• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

«فيكدحون الحرائر»

«فيكدحون الحرائر»([1])

 

 

الحرائر: جمع حرّة، وخلافها الأمة المسترقة، ولا يخفى أنَّ الإسلام جاء لخلاصها من عبوديّة الإنسان الغني لأخيه الفقير والأسير.

لمَّا غلت الأسعار، وقلّت الأمطار، وجار السلطان، وكسد البيع والشراء وخفت التجارة وشاع الربا والكذب، وزادت الحاجة وبَعُد النّاس عن الدّين وعن القناعة وأصبح بعضهم يقلِّد البعض الآخر في المأكل والمشرب والمسكن، اضطرّوا إلى العمل ليل نهار، واضطرّوا إلى الحرام والسرقة والسطو لإشباع الحاجة وقضائها بكلِّ وسيلة، فخرجت الحرّة من خدرها، وتركت البيت، وأخذت تكدح ليل نهار في سبيل ذلك في الدوائر والأسواق والمحللات، وأخذت تسافر إلى البلدان لتشتري وتبيع، بعيداً عن الزوج والأطفال والحنان، متعرّضة لمشاقّ السفر والحل والترحال، وكلَّما تقدَّم الإنسان اليوم كلَّما زادت مشاكله، وزادت احتياجاته تركوا القناعة والبساطة، ومالوا إلى التعقيد واختاروا الدرب الشائك، لأجل أن يكونوا أصحاب الفلة والعمارة والسيّارة الفارهة والرصيد العالي، تركوا البيت،تركوا الأطفال، وأصبحوا لا يفكّرون إلاّ بالمال وكيف يجمع، وسرعان ما يقعون في أمراض العصر، فيتمنّون لو أنَّهم صرفوا ما عندهم على أن يتمتّعوا بالصحة والأمان، ولكن هيهات إنَّها تقليعة العدوّ ومرض العصر المستعصي، فما قيمة المال والأولاد بلا أخلاق، ولا تربية، ولا دين، ولا حنان، ولا احترام للأبوين؟ ما قيمة المال والأولاد يتمنّون موت الآباء والأُمّهات ليرثوا ما عندهم؟ وما قيمة المال والولد معتاد أو مصاب بالإيدز؟ ما قيمة المال والعائلة في شتات؟

المال الذي في حلاله حساب، وفي حرامه عقاب، وفي المشتبه منه عتاب، ما قيمة المال الذي يأتي من سرقة الآخرين أو من بيت المال أو من الربا أو التجسّس للعدوّ الكافر؟ ما قيمة المال وأفراد العائلة لا تربطهم رابطة إلاّ رابطة المال؟ الغنى غنى النفس، والقناعة كنز لا يفنى، والدرهم الحلال خير من الكثير الحرام.

أمَّا إذا كان الدرهم حراماً كانت اللّقمة حراماً، وكانت النطفة حراماً، وكانت الطامّة، فلا صغير يوقّر كبيراً، ولا كبير يرحم ويحترم الصغيرو...، وحبّ المال سبب في الزنا والربا والتفكّك العائلي، فلا احترام ولا تعاون إلاّ في إطار المال، وحبّ المال مدعاة للعب القمار، والسرقة والسطو على أموال الآخرين، وبالتالي السجن والإعدام، لأن مَن يسرق يقتل ومَن يقتل يُقتل بمَن قتل ولو بعد حين: «بشِّر القاتل بالقتل ولو بعد حين»، وما نجده من تكالب النّاس والتسابق في هذا الباب إلاّ دليل على صدق الآية: (وَيُحِبُّونَ المَالَ حُبَّاً جَمَّاً)([2]) متناسين قوله تعالى: (إنَّمَا أمْوالكُم وَأوْلادكُم فِتْنَةٌ)([3])، نعم إذا جاءت الأموال عن طريق غير شرعي وتربّت الأولاد عليه، وكما قيل ما في الآباء تجده في الأبناء: (إنَّ مِنْ أزْوَاجكُم وَأوْلادكُم عَدُوَّاً لَكُم)([4])، أمَّا المال إذا جاء من حلال يكون: (المَالُ وَالبَنُونُ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُنيَا)([5]).

نعم، مال مخمّس ومزكّى حجّ مقبول وصيام مقبول وصلاة مقبولة وأولاد صلحاء تُقرُّ بهم العيون، ولا تنقطع الصلة بهم كما جاء في الحديث: «إذا مات ابن آدم انقطعت صلته عن الدنيا إلاّ من ثلاث: ولد صالح يدعو له، وعلم ينتفع به، وصدقة جارية».

أمَّا إذا كان هناك نظام إسلامي يتكفّل، لا تحتاج الحرّة إلى أن تترك بيتها وتربية أولادها.

ولما كنّا نعمل وفق نظام الأعداء، وبعيداً عن الإسلام، وما أمر به الله تعالى وجاء به رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله) والأئمّة الهداة الميامين، كانت هذه حالنا وتكون أقسى وأشدّ، حتّى أصبح البعض منّا يُباع ويُشترى في أسواق العالم من أجل لقمة العيش والخلاص من جور الحكّام الجائرين، إلى متى أيُّها النّاس أنتم في غفلة؟

اكثروا من الدعاء بالفرج فإنَّ فيه فرجنا جميعاً.

وتعاونوا على البرِّ والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، لعلَّ الله تعالى يرأف بحالنا، ويفرِّج عنّا، ويكشف هذه الغمة عن هذه الأُمّة.

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

([1]) بشارة الإسلام، ص: 74.

([2]) الفجر / 20.

([3])التغابن / 15.

([4]) التغابن / 14.

([5]) الكهف / 46.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page