«خراب وهدم حائط مسجد الكوفة»([1])
مسجد الكوفة من المساجد المعظّمة في الإسلام، وتُشدّ له الرحال، لما له من قدسيّة، فقد صلى فيه كثير من الأنبياء والمرسلين، وفيه آثار ومواقع جليلة وجديرة بالإهتمام، واستشهد في محرابه وصيّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام)، على يد أشقى الأوَّلين والآخرين ابن ملجم عبد الرَّحمن اللّعين بمؤامرة من الطلقاء والنواصب والخوارج على إمام زمانهم، ومؤامرة لها جذور عميقة تعود إلى أوَّل المبعث النبوي الشريف، ولما كان عليّ (عليه السلام) قاتل الكفرة المردة، وحامل لواء الإسلام والمدافع الرئيس عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) والقرآن والإسلام، لبس الأعداء لباس الإسلام على قلوب الكفر والنّفاق.
خراب المسجد ولعقود وسنين طويلة، حيث كانت عليه العيون، والأوامر على أنَّ لا تعقد فيه الصلاة جماعة خشية الإجتماع، ووقوع ما لا يُحمد عقباه، بقي المسجد خراباً إلاّمن الزوّار وأبناء السبيل، وقليل من الذين يصلّون فرادى، وهُدم حائط مسجد الكوفة علامة دالّة على زوال حكومة بني العبّاس في آخر الزمان وقد وقع الهدم في الحائط، لبناء باب فيه، ورزقت رؤية الهدم وما رافقه من سحب المياه الجوفيّة منه.
يقول صاحب كتاب بيان الأئمّة (عليهم السلام): «والظاهر أنَّ هذه العلامة قد وقعت وهذا الحائط الموجود فعلاً في مسجد الكوفة وهو قائم عال هو حائط جديد غير حائط القديم، وذلك الحائط القديم قد هُدم»، في غيبة الطوسي عن الصّادق (عليه السلام): «أنَّ زوال دولة بني العبّاس في بغداد مقرون بخراب وهدم حائط مسجد الكوفة»([2])، وفي خبر أنَّ السفياني إذا حضر الكوفة حقداً وحسداً.
والسياسة التي عليها حزب البعث، والأحزاب العميلة، بمبادئها المستوردة الهدّامة هي نفس سياسة بني العبّاس فيما مضى، وكيف أنَّهم حاربوا الإسلام والمسلمين، وقتلوا وسفكوا دماء الأبرياء، والسادة النجباء، فهم سقطوا بعد أن خرجت عليهم رجالاتهم، ومَن كانوا وراء عزّهم ونجاحهم بعد هدم حائط مسجد الكوفة بقليل، حيث سلّط الله عليهم أسيادهم الذين جاؤوا بهم.
وسيعود مسجد الكوفة عامراً يزهر بأهله، وحلقات الدروس فيه، إذا ظهر المهدي (عج) من آل محمَّد (صلى الله عليه وآله)، ويتّخذ من مسجد الكوفة مقرّاً لحكومته العالميّة، ومنه تصدر الأوامر، وفيه القيادة العليا، وتوجّه القوّات والقادة منه إلى المشارق والمغارب.
حتّى لا يبقى للظالمين موضع قدم، وتحلّ دولة الإسلام محلّهم ويورث الله الأرض للمؤمنين: (وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُم أئمَّةً...)([3]).
نعم، سيعود مسجد الكوفة عامراً في الظهور وفي الرجعة، وسينعم النّاس، ويكون من أسعد النّاس أهل الكوفة، وستكون الكوفة عاصمة الدولة الإسلاميّة الكُبرى، كما كانت على عهد أمير المؤمنين (عليه السلام).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بيان الأئمة (عليهم السلام)، الشيخ محمَّد مهدي زين العابدين، ج 6، ص: 160، دار الغدير.
([2]) بيان الأئمة (عليهم السلام)، الشيخ محمَّد مهدي زين العابدين، ج 6، ص: 160، دار الغدير.
([3]) القصص / 5.
