واعلم أن الله جل وعز حرم الزنا لما فيه من بطلان الأنساب ـ التي هي من أصول هذا العالم ـ وتعطيل الماء ١.
وروي : أن الدفق في الرحم إثم ، والعزل أهون.
وروي : أن يعقوب النبي عليه السلام قال لابنه يوسف عليه السلام : يا بني ، لا تزن ، فإن الطير لو زنى لتناثر ريشه ٢.
وروي : أن الزنا يسود الوجه ، ويورث الفقر ، ويبتر ٣ العمر ، ويقطع الرزق ، و يذهب بالبهاء ، ويقرب السخط ، وصاحبه مخذول مشؤوم ٤.
وروي : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ؛ فسئل عن معنى ذلك ، فقال : يفارقه روح الإيمان في تلك الحال ، فلا يرجع إليه حتى يتوب ٥.
ومن زنى بذات محرم ، ضرب ضربة بالسيف ـ محصناً كان أم غيره ـ فإن كانت تابعته ضربت ضربة بالسيف ، وإن استكرهها فلا شيء عليها ٦.
ومن زنى بمحصنة وهو محصن ، فعلى كل واحد منهما الرجم ٧.
ومن زنى بمحصنة وهو غير محصن ، فعليها الرجم ، وعليه الجلد ٨ وتغريب سنة.
وحد التغريب خمسون فرسخاً.
والرجم أن يحفر بئر بقامة الرجل إلى صدره 9 ، وللمرأة إلى فوق ثدييها وترجم 10 ، فإن فر المرجوم ـ وهو المقر ـ ترك ، وإن فر ـ قد قامت عليه البينة ـ رد إلى البئر ورجم حتى يموت 11.
وروي : أن لا يتعمد بالرجم رأسه.
وروي : لا يقتله إلا حجر الإمام.
وحد المحصن أن يكون له فرج يغدو عليه ويروح 12.
وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال : لا يرجم الزاني حتى يقر أربع مرات بالزنا ـ اذا لم يكن شهود 13 ـ فاذا رجع وأنكر ترك ولم يرجم.
ولا يقطع السارق حتى يقر مرتين إذا لم يكن شهود 14.
ولا يحد اللوطي حتى يقر أربع مرات ، على تلك الصفة 15.
وروي : أن جلد الزاني أشد الضرب ، وأنه يضرب من قرنه إلى قدمه ، لما تفضى من اللذة بجميع جوارح.
وروي : أنه إن وجد وهو عريان جلد عرياناً ، وإن وجد عليه ثوب جلد فيه 16.
وروي أن الحدود في الشتاء لاتقام بالغدوات ، ولا يقام في الصيف في الهاجرة ، ويقام إذا برد النهار 17 ، ولا يقيم حداً من في جنبه حد 18.
وأما أصل اللواط من قوم لوط ، وفرارهم من قرى الأضياف من مدركة الطريق ، وانفرادهم عن النساء ، واستغناء الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، و لذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « أيّ داء أدوى من البخل » وذكر هذا الحديث 19.
وحرم لما فيه من الفساد ، وبطلان ما حضَّ الله عليه ، وأمر به من النساء 20.
أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : لو كان ينبغي لاحد ان ان يرجم مرتين لرجم اللوطي 21 وعليه مثل حد الزاني من الرجم والحد ، محصناً أو غير محصن 22.
وإذا وجد الرجلان عراة في ثوب واحد ـ وهما متهمان ـ فعلى كل واحد منهما مائة جلدة ، وكذلك امرأتان في ثوب واحد ، ورجل وامرأة في ثوب واحد 23.
وفي اللواطة الكبرى ضربة بالسيف ، أو هدمة ، أو طرح الجدار ، وهي الإيقاب. وفي الصغرى مائة جلدة.
وروي أن اللواطة هي التفخذ ، وأن على فاعله القتل ، والإيقاب الكفر بالله.
وليس العمل على هذا ، وإنما العمل على الاولى في اللواط 24.
واتق الزنا واللواط ، وهو أشد من الزنا ، والزنا أشد منه 25 ، وهما يورثان صاحبهما اثنين وسبعين داءً في الدنيا وفي الآخرة.
ويجلد على الجسد كله إلا الفرج والوجه ، فإن عادا جلدا مائة مائة ، فإن عادا قتلا ، وان زنيا أول مرة ـ وهما محصنان ، أو أحدهما محصن والآخر غير محصن ـ ضرب الذي هو غير محصن مائة جلدة ، وضرب المحصن مائة ثم رجم بعد ذلك 26.
قال : وأول من يبدأ برجمها الشهود الذين شهدوا عليهما ، والإمام 27.
فإذا زنى العبد والجارية ، جلد كل واحد منهما خمسين جلدة ـ محصنين كانا أو غير محصنين ـ وإن عادا جلدا خمسين ـ كل واحد منهما ـ الى أن يزنيا ثماني مرات ، ثم يقتلا في الثامنة 28.
ولايجوز مناكحة الزاني والزانية حتى تظهر توبتهما 29.
فإن زنى رجل بعمته أو بخالته ، حرمت عليه أبداً بناتهما 30.
ومن زنى بذات بعل ـ محصناً كان او غير محصن ـ ثم طلقها زوجها أو مات عنها ، وأراد الذي زنى بها أن يتزوج بها لم تحل له أبداً ، ويقال لزوجها يوم القيامة : خذ من حسناته ماشئت 31.
ومن لاط بغلام فعقوبته أن يحرق بالنار ، أو يهدم عليه حائط ، أو يضرب ضربة بالسيف 32 ، ولا تحل له أخته في التزويج أبداً ولا ابنته 33 ، ويصلب يوم القيامة على شفير جهنم ، حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ثم يلقيه في النار ، فيعذبه بطبقة طبقة حتى يؤديه إلى أسفلها فلايخرج منها أبداً.
وإذا قبل الرجل غلاماً بشهوة ، لعنته ملائكة السماء ، وملائكة الارض ، و ملائكة الرحمة ، وملائكة الغضب ، وأعدله جهنم وساءت مصيراً.
وفي خبر آخر : من قبل غلاماً بشهوة ألجمه الله بلجام من نار 34.
واعلم أن حرمة الدبر أعظم من الفرج ، لأن الله أهلك أمة بحرمة الدبر ، ولم يهلك أحداً بحرمة الفرج 35.
__________________
١ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٣٦٩ / ١٧٤٨ ، وعلل الشرائع : ٤٧٩ ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٩٢.
٢ ـ الفقيه ٤ : ١٣ / ١٣ ، الكافي ٥ : ٥٤٢ / ٨ ، والمحاسن : ١٠٦ / ٩٢ من « وروي : ان يعقوب عليه السلام ».
٣ ـ في نسخة « ش » : « ويبير ».
٤ ـ الفقيه ٤ : ٢٦٦ ، الخصال : ٣٢٠ / ٢ و ٣ و ٤ وفيهما بعض الفقرات.
٥ ـ الفقيه ٤ : ١٤ / ٢٠ باختلاف يسير.
٦ ـ الفقيه ٤ : ٣٠ / ٨١ باختلاف يسير.
٧ ـ المقنع : ١٤٤ ، علل الشرائع ٥٤٠ / ١٣ باختلاف في ألفاظه.
٨ ـ المقنع : ١٤٤ باختلاف في ألفاظه.
9 ـ المقنع : ١٤٤ باختلاف في ألفاظه من « والرجم أن يحفر ... » وفيه : « إلى عنقه ».
10 ـ ورد مؤداه في الفقيه ٤ : ٢٠ / ٥٠ و ٢٤ / ٥٢ ، والمحاسن : ٣٠٩ / ٢٣.
11 ـ ورد مؤاده في الفقيه ٤ : ٢٤ / ١٩ ، والكافي ٧ : ١٨٥ / ٥.
12 ـ الفقيه ٤ : ٢٥ / ٥٧ ، الكافي ٧ : ١٧٩ / ١٠ ، التهذيب ١٠ : ١٢ / ٢٨ باختلاف يسير من « وحد المحصن ... ».
13 ـ الهداية : ٧٥ باختلاف يسير.
14 ـ الفقيه ٤ : ٤٣ / ١٤٥ ، تفسير العياشي ١ : ٣١٩ / ١٠٧.
15 ـ ورد مؤاده في الكافي ٧ : ٢٠١ / ١ ، التهذيب ١٠ : ٥٣ / ١٩٨.
16 ـ ورد مؤاده في الفقيه ٤ : ٢٠ / ٤٦ و ٤٧ ، والمقنع : ١٤٣.
17 ـ ورد مؤاده في الكافي ٧ : ٢١٧ / ١ ـ ٣ ، والتهذيب ١٠ : ٣٩ / ١٣٦ و ١٣٧ ، والمحاسن : ٢٧٤ / ٣٧٩.
18 ـ ورد مؤاده في الفقيه ٤ : ٢٢ / ٥١ و ٢٤ / ٥٢ و ٥٣ ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٢٣٨ / ١ ، والكافي ٧ : ١٨٨ / ٣.
19 ـ ورد مؤداه في علل الشرائع : ٥٤٨ / ٤ ، وتفسير العياشي ٢ : ٢٤٤ / ٢٦.
20 ـ ورد مؤداه في علل الشرائع : ٥٤٧ / ١ ، وعيون اخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٩٧.
21 ـ الفقيه ٤ : ٣١ / ٨٧ ، عقاب الأعمال : ٣١٦ / ٥ ، الكافي ٧ : ١٩٩ / ٣ ، التهذيب ١٠ : ٥٣ / ١٩٦ ، الاستبصار ٤ : ٢٢٠ / ٨٢٤ ، المحاسن : ١٢٢ / ١٠٤ ، الجعفريات : ١٢٦.
22 ـ ورد مؤداه في المقنع : ١٤٧ ، والكافي ٧ : ١٩٨ / ١ ، والتهذيب ١ : ٥٤ / ٢٠٠ ، والاستبصار ٤ : ٢٢٠ / ٨٢٤ ، وقرب الاسناد : ٦٤.
23 ـ ورد مؤداه في الكافي ٧ : ١٨١ / ٦ و ١٨٢ / ١٠ ، والتهذيب ١٠ : ٤٢ / ١٥١ و ٤٣ / ١٥٣.
24 ـ ورد مؤداه في المقنع : ١٤٤ ، والهداية : ٧٦.
25 ـ المقنع : ١٤٣ باختلاف يسير.
26 ـ المقنع : ١٤٣ باختلاف يسير ، من « ويجلد على الجسد ... ».
27 ـ الفقيه ٤ : ٢٦ / ٦٢ ، المقنع : ١٤٤ ، الكافي ٧ : ١٨٤ / ٣ باختلاف في ألفاظه.
28 ـ المقنع : ١٤٨ ، الفقيه ٤ : ٣٢ / ٩٠ باختلاف في ألفاظه.
29 ـ ورد مؤداه في الفقيه ٣ : ٢٥٦ / ١٢١٦ و ١٢١٧ ، والمقنع : ١٠١ ، والتهذيب ٧ : ٣٢٧ / ١٣٤٧.
30 ـ ورد مؤاده في الكافي ٥ : ٤١٧ / ١٠ ، والتهذيب ٧ : ٣١١ / ١٢٩١ ، والانتصار : ١٠٨.
31 ـ ورد مؤداه في الانتصار : ١٠٨.
32 ـ المقنع : ١٤٤ ، الهدايه : ٧٦ باختلاف يسير ، ومختلف الشيعة : ٧٦٤ عن رسالة علي بن بابويه.
33 ـ ورد مؤداه في الكافي ٥ : ٤١٧ / ٢ ، والتهذيب ٧ : ٣١٠ / ١٢٨٦.
34 ـ مكارم الاخلاق : ٢٣٨ ، من « وفي خبر آخر ... ».
35 ـ المقنع : ١٤٤.

أضف تعليق