«خوف وفزع يشمل أهل العراق وبغداد»([1])
قيل: «حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة»، والذين حكموا العراق يعبدون الدنيا والدينار والدرهم، النّساء والمنصب، الدور والقصور، التجرّد من الحياء والكذب والرياء، منهم جُند الشيطان، الشيطان الإنسي والجنّي، تراهم يوماً في زيّ العلماء، وآخر في زيّ رُعاة البقر، لا يتناهون عن منكر فعلوه، يحبّون سفك الدماء، ويستهينون بها إذا كانت سبباً في بقائهم على السلطة أو لم يكن.
فقد توالت على حكم العراق طوائف من الدّين مُرّاق، هم سبب الشقاق والفراق، والدم المُراق، والأعراض المنتهكة.
فتارة إلى الشرق، وأُخرى إلى الغرب، وثالثة إلى الوجوديّة والماسونيّة العالميّة، ورابعة إلى الصليبيّة، كلّ ذلك لضرب الإسلام، وتغيير عقائد المسلمين ليسهل السيطرة عليهم، لأنَّ الدّين الإسلامي دين العزّة: (إنَّمَا العِزَّةُ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤمِنينَ)([2])، فالشيوعيّة، والقوميّة والبعثيّة، ظاهرها أنيق، وباطنها حريق، ظاهرها مختلف، وباطنها مؤتلف، لأنَّها من مصدر واحد، وهو عدوّ الإسلام المشترك ولمَّا سلّط الله تعالى على حزب البعث والدكتاوريّة اجتمعت فلول النظام الذين ضُربت مصالحهم وراء الكواليس ومُدَّت إليهم أيادي الأسياد بالمال والسلاح والمخطّطات، أخذوا بأعمال القتل والنهب والإختطاف وهتك الأعراض وتفجير السيّارات المفخّخة وقتل الأبرياء، ممَّا أثار الرعب في النّاس.
فتعطّلت الأسواق والدوائر والمحلّات، وفُقد الأمن، وعمَّ القلق والفزغ خصوصاً بغداد العاصمة التي تضمّ القادة والرفاق، وكثافة السُّكان، والقوّات المسلّحة، قوّات القصر الجمهوري المُنحلّ، والجيش الشعبي، وفدائيي صدّام، والأمن والإستخبارات، والجيش النظامي، والشرطة والحزب وقيادات الحزب وقيادة القطريّة والقوميّة، كلّ هذا ممَّا يُسهِّل قتل الأبرياء والمواطنين، وتحرّك الجيش الأمريكي، واتّباع سياسة التفرقة وبثّ الإضطراب والفرقة بين النّاس وتغذيته بالمال والسلاح، الغرض منه إطالة البقاء، جعل الخوف والفزع يعمّ العراق من المستقبل المجهول والحاضر المؤلم.
وأرى الحلّ الأنجع لهذا البلاء:
1 ـ تعجيل تدريب قطعات الجيش النظامي، وجعله بمستوى المسؤوليّة.
2 ـ الإكثار من الشرطة: الأمنيّة والمحليّة والحدوديّة مع الصلاحيّة.
3 ـ تشكيل جيش شعبي من المؤمنين يليق بقدسيّة العراق كوطن مستقل، ومن المتضرّرين من نظام البعث المنحلّ، والذين قدّموا الشهداء ونزلوا السجون وزنزانات البعث.
4 ـ إعطاء الحكومة العراقيّة حقّ التصرّف والتعامل مع أعداء الشعب والقتلة منهم وعدم تقييد المسؤولين في الحكومة بالنظرة الأمريكيّة المحتلّة.
5 ـ تحميل رؤوساء العشائر وذوي النفوذ في المحافظات السُّنية تبعة ما يقع في مناطقهم ومحاسبتهم.
6 ـ إعدام كلّ مَن يثبت تلبّسه في المعارضة وبثّ الفرقة والقلق بين النّاس، بأيِّ شكل من الأشكال، ومفاتحة الدول الأجنبيّة التي يُلقى القبض عليهم من رعاياها، وتوجيه الإنذار لهم وبالتالي قطع العلاقة الدبلوماسيّة معهم في حالة عدم الإستجابة أو التهاون.
7 ـ تكون المحاكمة للمجرمين بحقّ الشعب ويتمّ التنفيذ حال الإنتهاء من المحاكمة بعد تسجيل ذلك صورةً وصوتاً وعرضها إذا اقتضت الضرورة على المجتمع.
وما يحدث بالعراق هو من علائم الظهور ومقدّماته أوَّلاً، وإنَّ البعث ظلم في أبان حكمه ويظلم اليوم، لأنَّه وراء كلّ هذه الأحداث، وكما قيل: إنَّ ما أخذ بالقوّة لا يُستردّ إلاّ بالقوّة، وحزب البعث أخذ الحكم بالعراق بالدبّابة والمدفعيّة، ولا يعطيه إلاّ بالدبّابة والمدفع والطائرات، وإلاّ فالشعب العراقي ليس عبداً مسترقّاً لهذا الحزب الأهوج الذي عانى العراق منه ما عانى من خوف وقتل وهتك وتأخير في الركب الإنساني، وعلى مدى أربعة عقود عصيبة، والعراق ينزف ويعاني، فلا ماء ولا ضياء، ولا نفط ولا غاز، ولا حريّة، ولا حياة آمنة ; سجون ومعتقلات ومقابر جماعيّة وتهجير ومطاردة حتّى أصبح العراق سجن العراقيّين الكبير.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بيان الأئمّة (عليهم السلام)، ج 6، ص: 215، الطبعة الجديدة.
([2]) المنافقون / 8.
