• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مدرسة العصمة

مدرسة العصمة

كل ظاهرة اجتماعية أو طبيعية يجد الإنسان لها تأويلاً غالباً ما يرتاح إليه، والناس قد ألفت هذه الظواهر وألفت تفسيرها، وربما تستغرب عندما تسمع بالظاهرﺓ العلمية الرائدﺓ والفريدﺓ عند أهل البيت ثم لا تجد لها تعليلاً ملائماً في الخارج. ونحن بنظرنا نقول: إنّ عدم الاقتناع بمثل هذه الظواهر الفريدة يعود إلى بعد الإنسان عن الخط السماوي الأصيل.
فإذا طرحنا هذه المسألة وقلنا لهؤلاء إنّ أي عالم من العلماء الماضين الذين أصبحوا مضرب الأمثلة في التبحر نجد في ترجمة حياته أنّه تتلمذ في النحو على فلان وفي الأدب على فلان وفى الفقه على فلان وهكذا ثم يصبح بعد ذلك أستاذاً فيموّل المشاريع العلمية بواسع ثروته ويرفدها من بحر عطائه. غير أنّ هذه الظاهرﺓ لا تنسجم مع حياﺓ الأئمة (عليهم السلام) حيث لم يعلم عن أحد منهم أنّه تأدّب على يد مؤدّب واع قدير أو أنّه دخل مدرسة ابتدائية ثم تطوّرت به إلى مراحلها العليا، ومع هذا فلم يوجد في العالم الإسلامي والإنساني أعلم من هؤلاء، لا في الفقه الإسلامي فحسب، بل في كل العلوم الكونية.
ولا تفسير لهذه الظاهرة الفريدة إلاّ أنّهم نماذج بشرية راقية اختصّهم الله سبحانه وتعالى بواسع علمه، وكانوا على جانب عظيم من الصفاء والطهارﺓ، فاستوعبوا جميع العلوم الكونية في مدّﺓ وجيزﺓ من الزمن، وعلى هذا يحمل قول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (علّمني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألف باب، من كل باب ينفتح ألف باب).
وقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) رواية تفيد أنّ هؤلاء النماذج أعلم الناس صغاراً وأحلمهم كباراً، لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم، وإنّهم أطايب عترتي.. الخ. وإلاّ كيف يمكن تفسير إمامة الإمام محمد الجواد (عليه السلام) وهو ابن تسع سنين تقريباً! وقد أفحم أكبر قاض في الدولة العباسية وبحضور جميع القواد من بني هاشم وغيرهم!! من هذا المنطلق نتحدث عن علم الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) لقد زقّ العلم زقاً من نبع أبيه الفياض، واستطاع وهو في صغره أن يتقن ويحظ كل العلوم الكونية والاجتماعية والإسلامية حتى إذا أصبح في ريعان شبابه الأستاذ الأكبر والمعلم الأول والأوحد قعد وفتح بيته للناس يعلمهم أحكام دينهم ويجيب على مسائلهم.
وقد روي عن الإمام موسى بن جعفر أنّه قال لبنيه:
(هذا أخوكم علي بن موسى عالم آل محمد فاسألوه عن أديانكم وأحفظوا ما يقول لكم فإني سمعت أبي جعفر بن محمد غير مرﺓ يقول: إنّ عالم آل محمد لفي صلبك وليتني أدركته فإنّه سمي أمير المؤمنين علي).
وروي عن إبراهيم بن العباس الصولي أنّه قال: ما رأيت الرضا سئل عن شيء إلاّ علمه، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته وعصره، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شيء فيجيب عنه، وكان جوابه كله وتمثله انتزاعات من القرآن المجيد.
وعن رجاء بن أبى الضحاك وكان قد بعثه المأمون لإشخاص الرضا قال: ما رأيت رجلاً كان أتقى لله منه ولا أكثر ذكراً له في جميع أوقاته منه ولا أشدّ خوفاً لله عزّ وجل وكان لا ينزل بلداً إلاّ وقصده الناس يستفتونه في معالم دينهم فيجيبهم ويحدثهم الكثير عن أبيه عن آبائه عن علي (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما وردت على المأمون سألني عن حاله في طريقه فأخبرته بما شاهدت منه في ليله ونهاره وظعنه وإقامته.
فقال: بلى يا بن أبى الضحاك، هذا خير أهل الأرض وأعلمهم وأعبدهم (3).
وعن سنن ابن ماجة كما في (خلاصة تهذيب الكمال): كان سيد بني هاشم وكان المأمون يعظمه ويجلّه، وعهد له بالخلافة، وأخذ له العهد، ويقول المأمون في جوابه لبني هاشم: وأما ما ذكرتم من استبصار المأمون في البيعة لأبي الحسن الرضا، فما بايع له المأمون إلاّ مستبصراً في أمره، عالماً بأنّه لم يبق أحد على ظهرها أبين فضلاً، ولا أظهر عفةً، ولا أورع، ولا أزهد زهداً في الدنيا، ولا أطلق نفساً، ولا أرضى في الخاصة والعامة، ولا أشدّ في ذات الله منه (4).
وعن أبي الصلت الهروي قال:
ما رأيت أعلم من علي بن موسى الرضا ولا رآه عالم إلاّ شهد له بمثل شهادتي ولقد جمع المأمون في مجالس له ذوات عدد من علماء الأديان وفقهاء الشريعة والمتكلمين فغلبهم عن آخرهم حتى ما بقي منهم أحد إلاّ أقرّ له بالفضل وأقرّ على نفسه بالقصور (5).
وعنه أيضاً:
ولقد سمعت علي بن موسى الرضا يقول: كنت أجلس بالروضة والعلماء في المدينة متوافرون، فإذا أعيى الواحد عن مسألة أشاروا إلىّ بأجمعهم وبعثوا إليّ بالمسائل فأجيب عليها.
وعن المأمون في حديث ولاية العهد: (ما أعلم أحداً أفضل من هذا الرجل على وجه الأرض) (6).
وعن المناقب: لما اختلف الناس في أمر أبي الحسن الرضا. يقول محمد بن عيسى اليقطيني جمعت من مسائله مما سئل عنه وأجاب فيه ثمانية عشر ألف مسألة، وقد روي عنه جماعة من المصنفين منهم أبو بكر الخطيب في تاريخه والثعلبي في تفسيره والسمعاني في رسالته وابن المعتز وغيرهم وبعد حوار علمي له مع المأمون قال علي بن الجهم: فقام المأمون إلى الصلاة وأخذ بيد محمد بن جعفر وكان حاضر المجلس وتبعتهما فقال له: كيف رأيت ابن أخيك؟
فقال: عالم ولم نره يختلف إلى أحد من أهل العلم.
فقال المأمون: إنّ ابن أخيك هذا من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) الذين قال فيهم النبي(صلى الله عليه وآله): (ألا إنّ أبرار عترتي وأطايب أرومتي أحلم الناس صغاراً وأعلمهم كبار، ولا تعلموهم فإنّهم أعلم منكم ولا يخرجونكم من باب هدى ولا يدخلونكم في باب ضلال) (7).
وفي كامل ابن الأثير: وذلك أنّه أي المأمون، نظر في بني العباس وبني علي، فلم يجد أحداً أفضل ولا أورع ولا أعلم منه (8).


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page