ويل لهم من الشط
«ثمَّ ويل لهم من الشط»، قال سدير: فقلت: يا مولاي مَن الشط؟ قال: «قوم آذانهم كآذان الفأر صغر، لباسهم الحديد، كلامهم ككلام الشياطين، صغار الحدق، مرد جرد، أستعيذ بالله من شرّهم، أُولئك يفتح الله على أيديهم الدّين ويكونون سبباً لأمرنا»([1]).
الويل: كلمة وعد وتهديد، لما يرونه من هولاء القوم، وهم من الروم والذين نراهم على شاشات التلفاز، آذانهم كآذان الفأر صغيرة، لباسهم الحديد أي يرتدون الحديد، وهي الدروع الواقية من جهة الصدر والظهر، وغطاء الرأس، ويقال: إنَّ غطاء الرأس هذا فيه جهاز اتّصال الجندي أو العسكري بالوحدة والقيادة والدار في محلّ عمله، وكلّ ما يراه ويدور يخبر عنه، وكلامهم ولغتهم تختلف عن اللّغة العربيّة، وأحياناً عن اللّغات الأُخرى، لأنَّ هؤلاء مرتزقة من هنا وهناك، أشبه ما تكون بكلام الشياطين، لعدم فهمها، دائرة العين صغيرة عندهم، حليقو اللّحى، وكأنَّهم إذا وقعوا في منطقة كالجراد يأتون على الأخضر واليابس، يجرّدونها بأسلحتهم، أو ينقلونها، فهم بأجهزتهم يكتشفون المناطق ويعرفون بما تمتاز من المعادن والآثار.
ومن شدّة ما هم عليه والقوّة، وشأنهم القتل تضجّ النّاس بالدعاء إلى الله تعالى للخلاص، فيفرّج الله تعالى الفرج العاجل، بالخلاص منهم واستتباب الأمن، أو يجعل بأسهم بينهم، أو بانسحابهم وإلى غير رجعة من حيث جاؤوا، يجرّون أذيال الخيبة والخسران، كما حدث لهم في فيتنام، وجنوب لبنان حيث فرّوا فرار العبيد هم وإسرائيل التي أشاعت أنَّ جيشها لا يُقهر، فهم إمَّا أن يُقتلوا، أو يُسلِموا، أو يفرّوا.
وهذا هو الواقع اليوم، وبعد اليوم، لأنَّ تكاليف تواجدهم باهضة جدّاً، ومعنويّات المقاتلين تهبط يوماً بعد يوم، منهم مَن يتمارض، ومنهم مَن يصاب بمرض الإزدواجيّة (الشيزوفيرنيا)، ومنهم مَن يطلب إجازة فلا يعود، ومنهم مَن يتمرّد على القيادة، ومنهم مَن يخرج فيذهب للعلاج ولا يعود وهكذا، فحرارة الجوّ، والبيئة الصعبة وخصوصاً في غرب العراق، كثافة الأشجار أشجار النخيل والكهوف والمغاور، حيث يصعب فيها استعمال وسائل النقل، ويسهل فيها حرب العصابات، والحرب كلّما طالت، كلّما خفّت، وكلّما خفّت طالت، ولم تأتِ بالنتيجة التي وقعت من أجلها.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بشارة الإسلام، ص: 150، عن مجالس الطوسي.