«وإذا حكمت النّسوان»([1])
النّسوان: جمع الجمع، فالمرأة جمعها النّساء، وجمع النّساء النّسوان.
والمرأة قديماً وحديثاً حكمت وترأسة فمثلاً: بلقيس كما جاء في القرآن الكريم: (إنِّي وَجَدتُ امرَأةً تَمْلِكُهُم وَأُوتِيَت مِنْ كُلِّ شَيء وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ)([2])، بلقيس كانت تحكم قومها في اليمن قديماً ولها حديث مع سليمان، نقل المؤرّخون بعضها، وأشار القرآن إلى بعض ما يتعلّق بها، وكيف أنَّ آصف بن برخيا وهو وصيّ سليمان النبيّ (عليهما السلام) جاء بعرشها: (قَبْلَ أنْ يَرْتَدَّ إلَيْكَ طَرْفُكَ)([3])، وهذا اليوم يُعدّ من قبيل الإعجاز، ولكنّه دلالة على أنَّ العالم الحديث أعجز من أن يصل إلى ما وصل إليه آصف بن برخيا الذي كان: (قَالَ الذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَابِ)([4])، والحال إنَّ للمهدي (عج) عنده علم الكتاب، والمرأة اليوم رئيسة وزراء، وملكة، ووزيرة خارجيّة، ورئيسة حزب ونائبة في المجلس، وكاتبة عدل، ومديرة إدارة ولها مناصب كثيرة و... ولكنّها تبقى امرأة، ويبقى الرجل رجلاً، وشتّان ما بينهما، فلا كلِّ امرأة مثل الزهراء (عليها السلام) ولا كلّ رجل مثل عليّ (عليه السلام)، ولو لم يكن عليّ (عليه السلام) لما كان لفاطمة الحوريّة الإنسيّة سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) كفؤ، ومساواة المرأة بالرجل من خداع العدوّ للمرأة، واستغلالها ليس إلاّ، وإلاّ: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى)، (يَا أيُّهَا النّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِنْ ذَكَر وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُم شُعُوبَاً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أكْرَمَكُم عِنْدَ اللهِ أتْقَاكُم)([5]).
فعنصر التقوى هو الذي يميّز المرأة عن الرجل، فهناك من النّساء ما لا يكافؤها آلاف من الرجال، فزينب (عليها السلام) لها من القدرات الكامنة ما لا تجدها في آلاف الرجال، وإنَّما في الحسين (عليه السلام) ما لا تجده في ملايين النّساء، لا من القديم ولا من الحديث.
النّساء ترأست دولاً كبرى: فكتوريا، اليزابيت، وأنديرا غاندي، غولدا مائير، واليوم وزيرة خارجيّة أمريكا: كوندريزا رايز، وهي من أثرياء العالم، وهناك مثل أندونيسيا حكمتها امرأة، وهي من أكثر الدول الإسلاميّة نفوساً، وكثير من النّساء وزيرات ومديرات إدارات في بلدان متعدّدة ; وقد جاء في الحديث: «لن يُفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة»([6])، فليتذكّر القاري العزيز بماذا سيؤول أمر أمريكا بفعل سياسة كوندريزا رايز الخارجيّة، ولينظر إلى التاريخ قديمه وحديثه عمَّا يراه لمَن قادتهم النّساء، إلى أيّ مصير أسود آل بهم الأمر، ما للنّساء والقيام والحكم وهنَّ مجموعة أحاسيس ومشاعر وعواطف تغلب العقل وذلك إذا تسلّطت النّاس وسُلّطت الإماء وأُمّرت الصبيان، «لا يُقدِّس الله أُمَّة قادتهم امرأة»([7])، ثمَّ قال (صلى الله عليه وآله): «إذا غلبت النّساء على الملك، وغلبن كلّ امرئ، فلا يؤتى ما لهنَّ فيه هوى، وهذا هو داؤنا العياء...، وفي شفرتي ذي الفقار بكفّ ولدك القائم المنتظر (عج) الدواء، ليس إلاّ»([8])، نعم حكمت النّساء والنّسوان، وتحكم حتّى ظهور المهدي (عج)، وبها تقود المرأة إلى عشّها ووظيفتها.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بيان الأئمّة (عليهم السلام)، جـ 1، ص: 343.
([2]) النمل / 23.
([3]) النمل / 40.
([4]) النمل / 40.
([5]) الحجرات / 13.
([6]) صحيح البخاري، ج 9، ص: 55، وتحف العقول، ص: 30.
([7]) صحيح البخاري، ج 9، ص: 55، وتحف العقول، ص: 30.
([8]) البحار، ج 52، ص: 259، وبشارة الإسلام، ص: 134، وإلزام الناصب، ص: 184.
