاصمة كابول فيما اقتحم ثلاثة إرهابيين المسجد وأطلقوا النار باتجاه الشرطة داخله.
    واستمر الاعتداء أربع ساعات ووقع في وقت احتشد عشرات الرجال والنساء والأطفال لأداء صلاة الجمعة.
    وكان استشهد 33 مصليا وأصيب 66 في هجوم انتحاري على مسجد شيعي في مدينة هرات غرب افغانستان تبنته جماعة "داعش".
    المصدر : وكالات

  • 1

     اتّضح بما ذكرنا أنّ التشيّع ظهر منذ عهد الرسالة ، و أنّ هناك الكثير من الصحابة الذين كانوا على وفاق مع الإمام علي (عليه السلام) في الرأي و المنهج فهم كانوا موجودين في عهد الرسالة .
    و لقد جاء علماء الشيعة و منهم الشيخ محمّد حسين آل كاشف الغطاء بأسماء الشيعة من الصحابة ، و ذكر أنّه قد جمع من كتب تراجم الصحابة كالإصابة و أسد الغابة و الاستيعاب و نظائرها زهاء ثلاثمائة رجل من عظماء رجال النبي كلّهم من شيعة علي ( عليه السلام ) ، و منهم سلمان الفارسي و أبو ذر الغفاري و عمار بن ياسر و المقداد و أبو أيوب الأنصاري و الفضل بن العباس و أخيه الحبر عبد الله و خزيمة ذي الشهادتين و غيرهم كثير (1)

    و إليك ترجمة حياة بعض أركان الشيعة من الصحابة
    سلمان الفارسي
    توفّي بالمدائن سنة 35 أو 36 ، و من ألقابه سلمان الخير ، و سلمان المحمّدي ، و سلمان ابن الإسلام ، و عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) عند ما ذكر عنده سلمان الفارسي فقال ( عليه السلام ) : " مهلاً ، لا تقولوا سلمان الفارسي ، و لكن قولوا سلمان المحمّدي ذلك رجل منّا أهل البيت " .
    و هو من المعمّرين ، ففي تهذيب التهذيب عن العباس بن زياد : أهل العلم يقولون عاش سلمان 350 سنة فأمّا 250 فلا يشكّون فيه ، و كان أدرك وصي عيسى بن مريم (عليه السلام) فيما قيل .
    و في الاستيعاب اشتراه رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) من اليهود بكذا و كذا درهماً ، و على أن يغرس لهم كذا و كذا من النخيل يعمل فيه سلمان حتّى تدرك ، فغرس رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) النخل كله إلا نخلة واحدة غرسها عمر فأطعم النخل كلّه إلا تلك النخلة فقال رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) : من غرسها فقالوا : عمر ، فقلعها رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و غرسها فأطعمت من عامها .
    و أوّل مشاهده مع رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) الخندق ولم يتخلّف عن مشهد بعده .
    و في الاستيعاب له أخبار حسان و فضائل جمّة ذكر معمر عن رجل من أصحابه : دخل قوم على سلمان و هو أمير على المدائن ، و هو يعمل الخوص فقيل له : تعمل هذا و أنت أمير يجري عليك الرزق ، فقال : إنّي أحب أن آكل من عمل يدي .
    و عن عائشة قالت كان لسلمان مجلس من رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) ينفرد به الليل حتّى كاد يغلبنا على رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) .
    و روي من حديث ابن بريدة عن أبيه عن النبي أنّه قال : أمرني ربي بحب أربعة ، و أخبرني أنّه سبحانه يحبّهم علي و أبو ذر و المقداد و سلمان . و غيرها كثير .
    فمن هنا اتّضح أنّ تشيّع سلمان ليس قائماً على الأحداث السياسية و الثورات الاجتماعية أو الأسباب المادّية (2) .
    أبوذر الغفاري
    كان من غفار القبيلة المتحكّمة في طريق قوافل قريش إلى الشام ، و يعدّ أحد أركان الشيعة ، و يتميّز بطابع خاص .
    و قد جهر بإسلامه في مكّة ، و تعرّض للضرب فيها ، ولم يشفع له إلا لكونه من قبيلة غفار . رسخت هذه الحادثة في ذهنه ، و أدرك منذ ذلك الوقت أنّ معارضة قريش لدعوة النبي ( صلى الله عليه و آله ) إنّما كانت لخوفهم من زوال المال . و كان يعلم أنّه دين الضعفاء ، و منقذ المستضعفين من سيطرة التجّار القريشيين ، و لذلك عارض سياسية عثمان ؛ لأنّه جعل يتصرّف في أموال المسلمين تصرفاً قصد به خلق طبقة من الأغنياء صارت فيما بعد السبب في الثورة على الخليفة (3) .
    و كان من تشيّعه و قربه لعلي أنّه امتنع عن بيعة أبي بكر في بداية الصراع على الخلافة ، و أنّ علياً خرج لوداعه حين نفاه عثمان إلى الربذة ، و أمر أن لا يوادعه أحد ، و أن يصحبه ولداه الحسن و الحسين ، و أخوه عقيل ، و ابن أخيه عبد الله بن جعفر . و كان سبب نفيه هو اندهاشه لتفسير معاوية للآية ﴿... وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ (4) بأنهّا نزلت في أهل الكتاب ، فاعترض أبو ذر بأنّها نزلت فينا و فيهم ، و بذلك يرى أبو ذر أنّ معاوية قد أوّل القرآن على هواه ، فشعر كحارس للمُثُل الإسلامية أنّ واجبه يدعوه إلى إيضاح الحقيقة للناس ففعل و حقّت عليه كلمة النفي و التشريد ، و قد قبلها أبو ذر راضياً ، و صدق رسوله الكريم إذ أخبره أنّ عيشه سيكون فريداً في آخر عمره ، و أنّ موته فريداً بفلاة من الأرض ، و حضور عصابة على جنازته (5) .
    عمّار بن ياسر
    هو ركن آخر من أركان التشيّع ، و كان قمّة في الثبات على ما يراه حقاً ، و الاندفاع إلى أقصى غايات الاندفاع ، و تضحية النفس ـ إذا اقتضى الأمرـ في سبيل المبدأ . و كان ممن يعذّب في الله ، و يقال : إنّه أوّل من اتّخذ مسجداً في بيته يتعبّد فيه (6) . و عاد إليه الأذى في عهد عثمان ؛ لأنّه عارض سياسته في الإنعام على الأمويين من أعداء الإسلام الذين لقي هو و أهله منهم ما لاقوه ، و دخل الإسلام ليستظلّ به من عبوديته لهم في الجاهلية .
    فقد أقرّ له النبي ( صلى الله عليه و آله ) الحق طول حياته و جعل خصومه الفئة الباغية ، ذكر ابن كثير نقلاً عن الترمذي أنّ رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) قال لعمّار : " ويحك يا عمّار تقتلك الفئة الباغية " . و روى أيضاً أنّ رسول الله قال لخالد بن الوليد : " لا تؤذّ عمّاراً فإنّه من يبغض عمّاراً يبغضه الله و من يعاد عمّاراً يعاده الله " (7) .
    يستفاد من هذا الكلام أنّ رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) أراد أنّ يقرّ أنّ عمّار ابن ياسر و أشباهه لا مصلحة لهم في الإسلام إلا بقائه على ما كان يريده الله و رسوله الكريم . و قد صار عمّار و أشباهه من العبيد السابقين و المستضعفين عظماء في الإسلام . و هو مع علي أقرب الناس إلى مُثُل الإسلام الصحيحة .
    قال عمّار يوم بيعة أبي بكر : " يا معشر قريش و يا معشر المسلمين إنّ أهل نبيّكم أولى به ، فقد علمتم أنّ بني هاشم أولى بهذا الأمر منكم ، و علي أقرب إلى نبيكم ، و هو من بينكم وليكم بعهد الله و رسوله " .
    و من أقواله المشهورة أيام صفين
    سيروا إلى الأحزاب أعداء النبي ***سيروا فخير الناس أتبــاع علي (8)
    و بدى تشيّع عمّار واضحاً على لسان قاتله معاوية الطليق ابن الطليق من بين طلقاء مكّة ، لمناسبة قتل مالك الأشتر : " لقد كان لعلي يمينان فقطعت إحداهما بصفّين يعني عمّار بن ياسر ، و قطعت الأخرى اليوم يعني الأشتر " (9) .
    انتهت حياته في صفّين فتذكّر قبل وفاته قول النبي بأنّه ستقتله الفئة الباغية ، فعزم أن يضحّي بنفسه في صفّين ليدعم مركز علي بن أبي طالب قدوته و رئيسه ، على أمل أن ينتبه الناس إلى حقّ علي .
    هؤلاء كلّهم يمثّلون طائفة ممن جعلت علياً هادياً لها ، و مرشداً و مرجعاً بعد النبي ، و كانت تنظر إليه أيام النبي على أنّه المرشح الوحيد لتولّي المنصب ؛ لقرابته القريبة و علومه الوافرة و ارتباطه بالمستضعفين الذين كان الإسلام درعاً و حامياً لهم من بطش قريش ، و كان مكانهم مع علي لأنّه يمثّل امتداد شخصية النبي ، ثّم إنّ علياً فقير مثلهم .
    و غيرهم كثيرون ، فلا غرابة في أن يروي ابن كثير في بدايته أنّه كان في جيش عليّ ثمانون بدرياً و مائة و خمسون ممن بايع تحت الشجرة (10) .
    و عليه يتّضح أنّ حركة التشيّع إنّما هي حركة المحافظة على الإسلام ، و مراقبة تطبيقه على الوجه الصحيح ، و أنّ أكثر الذين تمسّكوا بالتشيّع هم أصحاب المصلحة في بقاء الإسلام على ما أراده الله و رسوله ، و كانوا من المستضعفين و العبيد الغرباء الذين لا مصلحة لهم إلا أن يبقى الإسلام كما هو ، و يضاف إلى هؤلاء الأنصار الذين تبنّوا سياسة النبي في خلق مركز تجمّع و قوّة ينافس مركز مكّة القرشية ، و كانوا من أنصار علي إيماناً بالإسلام و إتباعاً لوصايا النبي ( صلى الله عليه و آله ) (11) .
    **********************************
    1. محمّد الحسين آل كاشف الغطاء ، أصل الشيعة وأصولها : 143 .
    2. ابن هشام ، السيرة النبوية ، في حديث إسلام سلمان 1 : 251ـ258 .
    3. على سامي النشار ، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ، دار المعارف : 3 / 90 .
    4. القران الكريم: سورة التوبة (9)، الآية: 34، الصفحة: 192.
    5. يوسف السيد هاشم الرفاعي ، أدلة أهل السنة و الجماعة ، الكويت ، الطبعة الأولى ، 1984 : 44 . انظر أيضاً علي سامي النشار ، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام : 3 / 90 .
    6. أبو الفداء الحافظ ابن كثير الدمشقي ، البداية و النهاية ، دار الفكر ، بيروت : 5 / 418 .
    7. ابن كثير ، البداية و النهاية : 5 / 418 . أيضاً ابن الأثير ، الكامل في التاريخ : 3 / 157 .
    8. محمّد جواد مغنية ، الشيعة في الميزان : 100 .
    9. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ : 3 / 178 .
    10. ابن كثير ، البداية و النهاية : 5 / 353 .
    11. كتاب مصدر التشريع عند مذهب الجعفرية ، للكاتب محمد باب العلوم : 34 ـ 41 .

  • 1

     كان أهل السُّنَّة في بغداد يدعون العلَّامة الشيخ عبد الحسين بن أحمد الأميني(صاحب موسوعة الغدير) لمأدبة العشاء، ولكنَّه كان يرفض ذلك وهم يصرُّون عليه، وأخيراً قبل العلامة ولكن شرط عليهم بأن يكتفى فقط بالعشاء ولا يجري أي بحث، فقبلوا ذلك.
    بعد العشاء أراد أحد علماء أهل السنَّة أن يفتح باب البحث، وكان يوجد في المجلس ٧٠ إلى ٨٠ شخص.فقال العلَّامة: كان شرطي أن لا يكون هناك أي بحث.
    قالوا: إذن للتَّبرُّك وتنوُّر المجلس، كل شخص يذكر حديثاً، مع العلم أن كلَّ الحضور كانوا من "الحفاظ"، وحافظ الحديث يعني انه عالم متخصص في الحديث وعلومه، وفي المصطلح انه يحفظ مئة ألف حديث.
    فذكر كلُّ شخصٍ منهم حديثاً، إلى أن وصل إلى العلَّامة الأميني، فقال: شرطي بقراءة الحديث هو أنَّكم جميعاً تؤكِّدون على صحَّة الحديث سنداً، فقبلوا ذلك جميعاً.
    فقال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية، ثمَّ سئل الحضور عن سند الحديث؟ فأكَّد الجميع على صحَّة السَّند.
    ثم قال: بعد ما أكَّدتُّم على السَّند الصَّحيح أسئلكم: فاطمة الزَّهراء هل كانت تعرف إمام زمانها أم لا؟
    إذا كانت تعرفه فمن كان؟
    سكتوا لمدَّة عشرين دقيقة ونكَّسوا رؤسهم لأنَّهم ما كانوا يملكون جواباً.
    تركوا المجلس واحداً تلو الآخر وهم يردِّدون: إذا قلنا لم تعرف إمام زمانها يعنى أنَّها ماتت كافرة، وحاشا أن تموت سيِّدة نساء العالمين كافرة، وإذا قلنا كانت تعرف، كيف نقول هو أبوبكر؟ في حال أنَّه جاء في البخاري أنَّها ماتت وهي ساخطةٌ على أبي بكر.
    ولأنَّهم كانوا لا يملكون إلَّا تأييد ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام أُجبروا على ترك المجلس بخجلهم .

  • 1

     النبي (صلى الله عليه و آله) منع الصلاة على جثمان عثمان:
    وجاءت رواية في عثمان عن حكيم بن جبير، يرفعه إلى النبي(صلى الله عليه و آله) قوله:  
    «أنّ عثمان جيفة على الصراط يعطف عليه من أحبّه ويجاوزه عدوّه (1)».
    اذن لا يجوز للنبي محمد (صلى الله عليه و آله) الصلاة على جثمان عثمان اذ اعتبره ممن شملته الآية المباركة فى عدم جواز الصلاة على المنافقين .موقف النبي (صلى الله عليه و آله) من نعثل اليهودي:
    كَثر الحديث عن نعثل وهو الإسم الثاني لعثمان بن عفان فمن سمّاه بهذا الإسم ولماذا؟
    قالت عائشة في صلاة الجمعة في المسجد النبوي أمام الملأ من المسلمين بأنّ خاتم الأنبياء (صلى الله عليه و آله)
    هو الذي سمّى عثمان بنعثل اليهودي(2).
    السؤال هو: هل كان كلام عائشة صحيحاً أم أنّها اختلقت ذلك اختلاقاً؟
    قال قاتل عثمان رومان بن سرحان لعثمان على أيّ دين أنت يا نعثل؟
    قال المزّي: نعثل اسم يهودي كان بالمدينة طويل اللحية، وكان بعض الناس وعائشة يسمّون عثمان بنعثل(3).
    إذاً كان بعض الناس مع عائشة يسمّون عثمان بنعثل اليهودي.
    والأدلّة على ذلك:
    قالت عائشة لعثمان:« يا نعثل يا عدوّ الله إنّما سمّاك رسول الله (صلى الله عليه و آله)
    باسم نعثل اليهودي الذي باليمن فلاعنته ولا عنها»(4).
    وقالت عائشة وحفصة لعثمان: سمـّاك رسول الله| نعثلا تشبيهاً بكر اليهودي(5).
    وقال عمار بن ياسر في مسجد قباء: ألا إنّ نعثلا هذا...(6).
    وعندما دخل عثمان المسجد ناداه بعضهم يا نعثل(7).
    وعندما عطش عثمان وطلب الماء ناداه الزبير بن العوام يا نعثل لا والله لا تذوقه(8).
    عن مجاهد عن ابن عباس: قَدِم يهودي يقال له: نعثل، فقال: يا محمّد أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين(9).
    وقال الكلبي في كتاب المثالب: كان عثمان يضرب بالدفّ(10).
    وذكر العلماء فتوى عائشة الخطيرة في حقّ عثمان وهي:
    اقتلوا نعثلا فقد كفر(11).

    المصدر : السيرة النبوية / مجلد 23 للمفسر والمحقق الكبير اية الله الشيخ د نجاح الطائي
    *******************************
    (1) تقريب المعارف ،ابو الصلاح الحلبى 294 ،شرح النهج 20 / 22 ايراد كلام لابى المعالي .
    (2) الطبقات، ابن سعد 3 / 73، 78، 79.
    (3) تهذيب الكمال، 19 / 455، ميزان الاعتدال، الذهبي 2 / 110، أنساب الأشراف 315، الإمامة والسياسة 1 / 63)، الفتوح، ابن أعثم 1 / 64.
    (4) كشف الغمّة، الإربلي 108.
    (5) الصراط المستقيم 3، الباب 12 / 30.
    (6) الطبقات الكبرى 3 / 260 عمار بن ياسر ،تاريخ دمشق 43 / 475 ،5156 ،عمار بن ياسر ،المعارف ،ابن قتيبة 257 ،ط دار المعارف ،القاهرة ،مختصر تاريخ دمشق، ابن منظور 18 / 230.
    (7) تاريخ المدينة المنوّرة 3 / 1111.
    (8) الجمل، الشيخ المفيد 75.
    (9) ينابيع المودّة 2 / 529، المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف.
    (10) الصراط المستقيم 3، الباب 12 / 30.
    (11) شرح النهج 6 / 215 خطبة 79 أخبار عائشة فى خروجها ،شيخ المضيرة ابو هريرة ،محمود ابو رية هامش 3 ص 170 بعد مقتل عثمان ،تاريخ الطبرى 3 / 477 ،قول عائشة والله لاطلبن ،سنة ست وثلاثين هـ ق ، الإمامة والسياسة ، الدينوري 1 / 73 ، الفتوح ،ابن أعثم 2 / 249، المعيار والموازنة ، أبو جعفر الاسكافي 28 ،تاريخ اليعقوبي 2 / 175 ،النهاية 5 / 80 . الكامل في التاريخ، ابن الأثير 3 / 206 . الإيضاح، ابن شاذان 257، شرح الأخبار، المغربي 1 / 345، مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب 2 / 339،البحار 32 / 136 .  

  • 1

      غالبية المسلمين يظنون – بل يعتقدون – أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يعين أحدا ليكون خليفةً من بعده، وترك مسألة اختيار الخليفة الى الناس فلم ينص على أحد بتوليه الخلافة وليس في ذلك نصاً صريحاً، ولقد توفي النبي و ترك امته بلا خليفة!

    و أن الصحابة – و بالأحرى أن نقول بعض الصحابة - هم الذين تشاوروا و اتفقوا على إختيار أبي بكر خليفة بعد النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، ثم اجمع المسلمون على هذا الاختيار بعد ذلك 1. و من ثم تم تنصيب عمر بن الخطاب خليفة من قِبَل الخليفة الاول ابوبكر؛ و بعد موت الخليفة الثاني تم اختيار الخليفة الثالث على يد جمع من الصحابة اختارهم الخليفة الثاني ليعينوا الخليفة من بعده.
    لماذا لم يعين النبي لنفسه خليفة ؟
    هنا سؤال يطرح نفسه و هو أنه: لماذا لم يختار النبي (صلى الله عليه وآله) خليفته بنفسه؟!
    نعم ! لماذا لم يعين خليفةً لنفسه ليمثله و به كان ينهي جميع الخلافات المحتملة التي قد تحصل بعده؟! والتي قد حصلت و تسببت في شرخ عظيم في كيان و جسم الامة الاسلامية إلى يومنا الحاضر؟ لماذا لم يفعل النبي محمد (صلى الله عليه وآله) كما فعل الخلفاء من بعده؟! هل كان (صلى الله عليه وآله) – و العياذ بالله- أقل تدبيراً منهم؟! أم أقل معرفة منهم بحال الصحابة ؟!
    من حق كل مسلم أن يتساءل مستغرباً فيقول: لماذا لم ينصب النبي حال حياته أميرا يتولى قيادة الامة ليقودهم الى الفلاح، و يقيم الحق بين المسلمين و يقوم الناس بالقسط؟!
    وكيف يمكن أن يهمل النبي أمر تعيين الوصي الذي يتولى تطبيق وصاياه في أمته من بعده؟! و كيف يُعقل أن يترك المسلمين بلا وصية ولا وصي و لا خليفة هملا – والعياذ بالله -؟!
    حقيقة مسألة الخلافة
    والآن بعد هذه التساؤلات فهل لنا أن نتسائل عن حقيقة الخلافة ؟!
    أيها القارئ العزيز! تعال معي لنبحث عن الجواب و عن الحقيقة وإن كانت مرة، ولندرس الموضوع بعقلانية و بذهنية خالية بعيدة عن التعصبات و الانحيازات مهما كانت النتيجة، طلبا للحقيقة، ذلك لأن من أراد الحقيقة وصل إليها والله خير معين:
    حكم العقل بضرورة الاستخلاف
    إن كان لديك شيء ثمين في غاية الأهمية، كما لو كانت لك حقيبة مملوءة بالنقود والذهب أو فيها مستمسكات مهمة أو ما شابه ذلك، و كنت تريد الذهاب إلى بلد بعيد فتغيب فترة غير قصيرة فماذا تفعل ؟ هل تتركه في مكانه؟! ام تخبئه في مكان آمنٍ، بعيد عن متناول اللصوص؟! أم تودعه الى شخص أمين يحافظ عليه، ولعلك توصيه بما ينبغي أن يفعله من أجل المحافظة عليه والاهتمام به لزيادة الاطمئنان على سلامة ما تودعه عنده؟!
    من الطبيعي أنه كلما زادت أهمية الودعية زاد اهتمامنا وحرصنا على اختيار الشخص الأنسب و الأكثر أمانة و جدارة بتحمل هذه المسؤولية و طريقة حفظه لها، هذا شأن جميع العقلاء رغم اختلاف أذواقهم و مشاربهم الفكرية.
    و الآن تعال لنفكر قليلا  فنناقش مسألة الاستخلاف بعيدا عن العصبيات المذهبية أو الإنحياز الى جهة فنتساءل و نقول:
    كيف يمكن أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وهو العقل الكامل و الانسان النموذجي والصادق الأمين الذي إئتمنه رب العالمين على الرسالة الإلهية و مصالح الدين والدنيا والامة، قد ترك أمر قيادة الامة واستمرارية إمامتها وهي في بادئ أمرها والأمور لم تستحكم بعد دون تعيين الخليفة و الامام و الوصي والقائم بالاعمال؟ خاصة وأنه صلى الله عليه وآله قد بذل الغالي و الرخيص من أجل هذه الرسالة الثمينة، وأنه عليه السلام عانى الكثير من أجل الحفاظ على سلامة هذا الدين و هذه الأمة من الانحراف؟ نعم كيف يعقل أن يهمل رسول الله هذا الجانب وهو الأهم من غير تدبير؟
    تعيين الخليفة
    إن من المتوقع من الرسول صلى الله عليه وآله وفقا للقواعد العقلية ومن منطلق المصلحة الدينية والاجتماعية ومن باب الشفقة و الرحمة على الذين آمنوا به و برسالته أن لا يتركهم سدى، بل يقوم بتعيين الخليفة الذي يقوم بأعباء المسؤولية و يتولى قيادتهم من بعده 2. و كيف يُعقل أن يترك الناس ليختاروا لأنفسهم من يتولى أمر دينهم و دنياهم خليفة للرسول، وهل كان هو صلى الله عليه وآله عاجزاً عن ذلك 3؟! و هل يصح أن يقوم الناس بتعيين الخليفة للرسول وهو لم يعين - حسب زعمهم – فيقوموا هم بهذا الدور وبحسب معاييرهم وأهوائهم ويبايعوه بعد ذلك؟4، أم  كيف يعقل أن يترك الرأي للقوم ليقوموا بتعيين الخليفة و فرض طاعته و مبايعته؟ 5 أم كيف يهمل قضية الخلافة بالكامل! 6 ويترك الناس و الأمة و الدين، و كل ما اجتهد من أجله وبذل قصارى جهده لتحقيقه، فيترك الامور المهمة عرضة للفساد والانهيار خلافاً للحكمة الالهية و المصلحة العامة و ما جاءت به الأديان السماوية و الدين الاسلامي الحنيف ﴿ ... لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ... ﴾ 7 ؟!
    لا يسعنا إلا أن نقول: حاشا لرسول الله أن يفعل هكذا ويترك الأمة و الدين سدى !!

    خلاصة للقول
    لا شك و أن من يراجع التاريخ الإسلامي و ينظر إليه بمنظار نقي و يتمعن في الأحداث والوقائع التي حصلت بعد وفاة سيدالمرسلين بنزاهة و بعيدا عن الرواسب الفكرية الحاصلة في الأذهان جراء التأثر بما يُملى على الإنسان في المنزل و المدرسة و المجتمع، لوَجَد نفسه أمام تساؤولات كثيرة نختصرها كالتالي:
    *هل يُعقل أن شخصا كرسول الله (ص) وهو المسدد من قبل الله تعالى و أعقل الناس و أعلمهم أن يترك أمته هملاً و لا يعين من يتولى أمورهم، خاصة و هم محاطون بألد الأعداء (كالفرس والروم)، خارج بلاد المسلمين، و وجود المنافقين داخل بلاد المسلمين وكلهم كانوا للإسلام بمرصد؟!
    *هل من المعقول أن شخصا كرسول الله (ص) الذي عانى ما عانى طوال 23 سنة وبذل الرخيص و الثمين في أداء حق رسالته الإلهية، أن يتركها بعد موته ولم يخلّف خليفة بعده ليكمل مشواره السماوي؟.
    *هل من المعقول أنّ رسول الله (ص) الذي شاهد اختلاف الصحابة فيما بينهم وتخلّفهم عن أوامره بأمّ عينيه 8، ترك رسالته بين قومٍ اتهموه بالهجر قبل وفاته! 9
    *هل من المعقول أن رسول الله (ص) الذي أمر المسلمين بالوصية قبل الوفاة، أن لا يبادر هو بالوصية فيرحل عن الدنيا بلا وصية وبلا وصي؟! خلافاً لما أوصى به القرآن الكريم ؟!
    *وهل من المعقول أن يترك الحكومة الإسلامية و النظام الإسلامية الفتية والأمة الإسلامي و الأمور الدين بلا راع ولا أمير؟
    كيف يمكن قبول هذه الفرضية و أن الرسالة الإلهية التي ألقى مسؤوليتها الله سبحانه وتعالى على عاتق رسوله المصطفى صلى الله عليه وآله هي أهم وأعظم شيء عند رسول الله (ص)، ولقد بذل كل ما لديه  وضحى بكل غال و رخيص من أجل إعلاء كلمة و نشر كلمة التوحيد وبسط العدل والحرية ليعيش الإنسان تحت ظل ما جاء به معززاً مكرماً، ولقد كلفه أمر تبليغ هذه الرسالة الكثير فصمد وضحّى دون أن يتهاون حتى لحظة واحدة، ولم تثني عزمه التهديدات والتطميعات المعروضة عليه طوال فترة حياته الرسالية،  ولقد قال لعمه في جواب ما عرض عليه لترك أمر الدعوة: يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر، ما تركت الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه 10.
    من الواضح أن الناس لا يقبلون حصول مثل هذا من أي انسان عادي فكيف يمكن أن قبول أن يكون سيد الأنبياء والمرسلين وأشرف الخلائق أجمعين يتسامح في أمر كهذا؟!
    هذا واذا راجعنا التاريخ الاسلامي نرى أن رسول الله صلى الله عليه وآله دأبه الاستخلاف عند خروجه من المدينة حتى لبعض الوقت حيث لم يخرج من المدينة يوما إلا وقد استخلف شخصا عليها 11.
    فكيف يُتّهم بترك الأمة الاسلامية والدين الحنيف وهو المرجع الإلهي الوحيد للبشرية جمعاء، بلا خليفة و لا أمير ولا مرشد، و هو يعلم أن ذهابه هذا لا رجوع له أبدا.
    الرأي الآخر
    و هنا رأي آخر تقول به الشيعة الامامية ولها أدلتها خلاصته هو أن الرسول صلى الله عليه وآله لم يترك أمور الدين والأمة إلى الناس بل أوصى وعيّن خليفته من بعده وبيَّن ما يلزم بيانه واستخلف ابن عمه علي بن أبي طالب على أمته، وهذه النظرية جديرة بالتأمل الدقيق و تستحق دراسة معمقة لتتضح معالمها بعون الله وتوفيقه.
    *****************************
    1. راجع على سبيل المثال: منهاج السنة النبوية لابن تيمية.
    2. كما يعتقد الشيعة في تعيين الامام علي (ع) و الأئمة من بعده كأوصياء رسول الله حيث تم تعيينهم من قبل رسول الله (ص) و قد استشهدوا على ذلك بنصوص مأثورة منه (ص).
    3. وهذا من عجيب القول أن نسمي من لم ينتخبه رسول الله (ص)، خليفة له.
    4. وهذا هو رأي أهل الجماعة و السنة في طريقة تعيين الخليفة الأول ابي بكر.
    5. كما يدعي اهل السنة في تعيين الخليفة الثالث عثمان بن عفان.
    6. كما يدعي البعض و ينسب هذا الفعل للرسول (صلى الله عليه وآله).
    7. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 213، الصفحة: 33.
    8. تخلف الصحابة عن الالتحاق بجيش اسامة و الكذب عليه ( و قد كذب على رسول الله على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس فقد كثرت علي الكذابة، فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار. (وقد نقل هذ الحديث الفريقين باختلاف يسير، حتى وصل الى حد التواتر)) و ترك المعركة في غزوة احد و النبي في خطر و...
    9. راجع: الطبقات الكبرى ج2 ص242 حيث منع الرسول من الكتابة ولم يُستجب في طلبه الدواة والقلم ليكتب.
    10. السيرة النبوية ج2 ص 101 و راجع سيرة ابن اسحاق ج2 ص 135.
    11. راجع السير و الكتب التاريخية التي ذكرت استخلاف النبي على المدينة في غزواته المختلفة، كاستخلاف ابن ام مكتوم، و سعد بن عباده و مولاه زيد بن حارثه و علي بن ابي طالب.

    المصدر : مرکز الإشعاع الإسلامي

  • 1

    محمد /المانيا
    السلام  عليكم
     وجدت هذا المنشور في احدى منصات التواصل الاجتماعي مع وجود شباب من اهل السنة من العرب في هذه الدولة التي اسكنها الا انني كنت في موقف صعب من السخرية والانتقاد حول مذهبي فهل يمكن الرد على هذا الكلام

    "" حسينيات الرافضة وما يحصل فيها من لطم وخمش للخدود ونوح وشق للجيوب وضرب يصل أحياناً بالسلاسل مع الاستغاثة بالأموات وآل البيت الكرام ؟.""

    كل هذا منكر شنيع وبدعة منكرة ، يجب تركه ولا تجوز المشاركة فيه ، ولا يجوز الأكل مما يقدم فيه من الطعام ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم من أهل البيت وغيرهم لم يفعلوه ، قد قال صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق على صحته ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أخرجه مسلم في صحيحه ، وعلقه البخاري رحمه الله في صحيحه جازماً به . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

    أما الاستغاثة بالأموات وأهل البيت فذلك من الشرك الأكبر بإجماع أهل العلم ؛ لقول الله سبحانه : ( ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) المؤمنون /117 ، وقال عز وجل : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ) الجن/18 ، وقال سبحانه : ( ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين) / 5 - 6  ، وقال سبحانه : ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبؤك مثل خبير ) 13-14  ، والآيات في هذا المعنى كثيرة .

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدعاء هو العبادة ) أخرجه أهل السنن الأربع بإسناد صحيح وروى مسلم في صحيحه ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ( لعن من ذبح لغير الله ) .
    فالواجب على جميع الشيعة وعلى غيرهم إخلاص العبادة لله وحده ، والحذر من الاستغاثة بغير الله ، ودعائهم من الأموات والغائبين ، سواء كانوا من أهل البيت أو غيرهم .
    كما يجب الحذر من دعاء الجمادات والاستغاثة بها من الأصنام والنجوم وغير ذلك ؛ لما ذكرنا من الأدلة الشرعية .
    وقد أجمع العلماء من أهل السنة والجماعة من الصحابة وغيرهم على ذلك .

    الثاني : ما حكم الذبائح التي تذبح في ذلك المكان بهذه المناسبة ؟ وكذلك ما حكم ما يوزع من هذه المشروبات في الطرقات وعلى العامة من الناس ؟
    وهو أنه بدعة منكرة ، ولا تجوز المشاركة فيه , ولا الأكل من هذه الذبائح ، ولا الشرب من هذه المشروبات ، وإن كان الذابح ذبحها لغير الله من أهل البيت أو غيرهم فذلك شرك أكبر ؛ لقول الله سبحانه : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) الأنعام / 162-163 ، وقوله سبحانه : ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ) الكوثر /1-2 .
    والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
    ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لكل ما يحبه ويرضاه ، وأن يعيذنا وإياكم وسائر إخواننا من مضلات الفتن ، إنه قريب مجيب .

    الجواب
    بسم الله الرحمن الرحیم
    علیکم السلام و رحمة الله

    یا أخی محمد
    تعال ننظر معاً نظرة اخری بعین الإنصاف بلا عصبية إلی هذه الأقوال و الأحكام التي أصدروها و الکفر و الشرك الذي نسبوه للشيعة.
    و كأنهم أشخاص جاؤوا من عند الله و ليس أحد يفهم القرءان و لا الحديث و لا يعلم الكفر من التوحيد و لا الشرك من الإخلاص إلا هؤلاء و أتباعهم.
    فنقول لهم: لو تقولتم على الله بعض الأقاويل لأخذكم الله باليمين و لقطع منكم الوتين؛ نعوذ بالله تعالى من غضبه و سخطه.
    و ها نحن نبيّن لهم الحقيقة التي لم يروها لشدّة العصبية و العناد، في فصول عشرة و نرجو لهم الهداية و النجاة من الضلالة:

    ١- أما الاجتماع و البكاء و النوح على كل محبوب مصاب أو مفقود فإنه جائز عند كل إنسان عاقل له عاطفة.
    خصوصا إذا كان ذلك على من أوجب الله مودتهم في كتابه؛ فإن ما ذكروه هو من مصاديق المودة. فلو لم نذكرهم و لم نبك على مصائبهم و لم نحزن على فقدهم و لم نفرح بفرحهم و لم و لم... فما هي المودة فيهم ؟؟؟

    ۲- على أن ما ذكر لو كان شنيعا و منكرا و بدعة لما فعله نبي الله يعقوب بالنسبة إلى ابنه يوسف عليهما السلام و هما نبيّان معصومان ( وَ تَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَآ أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ، قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ)
    فهل یرضون بأن نبي الله يعقوب الذي بكى على فقد ابنه يوسف حتى ابيضت عيناه و خافوا عليه أن يكون هالكا، كان فعله شنيعا منكرا بدعة ؟؟ نعوذ بالله من هذه التقولات.

    ۳- و أيضا قولهم بأن تلك الأفعال حرام و بدعة و منكر لان الرسول و الصحابة و غيرهم لم يفعلوها !
    نقول: هذا أشنع و أقبح من سابقه.
    لانه لو كان عدم فعل الرسول و الصحابة مستلزما لكون العمل بدعة و منكرا و حراما لكان كثير من أعمال الناس منكرا و بدعة و حراما. هذا الهاتف الذي بيدك فاستعماله حرام لأن الرسول و الصحابة لم يستعملوه. و هذه السيارة فركوبها حرام و بدعة و منكر لأن الرسول و الصحابة لم يركبوا سيارة قط. و هذا الكامبيوتر فاستعماله حرام و بدعة و هذه الطائرة ركوبها منكر و... و... .

    فما هذا الدليل الذي لا يقبله إنسان و لا يرضاه عاقل؟

    ۴- و أما ما روي عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) و ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) فظاهر واضح أن المقصود منه ليس أن كل فعل لم يفعله رسول الله و أصحابه فهو حرام و بدعة.
    بل المقصود إحداث أمر في الدين باسم الدين و ليس منه. فإن قوله "أمرنا" صريح في أمر الدين.(۲)

    ۵- أما قولهم بأن الروافض يستغيثون بالأموات و أهل البيت و يطلبون الحاجة منهم، فهذا كذب محض و افتراء خالص يكذّبه أطفال الشيعة فضلا عن كبارهم.
    إن شيعة أهل البيت كسائر المسلمين تقول لله في صلاتها و غير صلاتها: (إياك نعبد و إياك نستعين). فالشيعة إنما تدعو الله وحده و تستغيث بالله وحده و تطلب الحاجة من الله وحده لا غير.

    ۶- و لكن الله تعالى هو الذي يحبّ ابتغاء الوسيلة إليه عند الدعاء فقال: (اولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب)
    و قال: (و لو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما)
    و قال عن إخوة يوسف: (قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ، قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم).

    فهل رضیتم بأن نبی الله یعقوب و بنیه مشرکون کافرون ؟؟؟
    و هل رضیتم بأن الله یشوّق عباده إلى الشرك و الكفر؟؟
    ثم لو کان شرکا و کفرا فلا فرق بین طلب الدعاء من الحاضر و الغائب و لا بین الحیّ و المیّت.

    ۷- و أيضا كل عاقل يعلم أن الواسطة و الوسيلة ليست بشريك. و ليس أحد من الشيعة معتقدا بأن أهل البيت شركاء الله. بل نعتقد أنهم عباد الله الصالحون المقربون و لهم عند الله كرامة و مقام فإذا سألوا الله تعالى شيئا لأجابهم. و نحن نسألهم أن يسألوا الله تعالى. و ليس هذا شركاً بإجماع العلماء و العقلاء.

    و نحن نرجو هؤلاء السلفية أن يفهموا كلامنا هذا الساذج.

    ۸- و أما قولهم في تقديم القربان من الروافض و ذبحهم الذبائح و الأكل منه و المشاركة فيما ذكر فنقول لهم بأیّ دلیل و أيّة جرأة على الله تفترون ؟
    أما الشيعة فيفعلون جميع هذه الأعمال تقربا و احتسابا لله لا يقصدون بها غير الله عز و جل. فلماذا و في أىّ دين و على أىّ مذهب يكون ذبح الذبيحة و إطعام الناس و توزيع الماء و الشربة بين الناس تقربا إلى الله يكون حراما و بدعة و منكرا؟ هذا دين الإسلام يعلن بأعلى صوته بأن الله يحب إطعام الطعام و إفشاء السلام و الصلاة بالليل و الناس نيام.

    ۹- و لو کان التوزیع لعامة الناس حراما و المشاركة في الإطعام حراما و الأكل من الذبائح حراما فلماذا قال الله لرسوله (فصلّ لربك و انحر) ؟ أ لا يكون الأمر بالنحر عبثا لغوا ؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
    هل الأمر بذبح الذبائح يوم عيد القربان و إطعام البائس و المسكين منها ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَآئِسَ الْفَقِيرَ) یکون أمرا بالبدعة و المنكر و الحرام ؟؟؟

    أم هل يكون نحر الإبل و ذبح الذبيحة مطلوبا و لكن توزيعه بين الناس تقربا إلى الله يكون حراما و بدعة و منكرا و شنيعا؟؟؟ من أين هذا المنطق الفاسد و الكلام الباطل؟؟

    ۱۰- و نحن ندعو هؤلاء السلفية إلى الإيمان بالله و التصديق بالمعاد و القيامة و أن يتركوا الاتهامات و الافتراءات ضدّ الشيعة و أن يتوبوا إلى الله تعالى من هذه الاكذوبات و أن يتاركوا هذه العصبية العمياء و يفتحوا أعينهم إلى الحقيقة عسى الله سبحانه أن يتوب عليهم إنه هو التواب الرحيم. و الله الهادي

  • 1

    قام اعلام الحشد الشعبي بنشر فيديو يظهر فيه جثث داعش المتناثرة على سواتر الحشد الشعبي في منطقة عين الحصان غرب تلعفر، بعدما تم قتلهم في تعرض فاشل قاموا به على القوات المشتركة العراقية.
    وكان مراسلنا قد اكد وصول 37 جثة و 26 جريح أغلبهم عرب الجنسية سقطوا في معارك غرب تلعفر على يد قوات الحشد الشعبي، فضلاً عن أن عشرات الجثث مازالت في أرض المعركة لم يستطع داعش سحبهم.
    وقتل أكثر من 50 عنصراً من جماعة "داعش" الإرهابية بينهم القائد الميداني للهجوم والمدعو "أبو أنور" وعدد من مساعديه خلال المعارك.
    وتمكنت قوات الحشد الشعبي أمس الأحد، من إحباط أكبر تعرض لجماعة داعش الإرهابية في قرية عين الحصان وخربة جحيش والشرايع الشمالية والجنوبية غرب مدينة تلعفر حيث استمرت الاشتباكات لأكثر من 6 ساعات حاول فيها عناصر داعش المحاصرين في تلعفر الهرب باتجاه البعاج لاسيما وأن هناك قيادات كبيرة من ضمن المهاجمين كانت تنوي الفرار نحو سوريا.
    ورصدت استخبارات الحشد الشعبي نداءات العدو وهي تطلب المساعدة لكن لا توجد أي إجابة من قياداتهم.

    المصدر : العالم

  • 1

    السؤال:
    استنادا على سورة [المائدة] آية رقم [3]
    (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )) بما ان رب العالمين يبلغنا بتمام الدين فاذاً جميع ما يعقب ذلك ليس من احكام الشريعة..
    فلماذا تمت اضافة ((اشهد ان علي ولي الله)) في الاذان ؟
    ولك جزيل الشكر سيدنا

    بسمه تعالی
    اولاً: هناك أحاديث كثيرة يستفاد منها استحباب الشهادة الثالثة بعد ذكر الشهادتين، وهذا الحديث نطبقه علی الاذان فنقول يستحب بعد قولنا: (أشهد أن لا إله إلا الله) وقولنا: (أشهد أن محمداً رسول الله) في الاذان أن نقول: (أشهد أن علياً ولي الله) لا بعنوانه أنه جزء من الأذان بل بعنوان أنه مستحب من المستحبات.
    بل ذكر السيد الحكيم (قدس سره) في مستمسك العروة الوثقی: (لايبعد القول بوجوب الشهادة الثالثة بعد الشهادتين في الاذان في هذه الايام لأنه صار شعاراً للمذهب).
    والشيخ الصدوق (قدس سره) یقبل هذا المطلب: (ولابد له من قبوله لأن الروايات تأمر بالشهادة الثالثة بعد الشهادتين) وإنما نظره إلی من يدعي أن الشهادة الثالثة جزء من الاذان وأنه ورد عن النبي (صلی الله عليه وآله) أو الأئمة (عليهم السلام) جزئية الشهادة الثالثة للاذان، وأما استحباب ذلك فليس في كلام الصدوق ما يقتضي عدمه.
    ثانياً: هناك روايات بعضها في كتب أهل السنة وردت أن سلمان (وفي رواية أباذر) قال في أذانه (أشهد أن علياً أميرالمؤمنين) فشكی بعض الصحابة ذلك إلی النبي (صلی الله عليه وآله) فقال: سمعتم خيراً، وفي رواية قال: (أو لم أجعل علياً أميرالمؤمنين في غدير خم)

    السؤال:
    ممكن الادله من كتب اهل السنه ؟؟ ولكم جزيل الشكر

    بسمه تعالی
    إذا كان المقصود رواية من كتب أهل السنة تثبت (أشهد أن علياً ولي الله) في  الأذان فهذا غير معقول لأنهم لا يروون ما يخالف مذهبهم وإن كان هناك ألف رواية، ومع ذلك فقد ذكر الشيخ عبدالله المراغي في كتابه (السلافة في أمر الخلافة) أن سلمان الفارسي قال بعد الشهادتين في الأذان: (أشهد أن علياً ولي الله)، فشكاه بعض الأصحاب عند النبي (صلی الله عليه وآله) قال: سمعت اليوم ما لم أسمعه قبل اليوم، فقال له النبي (صلی  الله عليه وآله): وما سمعت؟ قال: سمعت سلمان يشهد بولاية علي في الأذان والإقامة، فقال النبي (صلی الله عليه وآله): سمعتم خيراً.
    وروی رواية اخری عن أبي ذر في نفس الكتاب. (قيل توجد نسخة خطية من هذا الكتاب في المكتبة الظاهرية بدمشق وقد رآها بعض الأعلام).
    وأما إن كان المقصود ذكر ولاية علي (عليه السلام) بعد ذكر الله وذكر النبي (صلی الله عليه وآله) ولو في غير الأذان فهذا موجود في كتب أهل السنة كثيراً وبعبارات مختلفة:
    1- في المعجم الكبير ج 22 ص 200 بسنده عن أبي الحمراء قال: قال رسول الله (صلی الله عليه وآله): لما اسري بي إلی السماء فإذا علی العرش: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيّدته بعلي).
    2- عن جابر بن عبدالله الأنصاری قال: قال رسول الله (صلی الله عليه وآله): مكتوب علی باب الجنة: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بعلي) قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي سنة. تاريخ دمشق ج 42 ص 336.
    3- تاريخ بغداد ج 11 ص 173 بسنده عن انس بن مالك قال النبي (صلی الله عليه وآله): لما عرج بي رأيت علی ساق العرش مكتوباً: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بعلي).
    4- الدر المنثور للسيوطي في ذيل تفسير قوله تعالی: «سبحان الذي أسری بعبده ليلاً من المسجد الحرام» قال: وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أنس قال: قال رسول الله (صلی الله عليه وآله): لما عرج بي رأيت علی ساق العرش مكتوباً: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بعلي)، وفي ذخائر العقبی ص 69 عن أبي الخميس قال: قال رسول الله (صلی الله عليه وآله): اسري بي إلی السماء فنظرت إلی ساق العرش الأيمن فرأيت كتاباً فهمته: (محمد رسول الله، أيدته بعلي ونصرته به).
    5- في كنز العمال ج 6 ص 158 عن رسول الله (صلی الله عليه واله) قال: رأيت ليلة اسري بي مثبتاً علی ساق العرش: (إني أنا الله لا إله غيری خلقت جنة عدن بيدي محمد صفوتي من خلقي أيدته بعلي ونصرته بعلي).
    6- كنزل العمال ج 6 ص 158: قال مكتوب في باب الجنة قبل أن يخلق السماوات ولاأرض بألفي سنة: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته بعلي).
    7- في مناقب علي بن أبي طالب (لابن المغازلي الشافعي) الحديث 123 بسنده عن جابر بن عبدالله قال: سمعت رسول الله (صلی الله عليه وآله) يقول: مكتوب علی باب الجنة قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام: (محمد رسول الله، وعلي أخوه).
    وأما أن علياً ولي الله فالمراد به أن الله تعالی أعطی بعلي (عليه السلام) الولاية علی المؤمنين كما أعطی الولاية لرسول الله (صلی الله عليه وآله)، فعلي ولي من قبل الله تعالی، وهذا واضح فقد صرحت الآيات الكريمة علی ذلك بحسب الروايات المفسرة لها من طرق أهل السنة، وأهمها قوله تعالی: «إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون» فإنها نزلت في علي (عليه السلام) باتفاق أكثر المفسرين والروايات المتواترة من طرق أهل السنة، ففي الدر المنثور عن ابن عباس قال: تصدق علي (عليه السلام) بخاتمه وهو راكع، فقال النبي (صلی الله عليه وآله) للسائل: من أعطاك هذا الخاتم؟ قال: ذلك الراكع، فأنزل الله «إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون». (الدر المنثور للسيوطي ج 2 ص 93).
    وذكر الآلوسي في تفسيره – وهو من المتعصبين - : وغالب الأخباريين علی أن هذه الآية نزلت في علي كرم الله وجهه. (روح المعاني ج 6 ص 167). وكذلك قال: والآية عند معظم المحدثين نزلت في علي. (ج 6 ص 186).
    ومن الآيات التي اعترف أهل السنة إنها نزلت في ولاية علي (عليه السلام) قوله تعالی: «يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته» قال الآلوسي في تفسيره: روی ابن مردويه عن ابن مسعود قال: كنا نقرأ علی عهد رسول الله (صلی الله عليه وآله): (بلغ ما انزل إليك من ربك أن علياً مولی المؤمنين وإن لم تفعل فما بلغت رسالته).
    وروی السيوطي في الدر المنثور نفس هذه الرواية: (بلغ ما انزل إليك من ربك أن علياً مولی المؤمنين وإن لم تفعل فما بلغت رسالته).
    أقول: إذن علي ولي الله حيث إن الله جعله مولی المؤمنين، فما المانع أن نشهد في الأذان بأن علياً ولي الله بعد الشهادتين من دون قصد الجزئية، كما أضاف عمر بن الخطاب جملة (الصلاة خير من النوم) في الأذان.

  • 1

    في أيامه الأخيرة قبل أن يرحل، دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأنصار، وسرد عليهم جملة من الوصايا التي لا شك أنه أراد لها أن تبلغ الجميع دون استثناء، بدليل أن هذه الوصايا لا تزال حاضرة تتوارثها الأجيال الواحد بعد الآخر.
    وقبل أن يتحدث رسول الله عن المحور الاساسي الذي حشّد لأجله الأنصار في ذلك اليوم؛ ذكر لهم جملة من "الشهادات" والفضائل، كان من بينها "..وقد جاورتم فأحسنتم الجوار، ونصرتم فأحسنتم النصرة، وواسيتم في الأموال، ووسعتم في المسلمين، وبذلتم لله مهج النفوس والله يجزيكم بما فعلتم الجزاء الأوفى، وقد بقيت واحدة وهي تمام الأمر و خاتمة العمل....".فما هي هذه الواحدة يا رسول الله؟!.. كان هذا لسان حال الأنصار المتجمهرين للمرة الأخيرة حول النبي صلى الله عليه وآله.

    من هتكه فقد هتك حجاب الله!!
    ثم بعد ذلك حدثهم النبي عن "المحور" الذي بعد أن وضعه في كفة الميزان الإلهي عادل كل القيم السماوية، إن لم نقل رجح عليها، هذه الكفة أوجز النبي مضمونها بما يلي: "الله الله في أهل بيتي، مصابيحِ الظلم، ومعادنِ العلم، وينابيع الحكم، ومستقرِ الملائكة". بنبرة الرجاء هذه.. يتحدث رسول الله وفي قلبه ألم وحرقة ابنته التي ستغتالها بعد أيام من رحيله زمرة لم تحفظ الوصية، ولم تعرف من الإسلام إلا قشوره، وراح يوصي بحسب الرواية التي أوردها صاحب كتاب "بحار الأنوار" العلامة المجلسي إلى أن قال بصريح العبارة: "ألا فاسمعوا ومن حضر، ألا إن فاطمة بابها بابي وبيتها بيتي، فمن هتكه فقد هتك حجاب الله". ولكن ما جرى هو أن لباب فاطمة اليوم أحاديث واعترافات كثيرة تبين حجم الظلم الذي جرى عليها!.
    بعيداً عن سرد تفاصيل قصة الاغتيال، ما يهمنا الآن هو معرفة أسباب دفن فاطمة عليها السلام بعد شهادتها ليلاً، وإخفاء قبرها عن الجميع حتى يومنا هذا.
    فلماذا أخفي قبرها؟
    تشير المصادر التاريخية، إلى أن فاطمة الزهراء عليها السلام بعد أن مرضت أوصت بأن لا يتولى أمرها إلا زوجها علي بن أبي طالب عليه السلام، الذي ضل قريباً منها منذ الساعات الأولى لمرضها، وكانت تعينه أيضا -بحسب الروايات- أسماء بنت عميس.
    ويروي ذلك ولدها الإمام الحسين عليه السلام، إذ يقول: "لما مرضت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصّت إلى علي بن أبي طالب عليه السلام أن يكتم أمرها ويخفي خبرها, ولا يؤذن أحداً بمرضها, ففعل ذلك وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رضي الله عنها على الاستسرار بذلك كما وصّت به".
    كان مضمون الوصية هو أن تدفن عليها السلام ليلاً بعد أن يهدأ الجميع، لكي لا يعلم أحد بعد ذلك بمكان قبرها، وهذا ما بيّنه الشيخ المفيد رحمه الله في كتابه "الأمالي"، وعلى أثر هذه الوصية، بقي القبر الشريف مخفياً حتى يومنا هذا.

    الحكمة من إخفاء القبر
    وتشير بعض الروايات إلى وجوه الحكمة من دفن الزهراء عليها السلام سراً واخفاء قبرها، ومنها ما ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، إذ يجيب عن تساؤل أحدهم عن سر إخفاء القبر بقوله: "إنها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها وحرام على من يتولاهم أن يصلي على أحد من ولدها".
    أما الإمام الصادق عليه السلام، قالها بصريح العبارة "لأنها أوصت أن لا يصلي عليها الرجلان الاعرابيان".
    "رسائل للأجيال"
    لكن الكاتب والباحث الإسلامي الشيخ عقيل الحمداني أشار إلى أن في إخفاء قبر الزهراء عليها السلام رسائل عدة وجهها أمير المؤمنين علي عليه السلام للأجيال.
    ويقول "الحمداني" للموقع الرسمي، "من هذه الرسائل، ان المؤسسة الحاكمة آنذاك ظلمت الزهراء وهجمت على بيتها وروعتها واسقطت جنينها وبالتالي ان دفن الزهراء ليلا هو رسالة بيان لهذه الظلامة، وبالتالي فإن هذه الزمرة الحاكمة التي أبعدها علي عليه السلام عن مراسيم التشييع والدفن مدانة بقتل فاطمة".
    وأضاف "رسالة أخرى للعالم، مفادها أن الحكام المستبدين لهم القدرة على الاساءة لفاطمة ولقبرها، وهذا ما حدث فعلا، إذ هدد أحدهم بنبش القبر وحاول ذلك لولا تدخل علي بن ابي طالب عليه السلام".
    صفوة القول، الزمرة التي لم تحفظ وصايا نبيها، وهتكت حرمته وقتلت بضعته، لن يقف أمامها "قداسة" قبر عن الإتيان بكل ما يسيء لها مجدداً، لأنهم يرون في فاطمة صوت الضمير الذي ينطق بالحق، وهو الصوت الذي طالما آلمهم كثيراً، فليس أمامهم إلا أن ينهوا هذا الألم بأي طريقة كانت.

    حسين الخشيمي
    الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

  • 1

    نص الشبهة:

    من هم آل النبي محمد صلى الله عليه و آله، و من هم أهل بيته؟ هل المراد من آل محمد أولاده فقط ، أو يشمل الباقين ؟ وإن كان لفظ الآل مختصاً بأولاد النبي (ص) فقط فلماذا صار عندكم شاملاً لعلي مع أنه ليس ابن النبي ، بل هو ابن عمه ؟ وإن كان المراد من الآل أهل بيت النبي (ص) فلماذا لم تجعلوا نساء النبي من أهل البيت؟!
    الجواب:

    من هم آل النبي محمد صلى الله عليه و آله، و من هم أهل بيته؟
    هل المراد من آل محمد أولاده فقط ، أو يشمل الباقين ؟
    وإن كان لفظ الآل مختصاً بأولاد النبي (ص) فقط فلماذا صار عندكم شاملاً لعلي مع أنه ليس ابن النبي ، بل هو ابن عمه ؟
    وإن كان المراد من الآل أهل بيت النبي (ص) فلماذا لم تجعلوا نساء النبي من أهل البيت؟!1.
    آل الرجل في اللغة العربية عصبته ، والعصبة لا تشمل النساء فعندما تقول إن الحكم في البلد الفلاني لآل الملك فلان ، أي لعصبته ، ولا يدخل فيها نساؤه .
    فآل النبي من الأساس لا تشمل نساءه . نعم أهل بيت الرجل قد يشمل في اللغة عصبته ونساءه وبقية أقاربه .
    فمعنى الآل في اللغة واسع لأنه يشمل كل عصبته لصلبه وأقاربه القريبين ، و معنى أهل البيت في اللغة واسع أيضاً لأنه يشمل العصبة والنساء .
    لكن النبي صلى الله عليه وآله غيَّر المفهوم اللغوي وجعله مصطلحاً إسلامياً ، فحصر مفهوم أهل بيته وآله بعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين آخرهم المهدي عليهم السلام ، فصار ( أهل بيت النبي وآل النبي ) مصطلح نبوي لأناس معينين لا يدخل فيه غيرهم .
    وذلك مثل كلمة الصلاة التي معناها اللغوي واسع يشمل كل دعاء ، لكن النبي صلى الله عليه وآله جعلها مصطلحاً لعبادة خاصة .
    فكما نرد قول من يفسر قوله تعالى مثلاً : ﴿ وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ 2 بالدعاء ويقول إن من رفع يديه ودعا الله أو دعاه بقلبه فقد أقام الصلاة !
    ونقول له : إن المقصود بقوله تعالى ﴿ وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ... ﴾ 3 الصلاة الإصطلاحية وليس الصلاة بالمعنى اللغوي .
    فكذلك نرد من يقول إن آل النبي وأهل بيته صلى الله عليه وآله في اللغة يشملون كل عصبته ونساءه ، ونقول له : لا ترد على نبيك صلى الله عليه وآله فقد جعلهم مصطلحاً خاصاً لمن حددهم وسماهم ، فالمقصود بهم في الآيات والأحاديث الشريفة المعنى المصطلح وليس اللغوي، إلا بقرينة واضحة تدل على إرادة المعنى اللغوي .
    والدليل على هذا الإصطلاح النبوي حديث الكساء وهو صحيح صريح في أن النبي صلى الله عليه وآله لم يرض بدخول أم سلمة معهم ، بل روى أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وآله جذب الكساء من يدها وأخرجها من أهل بيته بهذا المصطلح الإسلامي! قال أحمد في : 6 / 323 : (عن أم سلمة أن رسول الله (ص) قال لفاطمة ائتيني بزوجك وابنيك ، فجاءت بهم فألقى عليهم كساء فدكياً ، قال ثم وضع يده عليهم ثم قال: اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد إنك حميد مجيد . قالت أم سلمة فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال : إنك على خير ) . انتهى 4 .
    والنتيجة : أنا لو سلمنا أن آية التطهير لها إطلاق يشمل نساء النبي صلى الله عليه وآله ، فإن النبي بنص أحاديث الكساء حصر المقصود بها ، وحرم نساءه من هذه الدرجة وأخرجهن من أهل بيته المطهرين! فمن قال بدخولهن في أهل البيت فقد رد على رسول الله صلى الله عليه وآله والراد عليه رادٌّ على الله تعالى ! ومن جهة أخرى يكون ظلم أهل البيت عليهم السلام و جعل لهم شركاء في حق خصهم الله تعالى به 5 !
    ------------------------
        1. كتب سماحة الشيخ الكوراني في مقدمة كتاب "أجوبة على بعض علماء الطالبان" : وصلتنا رسالة على شكل منشور من بعض علماء الوهابية في باكستان ، تتضمن خمسين سؤالاً أو إشكالاً ، وقد جمعوا فيها بعض الأحاديث والنصوص من مصادر مذهبنا ، وبعض كلمات من مؤلفات لعلماء شيعة ، وأكثرها مؤلفات غير معروفة ، وأرادوا أن يثبتوا بها كفر الشيعة ! وجعلوا عنوانها : هل الشيعة كفار.. ؟ أحكموا أنتم !
        وهذه إجابات عليها ، تكشف ما ارتكبه كاتبها من كذب على الشيعة ، وبتر للنصوص ، وتحريف للمعاني ، وسوء فهم ، وقد جمعنا الأسئلة في محاور ، ليكون الجواب على موضوعاتها ، والله ولي القبول والتوفيق .
        وأصلها باللغة الفارسية وهذه ترجمتها بنصه : هل الشيعة كفار .. أحكموا أنتم !
        2. القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 72 ، الصفحة : 136 .
        3. القران الكريم : سورة الأنعام ( 6 ) ، الآية : 72 ، الصفحة : 136 .
        4. ورواه أبو يعلى في مسنده : 21 / 344 ، و 456 ، والطبراني في المعجم الكبير : 3 / 53 و : 32 / 336 ، وغيرهم .
        5. من كتاب : مسائل مجلة جيش الصحابة ( أجوبة على مسائل وجهتها إلى علماء الشيعة ، مجلة الخلافة الراشدة الباكستانية ، التابعة لمنظمة جيش الصحابة ) للشيخ علي الكوراني العاملي ، السؤال رقم : 5 ـ 7 .

  • 1

     يجد الدارس لشعر الكميت بن زيد الأسدي كسراً للطابع التقليدي الذي اعتمده المؤرخون القدماء في رسم ملامح الشاعر القديم من خلال ترجمته، ويستطيع أن يستدل على ذلك برواية أبي الفرج الأصفهاني في الأغاني (ج15ص115) التي ميزّت الكميت على باقي الشعراء بمميزات خاصة، تقول الرواية: (سُئل معاذ الهرّاء: من أشعر الناس؟ قال: أمن الجاهليين، أم من الإسلاميين؟ قالوا: بل من الجاهليين. قال: أمرؤ القيس، وزهير بن أبي سلمى، وعبيد ابن الأبرص. قالوا: فمن الإسلاميين؟ قال: الفرزدق، وجرير، والأخطل، والراعي. فقِيل له: يا أبا محمد مارأيناك ذكرت الكميت فيمن ذكرت. فقال: ذاك أشعر الأولين والآخرين).إن هذه المقولة التي أطلقها ناقد كبير مثل معاذ الهرّاء والتي خرجت عن نطاق الألفاظ الروتينية المتشابهة في ترجمات الشعراء القدماء قد تناقلها الدارسون المحدثون حذو الكلمة بالكلمة والحرف بالحرف دون الإلتفات إلى عمقها ودلالتها ودون محاولة تسليط الضوء على شعر الكميت وفق البحث والتحليل والاستنتاج، فبقيت هذه الدرر (الهاشميات) كامنة في زوايا التأريخ يُشار إليها بالشروح البسيطة بانتظار من يكشف عن أنوارها في ظلمات التاريخ ويظهرها كآية من آيات الشعر العربي. ورغم يقيننا أن هذا المقال لا يفي بالغرض الذي قصدناه إلا أننا توخينا الإحجام والقنوط في سلوك جزء من الغاية.
    لا يخفى على القارئ العامل الرئيسي وراء هذا التجاهل والتغاضي بحق شاعر بهذه المكانة الكبيرة في تراثنا الإسلامي، فالحرب التي شنّها الأمويون والعباسيون على شعراء الشيعة تابعهم فيها أخلافهم في تضييع ذلك التراث الضخم , فلعبت النزعة المذهبية والصراع الأيديولوجي دوراً كبيراً في غبن الكميت حقه.
    لقد ساهم الكميت مساهمة كبيرة في الدفاع عن قضية أهل البيت وخاصة ثورة الحسين من خلال شعره الذي كان له تأثير عظيم في النفوس، فحُظي بمنزلة عظيمة عند أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الذين أكدوا على الدعوة إلى تشجيع الشعراء وعقد المجالس الشعرية الخاصة برثاء الحسين (عليه السلام) والحث عليه، وحرصوا أشد الحرص على إبقاء روحية الثورة الحسينية ومبادئها متجذّرة في النفوس وحية في الضمائر.
    الكميت شاعر المبدأ والعقيدة الذي لم ترهبه أساليب الأمويين القمعية عن إداء رسالته كشاعر في نصرة الحق ومحاربة الباطل حفلت حياته بالكثير من المخاطر والصعوبات التي واجهها بصلابة ويقين متحدياً بطش السلطة الأموية من أجل الدفاع عن قضيته بيده ولسانه، فكان لشعره دور كبير في تعريف الناس بالنزعة الوحشية التي جُبل عليها الأمويون وابتعادهم عن كل القيم الإنسانية والأخلاقية وخروجهم من الإسلام، كما عكس مبادئ قضية أهل البيت والثورة الحسينية فكانت تلك الأشعار هي من وسيلة إعلامية خطيرة على الأمويين.
    وإضافة إلى أهمية شعر الكميت من الجانب السياسي كونه أرّخ لمرحلة من أقسى المراحل التي مرّت على الإسلام، فقد عُدَّ شعره من كنوز الشعر العربي ومن عيون تراثه الضخم، ويشعر القارئ لشعره أن قول معاذ الهراء لم يأتِ عن تعاطف مع الكميت أو تعصّب له، وإنّما كان عين الحقيقة التي تتجلّى في (الهاشميات) والتي ضمّت فناً شعرياً يُعدّ في مقام الذروة في الشعر العربي.
    فهذه (الملحمة) ـ الهاشميات ـ تمثل ثورة أدبية وفكرية في منطلقاتها، فهي تصوِّر تصويراً دقيقاً حقبة من أقسى الحُقب التي عاشتها الأمة الإسلامية عايشها الشاعر وناله نصيب وافر من ظلمها فشُرِّد وطُورد وتعرّض للسجن والقتل في سبيل حبه وولائه لأهل البيت والجهر بذلك الحب والموالاة في قصائده وكانت له مواقف مشرِّفة كثيرة دلّت على خالص ولائه وقوة إيمانه وصفاء دينه ورسوخ عقيدته فدوِّنت كلماته في سجل الخالدين:

    إلـى الـنـفـرِ الـبـيـضِ الـذيـن بـحـبِّـهـم  ***  إلـى اللهِ فـيـمـا نـالـنـي أتـقـرَّبُ
    بـنـي هـاشـمٍ رهـط الـنـبـيِّ فـإنـنـي  ***  بـهـمْ ولـهـمْ أرضـى مِـراراً وأغـضـبُ
    خـفـضـتُ لـهـم مِـنِّـي جَـنـاحَـي مـودةٍ  ***  إلـى كـنـفٍ عَـطـفـاهُ أهـلٌ ومـرحـبُ
    وكـنـتـمْ لـهـمْ مـن هـؤلاء وهـؤلا  ***  مُـجِـنَّـاً عـلـى أنِّـي أٌذَمّ وأُغـضـبُ
    وأُرمـى وأرمـي بـالـعـداوةِ أهـلـهـا  ***  وإنـي لأُوذي فـيـهـمُ وأُؤنَّـبُ
    يـعـيّـرنـي جـهَّـال قـومـي بـحـبِّـهـم  ***  وبـغـضـهـمُ أدنـى لـعـارٍ وأعـطـبُ
    بـأيِّ كـتـابٍ أم بـأيـةِ سُـنّـةٍ  ***  ترى حـبّـهـمْ عـاراً عـلـيَّ وتَـحـسـبُ
    سـتـقـرعُ مـنـهـا سـنّ خـزيـان نـادمٍ  ***  إذا الـيـوم ضـمَّ الـنـاكـثـيـنَ الـعـصـبـصـبُ
    فـمَـالِـيَ إلّا آلَ أحـمـدَ شـيـعـةٌ  ***  ومـالـي إلّا مـشـعـبُ الـحـق مـشـعـبُ

    وهذه الأبيات تفصح عن إيمان الشاعر المطلق بأهل البيت الذي لا تشوبه شائبة كما تفصح هذه الأبيات عن العداء الأموي المتجذّر لأهل البيت وشيعتهم والمسلمين في الفترة المرعبة التي مرّوا بها أيام الحكم الأموي، الفترة السوداء التي زرعت الرعب في البلاد الإسلامية وألقت بظلال الجاهلية على أجوائها.
    يقول أحمد أمين المصري عن الحكم الأموي في كتابه ضحى الإسلام (ج1ص27): (الحق أن الحكم الأموي لم يكن حكماً إسلامياً يسوّى فيه بين الناس ويكافئ المحسن عربياً كان أو مولى ويعاقب المجرم عربياً كان أو مولى، وانما الحكم فيه عربي والحكام خدمة للعرب وكانت تسود العرب فيه النزعة الجاهلية لا النزعة الإسلامية). وهذا القول يعطينا انطباعاً واضحاً عن تلك الفترى الدموية خصوصاً إنه جاء من كاتب عُرف بنزعته المعادية للشيعة وانحرافه عن أهل البيت.
    في تلك الفترة الدموية صدح الكميت بـ (هاشمياته) التي أفرغ فيها عقيدته الناطقة بمظلومية أهل البيت والصارخة بالرفض بوجه الحكم الأموي وسجّل مواقف مشرّفة وشجاعة في نصرة الحق وأهله.

    الكميت الشاعر والعالم والنسابة
    ولد ابو المستهل الكميت بن زيد الاسدي في الكوفة سنة (60هـ)، ونشأ كما جاء في ترجمته في المصادر: (شاعراً، متقدماً، مطبوعاً، عالماً بلغات العرب، خبيراً بأيامها، من كبار شعراء مضر وألسنتها).
    قال أبو الفرج في (الأغاني) وابن عساكر في (تاريخ الشام): (كان في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر، كان خطيب أسد، وفقيه الشيعة، وحافظ القرآن، ثبت الجنان، كاتباً حسن الخط، نسابة، وجدلاً، وهو أول من ناظر في التشيّع، ورامياً لم يكن في أسد أرمى منه، فارساً، شجاعاً، سخياً، ديناً)
    وروى ياقوت الحموي في (معجم الأدباء) (ج1ص410) عن ابن عبدة النساب قوله: (ماعُرف النسّاب أنساب العرب على حقيقة حتى قال الكميت (النزاريات) فأظهر بها علماً كثيراً، ولقد نظرت في شعره فما رأيت أحداً أعلم منه بالعرب وأيامها، فلما سمعت هذا جمعت شعره فكان عوني في التصنيف لأيام العرب). وقال الشيخ المفيد (قُدس سره الشريف) في رسالته في معنى المولى: (الكميت ممن استُشهد بشعرهِ في كتاب الله وأجمع أهل العلم على فصاحته ومعرفته باللغة ورئاسته في النظم وجلالته في العرب حيث يقول:
    ويـوم الـدوح دوح غـديـر خـمٍّ  ***  أبـان لـه الـولايـة لـو أطـيـعـا
    الهاشميات أول شعره
    كان أول ما نطق به الكميت من الشعر قصائده الهاشميات، فأخفاها مدة ثم جاء إلى الفرزدق فقال له: (نفث على لساني فقلتُ شعراً فأحببتُ أن أعرضه عليك فإن كان حسناً أمرتني بإذاعته، وإن كان قبيحاً أمرتني بستره وكنت أولى من ستره علي)، ثم أنشده أبياتاً من قصيدته البائية فقال له الفرزدق: (ياابن أخي.. أذع..، ثم أذع، فأنت والله أشعر من مضى وأشعر من بقي).
    هذه الشهادة لها ثقل أجيال من الشعراء لأنها صدرت من شاعر (ينحت في صخر) كما قيل عنه وهو الشاعر الكبير الفرزدق الذي لم يحابِ الكميت بهذه الشهادة بل أطلقها عن جدارة واستحقاق، فالكميت هو ابن الكوفة العلوية التي اقتبس شعراؤها وأدباؤها من سيد البلغاء والمتكلمين وأمير اللغة والكلام جذوة البلاغة والفصاحة فشهد لهم معاصروهم من الشعراء والمؤرخين والنقّاد القدامى والمحدثين على تفوّقهم وتقدّمهم على غيرهم حتى قيل: (خير الشعر شيعي كوفي).
    اهتزّ الفرزدق ـ وهو الخبير بالشعر ـ وهو يستمع لشعر الكميت الذي فاق شعر عصره لأنه وجد فيه  ما يميزّه عن غيره بصدق العاطفة وقوة المعنى، فالباعث الذي حدا بالكميت إلى قول هذا الشعر لم يكن دنيوياً، بل كان نابعاً عن ولاء مطلق وتمسك خالص بمنهج أهل البيت بعيداً عن الدوافع المادية والدنيوية، ويتجلى ذلك في قوله للإمام الباقر (عليه السلام) كما في الأغاني (ج15ص118) حينما أمر له بجائزة على قصيدة قالها في رثاء الحسين: (والله ما أحببتكم للدنيا، ولو أردت الدنيا لأتيت من هي في يديه ولكنني احببتكم للآخرة).
    ورُوي عن سبب كتم الكميت قصائده الهاشميات بحق أهل البيت: هو أنه كان خائفاً يترقب من بطش الأمويين مختفياً عن عيونهم حتى رأى النبي في المنام فقال له (صلى الله عليه وآله): أنشدني.. فأنشده الكميت بائيته المشهورة:
    طـربـتُ ومـا شـوقـاً إلـى الـبـيـضِ أطـربُ  ***  ولا لـعـبـاً مـنـي وذو الـشـيـب يـلـعـبُ
    فلما وصل إلى قوله:
    فـمـا لـي إلا آل أحـمـد شـيـعـة  ***  ومـا لـي إلا مـشـعـبُ الـحـقِ مـشـعـبُ
    قـال له النبي: إن الله قد غفر لك بهذه القصيدة.
    فـلـمـا وصـل إلـى قـولـه:
    ألـم تـرنـي مـن حـبِ آل مـحـمـدٍ  ***  أروحُ وأغـدو خـائـفـاً أتـرقـبُ
    قال (صلى الله عليه وآله): مِمَ خوفك؟ قال: يا رسول الله من بني أمية.
    فقال النبي: (أظهر فأن الله قد أمنك في الدنيا والآخرة).
    فلما فرغ من قصيدته قال له: بوركت وبورك قومك. فكانت بنو أسد تقول: فينا فضيلة ليست في العالم ليس منزل منّا إلّا وفيه بركة دعاء النبي. فجاهر الكميت بحبه لأهل البيت وأظهر عقيدته وولائه لهم وإخلاصه في الدفاع عن قضيتهم.
    يد الأمويين تغتال الهاشميات
    يقول الشيخ عبد الحسين الاميني في موسوعته الغدير (ج2ص266): (الهاشميات من غرر قصائد الكميت المقدرة بخمسمائة وثمانية وسبعين بيتاً غير أنه عاثت في طبعها يد النشر (الأمينة على ودائع العلم) فنقصت منها شيئاً كثيراً لا يُستهان به)، غير أن ماكان لله ينمو ويُحفظ، فقد حفظت كتب السير والتاريخ والأدب قصائد الكميت وخاصة التي قرأها على الإمامين الباقر والصادق (عليهماالسلام).
    كما حُظيت الهاشميات بعناية النقّاد القدماء والمحدثين لأهميتها، يقول محمد العيساوي الجمحي عن شعر الكميت: (الكميت أول من أدخل الجدل المنطقي في الشعر العربي فهو مجدِّد بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وشعره ليس عاطفياً كبقية الشعراء، بل إن شعره شعر مذهبي، ذهني عقلي).                     
    وقد خمّس الهاشميات كثير من الشعراء الأعلام في عصور مختلفة منهم الشيخ ملّا عبدالله الزيوري البغدادي، والعلامة الشيخ محمد السماوي، والسيد محمد صادق آل صدر الدين الكاظمي، وشرحها الأستاذ محمد محمود الرافعي المصري، وقال في مقدمة شرحه: (الهاشميات هي من مختار الكلام، ومن رائق الشعر وشيّقه، وجيد القول وطريفه، أحسن فيه كل الإحسان وأجاد كل الإجادة)، كما شرحها الأستاذ محمد شاكر الخياط النابلسي.
    يبدأ الكميت هاشمياته بالميمية التي مطلعها:
    مـن لـقـلـبٍ مـتـيَّـم مـسـتـهـامِ   ***  غـيـرَ مـاصـبـوةٍ ولا أحـلامِ
    بـل هـواي الـذي أجـن وأبـدي  ***  لـبـنـي هـاشـمٍ أجـل الأنـامِ
    وهي قصيدة طويلة تبلغ أكثر من مائة بيت وقد قرأها عند الإمام الباقر (عليه السلام) وكان منصتاً له فلما بلغ إلى قوله:
    أخـلـص الله هـواي فـمـا أغـرق نـزعـاً ولا تـطـيـش سـهـامـي
    قال له الامام (عليه السلام) قل: (فقد أغرق نزعاً ولا تطيش سهامي) فقال الكميت: يامولاي أنت أشعر مني بهذا المعنى فلما وصل إلى قوله:
    وقـتـيـلٌ بـالـطـفَّ غُـودر مـنـه  ***  بـيـنَ غـوغـاءِ أمـةٍ وطـغـامِ
    تـركـبُ الـطـيـرُ كـالـمـجـاسـد مـنـه  ***  مـع هـابٍ مـن الـتـرابِ هـيـامِ
    وتـطـيـلُ الـمـرزآتُ الـمـقـالـيـتُ عـلـيـه الـقـعـودَ بـعـد الـقـيـامِ
    يـتـعـرّفـن حـرَّ وجـهٍ عـلـيـه  ***  عـقـبـةُ الـسـروِ ظـاهـراً والـوسـامِ
    قـتـل الادعـيـاءُ إذ قـتـلـوه  ***  أكـرم الـشـاربـيـن صـوبَ الـغـمـامِ
    بكى الإمام الباقر (عليه السلام) وتوجه بوجهه إلى الكعبة المشرفة وقال ثلاث مرات: (اللهم ارحم الكميت واغفر له)، ثم قال: (ياكميت هذه مائة ألف قد جمعتها لك من أهل بيتي). فقال الكميت: لا والله لا يعلم أحدٌ إني آخذ منها حتى يكون الله عزوجل الذي يكافئني، ولكن تكرمني بقميص من قُمصِك فأعطاه (عليه السلام) قميصاً.
    جاهر الكميت بشعره في ذلك الجو المشحون بالرعب، يقول أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني: (كانت الشعراء لا تقدم على رثاء الحسين مخافة من بني أمية وخشية منهم)، لكن الكميت جهر بولائه الصادق رغم اضطهاد الامويين فيدخل على الإمام الصادق (عليه السلام) وينشده لاميته:
    ألا هـل عـمٍ فـي رأيـه مـتـأمِّـل  ***  وهـل مـدبـرٌ بـعـدَ الإسـاءةِ مـقـبـلُ
    فلما وصل إلى قوله في الحسين (عليه السلام):
    يُـحـلّـئـنَ عـن مـاءِ الـفـرات وظـلـه  ***  حـسـيـنـاً ولـم يُـشـهـر عـلـيـهـنَّ مـنـصـلُ
    كـأن حـسـيـنـاً والـبـهـالـيـل حـولـه  ***  لأسـيـافـهـم مـا يـخـتـلـي الـمـتـبـقـلُ
    يـخُـضـن بـه مـن آل أحـمـد فـي الـوغـى  ***  دمـاً ظـل مـنـهـم كـالـبـهـيـمِ الـمـحـجَّـلُ
    وغـابَ نـبـيُّ اللهِ عـنـهـمْ وفـقـده  ***  عـلـى الـنـاسِ رزءٌ مـا هـنـاك مـجـلـلُ
    فـلـم أرَ مـخـذولاً أجـلَّ مـصـيـبـة  ***  وأوجـبُ مـنـه نـصـرةً حـيـن يُـخـذلُ
    يـصـيـبُ بـه الـرامـون عـن قـوس غـيـرهـم  ***  فـيـا آخـراً أسـدى لـه الـغـيَّ أوّلُ
    رفع الإمام الصادق (عليه السلام) يديه وقال: (اللهم اغفر للكميت ما قدّم وأخّر وما أسرّ وأعلن واعطه حتى يرضى)، ثم اعطاه ألف دينار وكسوة. فقال له الكميت: (والله ما أحببتكم للدنيا ولو أردتها لأتيت من هي في يديه، ولكنني أحببتكم للآخرة، فأما الثياب التي أصابت أجسادكم فإني أقبلها لبركتها وأما المال فلا أقبله).
    الخاتمة المشرفة
    دعا للكميت ثلاثة من أئمة الهدى (عليهم السلام) هم الإمام السجاد والباقر والصادق وكانوا يلحّون عليه في قبول صلاتهم وعطاياهم مع إكبارهم محله وتبجيلهم له لأنهم وكانوا يعلمون إن مدحه لهم وذمه ظالميهم ومناوئيهم لم يكن إلّا لله ولرسوله معرضاً بذلك حياته للخطر فشهد الإمام زين العابدين له بذلك بقوله: (اللهم إن الكميت جاد في آل رسولك وذرية نبيك نفسه حين ضنَّ الناس وأظهر ماكتمه غيره)، كما شهد له عبدالله الجعفري بقوله لبني هاشم: (هذا الكميت قال فيكم الشعر حين صمت الناس عن فضلكم وعرّض دمه لبني أمية).
    انتهت حياة الكميت بأشرف وأجل خاتمة وهي الشهادة على حب آل محمد كما دعا له الإمام زين العابدين بقوله: (اللهم أحيه سعيداً، وأمته شهيداً، وأره الجزاء عاجلاً، وأجزل له جزيل المثوبة آجلاً) فاستجاب الله دعاء الإمام السجاد فرزق الكميت الشهادة بعد أن بذل عمره في حب أهل البيت وقاسى في سبيل ذلك شتى أنواع الاضطهاد وكانت نهايته على يد جند خالد بن عبدالله القسري والي الكوفة في خلافة مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين سنة (126هـ) ففاضت تلك الروح الطاهرة التي عشقت أهل البيت إلى بارئها راضية مرضية وهي تلهج بذكر آل محمد.
    مات الكميت وذكر أهل البيت على شفتيه وعرجت روحه وهو يلهج بذكرهم، فقد حدّث المستهل بن الكميت فقال: حضرت أبي عند الموت وهو يجود بنفسه وأغمي عليه ثم أفاق ففتح عينيه ثم قال: اللهم آل محمد اللهم آل محمد اللهم آل محمد.            

    بقلم: محمد الصفار
    المصدر : العتبة الحسينية المقدسة

  • 1

    نص الشبهة:
    قال بعض المخالف المخالفين للشيعة: ذكر الكليني في كتاب الكافي: «أن الأئمة يعلمون متى يموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم». «انظر: أصول الكافي للكليني 1/258، وكتاب: الفصول المهمة للحر العاملي: 155».

    يذكر المجلسي في كتابه بحار الأنوار 43/364 حديثاً يقول: «لم يكن إمام إلا مات مقتولاً أو مسموماً».

    فإذا كان الإمام يعلم الغيب كما ذكر الكليني والحر العاملي، فسيعلم ما يُقدَّم له من طعام وشراب، فإن كان مسموماً علم ما فيه من سم وتجنَّبه، فإن لم يتجنَّبه مات منتحراً؛ لأنه يعلم أن الطعام مسموم! فيكون قاتلاً لنفسه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن قاتل نفسه في النار! فهل يرضى الشيعة هذا للأئمة؟!

    الجواب:
    أن هذه الشبهة تندفع بجواب واحد من عدّة جوابات:

    1- أن معتقد الشيعة هو أن الأئمة الأطهار كانوا يعلمون متى يموتون لأن الله تعالى أخبرهم بذلك، إما مباشرة، أو بواسطة النبي.
    ومما ورد في كتب أهل السنة مما يؤيّد ما قلناه ما أخرجه الحاكم في المستدرك بسنده عن زيد بن أسلم، أن أبا سنان الدؤلي حدّثه، أنه عاد عليًّا «رضي الله عنه» في شكوى له أشكاها، قال: فقلت له: لقد تخوَّفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه. فقال: لكني والله ما تخوّفت على نفسي منه؛ لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق، يقول: «إنك ستُضرب ضربة ها هنا وضربة ها هنا - وأشار إلى صدغيه -، فيسيل دمها حتى تختضب لحيتك، ويكون صاحبها أشقاها، كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود»1.
    وبهذا يتبيَّن أن علم أئمة أهل البيت بوقت وفاتهم لا إشكال فيه، ولا يستلزم محذور علمهم بالغيب بأنفسهم.
    بل لا محذور في أن يطلع الله تعالى أي مؤمن صالح بوقت موته، وقد وقع هذا لكثير من الناس كما دلّت عليه الحوادث الكثيرة.
    وهذا المعتقد لا يتنافى مع قوله تعالى: ﴿... وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ... ﴾ 2؛ لأن الآية المباركة مضافاً إلى أنها نفت العلم بالمكان الذي تموت فيه كل نفس، ولم تنف العلم بوقت الوفاة، فإنها محمولة على العلم لا التعليم، فإنه لا إشكال في أن المؤمن يمكن أن يعلم بوقت وفاته أو مكان موته بواسطة النبي أو بواسطة الإمام أو غير ذلك كالرؤيا الصادقة مثلاً.
    وبما قلناه يتبيّن أن مراد الكليني «قدس سره» بعنوان الباب هو أن الله تعالى بواسطة نبيِّه أطلع أئمة أهل البيت على وقت موتهم، كإخباره أمير المؤمنين والإمام الحسين بما يجري عليهما، وبزمان قتلهما، وكذلك تلقّى كل إمام عن الإمام السابق له خبر موته عن رسول الله بالرواية الصحيحة، وهذا لا إشكال فيه.
    ولعل مراده «قدس سره» بقوله: «ولا يموتون إلا باختيار منهم» هو أنهم لما سلَّموا بأمر الله وقضائه، كان تسليمهم دليلاً على الرضا والقبول بما يجري عليهم، فكأنه جرى باختيارهم، وهذا لا إشكال فيه أيضاً.
    2- أن إلقاء النفس في التهلكة ليس محرَّماً على إطلاقه وفي جميع الموارد؛ لأنه إذا كان بأمر الله تعالى فإنه يكون واجباً، ولهذا يجب على كل مسلم أن يفدي رسول الله بنفسه ولو بإلقائها في التهلكة، كما يجب الجهاد في سبيل الله تعالى كفاية على كل مسلم وإن علم أنه سيُقتل في ميدان القتال، فإن علمه بالقتل لا يسوِّغ له ترك الجهاد، أو أن يفر عند الزحف، ومن فدى النبي بنفسه أو جاهد في سبيل الله وقتل، فإنه يصدق عليه بهذا اللحاظ أن موته كان باختياره.
    وأئمة أهل البيت عباد مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، والإمام مع علمه بأنه يُقتل فإنه مأمور بالذهاب إلى موضع قتله، كما هو حال الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسين «عليهما السلام»، لأن مصلحة الدين تقتضي ذلك وإن كنا لا نعلم بها.
    3- أن الشيعة يعتقدون أن البداء لله تعالى، وأئمة أهل البيت وإن علموا بوقت موتهم، إلا أن الله تعالى له أن يبدِّل ذلك، فيدفع عنهم الموت بأي سبب من الأسباب، كما أن الصدقة تدفع البلاء المبرم، والدعاء ربما يرد القضاء. أي أن علم الإمام بموته ربما لا يكون حتميًّا، وقد يكون ظنيًّا بسبب البداء، وحال ظن الإمام بموته حال ظن المجاهد بقتله في سبيل الله، فإن ظنه بقتله بحسب ما يرى من قوة الكفار وضعف المسلمين في ميدان القتال، لا يعني أنه إذا استمر في قتال الكفار أنه ألقى بنفسه في التهلكة.
    4- أن الله تعالى جعل علمهم بوقت موتهم امتحاناً لطاعتهم، واختباراً لانقيادهم، ورفعاً لدرجاتهم، وإعلاء لمكانتهم، وإجزالاً لثوابهم، وليعلم الناس فضلهم، وعظم خوفهم من الله سبحانه، وشدّة تفانيهم من أجل دينه وفي سبيله، وأنهم مستحقّون للإمامة العظمى جديرون بها، وأن غيرهم لا يبلغ منزلتهم، ولا يدانيهم في منزلة أو فضل.
    5- قد روي في كتب أهل السنة أن كعب الأحبار كان يعلم بوقت مقتل عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان.
    فقد أخرج ابن سعد في الطبقات 3/332 حديثاً جاء فيه أن كعب الأحبار قال لعمر: والذي نفسي بيده لا ينسلخ ذو الحجة حتى تدخل الجنة.
    بل أخبر عمر بمقتله قبل وقوعه بثلاثة أيام، فقد جاء في تاريخ الطبري وكتاب الكامل لابن الأثير أن أبا لؤلؤة توعَّد عمر، ثم انصرف عمر إلى منزله، فلما كان الغد جاءه كعب الأحبار، فقال له: يا أمير المؤمنين اعهد، فإنك ميت في ثلاث ليال. قال: وما يدريك؟ قال: أجده في كتاب التوراة. قال عمر: آلله إنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة؟ قال: اللهم لا، ولكني أجد حليتك وصفتك، وأنك قد فني أجلك. قال: وعمر لا يحس وجعاً، فلما كان الغد جاءه كعب فقال: بقي يومان. فلما كان الغد جاءه كعب فقال: مضى يومان، وبقي يوم. فلما أصبح خرج عمر إلى الصلاة، وكان يوكل بالصفوف رجالاً، فإذا استوت كبَّر، ودخل أبو لؤلؤة في الناس وبيده خنجر له رأسان، نصابه في وسطه، فضرب عمر ست ضربات، إحداهن تحت سرَّته وهي التي قتلتْه...
    فلما ضُرب عمر دخل عليه كعب الأحبار مع الناس، فلما رآه عمر قال:
    توَعَّدَني كَعْبٌ ثَلاثاً أعدُّهَا  ***  وَلا شَكَّ أنَّ القَوْلَ مَا قَالَ لي كَعْبُ
    ومَا بي حِذَارُ الموْتِ، إِني لميِّتٌ  ***  ولَكِنْ حِذَارُ الذَّنْبِ يَتْبَعُه الذَّنْبُ 3.

    ومن «تنبؤات» كعب أيضاً ما ذكره ابن حجر في فتح الباري 1/432 عن كتاب «السِّيَر» عن الحارث بن مسكين عن ابن وهب، قال: أخبرني مالك أن كعب الأحبار كان يقول عند بنيان عثمان المسجد: لوددتُ أن هذا المسجد لا ينجز، فإنه إذا فُرِغ من بنيانه قُتِل عثمان. قال مالك: فكان كذلك.
    فإذا كان كعب الأحبار قد علم بمقتل عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وعلم بأمور أخرى غيرها، فلا أدري ما هو وجه الاستغراب في أن يعلم أئمة أهل البيت بالتلقي عن رسول الله أوقات موتهم؟!
    6- أن إشكال الإلقاء بالنفس في التهلكة يمكن أن نلزم به المخالفين بنفس الحجة التي احتجوا بها علينا، فإن الروايات الصحيحة التي رواها أهل السنة في كتبهم دلّت على أن الإمام الحسين كان يعلم بأنه سيقتل في كربلاء، ومع ذلك فإنه ذهب إلى العراق وهو يعلم أنه سيُقتل في كربلاء.
    وقد روى ابن كثير في البداية والنهاية، والذهبي في سير أعلام النبلاء، والمزي في تهذيب الكمال وغيرهم، أن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب كتب إلى الإمام الحسين كتاباً يحذّره أهل الكوفة، ويناشده الله أن يشخص إليهم، فكتب إليه الحسين: إني رأيت رؤيا، ورأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرني بأمر أنا ماضٍ له، ولستُ بمخبر بها أحداً حتى ألاقي عملي4.
    فهل يعتقد هذا المخالف أن الإمام الحسين قد انتحر بذهابه إلى كربلاء؟! وهل يقول هذا المخالف: إن الإمام الحسين الذي ثبت عند أهل السنة بالأحاديث المتواترة أنه وأخاه الإمام الحسن «عليهما السلام» سيّدا شباب أهل الجنة يمكن أن ينتحر، فيكون من أهل النار؟!
    ------------------------------------------
    1. المستدرك 3/122، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه.
    2. القران الكريم: سورة لقمان (31)، الآية: 34، الصفحة: 414.
    3. الكامل في التاريخ 3/51. تاريخ الطبري 3/265.
    4. البداية والنهاية 8/165. سير أعلام النبلاء. تهذيب الكمال 6/418.

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page