نروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، أنه قال : « قال الله تبارك وتعالى : أنا أعلم بما يصلح عليه دين عبادي المؤمنين ، أن يجتهد في عبادتي فيقوم من نومه ولذة وسادته ، فيجتهد لي ، فأضربه بالنعاس الليلة والليلتين ، نظراً مني له وإبقاء عليه ، فينام حتى يصبح ، فيقوم وهو ماقت نفسه ، ولو خليت بينه وبين ما يريد من عبادتي ، لدخله من ذلك العجب ، فيصيّره العجب إلى الفتنة ، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه ، ألا فلايتكل العاملون على أمالهم ، فإنهم لو اجتهدوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي ، كانوا مقصرين غير بالغين كنه عبادتي ، فيما يطلبونه عندي ، ولكن برحمتي فليثقوا ، وبفضلي فليفرحوا ، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا ، فإن رحمتي عند ذلك تدركهم ، فإني أنا الله الرحمن الرحيم ، وبذلك تسميت » 1.
ونروي في قول الله تبارك وتعالى : ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) 2 قال : ليس من رجل يعمل شيئاً من الثواب ، لايطلب به وجه الله ، إنما يطلب تزكية الناس ، يشتهي أن تسمع به الناس ، إلا أشرك بعبادة ربه 3 في ذلك العمل ، فيبطله 4 الرياء ، وقد سماه الله تعالى الشرك.
ونروي : من عمل لله كان ثوابه على الله ، ومن عمل للناس كان ثوابه على الناس ، إن كان رياء شرك 5.
ونروي : ما من عبد أسر خيراً ، فيذهب الأيام حتى يظهر الله له خيراً ، وما من عبد أسرّ شراً ، فيذهب الأيام حتى يظهر الله له شراً 6.
ونروي : أن عالماً أتى عابداً فقال له : كيف صلاتك ؟ قال : تسألني عن صلاتي وأنا أعبد الله منذ كذا وكذا ! فقال له : كيف بكاؤك ؟ قال : إني لأبكي حتى تجري دموعي ، فقال له العالم عليه السلام : فان ضحكك وأنت عارف بالله ، أفضل من بكائك وأنت تدل على الله ، إن المدل 7 لايصعد من عمله شيء 8.
ونروي : من شك في الله ـ بعد ما ولد على الفطرة ـ لم يتب أبداً 9.
وأروي : أن أمير المؤمنين علياً عليه السلام قال في كلام له : « إن من البلاء الفاقة ، وأشد من الفاقة مرض البدن ، وأشد من مرض البدن مرض القلب » 10.
أروي : لا ينفع مع الشك والجحود عمل 11.
وأروي : من شك أو ظن ، فأقام على أحدهما ، أحبط عمله 12.
وأروي في قول الله عزوجل : ( وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ) 13 قال : نزلت في الشكاك 14.
وأروي في قوله تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ ) 15 قال : الشك 16 ، الشاك في الآخرة مثل الشاك في الاُولى. نسأل الله الثبات وحسن اليقين.
وأروي أنه سئل عنه رجل يقول بالحق ، ويسرف على نفسه بشرب الخمر ، ويأتي الكبائر ، وعن رجل دونه في اليقين ، وهو لا يأتي ما يأنيه. فقال صلى الله عليه وآله : أحسنهما يقيناً كنائم على المحجة إذا انتبه ركبها ، والأدون الذي يدخله الشك كالنائم على غير طريق ، لا يدري إذا انتبه أيما المحجة.
__________________
1 ـ الكافي ٢ : ٥٠ / ٤ ، التمحيص : ٥٧ / ١١٥ ، عدة الداعي : ٢٢٢ باختلاف يسير.
2 ـ الكهف ١٨ : ١١٠.
3 ـ الكافي ٢ : ٢٢٢ / ٤ ، تفسير العياشي ٢ : ٣٥٢ / ٩٣ ، الزاهد : ٦٧ / ١٧٧ باختلاف يسير.
4 ـ في نسخة « ش » : « فيطلب » وفي نسخة « ض » : « فيطلبه » وما أثبتناه من البحار ٧٢ : ٣٠٠ / ٣٦.
5 ـ الزهد : ٦٧ / ١٧٧ وورد بتقدم وتأخير في الكافي ٢ : ٢٢٢ / ٣.
6 ـ الكافي ٢ : ٢٢٤ / ١٢ ، الزهد : ٦٧ / ١٧٧ باختلاف يسير.
7 ـ المدل : المنان ، انظر « الصحاح ـ دلل ـ ٤ : ١٦٩٩ ».
8 ـ الكافي ٢ : ٢٣٦ / ٥ ، الزهد : ٦٣ / ١٦٨ ، قصص الانبياء : ١٧٩ ، باختلاف يسير.
9 ـ الكافي ٢ : ٢٩٤ / ٦ باختلاف يسير.
10 ـ نهج البلاغة ٣ : ٢٤٧ / ٣٨٨.
11 ـ الكافي ٢ : ٢٩٤ / ٧.
12 ـ الكافي ٢ : ٢٩٤ / ٨.
13 ـ الأعراف ٧ : ١٠٢.
14 ـ الكافي ٢ : ٢٩٣ / ١ ، تفسير العياشي : ٢ : ٢٣ / ٦٠.
15 ـ الأنعام ٦ : ٨٢.
16 ـ الكافي ٢ : ٢٩٣ / ٤ ، تفسير العياشي ١ : ٣٦٦ / ٤٨.
١٠٩ ـ باب الرياء والنفاق والعجب
- الزيارات: 916