«كثرة السرارى»([1])
السراري: جمع سُرّية، وهي الأمة المتّخذة سرّاً يتزوّج بها، وما أكثرهنَّ اليوم؟
في الحقيقة ; إنَّ المجتمع الذي يغيّر سُنن الله تعالى، ويتبع سُنن الشيطان يرى عاقبة ذلك، قال تعالى: (وَمَا ظَلَمْنَاهُم وَلَكِنْ كَانُوا أنْفُسَهُم يَظْلِمُونَ)([2]).
إنَّ الذي خلق الذكر والأنثى يعلم ما لا يعلمون، ولذا قال في تشريعاته: (فَأنْكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ)([3])، إلاّ أنَّ الحضارة المستوردة، والمبادي الهدّامة العلمانيّة، جعلت بيد المرأة الزواج أكثر من واحد، وإنَّ المحاكم لا تجوّز للرجل الزواج أكثر من واحدة، انطلاقاً من مبدأ النصارى واليهود، الذي لا يجيز للرجل الزواج بأكثر من واحدة، وهناك من الرجال ما فُطر على حبّه للجنس والواحدة، قد لا تكفيه، فأجازه الله تعالى أن ينكح مثنى وثلاث ورباع، وقد تكون عقيمة، أو مريضة، أو سليطة اللّسان، أو سيّئة الخُلق والأخلاق، فأجازه الله تعالى أن ينكح مثنى وثلاث ورباع، حفظاً على الإلتزام بالشرع، ومنهم مَن لا يرغب الجنس ويحبّ العزلة، ومنهم بين هذا وذاك، ولكن لما زحفت علينا طبائع وأخلاقيّات وعادات الأُمم الكافرة ; وشاركت المرأة الرجل في كلِّ شيء ونافسته، وفي بعض الميادين غلبته، وعملت بما تمليه الرغبات، تغيّرت الموازين واختلَّت ووقعت النفرة، وأُشبعت الحاجة عن طريق غير مشروع، وانعدم الإهتمام بالذريّة والإنجاب، وتحديد النسل، وظهرت حبوب منع الحمل، وعُقد الرحم من غير موافقة الرجل، وفشا اللّواط والمساحقة، وظهرت استعمال الآلآت والإكتفاء بالمحرّمات، واستعمال الحيوانات، وظهر الشذوذ الجنسي، وجدنا أنَّ البعض والكثير أخذ هو الآخر يشذّ، ولما فتح الباب على مصراعيه، ونافست المرأة الرجل في ميادين الحياة من غير ما التزام واعتبار، دخل الشيطان على عادته، فهي معه في السوق، ومعه في الدائرة، ومعه في المدرسة، ومعه في المعهد، ولا تتحرّج، انطلاقاً من مبدأ الحريّة التي ظاهرها جميل وباطنها الخراب والدمار، لأنَّ الحريّة تنتهي عند مبدأ حريّة الآخرين، والنفس أمّارة بالسّوء، ولكثرة المشاكل التي تمخّضت عن الحضارة التي ظاهرها أنيق وباطنها حريق.
أخذ الرجل تهرّباً أو حلاً للمشاكل العائليّة الحضاريّة السراري بدلاً من الزواج المتعدّد، وأخذت النّساء تميل إلى الحرام عن طريق الزمالة والتوظيف والتقدميّة والتحزّب، ولا شكّ ولا شبهة أنَّ في هذا الزواج مشاكل جمّة ; فكم أخ أو أخت لا يعرف أباه، ومحروم ومظلوم، أُكِل حقّه من حيث لا يدري مثلاً، وكم في مَن تزوّج من أُخته أو ابنته وهو لا يدري، أمَّا اتّخاذ الخليلات فحدِّث ولا حرج، فهناك مَن له في كلِّ عاصمة خليلة أو أكثر بحكم انتقاله لهذا وذاك من الأُمور التجاريّة والدبلوماسيّة والترفيهيّة، وهذا من اتّخاذ السراري أعظم وأكثر إثماً وأسوأ عاقبة، فكثر أولاد الزنا وتداخلت المياه، كذلك بفعل التقدميّة والحضارة الغربيّة والإباحيّة، فكثرت الأمراض وتعقّدت الأُمور وكثرت جرائم القتل والخيانة ونزل العذاب وأغار النّاس بعضهم على بعض، فكانوا في سخط الله تعالى، فموت الرجال في الحروب والفتن والكوارث الذريّة والجرثوميّة التي هي على الأبواب.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بيان الأئمّة (عليهم السلام)، جـ 5، ص: 134.
([2]) النحل / 118.
([3]) النساء / 3.