«وتُذلَّ السّاداتُ»([1])
السّادات: جمع سيّد، والسيّد مَن كان من ذريّة النبيّ (صلى الله عليه وآله)، والنبيّ (صلى الله عليه وآله) لم يترك غير فاطمة (عليها السلام)، وهي زوج أمير المؤمنين (عليه السلام) وابن عمّ النبيّ (صلى الله عليه وآله)، تركت الحسن والحسين (عليهما السلام) سبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عيّروه بانقطاع الذريّة، ولكنَّ الله أعطاه الكوثر: وهو الشيء الكثير، أو حوض الكوثر وساقيه عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ولمَّا كانت المسألة مسألة الذريّة فالكوثر هو الشيء الكثير، وهنا الذريّة الكثيرة من الحسن والحسين (عليهما السلام)، فمن الرياحين كانت السّادات، الحسنيّة والحسينيّة، ومع كلّ ما لاقاه السادة والمريدون لأهل البيت (عليهم السلام) من تقتل وتشريد ومضايقات تجد أنَّ البركة فيهم من حيث الذريّة المباركة.
وسيّد القوم: أي كبيرهم.
والغريب في الأمر اليوم، شبيه البارحة، فعلى عهد بني أُميّة والعبّاس وما بعدهم، كانت السادة من الشيعة أي من أتباع المتابعين لأهل البيت (عليهم السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، تلاحق في كلِّ مكان، وتُقتل على الشبهة والظنّ لشيء، وإنَّما لأنَّهم من ذريّة عليّ (عليه السلام) الذي قال: «نحن أهل بيتين تعادينا في الله، قلنا: صدق الله، وقالوا: كذب الله»، حارب أبو سفيان
رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحارب معاوية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وحارب الحسن (عليه السلام)، وحارب يزيد الحسين (عليه السلام)، ويحارب السفياني المهدي (عج).
أُميّة كان روميّاً نصرانيّاً، دميم الخلقة، قصير القامة، على وجهه آثار الجدري، عبد رقّ إلاّ أنَّه على درجة من الخبث والشيطنة، وبنو عبد المطّلب كانوا سادات العرب ومن رؤساء مكّة ولهم الجاه الوجيه، وكان عبد المطّلب في سعة من الجسم وعليه نور النبوّة، جميلاً تهابه وتحترمه النّاس في مكّة وغيرها وبيده سقاية الحاجّ وكان جواداً كريماً يقري الضيف ويأوي الفقير وابن السبيل وهو القائل لأبرهة الأشرم: «... وللبيت ربّ يحميه»، فكان وبنوه موضع الحسد والمنافسة خصوصاً من أُميّة، وبقي هذا العداء، وازداد قوّة بعد البعثة الشريفة، فحارب بنو أُميّة الإسلام والمسلمين منذ المبدأ وإلى يومنا هذا، ولو عدنا إلى التاريخ وجوانب الإسلام الأساسيّة نجد ما من مسألة عليها أهل اليبت (عليهم السلام) إلاّ وهم على خلافها، لماذا أفي أُميّة النبوّة، أم في عبد المطّلب؟
والسرّ في إذلال السادات لأنَّهم على المبادي التي سار عليها أهل البيت (عليهم السلام)الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
واليوم يُقتل السيّد ويُحارب في رزقه وعيشه، لأنَّه من ذريّة موسى بن جعفر عليه وعلى آبائه وأبنائه الهداة الميامين السَّلام.
والحال هناك سادة من هذه الذريّة، ولكنّهم على سيرة ومبادي أُميّة وحرب وذريّة أبي سفيان وبني العبّاس، ومن جرى هذا المجرى في أمان وسلام واحترام، وموضع تقدير.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بشارة الإسلام، ص: 77.
