النقطة السابعة : أهمية حديث المناشدة
نقل ابن كثير أحاديث كثيرة تحكي قصة مناشدة الإمام علي (عليه السلام) لمجموعة من الصحابة في رحبة الكوفة ، ينشد من سمع منهم قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في يوم الغدير ، أن يقوم ويشهد بما سمع ، فقام خلق كثير وشهدوا بذلك .
وتتضح أهمية هذه المناشدة باُمور :
الأول : أنها متواترة في نفسها ، فتفيد تواتر حديث الغدير أيضاً .
الثاني : أن الإمام علياً (عليه السلام) وأصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الموجودين وقت المناشدة ، بل والحاضرين من غير الصحابة كلهم فهموا أن المراد من الحديث هي الإمرة والخلافة ، ولم يعترض منهم في ذلك معترض ، بل تعجب بعضهم من صدور هذا الكلام من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وما تعجبه إلاّ لأنه رأى القوم قد أزاحوا علياً من منصبه مع أنهم سمعوا هذا القول بما يحمله من معان واضحة في الإمامة والخلافة ، فكيف طاوعتهم أنفسهم لإبعاده عن منصبه الذي منحه الله تعالى إليه؟! ([1]).
الثالث : إن هذه المناشدة كغيرها أيضاً من مناشدات الإمام (عليه السلام) واحتجاجات أهل بيته محاولة منهم (عليهم السلام) لنشر هذه الفضيلة العظيمة لتصل لأكبر عدد ممكن من المسلمين ; حيث ستسير مع الركبان في البلدان فتحافظ على قوتها في انتقالها عبر الأزمنة اللاحقة في مراحل التأريخ المختلفة ، وهذا الاهتمام البالغ منه ومن أهل بيته (عليهم السلام) وأصحابه المقربين دليل واضح على أن المراد منه هو الخلافة والإمرة ، وليس المحبة والنصرة .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] وكشاهد على ذلك هذا الحديث وسيأتي في محله تحت رقم 41 : وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين بن محمد وأبو نعيم المعني ، قالا : ثنا قطن عن أبي الطفيل قال : جمع علي الناس في الرحبة ـ يعني رحبة مسجد الكوفة ـ فقال : اُنشد الله كلَّ من سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يوم غدير خم ما سمع لمّا قام ، فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذ بيده فقال للناس : « أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه ، وعادِ من عاداه » .
قال : فخرجت كأن في نفسي شيئاً ، فلقيت زيد بن أرقم فقلت له : إني سمعت علياً يقول : كذا وكذا!
قال : فما تنكر؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ذلك له .