ما لم تُحدثوا
«لا يزال هذا الأمر فيكم وأنتم ولاته ما لم تُحدثوا، فإذا فعلتم سلّط الله عليكم شرار خلقه فالتحوكم كما يلتحي القضيب»([1]).
صدقت يا مَن علمه من علم الله، صدقت أيُّها الصادق الأمين، وما وقع دليل صدقك، ودليل نبوّتك، ودليل أنَّنا أخطأنا وقصّرنا، وأذنبا بحقّ أنفسنا، تركنا اللّباب، وأخذنا القشور، تركنا الحقّ وأخذنا بالباطل، تركنا سرّ القوّة والمبدأ، وأخذنا بالمبادي الهدّامة المستوردة، تركنا ديننا الحنيف، وأخذنا بأسباب الفرقة والضعف، تركنا الآخرة، وأخذنا بإشباع الحاجة من الدنيا، سكرنا من غير شراب، وشربنا الخمر من غير اعتبار، وأكلنا الربا وسفكنا الدماء، تقاتلنا من أجل الوحدة والحريّة والإشتراكيّة وهي في الحقيقة من أجل الفرقة والجريمة والإشراك بالله، نعم، بعدنا عن: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعَاً وَلا تَفَرَّقُوا)([2])، وتمسّكنا بما أملته علينا الصليبيّة العالميّة الماسونيّة، تفرّقنا عن كلمة: لا إله إلاّ الله محمَّد رسول الله، واجتمعنا على موائد الخمر والشقاق والنفاق، تركنا الصوم والصَّلاة وسبّحنا بحمد صدّام وعفلق وبوش والدولار، تركنا الزكاة والصدقة والإلفة والمحبّة وقتل بعضنا بعضاً من أجل شعارات طنانة ومبادي رثّة أودت بنا إلى حروب طائفيّة وقوميّة وإقليميّة، دارت الرّحا بنا وطحنت من الرجال والنّساء والأطفال، وسلبت منّا الثروات، وتأخّرنا عن ركب الإنسانيّة والتقدّم السنين والمئات، يُذبح المرء على التهمة والظنّة والإسم والشبهة ويُهجر لأتفه الأسباب حتّى بتنا ضعفاء يأكل العدوّ فينا حيث يشاء، ويكسر عظمنا متى ما شاء، منّا مَن مات في السجون، ومنّا مَن دُفن حيّاً، ومنّا مَن ذاب في التيزاب، ومنّا مَن ثرمته أيادي البغي والعدوان طعمة للأسماك.
نعم يا مولاي كان الأمر فينا يوم كنّا كالبنيان المرصوص يشدّ بعضنا بعضاً ولمَّا خرجنا على مبادئك وسنّتك،على مبادي الإسلام الحنيف إلى المبادي الهدّامة المستوردة من الشرق والغرب، مبادي الشيوعيّة والإلحاديّة، مبادي البعث والقوميّة النصرانيّة الصليبيّة، أصبحنا طرائق قدداً، تفرّقنا وذهبت قوّتنا بعد أن بسطنا يد الأمان والسَّلام والإسلام شرقاً وغرباً، واليوم صرنا عبيد الشهوات، عبيد الهوى، لا همَّ لنا سوى إشباع البطن التي لا تشبع والفرج التي لا تردع، بعيداً عن الحلال والحرام، بعيداً عن الحقّ والباطل لا من الكفر ولا من الإسلام، وهل نحسد عى ما نحن عليه، وهل بعد هذا من مصير؟ قال تعالى: (وَمَا ظَلَمْنَاهُم وَلَكِنْ كَانُوا أنْفُسَهُم يَظْلِمُونَ)([3]).
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 479، الطبعة الجديدة المنقّحة.
([2]) آل عمران / 103.
([3]) يونس / 44.