يستخدم المشركون المسلمين
«يستخدم المشركون المسلمين ; ويبيعونهم في الأمصار ولا يتحاشى لذلك برّ ولا فاجر»([1]).
المشركون اليوم سواء كانوا من الغرب أو الشرق، أي من المعسكر الغربي أو الشرقي، بيدهم مقاليد الحكم، هم الذين يعينون الرؤساء والملوك، وهم الذين يعينون المناصب في الدوائر، وبلا أيّ شكّ، لا يعينون إلاّ مَن كان خسيساً ووضيعاً، باع دينه، وضميره، والوطن من أجل ذلك.
أمَّا الأحرار الذين أبوا أن يكونوا عبيداً للأجنبي فقد أبت نفوسهم أن يُباعوا في الأسواق الأُوروبيّة ومحافلها فأُولئك إمَّا أن يُسجنوا أو يُقتلوا، أو يُنفوا من البلاد، ومثل هؤلاء كثيرون، والذين باعوا أنفسهم واستلموا المناصب، وارتضوا لأنفسهم الذلّ والهوان، لا يأتيهم من الأتباع إلاّ مَن كان على شاكلتهم، الكذب، والخداع، والمماطلة سبيلهم، والعصا المرتكز.
ولو ألقينا نظرة بسيطة على الأحزاب التي تشكّلت في البلدان، أغلب البلدان الإسلاميّة والعربيّة، عبر مائة سنة خلت وإلى يومنا هذا، نجدها أحزاباً ذات نظام داخلي، أساسه محاربة الإسلام، وظاهره عبارات برّاقة وطنّانة وخدّاعة.
الوحدة، الحريّة، الديموقراطيّة، الوطنيّة، الإشتراكيّة، وهكذا... يقودها ; أُناس لا ذمّة ولا ضمير، لا دين ولا ديانة، أمَّا أن يكون ماسونيّاً، أو صليبيّاً، أو وجوديّاً، أي لا ديني: شيوعي، بعثي، قومي صليبي، حاقد على الإسلام.
والذي رأيناه في العراق أكبر دليل، فما بالك في غيره من البلدان؟ «والذي نفسي بيده، ليلينَّ أُمّتي قوم، إذا تكلّموا قتلوهم، وإن سكتوا استباحوهم.
ليستأثرنَّ بفيئهم، وليطئنَّ حرمتهم، وليسفكنَّ دمائهم، وليملأنَّ قلوبهم دغلاً ورعباً، فلا تراهم إلاّ خائفين وجلين مرعوبين!
عندها يجيء قوم من المشرق وقوم من المغرب يلون أُمّتي، وقد كان ذلك فالمسلمون مملوكون للشرق وللغرب، فالويل لضعفاء أُمّتي منهم، والويل لهم من الله لا يرحمون صغيراً ولا يوقّرون كبيراً، ولا يتجافون عن شيء، جثثهم جثث الآدميّين وقلوبهم قلوب الشياطين»([2]).
فصلوات الله على أكرم الخلق الذي لا ينطق عن الهوى ولا يحدّث إلاّ بوحي يوحى، لقد ولي أُمّته القوم، واستباحوا الأعراض، ونهبوا الأموال، وحكموا البلاد والعباد، كما وعد بدون زيادة أو نقصان([3]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الملاحم والفتن، ص: 108.
([2]) منتخب الأثر، ص: 433، وبشارة الإسلام، ص: 25، 26.
([3]) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 585، ط. 1، سنة (1417 هـ)، أنوار الهدى، قم المقدّسة.