قتل العلماء
لمعان الأنوار قال: وروى الديلمي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: قال: «يأتي على النّاس زمان يُقتل فيه العلماء».
قال صاحب بيان الأئمّة (عليهم السلام): «والظاهر من العلماء علماء الدّين، وقتلهم ومطاردتهم وحبسهم من علائم الظهور»([1]).
ورد في الحديث: «العلماء ورثة الأنبياء»، ورثة علوم ومبادي الأنبياء وأخلاق الأنبياء الذين يقومون مقام الأنبياء والأولياء، وموت العلماء يعني ثلمة في الإسلام لا يسدّها إلاّ العلماء، وقتل العلماء، يعني تحدٍّ للقيم ومبادي السَّماء، ومع هذا فقد قُتل علماء كثيرون في طليعتهم آية الله العظمى السيّد محمَّد باقر الصدر المفكّر والفيلسوف والكاتب، صاحب المؤلّفات القيّمة هو والعلويّة الطاهرة أُخته بنت الهدى رحمة الله عليهما.
وقتل السيّد محمَّد محمَّد صادق الصدر والسيّد محمَّد باقر الحكيم رضوان الله عليهما، وقتل الغروي والبروجردي وقتل العشرات، وسُمّ العشرات من خيرة العلماء والمجتهدين في الكاظميّة وبغداد وكربلاء والنجف الأشرف وفي البصرة، هذا في العراق وأمَّا في غيره فحدِّث ولا حرج.
نعم، قُتل الكثير في حوادث مروريّة مدبّرة، وتحت التعذيب في السجون والمعتقلات وصدقت رؤيا النبيّ (صلى الله عليه وآله) وهي من المغيّبات التي ذكرها وتحقّقت، وبقي الجُهّال والمتفيقهون الأُجراء يسرحون ويمرحون، ومن الذين قُتلوا في إيران: المطهّري وبهشتي ودست غيب والصدوق، والمدني وشمس آبادي وكثير غيرهم، والسرّ في قتل العلماء بقاء النّاس في جهالة وظلام وعدم معرفة، ليسهل للأسياد والعملاء السيطرة وسرقة خيرات النّاس والتحكّم، وإلاّ كما قيل: «الملوك مالكو رقاب النّاس، والعلماء مالكو رقاب الملوك»، ولمَّا نقول العلماء نريد بهم أُولئك الذين لا يقفون على أبواب الملوك، والعكس هو الصحيح الذين نرى الملوك على أبوابهم ; أُولئك نعم العلماء ونعم الملوك.
فكَم حبس علماء النجف؟ وكَم طوردوا؟ وتتبّعتهم عناصر المخابرات واختالت البعض منهم في بلاد المهجر؟ وكَم من العلماء هاجروا من ظلم الحكّام وماتوا في ديار الغربة؟ وكَم من العلماء فرضت عليهم الإقامة الجبريّة، وهي صورة من صور الموت؟ لا أحد يواجههم، ولا أحد يكلّمهم ولا أحد يستفتيهم، فماوا وذهبت علومهم معهم، وكَم من العلماء سُقوا السمّ وهم طريحوا الفراش، ينتظرون الموت كلّ ساعة؟ أمَّا علماء السّوء، أمَّا العملاء منهم، أمَّا الذين باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم، فهؤلاء كثير، يذكرهم التاريخ بحروف سود تشمئزّ منهم النفوس، ذهبوا بعارها وشنارها، وضرباً من الأمثال.
فهم يخافون العلماء لئلاّ يخرج منهم مَن يقود الأُمّة إلى التحرّر من قيود الظلم.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بيان الأئمّة (عليهم السلام)، الشيخ محمَّد مهدي زين العابدين، ج 2، ص: 458، دار الغدير.