الاجابة على الاستفتاءات الفقهيّة والاستفسارات العلمية
لقد أسهمت إجابات الإمام الجواد(عليه السلام) على الاستفتاءات الفقهية وغيرها من الاستفسارات العلمية في البناء العلمي للجماعة الصالحة ولك أن تلاحظها في النصوص التالية:
وقت صلاة الفجر: عن الحصين بن أبي الحصين ، قال : «كتبت الى أبي جعفر(عليه السلام) : جعلت فداك ، اختلف مواليك في صلاة الفجر ، فمنهم من يصلّي اذا طلع الفجر الاول المستطيل في السماء ، ومنهم مَن يصلي اذا اعترض في أسفل الارض واستبان ، ولست اعرف افضل الوقتين فاُصلي فيه . فان رأيت يامولاي جعلني الله فداك ان تعلّمني افضل الوقتين ، وتحدّ لي كيف اصنع مع القمر والفجر لأتبين معه حتى يحمرّ ويصبح ؟ وكيف أصنع مع الغيم ؟ وما حدّ ذلك في السفر والحضر ؟ فعلت إن شاء الله .
فكتب بخطّه (عليه السلام) : «الفجر ـ يرحمك الله ـ الخيط الابيض ، وليس هو الأبيض صعداً ، ولا تصلّ في سفر ، ولا في حضر حتى تتبيّنه ـ رحمك الله ـ ، فان الله لم يجعل خلقه في شبهة من هذا ، فقال تعالى : ( كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الاسود من الفجر )[1]8 فالخيط الابيض هو الفجر الذي يحرم به الأكل والشرب في الصيام ، وكذلك هو الذي يوجب الصلاة»[2]9.
البسملة في الصلاة: عن يحيى بن أبي عمران الهمداني ، قال : «كتبت الى أبي جعفر(عليه السلام) : جعلت فداك ، ما تقول في رجل ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته وحده في ام الكتاب ، فلمّا صار الى غير اُم الكتاب من السورة تركها ؟ فقال العباسي[3] 10 : ليس بذلك بأس .
فكتب بخط يده: يعيدها مرتين على رغم انفه ـ يعني العباسي [4]ـ 11 .
الإكراه في الزواج: جاء في رواية علي بن مهزيار عن محمد بن الحسن الاشعري ، قال :
«كتب بعض بني عمي الى أبي جعفر الثاني (عليه السلام): ما تقول في صبيّة زوّجها عمّها ، فلمّا كبرت أبت التزويج ؟
فكتب بخطه (عليه السلام): «لا تكره على ذلك ، والأمر أمرها»[5]12.
حكم الوقف: عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي ، قال : «كتبت الى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) اسأله عن أرض أوقفها جدّي على المحتاجين من ولد فلان بن فلان وهم كثير ، متفرقون في البلاد ؟
فأجاب (عليه السلام) : ذكرت الارض التي أوقفها جدك على فقراء ولد فلان بن فلان وهي لمن حضر البلد الذي فيه الوقف ، وليس لك ان تتبع من كان غائباً»[6]13.
شهادة الزوج وغير الزوج: عن محمد بن سليمان أنه قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام) : «كيف صار الزوج اذا قذف امرأته كانت شهادته أربع شهادات بالله ؟ وكيف لا يجوز ذلك لغيره وصار اذا قذفها غير الزوج جلد الحدّ ، ولو كان ولداً او أخاً ؟
فقال : قد سئل أبو جعفر (عليه السلام) عن هذا ، فقال : الا ترى انه اذا قذف الزوج امرأته ، قيل له : وكيف علمت انها فاعلة ؟ فان قال : رأيت ذلك منها بعيني ، كانت شهادته اربع شهادات بالله ، وذلك انه قد يجوز للرجل ان يدخل المدخل في الخلوة التي لا تصلح لغيره ان يدخلها ولا يشهدها ولد ولا والد في الليل والنهار ، فلذلك صارت شهادته اربع شهادات بالله اذا قال : رأيت ذلك بعيني .
واذا قال : اني لم اُعاين ، صار قاذقاً في حدّ غيره ، وضرب الحدّ إلاّ أن يقيم عليها البيّنة، وإن زعم غير الزوج اذا قذف وادّعى أنه رآه بعينه قيل له : وكيفرأيت ذلك ؟ وما ادخلك ذلك المدخل الذي رأيت فيه هذا وحدك ؟ انت متّهم في دعواك ، وان كنت صادقاً فأنت في حدّ التهمة ، فلا بدّ من أدبك بالحدّ الذي أوجبه الله عليك .
قال : وانما صارت شهادة الزوج اربع شهادات بالله لمكان الاربعة شهداء مكان كل شاهد يمين»[7] 14.
إنّ ما ذكر من الامثلة السابقة نماذج لبعض توجهات الإمام الجواد (عليه السلام) وهو تفقيهه لشيعته ومواليه عن طريق مراسلتهم إياه او سؤاله بصورة مباشرة .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] البقرة (2): 187 .
[2] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 382 ـ 382 .
[3] هو هشام بن ابراهيم العباسي وكان يعارض الرضا والجواد (عليهما السلام) .
[4] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 162 ـ 163 .
[5] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 475 .
[6] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 466 .
[7] مستدرك عوالم العلوم: 23 / 484 ـ 485 .