ضرب القباب على الإمام (عليه السلام)
فقال (عليه السلام): «إذا أنا متّ وصرت إلى التراب، وسوّي عليَّ اللّبن، وضُربت عليَّ القباب»([1]).
الإمام عليّ (عليه السلام) زُقَّ العلم زقّاً، من لدن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكما أنَّ القرآن الكريم هو معجزة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله)، فإنَّ الإمام عليّ (عليه السلام) هو القرآن الناطق، وهو سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) القاطع للكفّار، ولم يذكر التاريخ أنَّه تتلمذ على أحد غير رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وأنَّ علمه من علم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والقائل: «علّمني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألف باب من العلم يفتح لي من كلِّ باب ألف باب»، وهو القائل: «سلوني قبل أن تفقدوني» ولم يقلها أحد غيره، وقد نزلت فيه على قول: أكثر من ثلث القرآن، وبلاغة عليّ (عليه السلام) نجدها في نهج البلاغة، وعلمه فاق الأقران، وقد تحقّق الكثير ممَّا تنبّأ به (عليه السلام)، وله في المغيّبات آيات ساطعة تحقّقت، ولكن الحسد، والجهل والطمع والحقد أعمى بصائر الأعداء وبصيرتهم فيه، وهو القائل: »لو اجتمعت عليَّ العرب لقتال ما تراجعت»، فهو بطل مجرّب لا يُجارى، وعالم غير معلّم ونحرير وقاض يكفيه قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أقضاكم عليّ»، ولو أردنا أن نعدّد فضائله، وللأسف أنَّ عنصر الحسد لعب دوره في تأخيره وإبعاده من تسنّم ما نُصَّ عليه في الكتاب والسُّنة، ومع هذا فإنَّ وليد الكعبة وشهيد المحراب علم وأكثر نا على علم.
يقول صاحب كتاب بيان الأئمّة (عليهم السلام): وضُربت على مرقدي القباب، والقباب جمع قبّة، وهذا من إخباره بالمغيّبات، حيث أخبر عن بناء قبب متعدّدة على مرقده الشريف في النجف الأشرف، مع أنَّ الظاهر أنَّها قبّة واحدة ذهبيّة لا غيرها.
ولكن بعد التحقيق والسؤال من المعماريّين المختصّين ببناء الحرم الشريف قالوا: إنَّ هذه القبّة التي ترونها مكوّنة من قباب ثلاثة:
الأُولى ـ قبّة مبنيّة من الآجر والكاشي الملوّن، وهي من الجهة التحتيّة البارزة من داخل الحرم.
الثانية ـ قبّة أُخرى فوقها من البورق المعجون ببياض البيض بدل الماء والمرايا.
الثالثة ـ قبّة فوقها من الذهب.
فهذه قباب ثلاثة أخبر عنها الإمام (عليه السلام)، ولو لم نرَ هذا الخبر لم يكن لنا علم بهذه القباب، لأنَّ الظاهر منها أنَّها قبّة ذهبيّة واحدة، فهذا إخبار عن أمر خفيّ، ولذا ذكر القبّة بلفظ الجمع فقال: «وضُربت عليَّ القباب»، ولم يقل: وضُربت عليَّ القبّة، وهذا من العلم المغيب الذي أبداه لنا، ومن الأسرار المخفيّة العجيبة (عليه السلام)([2]).
ونحن نقول: يا مولانا لقد ضُربت هذه القباب بعد هذه القرون بالمدافع الثقيلة، وهناك قباب في الأعظميّة، وباب الشيخ تأمن إليها الطيور، ما مسَّها من شيء، هناك قباب في العالم الإسلامي والعربي شامخة وعامرة، وهناك منائر تناطح السحاب.
إنَّها ثارات بدر والخندق وخيبر، ثارات الغزوات التي كنت حاملاً الراية مقدم غير مدبر فيها.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بيان الأئمة (عليهم السلام)، ج 3، ص: 519، و524، دار الغدير.
([2]) بيان الأئمّة (عليهم السلام).
