الإمام الجواد في ظل أبيه (عليهما السلام)
قامت الدولة العباسية ـ في بداية أمرها ـ على الدعوة الى العلويين خاصة، ثم لأهل البيت(عليهم السلام)، ثم الى الرضا من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وكان سرّ نجاحها في ربطها بأهل البيت(عليهم السلام) ، حيث تحكّم العباسيون وتسلّطوا على الاُمة بدعوى القربى النسبية من الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) .
ومن هنا فإنّ من الطبيعي ، أن يكون الخطر الحقيقي الذي يتهدد العباسيين وخلافتهم ، هو من جهة أبناء عمّهم العلويين ، الذين كانوا أقوى منهم حجة وأقرب الى النبي (صلى الله عليه وآله) منهم نسباً ووشيجة.
فادّعاء العلويين الخلافة له مبرراته الكاملة ، ولا سيما وان من بينهم من له الجدارة والاهلية ، ويتمتع بأفضل الصفات والمؤهلات لهذا المنصب من العلم والعقل والحكمة وبعد النظر في الدين والسياسة ، علاوة على ما كان يكنه الناس لهم من الاحترام والتقدير .
أضف الى ذلك كله ان رجالات الإسلام وأبطاله، كانوا هم آل أبي طالب ـ رضوان الله تعالى عليه ـ فأبو طالب مربي النبي (صلى الله عليه وآله) وكفيله ، وعلي(عليه السلام) وصيه وظهيره ، وكذلك الحسن والحسين وعلي زين العابدين وبقية الائمة (عليهم السلام).
وقد كان الخلفاء من بني العباس يدركون جيداً مقدار نفوذ العلويين ، ويتخوفون منه ، منذ أيامهم الاولى في السلطة . فمثلاً وضع السفاح من أول عهده الجواسيس على بني الحسن ، حيث قال لبعض ثقاته ، وقد خرج وفد بني الحسن من عنده : قم بانزالهم ولا تأل في الطافهم ، وكلما خلوت معهم فأظهر الميل اليهم ، والتحامل علينا وعلى ناحيتنا وانهم أحق بالأمر منّا ، واحصِ لي ما يقولون وما يكون منهم في مسيرهم ومَقدمهم » [1]1.
أجل لقد أدرك العباسيون ان الخطر الحقيقي الذي يتهدّدهم إنّما هو من قبل العلويين وعليه كان عليهم ان يتحركوا لمواجهة الخطر المحدق بهم بكل وسيلة ، وبأي اسلوب كان ، سيّما وهم يشهدون عن كثب سرعة استجابة الناس للعلويين ، وتأييدهم ومساندتهم لكل دعوة من قبلهم .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الحياة السياسية للامام الرضا (عليه السلام): 66 .