• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ما يقال حول وفاة الإمام (عليه السلام)

ما يقال حول وفاة الإمام (عليه السلام)
ماذا ترى بعض الفرق في الحكام:

قبل كل شيء نود أن نشير إلى أمر مهم، كنا قد أشرنا إليه من قبل، وله ـ إلى حد ما ـ صلة فيما نحن بصدده.. وهو: أن بعض فرق المسلمين ترى: أن الحكام تجب طاعتهم، ولا تجوز مخالفتهم، والقيام ضدهم، والوقوف في وجههم بحال من الأحوال.. مهما كانت هويتهم، وأيا كان سلوكهم، حتى ولو أنهم ارتكبوا أعظم المحرمات، وانتهكوا جميع الحرمات..
أي.. أنهم حتى لو قتلوا الأبرياء ـ ولو كانوا أبناء محمد ـ، وهدموا الكعبة.. مع ذلك كله ـ تجب طاعتهم، ولا تجوز مخالفتهم، ولا الوقوف في وجههم..
هكذا.. تعتقد الفرق الإسلامية ـ كما قلنا ـ.. ومن المؤسف جداً أن من هؤلاء الفرق: أهل الحديث، وعامة أهل السنة، قبل الإمام الأشعري، وبعده. وهو أيضاً قائل بهذه المقالة ومعتقد بهذه العقيدة..
ولقد أيدوا هذه العقيدة بمختلف أنواع التأييد، حتى لقد وضعوا في تأييدها الروايات على لسان النبي (صلى الله عليه وآله)، مع عدم تنبههم إلى أن ذلك ينافي صريح القرآن، ويصادم حكم العقل والوجدان..

انعكاسات هذه العقيدة على التراث:

وطبيعي أن ينعكس ذلك إلى حد كبير على كتابهم ومؤرخيهم(1)، وحتى على علمائهم، وفقهائهم أيضاً، حيث كان لا بد لهم من التستر على كل هفوات أولئك الحكام. وكل مخازيهم وموبقاتهم، مما كان من نتيجته ـ بطبيعة الحال ـ إخفاء كثير من الحقائق، وطمسها، حتى إذا لم يتمكنوا من ذلك، تراهم يحاولون اللف والدوران، وتوجيهها بما لا يسمن ولا يغني من جوع.. هذا إن لم تخولهم غيرتهم، وتدفعهم حميتهم إلى تشويهها، والتغيير والتبديل فيها، بحيث تبدو مستهجنة، وغريبة. ولتسقط من ثم عن الاعتبار.. وقد يختلقون في كثير من الأحيان في مقابلها، ما ينسجم مع نظرتهم الضيقة، وتعصبهم المقيت، أو يوافق هوى نفوسهم، ويرضي حكامهم، الذين كانوا يرون أنهم يقربونهم من الله زلفى.

إخفاء كل الحقائق عن الأئمة (عليهم السلام):

ولقد أراد الحكام ـ لسبب أو لآخر ـ إخفاء كل الحقائق التي ترتبط بالأئمة الأطهار (عليهم السلام)، أو تشويهها، فكان لهم ما أرادوا، ووجدوا من العلماء، والكتاب، والمؤرخين، من لا يألوا جهداً، ولا يدخر وسعاً من أجل تنفيذ إرادتهم تلك، التي يرون: أنها إرادة الله ـ حسب عقيدة الجبر التي ابتدعوها ـ.. حتى إنك قد لا تجد في كثير من الكتب التاريخية، حتى اسم الأئمة الأطهار (عليهم السلام). فضلاً عن شرح أحوالهم، وبيان نشاطاتهم..
وليس ذلك لأنهم (عليهم السلام) كانوا غير مشهورين، ولا معروفين.. أو لأنهم ممن لا يعتنى بشأنهم، ولا يلتفت إليهم.. لا.. أبداً.. فقد كان ذكرهم يسري في جميع الآفاق في الدولة الإسلامية المترامية الأطراف: إما حباً وتشيعاً، وأما عداءاً ونصباً..
وقذ ذكر الجاحظ في رسالته: «فضل هاشم على عبد شمس» ـ وهو الكاتب المعروف في عصره، وبعد عصره.. وحتى الآن، والذي تعرض في كتبه لمختلف الموضوعات التي شاع التكلم بها في زمانه، ومنها موضوع رسالته المشار إليها. والذي كان يظهر الحياد في كتاباته، وإن كان المعتزلة ـ أهل نحلته ـ مثل الإسكافي وغيره يتهمونه بالنصب والعداء لأهل البيت (عليهم السلام). ومما يدل على نصبه وتعصبه: أنه قد ألف كتاباً في نقض فضائل الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2) ـ الجاحظ هذا ـ يقول في رسالته المشار إليها: «.. ومن الذين يعد من قريش، أو من غيرهم، ما بعد الطالبيون في نسق واحد، كل واحد منهم: عالم، زاهد، ناسك، شجاع، جواد، طاهر، زاك، فمنهم خلفاء، ومنهم مرشحون: ابن، ابن، ابن، ابن. هكذا إلى عشرة.. وهم: الحسن بن علي، بن محمد، ابن علي، بن موسى، بن جعفر، بن محمد، بن علي، بن الحسين، ابن علي. وهذا لم يتفق لبيت من بيوت العرب، ولا من العجم إلخ..»(3).
هذا.. ويجب أن لا يفوتنا هنا: التنبيه على أن الجاحظ كان في البصرة، والإمام العسكري (عليه السلام) كان في سامراء، موضوعاً تحت الرقابة الشديدة.
وتوفي الجاحظ قبل وفاة العسكري بخمس سنين.
وقد كان عمره (عليه السلام) عندما ألف الجاحظ رسالته في حدود اثنتين وعشرين سنة، لو فرض أن الجاحظ كان قد ألفها في آخر يوم من أيام حياته..
ولم يكن الإمام العسكري أنبه. ولا أشهر من آبائه الطاهرين (عليه السلام)، سيما الإمام علي، والحسن، والصادق، والرضا (عليهم السلام). بل كان الأئمة (عليهم السلام)، بعد الرضا (عليه السلام) ـ مع نباهة شأنهم، وعلو أمرهم ـ يسمون: ب‍ «ابن الرضا»، وذلك يدل على أنه (عليه السلام) كان أنبه من أبنائه الطاهرين، فكان يقال ذلك ـ يعني: ابن الرضا ـ للجواد، والهادي بعده، بل وللعسكري أيضاً(4)، ويؤيد ذلك قول أبي الغوث، أسلم بن مهوز المنبجي في داليته المعروفة، التي يمدح فيها أئمة سامراء (عليهم السلام):

إذا ما بلغت الصادقين بني الرضا***فحسبك من هاد يشير إلى هاد(5)

نعم.. إن هؤلاء الأئمة، الذين كان يسري ذكرهم في الآفاق، قد لا تجد حتى أسماءهم في كثير من الكتب التاريخية.. مع أنك تجد ما شاء الله. من قصص المغنين، والجواري، والأعراب، بل وحتى قطاع الطرق، مما لا يسمن، ولا يغني من جوع.
كل ذلك خيانة للحقيقة، وتخلياً عن الأمانة. التي أخذوا على أنفسهم أداءها للأجيال التي تأتي بعدهم، حيث كان عليهم: أن يصدعوا بالحق، ويظهروا الواقع، مهما كانت الظروف، وأيا كانت الأحوال.. وإلا.. فيجب أن لا يتصدوا للكتابة، ويبوؤا بإثم الخيانة..
هذا.. ولم يكن المجال مفسوحا أمام شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، ليتمكنوا من إظهار الحقائق كاملة، وذلك بسبب ملاحقة الحكام لهم. ومحاولات القضاء عليهم أينما كانوا، وحيثما وجدوا، وبأي ثمن كان.. ومن قبلهم القضاء على أئمتهم أئمة الهدى، وقادتهم، القادة إلى الحق.

 ويبقى هنا سؤال:

لماذا إذن كان يهتم الخلفاء بالعلماء، ويرسلون إليهم يستدعونهم من مختلف الأقطار والأمصار؟!.. وكيف لا يتنافى ذلك مع اضطهادهم الأئمة، أئمة أهل البيت، وشيعتهم ومواليهم؟!، ومحاولاتهم تصغير شأنهم، وطمس ذكرهم؟!.

سر اهتمام الخلفاء بأهل العلم:

وللإجابة على هذا السؤال نقول: إن سر اضطهادهم لأهل البيت (عليهم السلام) يعود: أولاً: إلى أن الحق في الحكم كان لأهل البيت، من كل جهة، فالقضاء معناه القضاء على ذلك الحق، وتكريس الأمور لهم. وفي صالحهم..
وثانياً: إلى أن الأئمة (عليهم السلام) ما كانوا يؤيدون أولئك الحكام، ولا يرضون عن أعمالهم، وسلوكهم الذي كان يتنافى مع مبادئ الإسلام وتعاليمه..
وثالثاً: إلى أن الأئمة (عليهم السلام) بسلوكهم المثالي، وبشخصياتهم الفذة كانوا يشكلون أكبر مصدر للخطر عليهم، وعلى حكمهم ذاك غير الأصيل..
إلى غير ذلك من أمور يمكن استخلاصها من الفصول الأولى من الكتاب..
وأما السبب في تشجيعهم ـ في تلك الحقبة من الزمن للعلم والعلماء فإنه يعود إلى أهداف سياسية معينة. وفي الحدود التي كانت لا تشكل عليهم خطراً في الحكم، لأن الحكم كان في نظرهم هو كل شيء، وليس قبله ولا بعده شيء، وكل ما في الوجود يجب أن يكون من أجله، وفي خدمته، حتى العلماء والمفكرون.
ولم يكن جمعهم للعلماء من حولهم. والإتيان بهم من كل حدب وصوب، إلا:
1 ـ ليكون أولئك العلماء، الذين يمثلون الطليعة الواعية في الأمة تحت نظرهم، وسيطرتهم.
2 ـ ليتمكنوا بواسطتهم من تنفيذ الكثير من مخططاتهم، والوصول إلى كثير من مأربهم، كما تشهد به الأحداث التاريخية الكثيرة..
3 ـ ليظهروا للناس بمظهر المحبين للعلم والعلماء، ليقوى مركزهم في نفوسهم، وتتأكد ثقتهم بهم، إذ كان لا بد لهم، بعد أن تركوا أهل البيت (عليهم السلام). من الاستعاضة عنهم بغيرهم، ودفع شكوك وشبهات الناس عن أنفسهم..
4 ـ محاولة التشويش بذلك على أهل البيت (عليهم السلام)، وطمس ذكرهم، وإخفاء أمرهم، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.. ولكن.. يأبى الله إلا أن يتم نوره.

ويتفرع على ما سبق:

وإذا تحقق لدينا أنهم إنما كانوا يقدرون العلم والعلماء لأهداف سياسة معينة كما أوضحنا.. فلسوف لا نستغرب إذا رأينا: أنهم كانوا إذا شعروا بالخطر يتهددهم من قبل أية شخصية، ولو كانت علمية، لا يترددون في القضاء عليها، والتخلص منها، بأي وسيلة كانت.
قال أحمد أمين: إن المنصور كان «يقرب المعتزلة إذا شاء، ويقرب المحدثين والفقهاء، ما لم تقض تعاليم أحدهم بشيء يمس سلطانه، فهناك التنكيل..»(6).
وقال السيد أمير علي: «.. كان خلفاء بني العباس يسحقون كل اختلاف معهم في الرأي بصرامة. وحتى الفقهاء المعاصرون كانوا عرضة للعقاب، إذا تجرأوا على الافصاح عن رأي لا يتفق ومصلحة الحاكمين»(7).
ولقد رأينا المنصور يدس السم لأبي حنيفة، ويضيق على الإمام الصادق ـ الذي لم يبايع لمحمد بن عبد الله العلوي ـ، وضيق على من تلاه من ذريته، ولاحق تلامذته ومحبيه. لكنه لم يقتل عمرو بن عبيد، ولا أهانه بل مدحه بقوله:

كلكم يطلب صيد***غير عمرو بن عبيد.

رغم أن عمراً هذا قد بايع لمحمد بن عبد الله العلوي، ورغم أن مذهبه يفرض عليه الخروج على النظام، لأن من أصول المعتزلة الخمسة،
التي يكون الإنسان بها معتزلياً هو: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعملاً بهذا الأصل كان عمرو هذا قد خرج مع يزيد الناقص سنة 126 ه‍. على الوليد بن يزيد ـ لم يفعل المنصور مع ابن عبيد إلا كل ما يقتضي الإجلال والتكريم بخلاف ما فعله مع أولئك ـ لأن عمراً ـ بخلافهم ـ قد تخلى عن مذهبه، ومالأ النظام. وكان المنصور، ومن تبعه من الخلفاء يستفيدون منه، ومن أضرابه، ولم يروا بأساً في مبايعته لمحمد لكنهم لما لم يكونوا يستفيدون من أولئك الذين نكلوا بهم، وفعلوا بهم الأفاعيل رغم امتناعهم عن مبايعة محمد.. وإلا فما قيمة عمرو هذا عند واحد من تلامذة الصادق، كزرارة، وهشام، ومحمد بن مسلم، وأضرابهم(8).

عودة على بدء:

قلنا: إن الحكام كانوا يريدون ـ لسبب أو لآخر ـ إخفاء كل الحقائق التي ترتبط بالأئمة (عليهم السلام)، أو تشويهها، فكان لهم ما أرادوا على أيدي حفنة ممن يطلق عليهم اسم: «علماء»، فتلاعبوا، ودسوا، وشوهوا ما شاءت لهم قرائحهم، وأوحاه لهم تعصبهم المذهبي المقيت..
ولعلنا لا نعدو الحقيقة إذا قلنا: إن ابن الأثير، والطبري، وأبو الفداء، وابن العبري، واليافعي وابن خلكان.. كانوا من أولئك الذين ظلموا الحقيقة والتاريخ، بل وأنفسهم، عندما أرخوا للأمة الإسلامية، وكتبوا في أحوالها، وأوضاعها السالفة، دون أن يراعوا الإنصاف والحيدة فيما أرخوا، وفيما كتبوا..
ولعل من جملة سقطات هؤلاء الشنيعة، التي لم يخف على أحد تعصبهم فيها، وانقيادهم للحكام، والهوى الأعمى في بيانها، قضية: «كيفية وفاة الإمام الرضا (عليه السلام)..»، حيث ذكروا: أن سبب وفاته (عليه السلام) هو أنه: «أكل عنباً، فأكثر منه، فمات..»(9).
وكان ابن خلدون، الأموي النزعة، يريد أن يتابعهم في ذلك، حيث قال في تاريخه: «ولما نزل المأمون مدينة طوس، مات علي الرضا فجأة، آخر صفر من سنة ثلاث ومائتين، من عنب أكله»(10).
ولعله نسي ما ذكره هو نفسه من ثورة إبراهيم بن موسى على المأمون لاتهامه إياه بقتل أخيه. كما سيأتي.

ما عشت أراك الدهر عجبا:

وهو كلام عجيب حقاً:
فهل يعقل ويتصور أن يصدر هذا العمل من أي إنسان عادي، فضلاً عن الإمام، الذي شهد بعلمه، وحكمته، وزهده، كل من عرفه، وكل من أتى من المؤرخين على ذكره؟!.
أفهل يمكن أن يسمح أحد لنفسه أن يصدق بأن شخصاً عاقلاً، وحكيماً، كالإمام (عليه السلام)، يسمح لنفسه بالإقدام على الانتحار من كثرة الأكل؟!.
وهل عرف عن الإمام في سابق عهده: أنه كان أكولاً، أو نهماً إلى هذا الحد؟!، أي إلى حد أنه ينتهي به ذلك إلى قتل نفسه؟!.
أم أن الزهد والتقوى والعلم، فضلاً عن العقل والحكمة. تقضي وتحتم عليه أن يأكل هذا المقدار الهائل، الذي من شأنه أن يودي بحياته؟!.
أم أن الإمام (عليه السلام) قد نسي ما كتبه في رسالته الذهبية، التي كتبها للمأمون، والتي هي من أشهر وأجل الوثائق المأثورة عنه؟!.
أم أنه (عليه السلام) لم يكن قد رأى العنب في حياته، فأراد أن يغتنم هذه الفرصة الذهبية، لينال أكبر قدر تصل إليه يده؟!.
لا.. لا هذا، ولا ذاك. ولا ذلك. وإنما العصبية المذهبية، والهوى الأعمى.. هما اللذان فرضا على الإمام (عليه السلام) أن يأكل العنب، ويكثر منه، ويموت هذه الميتة.. حتى ولو لم يقبل بها العقل، ويصدق بها الوجدان..
إن الإمام (عليه السلام) لو كان هو الحاكم، والمتسلط لم يمت هذه الميتة، بل كان مات على حسب ما اشتهى، وبالكيفية التي أراد..
دعك من هؤلاء وأمثالهم، فإنني لا أرى: أن كلاماً كهذا يستحق من العناية أكثر من ذلك.. بل لا رأى أنه يستحق شيئاً من العناية على الإطلاق..
دعك منه.. وذره لأهله في سنبله!.
وتعال معي لننظر إلى ما يقوله الآخرون، ممن أرخوا للأمة، وتحدثوا عن ماضيها، فقد نجد في كلامهم ما ينقع الغلة، ويشفي الغليل..

قول فريق آخر من المؤرخين:

وإننا بعد إلقاء نظرة سريعة وعابرة على أقوال المؤرخين في هذا المجال، نستطيع أن نلاحظ: إلى أي حد اضطربت كلماتهم في هذه القضية، وتباينت اتجاهاتهم.
فعدا عن أولئك القلة الذين تحدثنا عنهم آنفاً نرى: فريقا ثانياً قد أوردوا خبر وفاته مجرداً عن بيان السبب، ثم سكتوا، أو عقبوا ذلك بقولهم: «وقيل: إنه مات مسموماً» ومن هؤلاء اليعقوبي في تاريخه ج 3 ص 80، وإن كان يظهر من عبارته اختيار مسموميته، وابن العماد في شذرات الذهب، وغيرهم.
ولعل هؤلاء ممن جازت عليهم لعبة المأمون، وانطلت عليهم حيلته، وأقنعتهم الحجج الواهية الآتية التي يسوقها الفريق القائل ببراءة المأمون من دم الرضا (عليه السلام).. أو لعلهم لم يكونوا بصدد بحث هذا الأمر وتمحيصه..
أو لأنهم لم يستطيعوا أن يصدعوا بالحقيقة، لما كانوا يخشونه من سطوة الحكام، وبطشهم، ولم يريدوا أن يحرفوا الكلم عن مواضعه، فآثروا السكوت، وإهمال ذلك، على أمل أن يقيض الله من يصدع بالحق ويكشف عن الواقع.. إلى غير ذلك من الاحتمالات، التي قد يجد بعضها شواهد تاريخية كثيرة.

رأي فريق ثالث في ذلك:

وهناك فريق آخر يرى أنه (عليه السلام) مات مسموماً، وأن الذي دس إليه السم هم العباسيون. وهذا هو رأي السيد أمير علي، وأشار إليه
أحمد أمين(11) أيضاً..
وهذا الرأي ليس له أي شاهد أو سند تاريخي إلا ما نقل عن الإربلي أنه قال: «فلما رأوا أن الخلافة قد خرجت إلى أولاد علي، سقوا علي بن موسى سماً، فتوفي بطوس في رمضان»(12). وهو عدا عن أنه كلام مبهم، فإن، الشواهد كلها على خلافه.. كما قدمنا وسيأتي. ولذا فهو لا يحتاج إلى كبير عناء في رده وتفنيده.

ورأي آخر يقول:

إنه (عليه السلام) مات مسموماً من قبل المأمون، ولكن بإشارة الفضل، وإغرائه.
ونرى نحن بدورنا: أن المأمون لم يكن بحاجة إلى حث وإغراء، بعد أن كان يرى أن وجود الإمام (عليه السلام) يشكل خطراً محققاً عليه، وعلى كل بني أبيه من بعده. ونحن ـ وإن كنا لا نستبعد أن يكون هذا الرأي قد جاء بدافع من حب تبرئة المأمون ـ السلطة ـ إلا أننا لا نضايق في أن الفضل، الذي قتل قبل الإمام (عليه السلام) بمدة!! كان من الراغبين في التخلص من الإمام، سيما إذا لاحظنا: أنه كان يشكل عقبة كبرى في طريق نفوذه وقوته وسلطانه.. ولكننا لا نوافق على أن المأمون كان لا يريد ذلك، وإنما فعله استجابة لرغبة الفضل، الذي كان قد قتل قبل ذلك بزمان!!.
وقد تحدثنا في فصل: أسباب البيعة لدى الآخرين، وغيره من الفصول، وسيأتي الحديث بما فيه الكفاية إن شاء الله، تعالى..

ورأي فريق خامس يقول:

إنه (عليه السلام) قد مات حتف أنفه، ولا يقبل أبداً بأنه (عليه السلام) مات مسموماً، ويورد لذلك الحجج والبراهين التي رأى أنها كافية للدلالة على أنه (عليه السلام) لم يمت مسموماً.
ونذكر من هؤلاء ابن الجوزي، حيث قال ـ بعد أن أورد خبر وفاته، وحكى القيل بأنه دخل الحمام ثم خرج، فقدم له طبق فيه عنب قد أدخلت فيه الإبر المسمومة، من غير أن يظهر أثرها، فأكله، فمات ـ قال بعد ذلك: «وزعم قوم: أن المأمون سمه، وليس بصحيح. فإنه لما مات علي توجع له المأمون، وأظهر الحزن عليه، وبقي أياماً لا يأكل طعاماً، ولا يشرب شراباً(13)، وهجر اللذات إلخ..»(14).
لكن عبارة سبط ابن الجوزي هذه تقتضي أنه ينكر أن يكون المأمون هو الذي سمه، ولا ينكر أن يكون (عليه السلام) قد مات بسم غير المأمون.
وقد تابعه الإربلي في كشف الغمة على ذلك، محتجاً بعين ما احتج به، وأضاف إلى ذلك: أن سمه إياه يتنافى مع إكرامه له، وأنه كان ينبه على علم الرضا، وشرف نفسه وبيته إلخ..
وأما أحمد أمين فيقول: إن ذلك بعيد، لأن المؤرخين «يروون حزن المأمون الشديد عليه، كما يرون أن المأمون بعد موته. وبعد انتقاله إلى بغداد ظل يلبس الخضرة.. إلى أن قال: فإن كان حقاً قد سم، يكون قد سمه أحد غير المأمون، من دعاة البيت العباسي..».
ثم استشهد لذلك أيضاً بمناظرة المأمون للعلماء في تفضيل الإمام علي (عليه السلام)، والتي ذكرها ابن عبد ربه في العقد الفريد، وبأنه ظل يظهر العطف على العلويين، رغم كثرة خروجهم عليه(15).
وصاحب كتاب عصر المأمون يستند في استبعاده لذلك إلى تلك الرعاية، التي أظهرها المأمون له، وذلك الاحترام والتقدير، الذي كان يحيطه به، وخصوصاً بعد أن توثقت عرى المودة بينهما بالمصاهرة، ويضيف إلى ذلك أيضاً: أن نفسية المأمون، وخلقه، يأبيان ـ على زعمه ـ عليه ذلك.
وعقد ولاية العهد له من بعده هو عند هؤلاء الدليل القاطع على حسن نية المأمون، وسلامة طويته.
والدكتور أحمد محمود صبحي يرى: أن قضية مسمومية الرضا (عليه السلام) هي من مختلقات الشيعة «الذين لم يجدوا تناقضاً بين الحظوة التي كان ينالها من المأمون، ثم مبايعته له بولاية العهد، وتزويجه أخته(16)، وبين أن يدس له المأمون السم في العنب، ثم يصلي عليه، ويدفنه بجوار قبر أبيه الرشيد، فقد أصبح مقدرا على الأئمة منذ الحسن: أن يكون قاتلوهم هم: الخلفاء، أو بإيعاز منهم»(17).

هذه هي الحجج، التي حاول هؤلاء إقامتها على صحة ما ذهبوا إليه، من براءة المأمون من دم الإمام (عليه السلام).

ملخص ما سبق:

ومن أجل التسهيل على القارئ نعود فنوجز ما ذكروه من الأدلة في النقاط التالية:
1 ـ عقده له ولاية العهد من بعده..
2 ـ إكرامه وتقديره له، وتنبيهه على شرفه، وعلمه وفضله، وبيته.
3 ـ تزويجه ابنته، الأمر الذي كان سبباً في توثيق عرى المودة بينهما.
4 ـ احتجاجه على العلماء في تفضيل علي (عليه السلام) على جميع الخلق..
5 ـ إظهاره الحزن والتوجع لوفاته، وهجره الطعام والشراب، واللذات لذلك.
6 ـ دفنه له بجوار أبيه الرشيد، وصلاته عليه.
7 ـ بقاؤه بعد وفاته على لباس الخضرة حتى دخل بغداد.
8 ـ إنه ظل يظهر العطف على العلويين، رغم كثرة خروجهم عليه..
9 ـ إن نفسية المأمون وخلقه يأبيان عليه ذلك.
10 ـ إن ذلك من مختلقات الشيعة. حيث كتب على أئمتهم بعد الحسن أن يموتوا بسم الخلفاء، أو بإيعاز منهم.

آفة ذلك: هل هو الجهل، أم التعصب:

هذا ملخص أدلة ما ذهبوا إليه من عدم دس المأمون السم للإمام (عليه السلام)، ونحسب أن هؤلاء: إما أنهم لم يطلعوا على الحقائق اطلاعاً كافياً، يخولهم إصدار أحكام صائبة، في قضايا هي من أكثر المسائل التاريخية تعقيداً، بل وغموضاً وإبهاماً، كقضية حقيقة ظروف وعلاقات المأمون بالرضا، فحكموا على الأمور حكماً سطحياً، لا يلبث أن ينهزم أمام المنطق السليم والنظر الصائب.
وإما أنهم جروا على ديدن أسلافهم في التعصب على الأئمة (عليهم السلام)، والمجاراة لأهوائهم، ولخلفائهم في طمس معالم الحقيقة، التي كان يضر أولئك الخلفاء أكثر من غيرهم إظهارها، ومعرفة الناس لها..

نحن.. وما يقوله هؤلاء:

إن كان ما ذكره هؤلاء لا يمكن أن يمنع المأمون من التدبير في الإمام بما يحسم عنه مواد بلائه.. كما دبر من قبل بوزيره الفضل بن سهل، الذي أراد أن يزوجه ابنته، وكما دبر في قائده الكبير هرثمة بن أعين، الذي قتله فور وصوله إلى مرو، دون أن يستمع لشكواه، أو يصغي إلى دفاعه عن نفسه(19) وكما دبر فيما بعد بطاهر وأبنائه(20) وغيرهم، وغيرهم، وغيرهم ممن كان يختلهم واحداً فواحداً ـ على حد تعبير عبد الله بن موسى في رسالته له ـ سواء من العلويين أو من غيرهم..
مع أن هؤلاء كانوا وزراءه وقواده، ولهم من الفضل عليه، وعلى دولته ما لا يمكن أن يخفى على أحد، فإنهم هم الذين وطدوا له دعائم حكمه، وبسطوا نفوذه وسلطانه على البلاد، وأذلوا له العباد، وقامت دولته بأسيافهم، وعلى أكتافهم..
لقد ختلهم واحداً فواحداً.. مع أنه كان يظهر لهم من الحب والتقدير ما لا يقل عما كان يظهره للإمام.. وحسبنا أن نذكر هنا: أنه قتل أخاه وعمل برأسه ما تقدمت الإشارة إليه من أجل الملك والسلطان فكيف لا يقتل الرضا من أجل الملك والسلطان، أيضاً.. ثم يتستر على فعلته بتلك الظواهر التي لا تضره؟! أم يعقل أن يكون الرضا أعز من هؤلاء جميعاً.. وحتى أعز عليه من أخيه الذي قتله؟!.
وأما تظاهره بالحزن والأسى لوفاة الإمام (عليه السلام) إلخ.. فما أدرى إن كان هؤلاء يريدون من ذلك الأفعى الداهية: أن يظهر الفرح والاستبشار بموت الإمام (عليه السلام)!.
وهل نسوا أنه قتل الفضل ثم تظاهر بالحزن العظيم عليه(21) وتتبع قتلته وقتلهم، وأرسل رؤوسهم إلى أخيه الحسن بن سهل، ثم تزوج ابنة الحسن هذا؟!. ولكنه عاد فغض من الحسن بن سهل حينما ظفر بإبراهيم ابن شكلة، وأسقطه وحجبه وعزله عما كان في يده(22).
وقتل طاهراً ثم أرسل يحيى بن أكثم إلى الرقة، لينوب عنه في تقديم التعازي، لولده عبد الله، ثم ولى أبناءه مكانه، ثم غدر بهم واحداً بعد الآخر..؟!(23).
وقتل محمد بن جعفر، ثم جاء وحمل نعشه، وقال: إن هذه رحم مجفوة منذ مأتي سنة؟!.
وغيرهم وغيرهم، ممن لا مجال هنا لتتبع أسمائهم وأحوالهم.. أما مواقفه وتصريحاته عند وفاة الإمام، فالظاهر أنهم لم يقيموا لها وزناً، ولا أعارها أي منهم أذناً صاغية، أو قلباً واعياً؟!.
وكيف يتفق كل ما ذكرناه ـ وخصوصاً ما فعله مع أخيه حياً، أو ميتاً، وتخريبه بغداد، وأيضاً قتله لسبعة من إخوة الإمام واضطهاده للعلويين كما سنبينه، وكتابه للسري عامله على مصر يأمره فيه بغسل المنابر إلخ.. كيف يتفق كل ذلك، وسائر أفاعيله التي قدمنا شطراً منها مع خلق المأمون ونفسيته؟!. ولا يتفق قتله الإمام (عليه السلام) مع نفسيته وخلقه الكريم؟!. وهل قتل أولئك مع إظهار المحبة والإكرام لهم لا يتنافى مع نفسيته وخلقه الكريم، ويتنافى قتل الإمام مع الاكرام والمحبة له وللعلويين مع نفسيته وخلقه الكريم أيضاً..
وأيضاً هل بعد كل ذلك، يمكن أن يقال: إن مصاهرته للإمام تمنعه من الغدر به، ودس السم إليه؟! ولقد بينا في فصل: ظروف البيعة بعض أهدافه من تزويجه، وتزويج ولده الجواد، وتزويج الفضل أيضاً.. وتحدثنا أيضاً عن السبب في لباسه والخضرة، ودوافع ولاية العهد، وغير ذلك من أمور.
بل نجرؤ على القول هنا: إن المأمون قد أكره الإمام (عليه السلام) على هكذا زواج، إذ كيف يمكن أن نتصور رجلاً حكيماً عاقلاً، زاهداً في الدنيا.. يقدم ويرغب في زواج طفلة ومن هي بالنسبة إليه بمنزلة حفيدته، بل أصغر، حيث كان يكبرها بحوالي أربعين سنة.. ثم لا يكون هناك سر آخر يكمن وراء مثل هكذا زواج، إلا أن يدعي هؤلاء: أن ذلك يتفق مع العقل والحكمة، وينسجم مع زهد الإمام في الدنيا، وانصرافه عنها..
وإذا كان ثمة سر آخر يكمن وراء ذلك الزواج، فإن ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أنه (عليه السلام) لم يكن يستطيع التصريح بحقيقة الأمر، وواقع القضية إلى آخر ما قدمناه في فصل: ظروف البيعة.
وأما قوله بتفضيل علي (عليه السلام) على جميع الخلق.. فإننا إن لم نقل: أنه كان من ضمن المخطط، الذي كان قد رسمه للوصول إلى مآربه وأهدافه ـ كما اتضح في فصل ظروف البيعة.. فإننا ـ ونحن نرى تباين مواقفه وتصريحاته ـ نرى أنفسنا مضطرين إلى القول: بأنه لم يكن ينطلق في مواقفه السياسية من مواقف عقائدية.
وأما إكرامه للعلويين.. فقد تقدم تصريحه في كتابه للعباسيين: بأن ذلك ما كان منه إلا سياسة ودهاء.. وتقدم أنه بعد وفاة الرضا (عليه السلام) قد أخذهم بلبس السواد، ومنعهم من الدخول عليه.. وأنه كان يختلهم واحداً فواحداً حسب ما كتب إليه عبد الله بن موسى.
وسيأتي بيان أنه قتل سبعة من إخوة الإمام (عليه السلام). وأنه أمر الولاة والحكام بالقبض على كل علوي.
وأما ما ذكره أحمد أمين: من كثره خروج العلويين عليه.
فإننا لم نجد، ولم نسمع ذكراً في التاريخ لثورة قامت ضد المأمون، بعد وفاة الرضا (عليه السلام) إلا ثورة عبد الرحمن بن أحمد في اليمن، والتي كانت باتفاق المؤرخين بسبب جور العمال، وظلمهم.. وسوى ثورة إخوة الإمام الرضا (عليه السلام) طلباً بثأر أخيهم كما سيأتي..
ولم يبق ثمة إلا نسبة فكرة اغتيال الرضا (عليه السلام) إلى الشيعة.. وأنهم إنما اختلقوها وابتدعوها بدافع من الشعور بالحاجة إلى مثل هذه التزويرات، إذ قد كتب إلخ..
فهي دعوى تكذبها جميع الشواهد والدلائل التاريخية.. هذا بالإضافة إلى أن السنة قد اتهموا المأمون بهذه التهمة، قبل اتهام الشيعة له بها، والشيعة إنما يعتمدون في ذلك على كتب أهل السنة، التي استفاضت في اتهام المأمون بذلك، والتي يؤيدها الكثر مما قدمناه في هذا الكتاب، وغيره..
وهكذا.. يتضح أن كل ما ذكره هؤلاء لا يصلح مانعاً ولا دليلاً على أن المأمون لم يكن وراء استشهاد الإمام (عليه السلام).. بل جميع الدلائل والشواهد متضافرة على خلاف ذلك حسبما فصلناه في الفصلين المتقدمين وغيرهما، ولولا أن تعداد مواقف المأمون مع الإمام وتصريحاته يستلزم تكراراً نربأ بالقارئ الفطن أن يضطرنا إليه.. لاستطعنا أن نحشد الكثير الكثير من الدلائل والشواهد، التي تؤكد سوء نية المأمون، وخبث طويته تجاه الإمام (عليه السلام).. فما استند إليه هؤلاء في حكمهم ذاك، لا يصلح للاستناد إليه، ولا للاعتماد عليه، وإن صيغ بعبارات منمقة، وأساليب مختلفة، فيها الاغراق والمبالغة أحياناً، ويبدو عليها الاتزان والموضوعية أحياناً أخرى.

وبعد. فعلى المكابر: أن يجيب على السؤال التالي:

وإلا.. فإننا نرى: أن لنا كل الحق في توجيه السؤال التالي إلى كل من يكابر، ويصر على براءة المأمون، وحسن نيته، والسؤال هو: إنه إذا كان قد عرض ولاية العهد. بعد وفاة الرضا (عليه السلام) على عبد الله بن موسى، فلماذا لم يجعل ولد الرضا «الجواد» ولياً لعهده، مع أنه كان زوج ابنته، وولد ولي عهده، الذي أظهر عليه الحزن والجزع، ومع أنه كان قد اعترف له بالعلم. والفضل والتقدم، كما اعترف لأبيه من قبل!!.
ولا مجال هنا للإصغاء للقول: بأن الجواد (عليه السلام) لم يكن يصلح لولاية العهد، بالنظر لصغر سنه.. إذ إن جعله ولياً للعهد لا يعني تسليمه بالفعل أزمة الحكم والسلطان.. وقد أخذ الخلفاء، حتى أبوه الرشيد، وأخوه الأمين البيعة لم كانوا أصغر من الجواد سناً، ولمن لم يكن له من العقل والحكمة والدراية ما كان الجواد (عليه السلام).
هذا بالإضافة إلى أن صغر سنه لم يكن ليضره، بعد أن كان من أهل بيت زقوا العلم زقاً، وبعد أن شهد المأمون، واعترف له العباسيون بالعلم والفضل، بعد ذلك المجلس الذي أجاب فيه يحيى بن أكثم عن مسائله، حيث كان العباسيون قد بذلوا له الأموال الطائلة ليقطعه عن الحجة!(24). راجع فصل: مع بعض خطط المأمون لتعرف أهداف المأمون من هذه المناظرة.

رأي الفريق السادس: الرأي الحق:

وأما ذلك الفريق الذي يرى: أنه (عليه السلام) مات مسموماً دون شك، والذين أشار إليهم ابن الجوزي بقوله: «وزعم قوم أن المأمون قد سمه» ـ أما هؤلاء، فكثيرون:
ويمكننا أن نقول: إن ذلك مما تسالم عليه الشيعة رضوان الله عليهم، ما عدا المرحوم الإربلي في كشف الغمة، ونسب ذلك أيضاً إلى السيد ابن طاووس، وإلى الشيخ المفيد قدس سره، لكن ربما يستظهر من المفيد أنه يذهب إلى مسموميته، حيث ذكر أنهما ـ أي المأمون والرضا ـ قد أكلا معاً عنباً، فمرض الرضا، وتمارض المأمون!
واتفاق الشيعة على ذلك لخير دليل على أنه (عليه السلام) قد قضى شهيداً، لأنهم هم أعرف وأخبر بأحوال أئمتهم من غيرهم، وليس لديهم ما يوجب كتم الحقائق، أو تشويهها. فإذا ما سنحت لهم فرصة لإظهارها أظهروها، دون تكتم على شيء، أو تشويه لشيء. ومن أهل السنة، وغيرهم. طائفة كبيرة من العلماء، والمؤرخين، يعتقدون بأنه (عليه السلام) لم يمت حتف أنفه، أو على الأقل يرجحون ذلك، وإن لم يعين كثير منهم من فعل ذلك، أو أمر به. ونذكر من هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر:
ابن حجر في صواعقه ص 122.
وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة ص 250 والمسعودي في إثبات الوصية ص 208، وفي التنبيه والإشراف ص 203، ومروج الذهب ج 3 ص 417، وإن كان في مكان آخر من مروجه قد حكى ذلك بلفظ: قيل.
والقلقشندي في مآثر الإنافة في معالم الخلافة ج 1 ص 211.
والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص 263، وغيرها.
وجرجي زيدان في تاريخ التمدن الإسلامي المجلد الثاني جزء 4 ص. 44 قال: «وفكر في بيعته علي الرضا، فأعظم أن يرجع عنها، وخاف إذا رجع أن يثور عليه أهل خراسان، فيقتلوه، فعمد إلى سياسة الفتك، فدس إليه من أطعمه عنباً مسموماً، فمات».
وذكر ذلك أيضاً في آخر صفحة من كتابه: الأمين والمأمون. وأبو بكر الخوارزمي يقول في رسالته: «وسم علي بن موسى الرضا بيد المأمون» وقد تقدم شطر كبير من هذه الرسالة.. ويؤيد قوله هذا بعض ما تقدم بالإضافة إلى عدة روايات ليس هنا محل ذكرها.
وأحمد شلبي في: التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ج 3 ص 107 يقول: إن ثورة بغداد قد أرغمت المأمون على التخلص من الرضا، وخلع الخضرة إلخ.
وأبو الفرج الأصفهاني يقول في مقاتل الطالبيين: «وكان المأمون عقد له على العهد من بعده، ثم دس إليه ـ فيما ذكر ـ بعد ذلك سما فمات».
وذكر استشهاده أيضاً أبو زكريا الموصلي في تاريخ الموصل 171 / 352.
وابن طباطبا في الآداب السلطانية ص 218.
والشبلنجي في نور الأبصار ص 176، 177 طبع سنة 1948 يروي ذلك أيضاً.
ويروي ابن حجر عن الحاكم في تاريخ نيسابور أنه قال: «استشهد علي بن موسى الرضا بسنا آباد».
وهو نفسه ينقل عن ابن حبان أنه (عليه السلام) مات مسموماً بماء الرمان(25).
والسمعاني أيضاً في أنسابه ج 6 ص 139، يذهب إلى إستشهاده (عليه السلام).
وينقل القندوزي ذلك عن محمد بارسا البخاري في كتاب فصل الخطاب.
كما وينقله عن اليافعي، فراجع ص 385 من ينابيع المودة..
وفي خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال ص 278 ينقل ذلك عن سنن ابن ماجة القزويني.
وينقل ذلك أيضاً عن السلامي في كتابه الذي ألفه في تاريخ خراسان(26).
وعن البيهقي في تاريخ بيهق.
وعارف تامر في كتابه: الإمامة في الإسلام ص 125 يقول بذلك أيضاً.
ونقله في إحقاق الحق [الملحق] ج 12 ص 346 فصاعداً عن: النبهاني في جامع كرامات الأولياء ج 2 ص 311.
وعن السيد عباس بن علي بن نور الدين في نزهة الجليس ج 2 ص 65.
وعن المناوي في الكواكب الدرية ج 1 ص 256.
وعن ابن طلحة بن مطالب السؤول ص 86.
وعن الهاشمي الأفغاني في كتابه: أئمة الهدى ص 127.
وعن البدخشي في: مفتاح النجا ص 181 [مخطوط].
وعن الجوزجاني الحنفي في: طبقات ناصري ص 113.
وذكر ذلك أيضاً صاحب كتاب عيون الحدائق ص 357.
وأخيراً.. فقد قال الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتابه: الصلة بين التصوف والتشيع ص 226: «.. ومات الرضا مسموماً، كما يرى أكثر المؤرخين».
وهذا غيض من فيض.. وحسبنا ما ذكرنا هنا، فإننا لو أردنا تتبع ما قيل حول وفاة الإمام، لاحتجنا إلى وقت طويل..
هذا كله.. بالنسبة إلى أقوال المؤرخين.

صدى قتل الرضا في نفس زمن المأمون:

وأما إذا راجعنا كتب التاريخ أنفسها، فإننا نستطيع أن نقول: إن استشهاد الإمام (عليه السلام) بالسم على يد المأمون كان شائعاً ومعروفاً بين الناس في ذلك الزمان، أعني: زمن المأمون نفسه، ومتسالما عليه فيما بينهم..
فلقد تقدم في الفصل السابق: أن المأمون قد اعترف بأن الناس يتهمونه: بأنه قد اغتاله وقتله بالسم!.
وورد أيضاً أن الخلق عند وفاة الرضا (عليه السلام) اجتمعوا وقالوا: إن هذا قتله واغتاله ـ يعنون المأمون ـ، وأكثروا من القول والجلبة، حتى أرسل إليهم المأمون محمد بن جعفر، عم أبي الحسن يخبرهم: أن أبا الحسن لا يخرج في ذلك اليوم، خوفاً من الفتنة(27).
كما وأن عبد الله بن موسى يصرح في رسالته التي أرسلها إلى المأمون بأنه قد بلغه ما فعله بالرضا من إطعامه العنب المسموم، وستأتي هذه الرسالة بتمامها في أواخر هذا الكتاب..
وسئل أبو الصلت الهروي: «كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا مع إكرامه إياه ومحبته له؟!» فجاء في آخر جوابه قوله: «فلما أعيته الحيلة في أمره اغتاله، فقتله بالسم..»(28).
فإن هذا السؤال يكشف عن أن ذلك كان معروفاً آنذاك بين الناس لكن الناس كانوا في حيرة من ذلك، بسبب ما كانوا يرونه من إكرام المأمون للرضا (عليه السلام) في الظاهر.
وعن الطالقاني: «إنه كان متى ظهر للمأمون من الرضا علم وفضل، وحسن تدبير حسده على ذلك، وحقد عليه، حتى ضاق صدره منه، فغدر به فقتله».
بل لقد ذكر ابن خلدون: أن سبب خروج إبراهيم ابن الإمام موسى (عليه السلام) على المأمون هو أنه اتهم المأمون بقتل أخيه علي الرضا (عليه السلام)(29).
ويؤيد ذلك: أنه قد نقل الاتفاق من كل من ترجم لإبراهيم هذا على أنه مات مسموماً، وأن المأمون هو الذي دس إليه السم، وقد أنشد ابن السماك الفقيه، حينما ألحده:

مات الإمام المرتضى مسموماً***وطوى الزمان فضائلاً وعلوما
قد مات بالزوراء مظلوماً كمـا***أضحى أبوه بكربلا مظلومــا

إلى آخر الأبيات(30).. وإبراهيم هذا هو الذي كان قد خرج على المأمون في اليمن قبل ذلك أيضاً. كما أن المأمون قد دس السم إلى أخيه زيد ابن موسى(31)، الذي كان قد خرج عليه قبلاً بالبصرة، وإن كان اليعقوبي يذكر أن المأمون قد عفا عن زيد وإبراهيم(32).. لكن من الواضح أن عفوه عنهما في الظاهر بسبب خروجهما عليه في البصرة واليمن، لا ينافي أنه دس إليهما السم بعد ذلك بأعوام بسبب مطالبتهما بدم أخيهما الرضا (عليه السلام).
كما أن بعض المصادر التاريخية تذكر: أن «أحمد بن موسى» أخا الإمام الرضا.. لما بلغه غدر المأمون بأخيه الرضا، وكان آنذاك في بغداد، خرج من بغداد للطلب بثأر أخيه، وكان معه ثلاثة آلاف من العلوية. وقيل: اثنا عشر ألفاً.
وبعد وقائع جرت بينه وبين «قتلغ خان»، الذي أمره المأمون فيهم بأمره، والذي كان عاملاً للمأمون على شيراز.. استشهد أصحابه، واستشهد هو، وأخوه «محمد العابد» أيضاً(33).
وأيضاً.. فإن شرطة المأمون قد قتلوا «هارون بن موسى» أخا الرضا، حيث إن هارون هذا كان في القافلة التي كانت تقصد خراسان، وكانت تضم «22» علوياً، وعلى رأسها السيدة فاطمة أخت الرضا (عليه السلام)(34).
فأرسل المأمون إلى هذه القافلة، فقتل وشرد كل من فيها، وجرحوا هارون المذكور، ثم هجموا عليه وهو يتناول الطعام فقتلوه(35). وأما زعيمة القافلة السيدة فاطمة بنت موسى (عليه السلام) فيقال إنها هي الأخرى قد دس إليها السم في ساوة، ولهذا لم تلبث إلا أياماً قليلة واستشهدت(36).
وآخر من يذكره المؤرخون من ضحايا المأمون: «حمزة بن موسى»، أخا الإمام (عليه السلام)، حيث ذكروا أنه كان من جملة من قتلهم أتباع المأمون(37).
فيكون المأمون قد قتل ستة، بل سبعة من إخوة الإمام (عليه السلام)، لأنهم طالبوه بدم أخيهم، أو كادوا. وألحق بهم ما شاء الله ممن تابعهم، أو خرج معهم.
ويقول الكاتب الفارسي، علي أكبر تشيد: «إن كثيراً من العلويين كانوا قد قصدوا خراسان، أيام تولي الإمام العهد من المأمون، لكن أكثرهم لم يصل، وذلك بسبب استشهاد الإمام (عليه السلام)، وأمر المأمون الحكام، وأمراء البلاد بقتل، أو القبض على كل علوي»(38).

وفي الشعر أيضاً نجد ما يدل على ذلك:

بل إن دعبلاً المعاصر للإمام والمأمون، يرثي الإمام (عليه السلام) فيقول:

شككت: فما أدري أمسقي شربة***فأبكيك أم ريب الردى فيهون
أيا عجباً منهم: يسمونك الرضا***ويلقاك منهم كلحة وغضـون

فدعبل لم يكن شاكا في الأمر، بدليل البيت الثاني، أعني قوله: أيا عجباً منهم يسمونك إلخ.. وبدليل مرثيته الأخرى للإمام، التي يقول فيها:

لم يبق حي من الأحياء نعلمه***من ذي يمان ولا بكر ولا مضر
إلا وهم شركاء في دمائهـم***كما تشارك أيسار على جــزر

إلى آخر الأبيات.. ومهما شككت في شيء، فإنني لا أشك في أن أقوال دعبل هذه هي التي دعتهم لاتهامه بالزندقة، والمروق من الدين..
ويقول السوسي:

بأرض طوس نائي الأوطان***إذ غره المأمون بالأمـــان
حين سقاه السم في الرمان(39)***والقاضي التنوخي أيضاً يقول:
ومأمونكم سم الرضا بعد بيعة***فآدت له شم الجبال الرواسب(40)

وأبو فراس أيضاً يقول في شافيته:

باءوا بقتل الرضا من بعد بيعته***وأبصروا بعض يوم رشدهم وعموا
عصابة شقيت من بعدما سعدت***ومعشر هلكوا من بعدما سلموا
لا بيعة ردعتهم عن دمائهـــم***ولا يمين، ولا قربى، ولا ذمم

وهكذا.. يتضح بما لا مجال معه للشك: أن كون المأمون هو الذي اغتال الإمام قد كان معروفا لدى الناس، وشائعا بينهم منذ ذلك الحين..
ولا غرابة في ذلك فلقد كان وعد حاجبه، وجمعاً من العباسيين بأنه سوف يدبر في الإمام بما يحسم عنه مواد بلائه!.

الإمام وآباؤه (عليهم السلام) يخبرون بشهادته:

وبعد كل ما تقدم.. نرى أنه لا بد لنا قبل أن نأتي على آخر هذا الفصل من الإشارة إلى أن الإمام نفسه قد أخبر أكثر من مرة بأنه سوف يقضي شهيداً بالسم، بل لقد أخبر بذلك آباؤه الطاهرون، وغيرهم ممن عاشوا في ذلك الزمان.
ونستطيع أن نقسم هذه الروايات الكثيرة جداً إلى ثلاث طوائف:
1 ـ طائفة وردت على لسان النبي (صلى الله عليه وآله)، والأئمة (عليهم السلام): يخبرون فيها عن استشهاد الإمام الرضا (عليه السلام) في طوس، وهذه على ما يبدو خمسة أحاديث.
2 ـ طائفة وردت عن الإمام نفسه، يخبر فيها بهذا الأمر، وبأن المأمون نفسه هو الذي سوف يقدم على ذلك، وأنه سوف يدفن في طوس إلى جنب هارون.
وهذه الطائفة كثيرة جداً ـ وفي بعضها يصرح بذلك للمأمون نفسه، كما المحنا إليه ـ حتى إنه زاد في قصيدة دعبل، من أجل تتميم قصيدته قوله:

وقبر بطوس يا لها من مصيبة***ألحت على الأحشاء بالزفرات(41)

3 ـ تلك الطائفة التي تشرح لنا كيفية دس السم إليه. وأنه بالعنب، أو بإدخال الإبر المسمومة في، أو بالرمان، أو بهما معاً، أو بغير ذلك.
وهذه الطائفة كثيرة أيضاً، وقد ورد بعضها عن الإمام نفسه. وقال بعض الكتاب: إنه تتبع هذه الروايات، فوجدانها تنتهي إلى ستة أشخاص، هم:
أبو الصلت عبد السلام الهروي، والريان بن شبيب، وهرثمة بن أعين(42) ومحمد بن الجهم، وعلي بن الحسين الكاتب، و عبد الله بن بشير(43).
ولكنني قد راجعت بدوري هذه الروايات، فوجدت: أن عدداً آخر غير هؤلاء قد رووا ذلك أيضاً.

وحتى الزيارة تؤكد على استشهاده (عليه السلام):

وأخيراً.. فقد ورد في الزيارة الجوادية قول الإمام الجواد (عليه السلام):
«السلام عليك من إمام عصيب، وإمام نجيب، وبعيد قريب، ومسموم غريب..»(44).
وفي كامل الزيارة لابن قولويه، وهو من الكتب المعتمدة، والموثوقة، وغيره: قد ورد قولهم (عليهم السلام) في زيارته: «قتل الله من قتلك بالأيدي والألسن»(45). وفقرة أخرى في زيارته تقول: «السلام عليك أيها الشهيد السعيد، المظلوم المقتول.. إلى أن قال: لعن الله أمة قتلتك، لعن الله أمة ظلمتك»(46).
وأما قولهم (عليهم السلام): أيها الصديق الشهيد، فهي موجودة في غير مورد من زيارته، وفي مختلف الكتب الموردة لها.

القمة الشامخة الخالدة:

والآن.. وبعد أن أصبح الصبح واضحاً لكل ذي عينين، وبان وظهر ما جهد المأمون ومن يدور في فلكه في إخفائه وطمسه ـ الآن ـ قد آن لنا أن نقول:
فليكد المأمون كيده، وليسع سعيه، وليناصب جهده، فلقد بقي الإمام (عليه السلام) رغم كل مؤامراته ودسائسه: قمة شامخة، لم تدنسه الأهواء، ولم تنل منه العوادي.. ويبقى ـ وإلى الأبد ـ كعبة الزوار، ومهوى الأفئدة، من شرق الأرض وغربها.
أما المأمون.. فيبوء بعارها وشنارها، ويذهب إلى.... لعنة الله والتاريخ.
_______________________________________________
(1) راجع تمهيد الكتاب..
(2) مروج الذهب ج 3 ص 237.
(3) آثار الجاحظ ص 235.
(4) راجع: قاموس الرجال ج 10 ص 248. والرسالة التي في آخر ج 11 من قاموس الرجال ص 58.
(5) سفينة البحار ج 2 ص 529، والكنى والألقاب ج 1 ص 133.
(6) ضحى الإسلام ج 3 ص 202، ولا بأس أيضاً بمراجعة ج 2 ص 46 و 47.
(7) روح الإسلام ص 302.
(8) يرى البعض: أن الخلفاء كانوا يحاولون إلقاء أسباب النزاع بين العلماء، بهدف صرفهم عن واقع الأمة، وعما يجري ويحدث في مخادع الخلفاء، وداخل قصورهم. ولعل ذلك هو السر في عنايتهم بالترجمة، وإدخال الثقافات الغربية إلى البلاد الإسلامية.. ولذا رأينا الكثيرين من المؤرخين غير راضين عن أعمال الترجمة تلك كالمقريزي في النزاع والتخاصم ص 55، وغيره.. ولكل ما ذكرنا شواهد تاريخية كثيرة، ليس هنا محل ذكرها، ولعلنا نوفق ذلك في مجال آخر..
(9) الكامل ج 5 ص 150، والطبري ج 11 ص 1030، وتاريخ أبو الفداء ج 2 ص 23، ومختصر تاريخ الدول ص 134، ومرآة الجنان ج 2 ص 12، ووفيات الأعيان طبع سنة 1310 ه‍ ج 1 ص 321. لكن بعضهم قد حكى سمه بلفظ: قيل..
(10) تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 250.
(11) روح الإسلام للسيد أمير علي ص 311، 312. وأما أحمد أمين فقد أشار إليه في عبارته الآتية عما قريب بقوله: «فإن كان حقاً قد سم، يكون سمه أحد غير المأمون، من دعاة البيت العباسي».
(12) الإمام الرضا ولي عهد المأمون ص 102، عن خلاصة الذهب المسبوك ص 142.
(13) في تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 81: أن المأمون بقي ثلاثة أيام مقيما عند قبر الرضا (عليه السلام)، يؤتى كل يوم برغيف وملح، فيأكله. ثم انصرف في اليوم الرابع.
(14) تذكرة الخواص ص 355.
(15) ضحى الإسلام ج 3 ص 295، 296.
(16) قد اتفق المؤرخون تقريباً على أن المأمون قد زوج للرضا (عليه السلام) «ابنته» وليس أخته. ولم يذكر أنها أخته إلا شاذ منهم لا يعتد به، وهو الذي يتشبث به الدكتور هنا، ولعله لأنهم رأوا عدم انسجام سن الإمام مع سن ابنته آثروا أن يجعلوها أخته.. وأياً كانت الحقيقة فإن مقصود المأمون هنا حاصل..
(17) نظرية الإمامة ص 387.
(19) هكذا ذكر بعض المؤرخين، وقال ابن خلدون في تاريخه ج 3 ص 245، و 249: إنه حبس، ثم دس عليه المأمون من قتله.. وفي معارف ابن قتيبة ص 133 طبع سنة 1300 ه‍.
قال: «.. فلما سمع حاتم بن هرثمة ما صنع أبوه كاتب الأحرار هناك. والملوك، ودعاهم إلى الخلافة، فبينما هو على ذلك أتاه الموت، فيقال: إن سبب خروج بابك كان ذلك..».
ومن يدري فلعل المأمون قد دبر بحاتم بما يحسم عنه مواد بلائه.. كما دبر في الكثيرين قبله وبعده..
وفي البداية والنهاية ج 10 ص 246: أن أهل بغداد ثاروا. وأعلنوا العصيان بسبب قتل هرثمة. هذا.. ويقال: إن الفضل بن سهل قد عمل على قتل هرثمة. ولا بأس بمراجعة تاريخ ابن الوردي ج 1 ص 289، وغيره.
(20) في البداية والنهاية ج 10 ص 260، ومرآة الجنان ج 2 ص 36، ووفيات الأعيان ج 1 ص 237، طبع سنة 1310: إن سبب وفاة طاهر هو أن المأمون عندما ولاه خراسان، أهداه غلاما ليخدمه، ودفع إليه سما لا يطاق، فسمه الخادم في كامخ، فمات من ليلته. وفي الفخري في الآداب السلطانية ص 224: أن الذي أهداه الغلام هو أحمد ابن أبي خالد وزير المأمون، ليقتله إذا فارق الطاعة، فقتله بأمر من المأمون.. وفي تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 192: أن المأمون تآمر عليه فقتله. والمؤرخون متفقون على أن المأمون كان يضمر الشر والخيانة.
والنتيجة أن طاهر يموت ـ بتدبير من المأمون بهذه الكيفية الغامضة، ويبقى المأمون نفسه بعيداً عن الشكوك والشبهات.
(21) التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ج 3 ص 322، ومآثر الإنافة ج 1 ص 211. وقد تكلمنا عن كيفية قتل الفضل في ما تقدم فلا نعيد..
(22) لطف التدبير ص 166.
(23) ولقد كان يؤكد براءته من تلك الجرائم بأساليب مختلفة أخرى، ويرضي جميع الأطراف، فهو يرضي العباسيين بقتل الرضا، ويرضي العلويين باستقدام الجواد ـ ولد الرضا ـ من المدينة، وإكرامه إياه، ويقتل الفضل، ويرضي الحسن أخاه، بما ذكرنا، ويقتل طاهراً، ويرضي أبناءه بتوليتهم مكانه، ويبقى يستعين بهم طيلة فترة حكمه تقريباً.. حيث يغدر بهم واحداً واحداً كما ذكرنا، وعلى هذه فقس ما سواها مما يدل على مدى حنكة المأمون ودهائه السياسي..
(24) راجع الصواعق المحرقة، والفصول المهمة، لابن الصباغ، وينابيع المودة للحنفي، وإثبات الوصية للمسعودي، والبحار، وأعيان الشيعة، وإحقاق الحق ج 2 نقلاً عن: أخبار الدول للقرماني، ونور الأبصار، وأئمة الهدى للهاشمي، والإتحاف بحب الأشراف ومفتاح النجا في مناقب أهل العبا إلخ..
(25) تهذيب التهذيب لابن حجر ج 7 ص 388، وأعيان الشيعة ج 4 قسم 2 ص 154.
(26) راجع: البحار ج 49 ص 143، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 166.
(27) مسند الإمام الرضا ج 1 ص 130، والبحار ج 49 ص 299، 300، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 242.
(28) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 239، والبحار ج 49 ص 290، ومسند الإمام الرضا ج 1 ص 128، 129.
(29) تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 115.
(30) حياة الإمام موسى بن جعفر ج 2 ص 408، والبحار ج 48 ص 278 باختصار. ولكن في وفيات الأعيان ج 1 ص 491 وصفة الصفوة ج 3 ص 177 والكنى والألقاب ج 1 ص 316، ومرآة الجنان ج 1 ص 393، والطبري في أحداث سنة 183: أن تاريخ وفاة محمد بن السماك كانت سنة 183 ه‍. وأما وفاة إبراهيم فهي إما سنة 210، أو سنة 213، فلا يمكن أن يكون ابن السماك هو المتولي لحده، فضلاً عن أن ينشد الشعر المذكور.. اللهم إلا أن يكون ابن السماك اثنين، أحدهما الفقيه، والآخر: القصاص، أو لعل هناك تصحيف عمدي، أو عفوي من الراوي.
(31) البحار ج 48 ص 315، وكذا هامش ص 386 منه وشرح ميمية أبي فراس ص 178، وعمدة الطالب ص 221، وأيضاً حياة الإمام موسى بن جعفر.
(32) مشاكلة الناس لزمانهم ص 29.
(33) راجع: كتاب قيام سادات علوي ص 169 [فارسي]، وأعيان الشيعة ج 10 من المجلد 11 ص 286، 287، نقلاً عن كتاب: الأنساب، لمحمد بن هارون الموسوي النيشابوري. وراجع أيضاً: مدينة الحسين [السلسلة الثانية] ص 91، والبحار ج 8 ص 308، وحياة الإمام موسى بن جعفر ج 2 ص 413، وفرق الشيعة هامش ص 97 عن بحر الأنساب ط بمبي وغير ذلك.
(34) قيام سادات علوي ص 161.
(35) جامع الأنساب ص 56، وقيام سادات علوي ص 161، وحياة الإمام موسى بن جعفر ج 2.
(36) قيام سادات علوي ص 168.
(37) حياة الإمام موسى بن جعفر ج 2.
(38) قيام سادات علوي ص 160.
(39) مناقب ابن شهرآشوب ج 4 ص 374.
(40) مناقب ابن شهرآشوب ج 4 ص 328، وفي الغدير ج 3 ص 380، هكذا: «تود ذرى شم الجبال إلخ».، ولعل الصواب فيه: «تهد ذرى الخ».
(41) ينابيع المودة ص 454، ومناقب ابن شهرآشوب ج 4 ص 338، والبحار ج 49 ص 239، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 263، 264.
(42) لم يكن هرثمة حيا حين وفاة الإمام، لأنه بعد مقتل أبي السرايا ذهب إلى مرو، فلم يمهله المأمون. وتخلص منه بعد أيام قلائل من وصوله، فروايته لكيفية وفاة الإمام (عليه السلام) لا تصح. إلا أن يكون هرثمة اثنين.. هذا ويلاحظ بعض التشابه بين رواية هرثمة، ورواية أبي الصلت.. فلعل الأمر قد اشتبه على الراوي، أو أنه قد ذكر اسم هرثمة لحاجة في نفسه قضاها..
(43) القائل بذلك هو علي موحدي في كتابه: ولاية عهدي إمام رضا..
(44) البحار ج 102 ص 53.
(45) كامل الزيارات ص 313. ومفاتيح الجنان ص 501، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 270.
(46) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 269.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page