تجهيز الجيوش
«... حتّى إذا ظهر جُهِّزت الأُلوف، وصُفَّت الصفوف...»([1]).
نعم، جُهِّزت الأُلوف بالسّلاح الفتّاك، والعدّة الحديثة، بالطائرات والصواريخ والمدافع الثقيلة، وآلاف الدبّابات الحديثة، والسيّارات والناقلات من أبناء العراق، طوعاً أو كرهاً عرباً أو أكراداً شيعة وسُنّة، لحرب الإسلام في إيران الإسلام، وجُهِّزت الأُلوف في حرب اليَمن لليَمن، وجُهِّزت الأُلوف في حرب السويس جنوب السودان والجزائر وجنوب لبنان، وجُهِّزت الأُلوف في حرب الكويت، واليوم الأُلوف في العراق جاءت من مشارق الأرض ومغاربها، لخراب ودمار العراق أكثر ممَّا هو عليه من الخراب والدّمار، لتحقيق أهداف لم يعلن عنها، والأيَّام كفيلة بكشفها، وإلاّ فأمريكا بثقلها بطائراتها المقاتلة والناقلة للجنود وبأساطيلها الجويّة والبريّة والبحريّة ماذا يعني؟
الأنكليز والأُلوف المؤلّفة، وأحدث الطائرات والدبّابات والمصفّحات والناقلات ماذا يعني؟ دول الحلفاء جهّزت الأُلوف وعلى أتمّ الإستعداد وبأحدث السّلاح وبساعات انهارت جيوش البعث في بغداد التي كانت قلعة تضمّ أكثر من ثلاثة آلاف ألف من المقاتلين: الجيش العراقي، وقوّات الحرس الجمهوري، والجيش الشعبي، وقوّات الأمن، فدائيّو صدّام، جيش القدس، والحزب المسلّح المدرّب، قوّات الشرطة، كلّ هذه القوّات المسلّحة بأحدث الأسلحة والمدرّبة أحسن تدريب تنهار في ساعات، ماذا يعني؟
نعم، صفَّت الصفوف من الروم، ونزلت العراق، فكانت عاصفة الصحراء، وكان المشهد المعهود، صفّت ممَّن له مصلحة في دمار الجيش العراقي، وهروب قادة الجيش حفاة عراة، هذا الجيش الذي يُعدّ من الجيوش النادرة في العالم بسالة وشجاعة وتطبيقاً للقوانين، والأيَّام كفيلة أن تكشف هذا الطّلسم، والمشهد الذي نراه في محاكمة صدّام المجرم وتأجيل محاكمته لينال الحكم العادل على ما جنته نفسه الأمّارة بالسُّوء والمطيعة الطاعة العمياء لأسياده، مشهد يثير التساؤل، لماذا هذا التأخير وهذا التأجيل؟ وماذا يمكن التفكير به للوقوف على الحقيقة؟ هذه حصيلة صفّ الصفوف، ونتيجة الخيانة، والكفر بأنعم الله تعالى، والبُعد عمّا يريده الله، وطاعة أهل الكفر والنفاق.
جُهِّزت الأُلوف في جنوب السودان، وصُفَّت الصفوف، وتقاتل البلد الواحد، وقُتلت النّاس، وتفشّت الأمراض، ومات النّاس من الجوع وكادت أن تقع كارثة ولكن شاءت الإرادة أن تتغيّر الموازين.
وجُهِّزت الأُلوف في أفغانستان، وتغيّر النظام، وصُفَّت الصفوف، وكانت الضحايا، نعم جُهِّزت الأُلوف في فلسطين وصُفَّت الصفوف على مدى عقود من الزمان، وانسحبت من غزّة بعد مقتل الأُلوف وجرح الأُلوف، ماذا يعني هذا؟ أهي من قبيل الصدفة؟ أم أنَّ الحجارة غلبت الصواريخ والمدافع والطائرات؟ أم ماذا يعني هذا؟ إنَّ وراء هذه الأُمور أسراراً أشبه ما تكون بالخيال ولكنّها حقيقة، بدأ العدّ التنازلي وبدأت الحقيقة تنجلي شيئاً فشيئاً، ومع كلّ الحسابات الدقيقة سيصرخ الصارخ في العراق وستُراق الدّماء ويندم المُراق، وتنجلي هذه الغمّة عن القمر المنير والشمس المضيئة، شمس الحجّة المهدي (عج).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) يوم الخلاص، ص: 662.
