تداعي الأُمم عليكم
وفيه وروى أبو داود في دلائل النبوّة عن ثوبان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يوشك الأُمم أن تداعى عليكم أي يدعوا بعضهم بعضاً إلى قتالكم ويجتمعون عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها أي كما تتداعى القوم والجماعة إلى قصعة يريدون أكلها فهؤلاء يتداعون عليكم ليقاتلوكم ويأخذوا فيئكم ومنافعكم ويسلبوا ما في أيديكم من مال ومنافع»، فقال قائل: ومن قلّة نحن يومئذ؟ قال (صلى الله عليه وآله): «بل أنتم يومئذ كثير ولكنّكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوّكم المهابة منكم وليقذفنَّ في قلوبكم الوهن»، قال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟
قال (صلى الله عليه وآله): «حبّ الدنيا وكراهيّة الموت»([1]).
قل لي بربّك ما حال المسلمين اليوم، وانظر ما يجري وجرى في فلسطين وأفغانستان والعراق وما جرى في مصر والسودان والجزائر والشيشان والبوسنة والهرسك، وما سيجري؟ ألقلّة؟ أم لضعف؟ أم لفقر؟ وهذه الجبال قامت على بحيرات النفط والمعادن، وهذه الأنهار والعيون، وهذه الملايين، والمواقع الحسّاسة من العالم.
جبابرة تحكم، والنّاس في سبات عميق، والأُمم الشرقية والغربيّة يدعوا بعضهم بعضاً للنَّيل من هذه القصاع ; فقد نالوا منها الكثير ; وعلى مدى قرن من الزمان، والنّاس في سبات عميق تتقاذفهم الأهواء والأحزاب والمنظّمات من سيّء إلى أسوأ بعيداً عن الدّين وسيرة الأئمّة الهداة الميامين (عليهم السلام).
لا خير في الحياة والذلّ فيها قائم، ولا خير في قصور بعدها العار، قتلوا العلماء والخبراء والسادة النجباء والأساتذة والمفكّرين، ولا زال هناك مَن نام نومة أهل الكهف، يقول: ثاري ثاري ثمَّ النّار، إنَّ الحديث موجّه إلى أهل العراق، لأنَّ العراق قاعدة الإنطلاق والكوفة عاصمة الدنيا، وأهل الكوفة أكثر النّاس فرحاً بالمهديّ (عج)، والأُمم تعرف جيّداً ما ينتظرها، وتعرف المنقذ، تعرف
المهدي (عج)، وتعرف علامات ظهوره، وتعرف كلّ شيء عن المهدي (عج)، فهي تسبق الأحداث وتتكالب على خيرات العراق قبل أن يظهر مَن يسومها سوء العذاب.
وها هي تتقاطر الأُلوف من الشرق والغرب من اليهود والنصارى والنواصب كلّ يريد حصّته، فهذا يقتل السادة والشيعة، وذا العلماء والخبراء والأساتذة، وآخر يأخذ النفط بلا رقيب ولا حساب، وآخر يسرق الآثار والكتب المخطوطة، وآخر يدمّر البُنية التحتيّة للبلاد ظنّناً منه، ليكون سوقاً لتصريف ما عنده من سلاح وعتاد وسدّ حاجة البلاد من المواد الإستهلاكيّة والكماليّة، وآخر لقطع الغيار، وآخر لبناء القواعد، وآخر لبثّ الفرقة بين النّاس، وآخر يعمل على انحراف النّاس عن الدّين والقيم الأخلاقيّة في بثّ البرامج المنحرفة، وآخر يدعم الإرهاب، وأخيراً هناك مَن لا يعرف ماذا يعمل، والنّاس أحزاب ومنظّمات وجماعات سياسيّة على طرفي نقيض، والهرج والمرج على قدم وساق، إنَّها مقدّمات للظهور، إنَّها إرهاصات لمقدمه الشريف، إنَّها من دواعي الحرب العالميّة الثالثة التي يذهب فيها ثلثا البشر وظهور السفياني و...
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بيان الأئمّة (عليهم السلام)، ج 5، ص: 194.
