نوايا غير مخلصة
غير أن الجماعة، الذين يعيش حبّ الدنيا في قلوبهم، رأوا أنّ ظهور الإمام يخرب عليهم مطامعهم ويهدم عليهم بناءهم الذي بنوه على غير أساس متين وكان حبّ المال قد أعمى قلوبهم، فسلكوا مسلكاً يظهر سوء عاقبتهم وبعدهم عن منهج الحق.
ولنقرأ هذا الحوار الذي رواه لنا (أبو مسروق) بين الإمام وبين بعض هؤلاء:
دخل على الرضا (عليه السلام) جماعة من الواقفة فيهم علي بن حمزة البطائني ومحمد بن إسحاق بن عمّار والحسين بن عمران والحسين بن أبي سعيد المكاري. فقال له علي بن حمزة: جعلت فداك أخبرنا عن أبيك ما حاله؟
فقال: قد مضى (عليه السلام).
فقال له: فإلى من عهد؟
فقال: إليّ.
فقال له: إنّك لتقول قولاً ما قاله أحد من آبائك، علي بن أبي طالب فمن دونه.
قال: لكن قد قاله خير آبائي وأفضلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: ألا تخاف هؤلاء على نفسك؟
فقال: لو خفت عليها كنت عليها معيناً، إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاه أبو لهب فتهدده، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن خدشت من قبلك خدشة فأنا كذاب! فكانت أول آية نزع بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهي أول آية أنزع بها لكم.. إن خدشت خدشاً من قبل هارون فأنا كذاب! فقال له الحسين بن مهران: قد أتانا ما نطلب إن أظهرت هذا القول.
قال له: فتريد ماذا؟ أتريد أن أذهب إلى هارون فأقول إنّي إمام وأنت لست في شيء؟
ما هكذا صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أول أمره إنّما قال ذلك لأهله ومواليه ومن يثق به دون الناس، وأنتم تعتقدون الإمامة لمن كان قبلي من آبائي وتقولون: إنّه يمنع علي بن موسى أن أباه حي وتقية، فأنا لا أتقيكم في أن أقول: إنّي إمام فكيف أتّقيكم في أنّه حيّ لو كان حيّاً. وهكذا تصدق نبوءة الإمام أخيراً ويقضي الرشيد دون أن ينال الإمام بسوء.