• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فتح العراق

فتح العراق

 

«ويفتحون العراق ويظهرون الشقاق بدم براق»([1]).

فُتح العراق مرَّات، وحدثت فيه أحداث جليلة، في القادسيّة، وفي زمن هولاكو وجنكيز خان وأُخرى، ولكن اليوم، وبعد هذه القرون العديدة على تلك الأحداث الجليلة، جاءت الروم بأساطيلها الجويّة والبحريّة وقوّاتها البريّة عن طريق الكويت، والمحمولة جوّاً، لتصبّ جام غضبها على أرض العراق وشعب العراق الذي نسي الكثير من مَعالِم ذكر الله وكفر بأنعم الله ورضخ لأعتى عتاة العصر، وجبابرة الزمان، صدّام وحزب البعث الذي عاث في الأرض الفساد، حتّى أنَّه دمّر الحرث والنسل، ولم يمدّ يده إلى مشروع صناعي أو زراعي أو حيواني في البلاد، لكنّه استثمر ثروات العراق في شراء السّلاح والعتاد ; من طائرات وصواريخ ودبّابات بالآلاف، وأعدّ الجيش العراقي بما فيه: الحرس الجمهوري، الجيش الشعبي، وفدائيي صدّام، وقوّات الأمن الداخلي، والحرس السرّي، والجيش عموماً، لضرب الشعب العراقي أوَّلاً.

فقد ضرب الأخوة الأكراد وعلى مرأى ومسمع من العالم، لأنَّ العالم هو الذي أمدّه بكلِّ متطلّبات الإعتداء، وكانت مأساة حلبچة ; التي راح ضحيّتها أكثر من خمسة آلاف، واحترقت الأرض والحيوانات والنباتات.

وضرب الجارة إيران الإسلام، ولمدّة ثمان سنوات، بمحتلف الأسلحة والإمكانات التي مدّه عالم الكفر بها فهُدّمت دور وقصور، وضُربت المُدن الحدوديّة وذهبت من الجانبين مئات الألوف من الضحايا، والمعوّقين والمفقودين والأسرى، وأمَّا الخسائر الماديّة فتعدّ بالمليارات التي يمكن بناء البلدين بها على أحسن حال.

ثمَّ غزا الجارة الكويت، ولم يبقَ تحت النظر شيء إلاّ وأخذته القوّات العراقيّة غنائم، فاجتمعت المظالم.

بعد زهق الأرواح البرئية، وهتك الأعراض المسلمة،  وحرق آبار النفط، وهي ثروة الشعب الكويتي، والأُمّة الإسلاميّة والإنسانيّة، هدراً في كلِ شيء، أمَّا ما حلَّ بالشعب العراقي المغلوب على أمره ; بقوّة الأمن والجيش الشعبي، والإستخبارات، اجتمعت المظالم، ورُفعت المظالم ; فجاءت الروم بأحقادها وأطماعها في ثروات العراق فاتحة ; بقوّة السّلاح واعتماداً على خيانة القيادات العليا في العراق ليكونوا سبباً في سقوط الجبابرة، وخلاص الشعب من الظلم الذي دام أربعة عقود حالكة سوداء دمويّة حاقدة على كلّ القيم والأعراف، إلاّ أنَّهم أظهروا الشقاق بين أحزاب العراق، ومنظّمات العراق، وشرائح العراق، والعراق اليوم تكساس الأمس وفيتنام.

يضربون الطفل الصغير كما يضربون الشيخ الكبير، ويعتدون على النّساء ; كما يقتلون الرجال، ويبذلون جهدهم ليجعلوها طائفيّة، ولكن العقلاء من الطرف الآخر آثروا السكوت، وتحمّلوا الخسائر، وقدّموا القرابين، وأثبتوا للعالم أنَّهم مسالمون، وممتثلون أمر الدّين والمرجعيّة، على خلاف الآخرين الذين كشفوا بأعمالهم الإجراميّة عن حقيقة ما هم عليه من الإعتقاد ; والحقد الدفين على الإسلام والمسلمين.

فالروم هم الذين يمدّون الإرهاب بالعون المادّي والمعنوي، ويعطونهم الضوء الأخضر في هذه العمليّات التخريبيّة، وما هذه الدماء التي تُراق كلّ يوم في العراق إلاّ ثمرة جهود الأمريكان، بهدف البقاء أكثر مدّة في العراق، وسحب أكثر ما يمكن سحبه احتياطيّاً استراتيجيّاً لهم.

وكسب الوقت لبناء القواعد العسكريّة في شمال العراق وجنوبه، لتطويق النظام الإسلامي في إيران، وبسط النفوذ على منابع النفط، والخزين من المعادن في هذه المنطقة، وتثبيت العملاء الجدد في النظام حسب مخطّط مدروس للمستقبل المنظور، لا حبّاً في العراق وشعب العراق، ولا انطلاقاً عن المبادي التي يُروّجون لها من: ديموقراطيّة، وحريّة، ووطنيّة، وفدراليّة، وجمهوريّة موحّدة، فهم قسموا العراق، لأضعافه، وبسط اليد عليه، تمهيداً لدولة إسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل.

والدم الذي يُراق هنا وهناك من العراق، وكأنَّه ماء ولا قيمة له، ليقولوا: إنَّ شعب العراق شعب دمويّ وحشي، ليشتركوا جميعاً، وتكثر السكاكين على نحر العراق إراءاً لهم وتعميداً للصليب القاتل، فالحرب الصليبيّة لا زالت قائمة وستبقى إلى ظهور صاحب العصر والزمان (عج) ومقتل السفياني، ولكن هل ستبقى الحال هكذا إلى ما لا نهاية؟ قطعاً لا، وهل سيبقى الإرهاب طوعاً للعدوّ وإلى الأبد؟ طبعاً لا، مادام الشعب عرف العدوّ من الصديق، والصّادق من الكاذب، بعده هذه الضحايا والخسائر الجسيمة في الأرواح، والثروات وفي هذا الزمن من التاريخ للّحوق بركب الإنسانيّة.

كان العراق قلعة رصينة فيها: الجيش العراقى، وأقوى الوحدات الفعّالة من قوّات الحرس الجمهوري، وفي بغداد كانت القواعد الجويّة مليئة بالطائرات المهيّأة في كلِّ ساعة، وكان في بغداد قوّات الأمن والمخابرات والإستخبارات، والشرطة والأمن والجيش الشعبي، وفدائيّو صدّام، وقوّات القدس، وفيها قيادات الحزب والقيادة القطريّة، والأمن القومي، وكلّ هذه منظمة مدرّبة على السّلاح طائعة ومطيعة لصدّام، وأغلب القادة كانوا ; في العائلة المالكة، ولكنَّ الله تعالى شاء أن تنهار هذه الخطوط، والقوّات الضاربة من السّلاح الجوّي، والصاروخي والمشاة بسويعات، ويسقط الصنم الكبير، وتلوذ فلول هذه القوّات إلى حجورها، وكأنَّها لم تكن بالأمس تسرح وتمرح وتصول وتجول في الشمال والجنوب، وفي الشرق والغرب، وكأنَّ صدّام لم يكن، وكأن حزب البعث لم يكن مذكوراً ; فلولاً مذعورة، فارّة بين سوريا والعراق والأردن، فسقطت بغداد، وفُتح العراق بسقوطها، وأُعلن عن حلّ الحزب والإستخبارات والمخابرات، وأجهزة الأمن وأُعلن عن المطالبة برؤوس النظام، ووضعت الجوائز، وعمَّت الفوضى، وأخذ كلّ ذي حقّ حقّه من ظالميه، وسُكنت دور وقصور الظالمين، وهجمت جموع الشعب على الدوائر الحسّاسة، وسُرقت حتّى أسرَّة المرضى، فقُتل مَن قُتل من البعثيّين الذين عاثوا في العراق فساداً، وهرب مذعوراً المجرم منهم، واختفى الآخرون، وقُتل قُصيّ وعُديّ، واختفى صدّام في بالوعة مدّة، ووشى به مَن كان معه وموضع سرّه، وأُخذ إلى الإستجواب، واليوم هو في السجن واختلفت فيه الأقوال، فمن قائل: إنَّه سيعود صدّام ويقتل في ميناء إسلامي، ومن قائل يقول: هيهات ; يُعدم، وإذا أُعدم فالويل كلّ الويل للعراق من أتباعه المراق، وإنَّها مقدّمة الظهور، وإنَّ نهاية هؤلاء سينتهون على يد السفياني واليماني والخراساني، ويقع فيهم السيف في مدينة قرقيسيا على الحدود السوريّة حتّى يولم الطير بعضها بعضاً.

هلمّوا إلى لحوم الجبّارين، وهكذا وحوش الفلاة، وهي معركة لم تكن ولن تكون مثلها في التاريخ، وها هي قوّات الحلفاء ; فتحت العراق، وهي تصول وتجول بقوّاتها شرقاً وغرباً وبطائرات الأباتشي تُنزل الحمم على مواقع الإرهاب، داخل وخارج حدود العراق، وفي سياستها نظر!

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

([1]) بشارة الإسلام، ص: 74.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page