الأعمار
في خبر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: «أعمار أُمّتي ما بين الستّين والسبعين وقلَّ مَن يتجاوزها»([1]).
العمر عمران: عمر محتوم وعمر معلّق، فالمحتوم مهما بلغ فإنَّه ميّت لا محال، والمعلّق بين الزيادة والنقصان مثلاً: أطول ولد آدم عمراً الخضر العبد الصّالح (عليه السلام) ومآله الموت، والملائكة المقرّبون وحملة العرش، وجبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل (عليهم السلام) ومآلهم إلى الموت، بحيث لا يبقى إلاّ وجه الله الكريم، لمَن الملك؟ لا أحد يجيب، فيقول جلَّ وعلا: الملك لله الواحد القهّار، أمَّا غير المحتوم وأقصد المعلّق الذي يتوقّف على:
1 ـ صلة الرّحم: معلّقة بين السَّماء والأرض، تقول: يا ربِّ صِل من وصلني واقطع مَن قطعني، فمَن وصل رحمه طال عمره، ومَن قصر عمره ثبت أنَّه قاطع للرّحم إلاّ ما رحم ربّي، فصلة الرّحم واجبة.
فالإسلام ما شرع حكماً إلاّ وفيه حكمة ومصلحة.
2 ـ الصدقة: الصدقة تطيل العمر وتستنزل الرّزق وتطفي غضب الربّ، فعليكم بالصدقة قبل أن يأتي زمان لا تجد مَن تضع في يده صدقتك وهو زمان ظهوره (عج) لاغتناء النّاس من فضله وعطائه.
3 ـ الدعاء: ورد أنَّه مخّ العبادة، وسلاح المؤمن، وصلة العبد بربّه، ومن الدعاء ما يخترق الحُجب، دعاء المظلوم، ودعاء الوالدين، وبالوالدين إحساناً، وبرّاً بوالديه، ولم يكن جبّاراً شقيّاً، من أسباب طول العمر.
4 ـ الهمّ: الهمّ يورث الهرم، والهرم علامة الموت، وأمَّا قوله (صلى الله عليه وآله): «مَن أراد البقاء ولا بقاء، فليعجّل بالغداء، وليؤجّل بالعشاء، وليقلل من غشيان النّساء»، فهذا هو الآخر سبب من أسباب طول العمر، وأمَّا كثرة غشيان النّساء كما في زماننا وتفشّي الأمراض السارية مثل: الإيدز وأمراض المجاري البوليّة التي غالباً ما تأتي من اللّواط وكثرة إتيان النّساء عن طريق غير مشروع، فهي السبب في قُصر العمر، وممَّا يُطيل العمر صلاة اللّيل، لأنَّ هناك في اللّيل نسيماً يهب وهو عامل فعّال في ديمومة الجسم والمقاومة، ولذا نجد أنَّ أغلب الذين يصلّون اللّيل وصلاة الفجر في وقتها هم من طويلي العمر.
والغذاء والماء كما في ماء الحياة، سبب أساس والعكس صحيح، فسوء التغذية والماء الملوّث العكر من الأسباب الموجبة للأمراض التي تفتك بالمرء وتعجّل في موته.
والذين عاصرناهم من المعمّرين أكثرهم من العلماء، ولكنَّ هؤلاء بالقياس قليلون جدّاً إلى أُمّة محمَّد (صلى الله عليه وآله) الذين يبلغون ألف مليون نسمة، وما جاء في الحديث مطابق للواقع، والله نسأل بمحمَّد (صلى الله عليه وآله) وآله الطاهرين أن يطيل أعمارنا وأعمار المؤمنين في خير.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بيان الأئمّة (عليهم السلام)، ج 4، ص: 421، دار الغدير.