الجمع بين علمه ومبيته في فراش النبي
السؤال 185 : إذا کان الإمام علي عليه السلام يعلم الغيب، فمبيته مكان الرسول صلي الله عليه و علي و آله و سلم و قتاله للمشركين ليس بشجاعة، لأنه يعلم انه لن يُقتل، فما جواب هذا الاشكال؟
الجواب : أولاً: لا ينافي العلم بعدم وقوع حادث مع الخوف منه فإذا أقدم الشخص علی العمل المخوف حتی مع العلم بعدم حصول ضرر عليه يكشف عن شجاعته وتهوّره فأنت تعلم يقيناً بأن الميت بعد نزع روحه لايمكنه أن يورد عليك الضرر ولكنك تخاف ولذلك لا تبقی مع جثة أبيك في غرفة بالليل لوحدك مع العلم بأن الأب حتی إذا صار حيّاً لايورد عليك الضرر فإذا بقيت مع جثته لوحدك يقال: إنك شجاع ومتهوّر، فالشجاعة والخوف شيء والعلم والجهل شيء آخر فالإنسان بحسب الطبع يخاف من البقاء والمکث في مواطن الخطر فإذا مكث عدّ شجاعاً.
فمبيت الإمام (عليه السلام) فيه فضائل كثيرة:
1 – علم الغيب. 2 – الايمان القوّي والشديد بالله تعالی وبرسوله. 3 – التضحية والايثار. 4 – الشجاعة.
ثانياً: علم الإمام (عليه السلام) بالمغيبات ليس ذاتياً بل بتعليم الله تعالی ورسوله فإن العالم بالذات للغيب هو الله تعالی وحده دون غيره نعم قد يطلع النبي أو الولي بالغيب وفي الحديث: (إن شاؤوا علموا) فيمكن أن الإمام (عليه السلام) لم يكن عالماً في خصوص هذه القضية بما يحصل لأن الله تعالی أخفی عليه ذلك ولأنه لم يشأ أن يعلم مصيره لكي يظهر للناس شجاعته وتضحيته وتفانيه في سبيل الله ورسوله .
ثالثاً: هناك مسألة تسمی بالبداء وتستفاد من قوله تعالی: (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده اُم الكتاب) والإمام (عليه السلام) وإن كان يعلم أنه حسب القواعد العامة لايموت ولايقتل لكنه يحتمل البداء من الله تعالی ولو بأسباب طارئة فيحتمل ورود القتل والموت عليه وليس معنی البداء أن الله تعالی لم يكن عالماً بشيء ثم بداله وظهر له ذلك فإن هذا كفر وضلال بل المراد أن الله يظهر للناس ما كان يخفی عليهم فإن الله تعالی محيط بجميع الامور وعالم بكل الأشياء فقد يتخيل الناس أن الأمر الفلاني سوف يقع في الخارج لوجود أسبابه وعلله وقد يخبر النبي أو الإمام بذلك لكنه في علم الله تعالی قدّر أن لا يقع لوجود الموانع في ظرفه فالله تعالی أطلع نبيه أو وليّه علی وجود العلة والسبب لكنه لم يطلعه علی وجود المانع بل أخّر البيان إلی حصول وقته وظرفه، فقد يخبر النبي أو الولي بوقوع الحادث لعلمه بوجود سببه ولا يخبر بوجود المانع لكنه لا يقع لوجود المانع فيظهر للناس خلاف ما كانوا يعلمونه وهذا هو معنی البداء.
الجمع بين علمه ومبيته في فراش النبي
- الزيارات: 5535