• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في عدد أصحابه

في عدد أصحابه

 

جاء في الروايات أنَّ عدد أصحابه (عج) ثلاثمائة وثلاثة عشر من العرب والعجم، من الأحياء والأموات، شيب وشبّان، إلاّ أنَّهم يمتازون عن غيرهم من النّاس، هم كاللّيوث، وكالزبر، إذا أرادوا أن يزيلوا الجبال لأزالوها، يقومون اللّيل، ويصومون النّهار، لهم دويّ كدويّ النّحل في الذّكر والتّسبيح، يبايعونه على ما يريد، ويبايعهم على الشروط التي ذكرناها، منهم مَن يُرى في السّحاب باسمه ورسمه، ومنهم مَن تُطوى له الأرض، ومنهم المفقود من فراشه، يجتمعون في مكّة المكرّمة في أقلّ من ليلة، كأنَّهم من أب وأُمّ واحدة، بين طائف وراكع وساجد، وفيهم نزلت الآية: (أيْنَمَا تَكُونُوا يَأتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعَاً)([1])، واليوم ومع وجود وسائل النقل السريعة الطائرات والسيّارات الحديثة والمكيّفة والطرق المبلّطة لا غرابة في أنَّهم يجتمعون إليه في أقلّ من ليلة، ومَن كان على هذه الدرجة من الإيمان، والتقوى والورع، فلا غرابة أن يمنحه الله تعالى امتيازات على غيره من الخلق.

وكثر الكلام في كونهم من العرب أو العجم أو منهما من العرب والعجم، والإسلام هو القاسم المشترك والميزان التقوى والورع: (إنَّ أكْرَمَكُم عِنْدَ اللهِ أتْقَاكُم)([2])، ولا يخفى حين تشتدّ الأُمور وتضيق الحلقة يرتد الكثير من القائلين، ولطول الغيبة، واليأس الذي يصيب النّاس، ما ضرَّ لو قلنا أنَّهم من العجم وهم مسلمون أتقياء ورعون، يقعون على الموت ولا يجبنون، فهذه النّعرة لا يقرّها الإسلام: (يَا أيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُم شُعُوبَاً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أكْرَمَكُم عِنْدَ اللهِ أتْقَاكُم)([3]).

كان سلمان (رضي الله عنه) مجوسيّاً، ولكنّه ارتقى منزلة عالية بإيمانه وتقواه: «سلمان منّا أهل البيت»، ولمَّا تحالفوا عليه قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): «لا تقولوا سلمان الفارسي، بل قولوا سلمان المحمّدي»، وعلى مرّ هذه القرون تداخلت الأُمم وتزاوجت، ولكن بقي الإسلام هو القاسم المشترك ; أمَّا هذا عربيّ وهذا أعجميّ لا ينفع أحداً من المسلمين بقدر ما ينتفع به العدوّ المشترك ; للفرقة والإنشقاق.

فالإمام (عج) يعرف أصحابه لا أنَّهم عرب أو عجم، وإنَّما لأنَّهم مؤمنون أتقياء ورعون، وقد وردت أسماؤهم في كتب منها: غاية المرام، وبشارة الإسلام، وإلزام الناصب، وكتب أُخرى.

والبلاد، وسنقف على ذلك إن شاء الله تعالى.

وقد جاء في غيبة النعماني كما في بشارة الإسلام، عن أبّان بن تغلب قال: كنت مع جعفر بن محمَّد (عليه السلام) في مسجد مكّة وهو آخذ بيدي، فقال (عليه السلام): «يا أبّان سيأتي الله بثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً في مسجدكم هذا يعلم أهل مكّة أنَّه لم يخلق آبائهم ولا أجدادهم بعد عليهم السيوف، مكتوب على كلّ سيف اسم الرجل واسم أبيه وحليته ونسبه، ثمَّ يأمر مناد ينادي: هذا المهدي يقضي بقضاء داود وسليمان (عليهما السلام) لا يسأل عن ذلك»([4]).

لو تأمّلنا هذا الحديث كما في غيبة الشيخ الطوسي عن بشارة الإسلام، عن الفضل بن شاذان، عن أحمد بن عمر بن مسلم، عن الحسن بن عقبة النهمي، عن أبي إسحاق البنّاء، عن جابر الجعفي قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيّف رجلاً عدّة أهل بدر، منهم النّجباء من أهل مصر والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق».

فمن حقّ القائلين بأنَّهم من العرب أن يجتمعوا بمثل هذا الحديث، ومع هذا ففي الحديث نظر: جاءت في بعض الأحاديث من الأبدال ومن الأخيار ومن عصائب العراق، فإذا علمنا أنَّ الأبدال لا يزيدون على الأربعين، وأنَّ العصائب إن زادوا فلا يزيدون على المائة، وهكذا الأخيار، فمجموع هؤلاء لا يصل إلى الثلاثمائة وثلاثة عشر على فرض أنَّهم من العرب.

ومن حقّ القائلين بأنَّهم من العجم أن يحتجّوا بهذا الحديث: النعماني في غيبته، أحمد بن هوذة أبو سليمان قال: حدّثني إبراهيم بن إسحاق النهاوندي عن عبدالله بن حمّاد الأنصاري، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «أصحاب القائم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، أولاد العجم بعضهم يُحمل في السّحاب نهاراً، يُعرف باسمه واسم أبيه ونسبه وحليته، وبعضهم قائم على فراشه فيوفيه (فيُرى) في مكّة على غير ميعاد»([5]).

وفي هذا الحديث أيضاً نظر لأنَّه أين نجعل الأبدال، والأخيار، وعصائب العراق، وأصحاب الكهف، والمقداد، وعمّاراً ومالك الأشتر؟

وهناك أحاديث في هذا المعنى أعرضنا عن ذكرها خوف الإطالة، ولكن يمكن الإعتماد على هذا الحديث: حدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثنا محمَّد بن يحيى العطّار، قال: حدّثنا محمَّد بن الحسن الرازي، قال: حدّثنا محمَّد بن عليّ الكوفيّ، عن الحسن بن محبوب الزراد، عن المعزي، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنَّه سمعه يقول: «ويل لطغاة العرب من شرٍّ قد اقترب»، قُلت: جُعلت فداك كَم مع القائم من العرب؟ قال: «شيء يسير»، فقلت: والله إنَّ مَن يصف هذا الأمر منهم الكثير، فقال: «لابدَّ للنّاس أن يمحّصوا ويميّزوا ويغربلوا، ويخرج من الغربال خلق كثير»([6]).

فإذا رجعنا قليلاً، فإنَّ عمّاراً ومالكاً والمقداد وأهل الكهف والذين آمنوا من قوم موسى (عليه السلام) هؤلاء، والخضر (عليه السلام) وإلياس والحسني والحسيني الخراساني هؤلاء لا يشملهم التمحيص ولا الغربال والتمييز.

ومع هذا إذا تأمّلنا هذا الحديث للشيخ الطوسي في غيبته: الفضل بن شاذان، عن عليّ بن أسباط، عن موسى الأنبار، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنَّه قال: «اتَّقِ العرب فإنَّ لهم خبر سوء أمَّا أنَّه لا يخرج مع القائم منهم أحد»([7])، وهنا يجوز لنا أن نقول: إنَّ المراد من العرب أهل البادية، ومسألة فيها نظر أنَّ أصحاب القائم (عج) شباب لا كهل فيهم إلاّ القليل كالكحل في العين، والملح في الزاد، وأقلّ الزاد الملح، فماذا نقول فيمَن تجاوز عمره آلاف السنين كالخضر (عليه السلام)، وعيسى بن مريم (عليه السلام)،
وإلياس (عليه السلام)، وعمّار الذي تجاوز الثمانين، والمقداد ومالك الأشتر والحسني والحسيني الخراساني؟ نعم كهول في الظاهر ولكنّهم شباب في العقيدة والحيويّة والروحيّة والإيمان، وأظنّ أنَّ المقصود هنا هم الثلاثمائة وثلاثة عشر، وإلاّ فأصحابه الذين يأتي بهم من مكّة إلى ظهر الكوفة إن قلّوا فعشرة آلاف وإن زادوا فثلاثة عشر ألفاً أو خمسة عشر ألفاً، فيهم الشاب والكهل والشيخ، أُولئك الذين حباهم الله واختارهم ليملأ الأرض بأيديهم وبأيمانهم قسطاً وعدلاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً، والمسألة ليست مسألة شباب وكهول وشيوخ ولكنّها مسألة الإيمان والتقوى والورع والإخلاص، لأنَّ هؤلاء لم يأتوا اعتباطاً ولا صدفة، ولكنّهم اختيرو، وفيهم النّسا.

والظهور يكون في فصل صيف: «شديد الحرّ»، والذي فهمناه هو أنَّ المراد بهم أنَّهم يكونون على السطوح، ويصبحون في مكّة، وأمَّا الذين يقولون إنَّ الظهور يكون في الشتاء بحجّة: «إذا جاءتكم الرايات السود من خراسان فأتوها ولو حبواً على الثّلج»، فهذا لا يعني الشتاء، ولكن يعني أنَّ الحبو على الثّلج أصعب من غيره.

وأمَّا ما ورد في بعض المصادر من اختلاف في العدد من الأمصار أو المُدن أو اختلاف في أسماء المُدن والبلاد التي يخرجون منها، فلعلَّ ذلك ورد بسبب النّساخ ولكن لا اختلاف في كونهم ثلاثمائة وثلاثة عشر كأصحاب بدر أو أصحاب طالوت، وهم القادة والحكّام والوكلاء والذين يعيّنهم الإمام (عج) على الأمصار والبلدان، ولهم امتيازاتهم الخاصّة بهم وبالإمام (عج)، حيث يعاهدهم ويعاهدونه على أُمور يرضاه ويرضونها وسنبيّن ذلك.

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

([1]) البقرة / 148.

([2]) الحجرات / 13.

([3]) الحجرات / 13.

([4]) بشارة الإسلام، ص: 204، و205.

([5]) بشارة الإسلام، ص: 204، و205.

([6]) بشارة الإسلام، ص: 206.

([7]) بشارة الإسلام، ص: 206.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page