الثعالب
قال (صلى الله عليه وآله): «يرسل الله على أهل الشام مَن يُفرق جماعتهم، حتّى لو قاتلتهم الثعالب لقتلتهم»([1]).
صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله)، مزّقت إسرائيل البلاد الشاميّة أيّما تمزيق، وجعلتهم أحزاباً ومنظّمات ودولاً متفاخرة متباغضة، يترصّد بعضهم بعضاً، ولا كأنَّهم إخوة في الإسلام، وإنَّما أعداء يكيل بعضهم البعض الصاع صاعين، لأنَّهم خرجوا من الإسلام، واعتنقوا دين الملوك، والمبادي المستوردة الهدّامة، الملوك الذين لا يهمّهم سوى التربّع على كراسي الحكم، وليذهب الشعب إلى الجحيم كما نرى اليوم، جحيم طائرات الأباتشي والخارقة للصوت، طائرات الفانتوم والمدمّرة بحجمها ولمدّة عقود، قتلاً وتدميراً، وهدماً للدور والقصور، وسلباً للحريّات والخيرات، وإذلالاً للصغير والكبير، وإيقاعاً للفرقة بين شعوب المنطقة، وتهديداً بالدمار والفناء لها بالقوّة النوويّة، وتدنيساً للمقدّسات، وعملاً دؤوباً لهدم المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، والعجيب في الأمر أنَّ النّاس يرون فعل العدوّ والهمجي، ومع ذلك يمدّون إليه يد العون والمساعدة، والإخبار عن تواجد الأحرار وتسهيل اغتيالهم بوضح النهار، وينسون أنَّهم غداً سيكونون هدفاً سهلاً للعدوّ، وناسين قول الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعَاً وَلا تَفَرَّقُوا)([2])، ولولا هذه الفرقة ما آل الأمر إلى ما هو عليه، فالإعتصام بحبل الله هو سرّ القوّة، وخلافه سرّ الضعف، والعدوّ ما تمكّن منّا، إلاّ بعد أن جعلنا طرائق قدداً، مذاهب وفرقاً، وأحزاباً، ومنظّمات، وأنظمة علمانيّة، ودساتير بعيدة عن الإسلام، كلّ أُولئك من دواعي الضعف ومن أسباب قوّة وتكالب العدوّ علينا.
فهل من يقظة؟ وهل من عودة إلى الدّين ووحدّة المسلمين؟ للتأثّر من رجالنا ونسائنا وحتّى أطفالنا، إنَّ سرّ هذا التأخّر عندنا والتقدّم عند العدوّ، هو بعدنا عن ديننا، وتفرّقنا أحزاباً ومنظّمات بالمبادي الهدّامة والعلمانيّة، بعدنا عن الوحدة الإسلاميّة الحقيقيّة، وأخذنا بالوحدة الفارغة، كمَن يسعى وراء السراب، عودوا لأنفسكم واسألوها: هل يجوز لكم أن تبقوا أذلاّء أُسراء البطن والفرج وحبّ السلطة وحبّ المال؟
بناء الجيوش وتسليحها، وتعريف النشأ والإستفادة من تجارب الآخرين ودعم الكفاءات الشابّة المخلصة، واستثمار الخامات والمعادن المودعة في خدمة البلد وغيرها، كفيلة بالتقدّم والقوّة، لردع العدوّ، واسترداد الحقوق من العدوّ الغاصب.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بشارة الإسلام، ص: 183، والحاوي للفتاوي، ج 2، ص: 130، والملاحم والفتن، ص: 52،
ومنتخب الأثر، ص: 486، بألفاظ مختلفة، ويوم الخلاص، كامل سليمان، ص: 234.
([2]) آل عمران / 103.