التمحيص
«لا يكون ما تمدّون إليه أعناقكم حتّى تُميَّزوا، وتُمحَّصوا، ولا يبقى منكم إلاّ الأندر»([1]).
قال الأئمّة الهداة الميامين (عليهم السلام): «لا توقِّتوا ; كذب الوقّاتون».
أي لا تقولوا يظهر في السنة، أو السنة القادمة، أو بعد كذا من السنين، الله تعالى يفعل ما يشاء، وكما جاء في الحديث الشريف: «لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يظهر...».
وظهور الحجّة من المحتوم الذي لا بداء فيه، ولأنَّه من الميعاد، والله تعالى لا يُخلف الميعاد.
وللظهور علامات، علامات حتميّة، وغير حتميّة، وقد بيّنا الحتميّات مفصّلة في كتابنا «الحتميّات».
وأمَّا الغير حتميّة فهي بالمئات، منها ما تحقّق، ومنها ما لم يتحقّق، وما تحقّق منها تجده في كتابنا «هذا ما وعد الرَّحمن» بأجزائه الثلاثة، وممَّا تحقّق التمحيص والتمييز في الشدّة، في الحروب والكوارث الطبيعيّة، كالزلازل، والسيول والجراد، والجوع والمرض، وغلاء الأسعار، وجور السلطان، وخصوصاً إذا كان البأس بين أبناء الأُمّة، التمييز بين البعث والمسلمين، بين الدنيوي والأُخروي، بين المحقّ والمبطل، بين الثابت على الإيمان والمنافق، التمييز بين الطيّب والخبيث، فهؤلاء اليوم يقاتلون من أجل الجبت والطاغوت، من أجل السيطرة والحكم، من أجل الدنيا والمال والنّساء، التي خرجت من أيديهم، لا من أجل تثبيت الدّين ونشره لأنَّهم أصلاً لا يحترمون الدّين، ولأنَّهم أصلاً لا يؤمنون بالدّين، وأصلاً هم أعداء الدّين، بل وممَّن حاربوا الدّين باليد واللّسان والقلب، ولا زال هناك من يفكِّر أن يعيد عهد الجبابرة، والتفارير، والسجون والتشريد والمعتقلات، ولكن هيهات هيهات وإن عاد فهؤلاء يبقى إلاّ قليلاً وبه يكون نهاية المآسي وبداية سعادة البشريّة من هذه الطغمة الفاسدة المخربة، الداعية إلى عبادة الشيطان، ومعصية الرَّحمن، وتغيير الأحكام، وتطبيق المبادي الهدّامة للقيم والأخلاق.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بيان الأئمّة (عليهم السلام)، ج 1، ص: 421، دار الغدير.