مقتل النفس الزكيّة
«قتل النفس الزكيّة في ظهر الكوفة مع سبعين من الصالحين»([1]).
قتل النفس الزكيّة الذي هو محمَّد بن الحسن، من أولاد الحسن المجتبى بن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو غلام بين الركن والمقام، والذي يُذبح كما تُذبح الشاة، فتُهتك بقتله حرمة المسجد الحرام والشهر الحرام والنفس الحرام، ولا يمهل الجبابرة بعد قتله أكثر من خمس عشرة ليلة، ثمَّ يظهر
المهدي (عج) من آل محمَّد صلوات الله عليه وعلى آبائه، وهو ليس الذي يُقتل في ظهر الكوفة أي في النّجف الأشرف، والذي قُتل في زماننا هو محمَّد باقر بن السيّد محسن الحكيم الطباطبائي المرجع المرحوم (قدس سره) وهو من أبناء الحسن المجتبى (عليه السلام)، يعني حسني، من ذريّة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو عالم جليل وحاصل على درجة الإجتهاد، نُكب بالعشرات من أهل بيته وعمومته من آل الحكيم، ودخل السجن، وعُذِّب في سجون الكفر والنفاق، وخرج من العراق سنين طويلة مهاجراً، وله فلسفته في السياسة، شكّل نواة فيلق بدر أملاً بتحرير العراق من نير البعث والكفر العالمي، وعاد مرفوع الرأس تحمله الجماهير الغاضبة على الأكتاف بالأهازيج والهوسات، وآثر الدرس والتدريس على السياسة، ولكن يد المنون عاجلته إلى لقاء ربّه ولقاء أجداده صلوات الله عليهم حيث تآمرت عليه الخوارج والنواصب، وفجّرت به سيّارة مفخّخة أودت بحياته، وحياة سبعين من الصالحين، ممَّن كانوا بمعيته، فخسر العراق رجلاً من الصلحاء لا يُعوَّض بالسهولة، ولا يسدّ مسدّه إلاّ عالم مثله، وقلَّما يوجد مثله بهذه العجالة، والذين ذهبوا ضحيّة هذه الجريمة النكراء أكثر من السبعين، ولكن ليسوا جميعاً من أصحابه، كما جاء في الحديث وقد اجتمعت عوامل وأسباب كثيرة تمخّضت عن قتله في ظهر الكوفة أي في النجف الأشرف، منها: خوف العدوّ أن يستلم الحكم في العراق، وينهج منهج الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران وحسد الحاسدين له، وبغض النواصب للشيعة وخاصّة للسادة والعلماء منهم، وتلك مشيئة الله في هذه النفس الزكيّة أن يراه يُنسف نسفاً مع معيته، ولا غرابة فإنَّ هؤلاء من طينة خبيثة جبلت على الكفر وحرب محمَّد وآل محمَّد امتداداً لبني أُميّة الطلقاء وأبناء الطلقاء، ولا يخفى ما فعلته منذ البعثة الشريفة وإلى يومنا هذا من مآسي وآلام وقالوا: الشهيد فلان وفلان هم المقتول في ظهر الكوفة، ولكن الشواهد والقرينة تدلّ على أنَّه السيّد باقر الحكيم (قدس سره)، وهؤلاء قتلوا منفردين، والحكيم قُتل وهو في كوكبة من الصالحين، والذين ثبت مقتلهم من هذا الحادث الجلل أكثر من مائة، ضمنهم السبعون، وهذه الجريمة لم تكن مستبعدة وكانت من مصلحة أطراف كثيرة، ولكن كانت خسارة للشعب العراقي وللحوزة في النجف الأشرف على الخصوص، والسياسة اليوم امرأة شمطاء لا تحبّ إلاّ نفسها، ولا تقوم إلاّ على سفك الدماء، وقتل الأبرياء، وهتك الأعراض، وتفضيل المفضول على الفاضل، وأداتها الغدر والخيانة والكذب والدجل والمراوغة، وليموت الجميع من أجل بقائها، تجول وتصول، وها قد مضت السنون، ونحن على هذه الحال: جبابرة وملوك وحكّام وخلفاء وسلاطين، ما جاءت أُمّة إلاّ ولعنت أُختها، وقتل النفس الزكيّة في ظهر الكوفة هي من العلامات التي تسبق ظهور المهدي المنتظر (عج) وقد تحقّقت هذه العلامة، وكثير من العلامات والله تعالى نسأل أن يعجِّل في فرج وليّه المنتظر (عج) ليكشف به هذه الغمّة عن هذه الأُمّة، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما مُلئت جوراً وظلماً والحمد لله ربّ العالمين.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بيان الأئمّة (عليهم السلام)، ج 6، ص: 213.