سليمان خليفة أبيه من بعده
بعد حادثة الغنم التي نفشت في حرثِ القوم (وقد وردت مفصلة في قصة النبي سليمان (ع)، ظهر أمرُ سليمان، وكان صبيّاً يافعاً، بعد أن أجرى الله على لسانه حكمةً، وفصلَ خِطابٍ.
و أخذ داودُ يتعهَّد ابنَه سليمان، وقد أوحى الله إليه، أنَّه الخليفةُ من بعدك، ونبيٌّ، ومن الصّالحين!.
ولكن، ها هوذا "أبشالوم" ابنُ داود، القويُّ العتيدُ، والجبّارُ العنيدُ، المقصيُّ عن حظيرةِ قدس النبوَّة، وسُدّةِ الحكم والسُّلطان،.. وقد أضمر لكلٍّ من أبيه داود وأخيه سليمان، شرّاً مستطيراً!..
فكيف تؤولُ (أي: تنتهي) الخلافةُ والنبوَّةُ من أبيه إلى سليمان، وهو الأقوى، والأشدُّ، والأمنعُ، والأعزُّ؟.. فتقرَّب "أبشالوم" إلى بني قومه، وأغدق عليهم كلّ عطفٍ وعطاء، حتى استرقَّ (أي: استعبد) قلوبَهم، وتمكَّن من نفوسِهم. فكثُرَت جماعتُه وأعوانُه فلما أطمأنَّ إلى ذلك، نادى فيهم بالثورة على أبيه وأخيه، فثاروا، واشتدّت الفتنةُ بينهم فكانت كالريح العاصف، واضطرب أمرهم. ونظر داودُ حواليه فلم يجد لنفسه إلاّ أن يفرَّ هارباً، فصعد جبل الزيتون بمن معه حافيا باكياً، وهنالك، تضرَّع إلى الله تعالى أن ينجِّيه مما حاق به من بلاء..
والتحق بداود قادةُ جيشه، وأنصارهُ، فطلب إليهم العودة، مشدّداً على أن يعالجوا الأمور مع ابنه "أبشالوم" بالحكمة، والحسنى، وأن يحافظوا على حقن الدّماء، ماوسعهم الأمرُ، لايدّخرون في سبيل ذلك جهداً.
وانتهى الأمر بقتل "أبشالوم" ووُئدَت (أي: دفنت حيّةً) الفتنةُ، وعادت الأمورُ إلى ماكانت عليه.