يملك المال لكع
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «... ويملك المال مَن لا يكون أهله لكع من أولاد اللّكوع»([1]).
هذه علامة، وأُخرى أنَّ المال يُحمل بالأوقار والعلامتان وقعتا، والمال الذي نراه في أيدي أُناس كانوا معدمين فقراء لا يملكون شيئاً ولا حتّى يحلمون، وإذا بهم أصحاب عمارات ودور وقصور، وأصحاب سيّارات وبساتين ومزارع وأرصدة في البنوك المحليّة والأجنبيّة وبالعملات الصعبة، وإذا عدّدنا هؤلاء، طال بنا المقام وعجزنا عن حصرها، ولكن نقول: من أين لهؤلاء هذه الأموال الطائلة، والإمام (عليه السلام) يقول: «ما اجتمع مال إلاّ من بخل أو حرام».
رؤساء الدول ومتعلّقوهم مثلاً والملياردات التي تظهر عندهم عند الموت أو إذا أُقصوا من الحكم، دليل أنَّها جاءت من سرقة قوت الأُمّة والفقراء والمساكين.
فالذين أموالهم تُكسَّر بالفؤوس، وتُحمل بالأوقار، والذين يمتلكون الأساطيل في البحور، والأساطيل الجويّة والبريّة، والذين يملكون شركات لصناعة السيّارات والطائرات والبواخر والمعدّات، أُولئك ما جاءتهم عن طريق مشروع وبهذه السرعة، إلاّ وقد سلكوا طرقاً غير مشروعة لامتلاكها.
وكثير من النّساء اليوم ممَّن يمتلكن الأموال الطائلة في العالم، كوزيرة الخارجيّة الأمريكي كوندا ريزا رايز،وسجّودة زوجة صدّام التكريتي مثلاً.
ولو أمعنا النظر نجد أنَّ هؤلاء كانوا فقراء معدمين لم يرثوا هذه الأموال عن الآباء والأجداد، ولكنَّهم سلكوا مسلكاً درَّت عليهم الأموال، مسلكاً غير شرعي في الإستغلال، ومن غير رقابة أو حساب، والتاريخ يحمل أسماء كثيرة لأُناس كثيرين كانوا فقراء، ولكنّهم بين عشية وضحاها أصبحوا ممَّن يمتلكون القناطير المقنطرة حيث سيطول وقوفهم في الحساب، وتُكوى بها...
واليوم نسمع بالفضائح التي تُرتكب في العراق وسرقة الملياردات، كما كنّا نسمع عن فضائح في أمريكا والدول الغربيّة والشرقيّة والعربيّة والإسلاميّة، وكلّ أُولئك ليس في حساباتهم مسألة الحلال والحرام والحساب والكتاب وإلاّ فالشاه المقبور أودع الملياردات من العملة الصعبة في بنوك أسياده، والفوائد المترتّبة عليها جعلتها مشكلة من المشاكل الدوليّة.
فلله درُّ المعصومين (عليهم السلام) حيث أشاروا إلى ذلك قبل قرون، فهل من متّعظ؟ «النّاس عبيد الدنيا...»، و«النّاس نيام، إذا ماتوا انتبهوا»، و«النّاس دينهم دنانيرهم» إلاّ ما رحم ربِّي.
اللَّهمَ فعجِّل لوليّك الفرج والعافية والنصر، وخلّصنا من مثل هؤلاء وخُذ بثأرنا ممَّن ظلمنا على عهده، وفي دولته التي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بشارة الإسلام، ص: 77، وإلزام الناصب، ج 2، ص: 185، اللّكع: هو اللّئيم، قال الجزري:
واللّكع هو اللّئيم والعبد، والرذيل: الردي الأحمق.