موئل المجد
لقد اهتم علماء التربية بتهيئة الأجواء المناسبة والملائمة لنمو الشخصية الإنسانية نموّاً طبيعياً كما اهتمّ علماء الطب كذلك لنموّ الإنسان في جسده نموّاً طبيعياً.
ولقد فرق العلماء بين شخصيتين إحداهما تربية امرأﺓ فاضلة والأخرى تربية امرأﺓ سيئة. وبين شخصين أحدهما يتوفّر له الغذاء المادي الكامل والآخر الذي لا يتوفّر له إلاّ البؤس والشقاء.
فقالوا: أمّا الأولان فسيكونان كاملين من جميع الجوانب أي من الناحية النفسية والجسدية والخلقية وما إلى ذلك.
وأمّا الآخران فسيكونان ناقصين مشوهين خلقياً وجسدياً وبالتالي ينشأ المجتمع الهزيل الضعيف لأنّه يتكون من هذه الأفراد المشوهة الهزيلة ولهذا تحاول هذه الفئة الإنسانية المصلحة أن تحدّ من جشع المحتكرين ليؤمنوا لأصحاب الدخل المحدود وضعاً معيشياً مقبولاً ليعيش فيه أولاده عيشة غذائية ليس فيها نقص للمواد الضرورية التي يتوقف عليها نظام الحياﺓ.
كما أنّهم يحاولون بذلك كل ما يمكنهم الخلق جيل نسوي رفيع المستوى في الخُلق والالتزام والطهارة لتنشأ الأجيال في ظل هذه النماذج الخيرة وهي تحمل سمة أخلاقية رفيع المستوى، وأهل البيت (عليهم السلام) أول من سنّ للناس هذه القاعدة التربوية المتكاملة في عالمي الجسد والروح فمن ناحية نزعوا إلى وضع خطة تربوية ناجحة، ومن ناحية أخرى وقفوا المواقف الصارمة من الظلمة المستغلين أقوات الشعوب الضعيفة بينما هم يتجشأون شبعاً وكظة وبطنة نرى بالجانب الآخر من الوجود الإنساني جماعة يتضورون جوعاً وسغباً وعطشاً وإذا قرأ الإنسان تعاليم أهل البيت في هذين الميدانين يأخذه العجب والانبهار من كثرﺓ ما يجد من تعاليم قيمة في هذا الجانب وإذا كانوا قد اهتموا بالناس إلى هذه الدرجة فهل يتركون أولادهم ولا يقيّمون لهم المنهج الصحيح.
الشيء الثابت عن الطاهرين المعصومين أنهم قبل أن يعظوا الناس بشيء يعملون به وبالأخص وهم قدوة الأنام ومعلمو البشرية.
إذاً فمن يكون والده وأستاذه ومربّيه (موسى بن جعفر) المعروف بطهارﺓ ذاته وكريم صفاته وأنّه يظلله جوّه البيتي المضمّخ بعبير الأوراد وترنّمات الدعاء وتسبيحات الصدّيقات وقراءﺓ القرآن هذا الجو السحري الحالم والندي الكريم سوف يخلق في الإنسان نفسية جديدﺓ وروحية عالية وأخلاقية مثلى لو كان بعيداً عن سلسلة التراث الديني الرفيع والأخلاقي البديع فكيف بمن تناقلته الأصلاب الطاهرة، والأرحام المطهّرة، ولم يتلوّث وهو في حجب الأستار بمعصية أفلا يكون بعد هذه الأجواء الطاهرة فريد عصره، ووحيد دهره، وأمثولة الفخار، وأغنية الليل والنهار، وكذلك كان علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).