«إذا قلَّت علماؤكم»([1])
جاء في الحديث: «العلماء ورثة الأنبياء»، «علماء أُمّتي كأنبياء بني إسرائيل»، وفي رواية: «أفضل من أنبياء بني إسرائيل».
العالم الذي يعلَم العلماء في زماننا كثيرون في اختصاصهم، كعالم الذرّة، وعالم النّجوم، وعالم الفيزياء، وعالم الكيمياء، وعالم الرياضيّات، وعالم الأحياء، وعالم النبات، وعالم الأنساب، وعالم الآثار، وعالم الفقه والأُصول وما يتعلَق بالدّين، وهو المقصود هنا ; ومنهم علماء لله ولخدمة عباد الله، والإنسانيّة، جعلوا أنفسهم طوعاً للبحث وحلّ المسائل المشكلة تقرّباً إلى الله، يخافون الله في كلّ صغيرة وكبيرة، وهؤلاء اليوم قلّة قليلة ونادرة، وبذهابهم يفرح أعدائ الله، ولا يسدّ مسدّهم إلاّ مثلهم، وهي ثلمة في الإسلام لا تُسدّ، قلَّ مثل هؤلاء العلماء ; فمنهم مَن مات في السجن من أثر التعذيب أو إعطاء السمّ، أو مرض من غير دواء ولا غذاء، ومنهم مَن مات في الغربة حسرة على الوطن والأهل والأحبّة، وحلقات الدرس، ومنهم مَن دُبّر له حادث مُروري، ومنهم مَن أُلقي من الطائرة إلى الأرض، ومنهم مَن رُمي بالرصاص، ومنهم مَن أُعدم شنقاً حتّى الموت، ومنهم مَن ينتظر، ومنهم موظّفون في دوائر الأوقاف الحكوميّة، جنّدوا علومهم لخدمة الحاكم وإن كان ظالماً فاسقاً، ينتظر الترفيع والعلاوة، فتواه على ضوء الكتاب الذي يُبلَّغ به، وكَم من فتوى هؤلاء حكمت بالموت على الآلاف، كما هو الحال بحليّة قتل الأخوة الأكراد، وكانت مأساة حلبچة، وكانت المقابر الجماعيّة، وكانت حرب الشمال والجنوب، وكانت حرب الكفر والإسلام، وخلاصة الفتاوى ; ما نحن فيه وعليه من فوضى وهرج ومرج، وتدمير للبلاد، وفتح الباب على مصراعيه للعدوّ الكافر يسرح ويمرح، يسرق ويقتل ويختطف مَن يشاء من ذوي الكفاءات، وينقل آثار البلاد ممَّا خفَّ وزنه وعظم شأنه، يوقع الفتنة والفرقة والشقاق بين أفراد الشعب والأُمّة، حتّى يبقى ليفرض ما يشاء ويفعل ما يشاء.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بشارة الإسلام، ص: 23.