مواريث الأنبياء
(والنص على الإمام بعينه)
لقد عانى الأئمة والصالحون من أهل البيت أشد ما يعانيه إنسان من ظالم وجائر، فمنذ معاوية حتى هذه اللحظة بل منذ السقيفة حتى هذا الوقت وهم مع أتباعهم يعانون أشدّ أنواع الظلم والإرهاب النفسي والجسدي.
وكان الظلم القاسي من الحكّام والملوك، لعلمهم بأنّ هؤلاء الصفوة هم أحقّ الناس بالأمر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأولاهم من كل الجوانب، وكانوا على جانب عظيم من الورع والعلم والإحاطة الشاملة... لكل جوانب الإنسان.
وبالحق إنّهم ساسة العباد، وأركان البلاد، من هذا المنطلق كان الحكام يظلمونهم ويجورون عليهم طغوا على الأئمة، واحد بعد الآخر، وكم قتل واحد منهم غدراً وسمّاً، وهكذا إلى نهاية السلسلة الدموية، التي لا نزال نعيش مآسيها في ظلم علمائنا الكبار تجسّدت بقتل الشهيد السعيد السيد (محمد باقر الصدر) وشقيقته العلوية الطاهرة (بنت الهدى) وبإخفاء السيد (موسى الصدر) الذي حيكت له مؤامرة، وإلى الآن لم نعرف عنه شيئاً! وعند ذلك يستطيع الإنسان تفسير الظاهرة الفريدة في نوعها في أهل البيت (عليهم السلام) بأنّ أكثر أولادهم لا يعرف أحدهم الآخر وقد تشردوا في كل بقاع الدنيا من الديلم حتى بلاد المغرب كل هذا كان سببه الخوف والرعب اللذان بثهما الحاكم الظالم فكان لا يأمن العلوي أن يظهر نفسه وإلاّ أخذ بالحال والساعة ويقتل على الظنّة والتهمة دون محاكمة، ومن هذا الباب حاول البعض إخفاء عقيدته عن الناس حتى لا يتهم بالرفض أو التشيّع فيقتل حالاً فنشأت العقائد الباطنية التي تحوّلت بعد ذلك إلى مذهب من أخطر المذاهب الإسلامية. وكان نتيجة هذا الحدث الرهيب أن تحوّلت الشيعة إلى شيع، والفرقة إلى فرق، فمنهم من تحوّلت نتيجة الخفاء في شخصية الإمام، ومنهم من تحوّلت نتيجة الخفاء في الخط، وقد يعذر أحياناً بعض أتباع الأئمة نتيجة لهذا الخفاء.
والمسألة كانت لا تخصّ الأفراد العاديين بل تجاوزتها إلى أعظم الشخصيات الإسلامية. فالإمام الصادق (عليه السلام) عند حضور أجله ما استطاع أن يوصي للإمام موسى بن جعفر بعينه خوفاً من بطش المنصور ولهذا أوصى لخمسة أحدهم المنصور وزوجته حميدة ووالي المدينة وولديه الأفطح وموسى.
وعندما علم المنصور بوفاة الصادق (عليه السلام) بعث لواليه يقول: إن كان جعفر بن محمد قد أوصى إلى شخص بعينه فقدمه واضرب عنقه، فأخبره الوالي بأنّه قد أوصى إلى خمسة وهو منهم فقال لا سبيل إلى قتل هؤلاء جميعاً وهكذا استطاع الإمام بثاقب رأيه أن يحمي ابنه الإمام موسى من المنصور وقد عمل الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) على نفس الخطى ليحمي رسالته ونهجه الأقدس الذي أمر الله تعالى به فلم يوضح للناس جميعاً عن وصية علي بل ترك الأمر موقوفاً على بعض المقربين من العلماء وهم بدورهم يبينون للطائفة وجود الإمام وعلومه، ولقد كان الإمام موسى يعاني من هارون الرشيد أشدّ أنواع الظلم وأمرّه، ومات بتلك الميتة المريبة وبقي في السجن سبع سنين حتى خفي الأمر على كثير من شيعته ومحبّيه، وكان هذا غرض السلطة الحاكمة الإبعاد بينه وبين مواليه، ليقطع حبل المودّة والألفة بينهم فيتحولون إلى غيره من العلماء.
ونتيجة لما بيّناه من بعد الإمام عن الشيعة وغيابه عنهم سبع سنوات وبعد ولده عنه في المدينة، وعدم توفير وسيلة إعلامية كافية، كان كثير منهم لا يعترف بإمامة الإمام (علي الرضا)، إلاّ بعد أن ظهر له منها الدلائل الواضحة على إمامته.
وهناك نصوص عامة تشمل الإمام بعمومها وهناك نصوص خاصّة تدل عليه وحده.