النشاط الاجتماعي
إن حركة الانسان في المجتمع تشتدّ بمقدار تجذّره وتأثيره في ذلك المجتمع ، لذلك توجّه الإمام الجواد (عليه السلام) الى توضيح المفاهيم المتصلة بالنشاط الاسلامي للطليعة المؤمنة ، وفيما يأتي نذكر بعضاً من هذه المفاهيم :
1 ـ كلما ترسخ مركز الانسان في المجتمع ازداد توجه الناس اليه وطلبهم منه في قضاء حوائجهم وحل مشاكلهم . روى الإمام الجواد (عليه السلام) عن أجداده عن الإمام علي(عليه السلام) : « ما عظمت نعمة الله على عبد إلاّ عظمت عليه مؤونة الناس ، فمن لم يحتمل تلك المؤونة فقد عرّض النعمة للزوال »[1] 6 .
2 ـ بقاء نعمة الانسان واستمرار موقعه في الاُمة مقترن بدرجة إحسانه اليها وخدمته لها، فقد روى الإمام (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : « ان لله عباداً يخصهم بالنعم ، ويقرّها فيهم ما بذلوها ، فاذا منعوها نزعها عنهم وحوّلها الى غيرهم»[2]7 . وقال(عليه السلام) : « أهل المعروف الى اصطناعه احوج من اهل الحاجة اليه ، لأن لهم اجره وفخره وذكره ، فمهما اصطنع الرجل من معروف فانما يبدأ فيه بنفسه ، فلا يطلبنّ شكر ما صنع الى نفسه من غيره »[3] 8 .
3 ـ ضرورة مجازاة المحسن بالشكر ، يقول (عليه السلام) راوياً عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، « كفر النعمة داعية المقت ومن جازاك بالشكر فقد أعطاك اكثر مما أخذ منك»[4]9.
4 ـ كما ان الإمام (عليه السلام) بيّن طرق تحسين العلاقة بين الناس واصول التعامل بين الاصدقاء فقد روى عن جدّه أمير المؤمنين (عليه السلام) :
« ثلاث خصال تجتلب بهن المحبة : الانصاف في المعاشرة ، والمواساة في الشدّة ، والانطواع والرجوع الى قلب سليم »[5] 10 .
وقال (عليه السلام) : « لا يفسدك الظنّ على صديق وقد أصلحك اليقين له ، ومن وعظ أخاه سرّاً فقد زانه ، ومن وعظ علانية فقد شانه. استصلاح الاخيار باكرامهم ، والاشرار بتأديبهم ، والمودّة قرابة مستفادة ، وكفى بالأجل حرزاً ، ولا يزال العقل والحمق يتغالبان على الرجل الى ثمانية عشر سنة ، فاذا بلغها غلب عليه اكثرهما فيه ، وما أنعم الله عزوجل على عبد نعمة فعلم انها من الله إلاّ كتب الله جلّ اسمه له شكرها قبل ان يحمده عليها ، ولا أذنب ذنباً فعلم ان الله مطّلع عليه إن شاء عذبه وان شاء غفر له ، الاّ غفر الله له قبل ان يستغفره »[6] 11 .
5 ـ كما شدّد(عليه السلام) على ضرورة اختيار القرين الصالح لما يورثه من اثر على المرء ، فقد روى(عليه السلام): « فساد الأخلاق بمعاشرة السفهاء ، وصلاح الأخلاق بمنافسة العقلاء ، والخلق اشكال فكل يعمل على شاكلته ، والناس إخوان ، فمن كانت اخوته في غير ذات الله فانها تحوز عداوة ، وذلك قوله تعالى : ( الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلاّ المتقين )[7] [8]12»13 .
فاذا حصل المرء على الاخ المخلص في الله فانه فاز بشيء عظيم وينبغي له مشاورته واستنصاحه . روى الإمام الجواد (عليه السلام) عن علي (عليه السلام) قال : «بعثني النبي (صلى الله عليه وآله) الى اليمن ، فقال لي وهو يوصيني : «ياعلي ، ما حار من استخار ، ولا ندم من استشار»، وقال(عليه السلام): « من استفاد أخاً في الله فقد استفاد بيتاً في الجنة »[9]14.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 276 .
[2] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 276 .
[3] مستدرك عوالم العلوم : 23/276 .
[4] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 280 .
[5] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 279 .
[6] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 280 .
[7] الزخرف (43): 67 .
[8] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 279 .
[9] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 275 .