نظرة عامّة
رأيت أسماء أصحاب الإمام المهدي في عدّة مصادر سلام الله عليه وعليهم، وعجَّل الله تعالى فرجه الشريف، وقرأت أسماء المُدن والبلدان التي فيها هؤلاء الأخيار من الأبدال والعصائب، فاستهواني ذكرهم، وأخذت أُراجع هذا المصدر وذاك، فوجدت مَن تبدأ بالبصرة، وآخر من غيرها لماذا؟ ألخطبة خطبها أمير المؤمنين (عليه السلام) في البصرة؟ لا أدري، ولكن وقع اختياري على أحد المصادر، فهم فتية آمنوا بربّهم، فزادهم الله إيماناً، فمنهم مَن يُرى في السّحاب، وتعرفه النّاس، ومنهم مَن تُطوى له الأرض، ومنهم مَن يُمسي على سقف الدار، ويُصبح مفقود الأثر، ولا يُعرف إلاّ أنَّه في مكّة المشرّفة، في الطواف والذكر والصَّلاة وقراءة القرآن، فإذا جاء أمر الله عاهدوه وبايعوه، وعاهدهم، فيبدأ ببني شيبة، فيقطع أيديهم ويعلّقهم بالكعبة ويكتب لافتة: «هؤلاء سُرّاق الكعبة، أو بيت الله الحرام».
ويجتمع إليه العقد وهو عشرة آلاف إن قلَّ، وإن كثر فثلاثة عشر ألفاً أو خمسة عشر إن زاد، عدا الجنّ والملائكة الذين في خدمته، فيتوجّه إلى العراق، ويعيِّن على مكّة واحداً فيقتلوه، ويرجع إليهم فيقع فيهم حتّى يقولوا: والله لو كان هذا ابن فاطمة (عليها السلام) لما فعل بنا ما فعل.
ثمَّ يواصل المسير إلى العراق، ويعيِّن عليهم آخر ويصل إلى ظهر الكوفة، وقيل: إنَّه يأتيها في قباب سبع من نور حتّى لا يُعرف في أيّها هو.
واختلفوا في القباب أهي صحون أم طائرات، أم شيء آخر... ومهما يكن من أمر يلتقيه الخراساني، ويومها يكون في الكوفة مع خمسة آلاف من جنده، ويكون بينهم سؤال وجواب، حتّى يروا المعجز منه (عج)، فيبايعه الخراساني، وهو سيّد جليل في يده اليُمنى خال، وقيل: خَلَل هو وجنده، ويعطي (عج) الراية إلى شعيب بن صالح التميمي، ويتّخذ من مسجد الكوفة مقرّاً لحكومته، ومن مسجد السهلة مقرّاً لعياله، ويبني في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب، لأنَّ مسجد الكوفة يومها لا يسع، فيأمر ببنائه، ويفتح نهراً من كربلاء إلى الكوفة، وتنصب عليه الأرحاء، ويسير بجيشه شرقاً وغرباً، ويقتل السفياني، ويقتل عيسى (عليه السلام) الدجّال.
ومسألة المهدي (عج) لا يختصّ بها الشيعة فحسب وإنَما الخلاف بينهم وبين غيرهم فيه أنَّه وُلِد أو أنَّه سيولد، وقد قيل: في الإعادة إفادة، والحال قد يجد القاري الكريم ذلك من خلال الأسطر، إنَّما هو من باب: (فذكِّر إنْ نَفَعَتِ الذِّكرَى)([1]).
فالخاصّة تقول بولادته سنة (255 هـ)، له غيبتان، إحداهما أطول من الأُخرى، ونحن في الغيبة الكبرى.
وله علامات خاصّة وعامّة وحتميّة، فالتي له السيف والراية، وظهوره على ألسن النّاس، والعلامات منها ما تحقَّق، وقد ذكرناها في كتابنا «هذا ما وعد الرَّحمن»، ومنها الحتميّة التي لم تقع بعد وهي منظّمة، نظامها كنظام الخرز، أوَّلها النداء، واختُلف في كون الحتميّات خمساً ; أو أقلّ أو أكثر، ولكن وقفنا على الأكثر في كتابنا الموسوم بـ «الحتميّات» فليراجع([2]).
والأُمم تؤمن به، ولكن لا باسمه، يقولون بالمنقذ الذي ينقذ البشريّة من هوان الدنيا وظلم الجبابرة من الحكّام والأُمراء، ولذا نجد بين حين وآخر ; مَن يصرِّح بأنَّ أصحاب الأساطيل والتكنولوجيا بالمرصاد، وأنَّهم يعملون على إلقاء القبض عليه، وإفشال حكومته، ناسين أو متناسين أنَّ أمر المهدي (عج) أمر إلهي، وأنَّه من الحتم، وأنَّ لا بَداء في أمره، وأنَّه كائن لا محالة، ولو بقي من الدنيا يوم واحد لطوَّل الله تعالى ذلك اليوم حتّى يظهر ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً، حيث لا أساطيل تنفع، ولا تكنولوجيا تردع، وأنَّ الله تعالى يجعل بأس هؤلاء بينهم ويجعلهم طرائق قدداً، بين قتيل وأسير ومُولِّي الدُّبر، والظاهر من الأخبار أنَّ هؤلاء الذين يبقون جُلّهم يدخلون الإسلام طوعاً أو كرهاً لما يجدونه في الإمام (عج) وأصحابه.
وفي وصول الجيوش من دول التحالف تحقّقت كثير من الأحاديث والعلامات التي ذُكرت، ونشير إلى أنَّها مقدّمات الظهور المبارك، وهذه الأحاديث كانت قبل فتح العراق من قبيل الخرافة والإعجاز، ولكنّنا اليوم نعيشها ونتعوّذ بالله من غيرها على وجودهم، فهم المقصودون: «جُرَّد مُرَّد، يرتدون الحديد، آذانهم آذان الفار، وكلامهم كلام الشياطين»، ينشرون الشقاق، وتكثر الدماء ويُستخفّ بها.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الأعلى / 9.
([2]) راجع كتاب المؤلِّف «الحتميّات».