اتّخاذ القينات
«واتُّخذت القينات»([1]).
القينات: جمع قينة، والقينة ; المغنيّة، نعم اتُّخذت المغنّيات في الراديو والتلفاز، وعلى المسارح، والسينما، وفي دور وقصور الأغنياء، ويرافق القينة رجال ونساء يضربون على أدوات الموسيقى ; بالنفخ، والعود، والطبل، والناي، حتّى يخرج اللّحن الذي تسير عليه المغنّية وهذا ما يُعبَّر عنه «النوتة أو النوطة»، ومبدأوها: «دو، ري، ما، فا، صو، لاسي دو»، وكلّ قوم لهم طريقتهم وإلحانهم، وأداؤهم بما يتّفق ولهجاتهم ولغاتهم.
وألحان المغنّية الأُوروبيّة، تختلف عن الشرقيّة، وهكذا الشرقيّة تختلف عن الغربيّة، ولكن التقليد دخل حتّى هذا الباب، فالشرقيّ ترك لحنه والسُّلم الموسيقي له، والتزم اللّحن الغربيّ، ظنّاً منه الصحيح، وترك ألحانه النابعة من حياته المعيشيّة والبيئة التي تختلف عن الروك الصاخبة، الجنونيّة، فالبيئة الشرقيّة بيئة شاعريّة، لا يشوبها الغشّ والمراءات، وحين غزا الغرب بلاد الشرق، على الجبهات كافّة كان الغزو هذا الباب واضح تمام الوضوح، والذي لا يقول أو لا ينهج في غنائه منهج الغرب مرفوض، والعكس هو المقبول، والغناء سواء أكان يدغدغ الأحاسيس والمشاعر الشهوانيّة أم لا فهو حرام ولا إشكال في حرمته.
الغناء يأتي بوحي من الشيطان والنفس الأمّارة بالسّوء، المصحوب بآلاته المطربة، وراقصيه والراقصات، حيث تدار كؤوس الراح في قاعات الإحتفالات على اختلاف مسمّياتها: الويسكي، والبيرة وغيرهما من المشروبات.
كلّ هذا لجلب النّاس وتحبيبهم إليها، وفعلاً دخلت المغنّية إلى البيوت عن طريق الراديو والتلفاز وعن طريق الفيدو والكاسيت، وصحبها أفلام الجنس والخلاعة والتعريف، وممارسة الجنس علناً من إتيان النّساء، أو المساحقة، اللّواط، أو الزنا، كلّ ذلك جاء مع القينة التي هي المغنّية، حتّى أنَّ البيوتات الراقية لا تخلوا من البارات، وأنواع المشروبات، ولا تخلو من الشاشة الصغيرة.
ولما كان الدّين يحرّم ذلك، ابتعدوا عن الدّين، لا بل حاربوا الدّين انتصاراً للشيطان والشياطين، تركوا الصوم والصَّلاة، وقلّدوا اليهود والنصارى في المأكل والملبس والحركات، والتعامل في الربا والتطفيف في الميزان، والكذب والنفاق، حتّى نزلت المصائب وكثرت الزلازل وعمَّ الغلاء، وكان السلطان جائراً، والنّاس في سخط الله، لا تدري متى يقع الخسف، ومتى تُمسخ هذه الجماعات، ومتى يقع البلاء، ومتى يأتي الدخان، وتُسفك الدماء، كثر موت الفجأة، وكثرة أمراض الجنس، واستحال الإنسان إلى حيوان لا يعرف غير البطن والفرج والبنوك وجمع المال والبناء الشاهق وركوب أحدث السيّارات والطائرات، ولا يعرف سوى القتل والتآمر، والوصول إلى السلطة لنهب الأموال، وقتل الآخرين على الشبهة والظنّ، وكلّ هذا من معطيات الخمر والغناء، وحضور المغنّيات.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بشارة الإسلام، ص: 22.