يشمل النّاس بالشام فتنة
وفي غيبة النعماني بإسناده عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) أنَّه قال: «يا جابر
لا يظهر القائم (عليه السلام) حتّى يشمل النّاس بالشام فتنة يطلبون المخرج منها، فلا يجدونه»([1]).
فنتة الشام بعيدة المبدأ، قريبة المنتهى، ولو بدأنا بها منذ تأسيس دولة إسرائيل كان أقرب لنا، وأكثر اختصاراً، والشام ; سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، ولكن العدوّ مزّق شمل الشام وجعلها كما ذكرنا، وزرع في القلب هذه الغدّة السرطانيّة، ثمَّ جعلها ترسانة نوويّة تهدّد بها الدول العربيّة والإسلاميّة، وفتح الباب على مصراعيه ليهود العالم بالهجرة إليها، وتهجير أهلها، وقتل الكثير من سُكّانها، فمذابح دير ياسين وصبرا وشاتيلا شاهد ودليل، والحروب التي خاضتها إسرائيل ضدّ الدول العربيّة هي الأُخرى شاهد ودليل.
وبين الحين والآخر تهدّد بما عندها من المخزون النووي، ممَّا خلفت ردود فعل لدى السُكّان، فانتفضوا بالحجارة، وقدّموا القرابين على مذبح الحريّة، ولا زالوا ومنذ أكثر من خمسين عاماً.
وإسرائيل تحسب أنَّها لا تُقهر لما تمتلكه من قوّة وجيش، وما تعتمد عليه من عون الدول الكبرى، لكنّها منيت بالهزيمة في جنوب لبنان، وهي مقدّمة الهزيمة الكبرى، فالحروب الثلاثة كانت من صالحها، ولكنَّ التاريخ صرّح أنَّها تُهزم في الرابعة شرّ هزيمة، وهي تعلم علم اليقين، واليوم تهدّد دمشق وتتوعّدها، وفعلاً تنفّذ تهديدها ووعيدها، ولكنّها بداية النهاية، حيث لا ينفعها الخزين النووي، ولا العون الأجنبي، والنّاس ليسوا في غفلة عمَّا تعمله من جرائم ومذابح، وهدم للدور والقصور على رؤوس أهلها في فلسطين، وفي العراق وأفغانستان.
إنَّها فتنة صمّاء عمياء لها جذور تمتدّ إلى حصون خيبر والثأر لمرحب، كلّما قالوا: انتهت، تمادت ولكن: (كُلَّمَا أوْقَدُوا نَارَاً لِلْحَرْبِ أطفَأهَا الله)([2])، أمَّا النّار الأخيرة التي يوقدونها لا تطفأ إلاّ بنهايتهم.
فمرَّة يضربون لبنان، وبالخصوص جنوب لبنان، وأُخرى يضربون الضفّة والقطاع، وثالثة يحتلّون الجولان، ورابعة يضربون دمشق، وعندها الطامّة الكبرى.
تخلع العرب أعنّتها، وتخرج العبيد على سادتها، وعندها يأتي المثل: «وجنت على نفسها براقش».
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بيان الأئمّة (عليهم السلام)، ج 4، ص: 86، دار الغدير.
([2]) المائدة / 64.