• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

٤٣ ـ باب الأيمان والنذور والكفارات


إعلم ـ يرحمك الله ـ أن أعظم الأيمان الحلف بالله عزوجل ، فإذا حلف الرجل بالله على طاعة ـ نظير رجل حلف بالله أن يصلي صلاة معلومة ، أو أن يعمل شيئاً من خصال البر ـ فقد وجب عليه في يمينه أن يفي بما حلف عليه ، لأن الذي حلف عليه لله طاعة ، فإن لم يف بما حلف وجاز الوقت حيث ووجب عليه الكفارة ، فإن حلف أن لا يقرب معصية أو حراماً ثم حنث ، فقد وجب عليه الكفارة ١.
والكفارة إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ثوبين لكل مسكين ، والمكفر عن يمينه بالخيار إن كان موسراً أي ذلك شاء ، والمعسر لا شيء ، عليه إلا إطعام عشرة مساكين أو صوم ثلاثة أيام إن أمكنه ذلك ، والغني والفقير في ذلك سواء ٢.
فإن حلف بالظهار وهو يريد اليمين ، فعليه للفظ اليمين عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً ٣ وقد روي أن الثلاثة عليه عقوبة على مكروه امه وذوي رحمه بمثل هذا.
ولا يمين في قطيعة رحم ، ولا في ترك الدخول في خلال ، وكفارة هذه الأيمان الحنث.
واعلم أن كان ما كان من قول الانسان : لله عليّ نذر من وجوه الطاعة ووجوه البر ، فعليه الوفاء بما جعل على نفسه ٤ ، وإن كان النذر لغير الله ، فإنه إن لم يعط ولم يف بما جعله على نفسه ، فلا كفارة عليه ولا صوم ولا صدقة ، نظير ذلك أن تقول : لله عليّ صلاة معلومة أو صوم معلوم أو بر أو وجه من وجوه البر ، فيقول : إن عافاني الله من مرضي ، أو ردني من سفري ، أو رد عليّ غائبي ، أو رزقني رزقاً ، أو وصلني إلى محبوبي حلالاً فأُعطي ما تمنى ، لزمه ما جعل على نفسه ، إلا أن يكون جعل على نفسه ما لا يطيقه ، فلا شيء عليه إلا بمقدار ما يحتمله ، وهذا ممكن يجب أن يستغفر الله منه ، ولا يعود إلى مثله 5.
وإن هو نذر لوجه من وجوه المعاصي ، مثل الرجل يجعل على نفسه نذراً على شرب الخمر ، أو فسق ، أو زنا ، أو سرقة ، أو قتل ، أو موت ، أو إساءة مؤمن ، أو عقوق ، أو قطيعة ، رحم ، فلا شيء عليه في نذره ، وقد روي أن عليه في ذلك كفارة يمين بالله للعقوبة ـ لاغير ـ لإقدامه على نذر في معصية 6.
وقد روي إذا نذرت نذر طاعة لله فقدمه ، فإن الله أوفى منك.
واعلم أن الكفارة على مثل المواقعة في شهر رمضان والأكل والشرب فيه ، فعليه لكل يوم عتق رقبة ، أو صوم شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكيناً ، فإن عاد لزمه لكل يوم مثل الكفارة الاول 7. وقد روي : أن الثلاث عليه ـ وهذا الذي يختاره خواص الفقهاء ـ ثم لا يدرك مثل ذلك اليوم أبداً 8.
فأما الظهار أن يقول الرجل لامرأته أو ما ملكت يمينه : هي عليه كظهر اُمه أو كظهر اُخته ، أو خالته أو عمته ، أو دايته ، فإذا فعل ذلك وجب عليه للفظ ، ما قد فسرناه في باب الظهار.
وإن حلف المملوك أو ظاهر فليس عليه إلا الصوم فقط وهو شهران متتابعان 9.
وأما كفارة الدم ، فعلى من قتل مؤمناً متعمداً أن يقاد به ، فإن عفي عنه وقبلت منه الدية فعليه التوبة والإستعفار. ومن قتل مؤمناً خطأ ، فعليه عتق رقبة مؤمنة ، أو صوم شهرين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكيناً ، ودية مسلمة إلى أهله ، فإن لم يكن له مال اخذ من عاقلته 10.
فأما الكفارة على من واقع جاريته أو أهله ـ وهو محرم ـ فعليه بدنة قبل أن يشهد الموقفين ، وعليه الحج من قابل 11.
وإن أصاب صيداً ، فعليه الجزاء ( مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) 12 إن كان صيده نعامة فعليه بدنة ، فمن لم يجد فإطعام ستين مسكيناً ، فإن لم يجد فصيام ثمانية عشر يوماً.
وإن كان حمار وحش أو بقرة وحش ، فعليه بقرة ، فإن لم يجد فإطعام ثلاثين مسكيناً ، فان لم يجد فصيام تسعة أيام.
وإن كان الصيد من الظبي فعليه شاة ، فإن لم يجد فإطعام عشرة مساكين ، فإن لم تستطع فصيام ثلاثة أيام 13.
وإن كان الصيد طائراً فعليه درهم ، وإن كان فرخاً فعليه نصف درهم ، وإن كان بيضاً أو كسرها أو أكل فعليه ربع درهم 14.
وإن كان به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ، والنسك شاة أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، أو صوم ثلاثة أيام 15.
ومن ظلل على نفسه وهو محرم فعليه شاة 16 ، أو عدل ذلك صياماً وهو ثلاثة أيام.
ومن بات ليالي منى بمكة ، فعليه لكل ليلة دم يهريقه 17.
ومن كان متمتعاً فلم يجد هدياً ، فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة إذا رجع إلى أهله ، تلك عشرة كاملة 18.
والمحرم في الحرم إذا فعل شيئاً من ذلك ، تضاعف عليه الفداء مرتين ، أو عدل الفداء الثاني صياماً ، وبالله التوفيق.
واعلم أن اليمين على وجهين : يمين فيها كفارة ، ويمين لا كفارة فيها ، فاليمين التي فيها الكفارة ، فهو أن يحلف العبد على شيء يلزمه أن يفعل ، فيحلف ان يفعل ذلك الشيء وان لم يفعله فعليه الكفارة ، او يحلف على ما يلزمه أن يفعله أن لايفعله فعليه الكفارة إذا فعله.
واليمين التي لا كفارة فيها على ثلاثة أوجه : فمنها ما يؤجر عليه الرجل إذا حلف كاذباً ، ومنها مالا كفارة فيها عليه ولا أجر له ، ومنها مالا كفارة عليه فيها والعقوبة فيها إدخال النار.
فأما التي يؤجر عليها الرجل إذا حلف كاذباً ولم يلزم فيها الكفارة فهو أن يحلف الرجل في خلاص امرئ مسلم ، أو يخلص بها مال امرئ مسلم من متعد يتعدى عليه من لص أو غيره.
وأما التي لاكفارة عليه ولا أجر له ، فهو أن يحلف الرجل على شيء ثم يجد ما هو خير من اليمين ، فيترك اليمين ويرجع إلى الذي هو خير.
وقال العالم عليه السلام : لاكفارة عليه ، وذلك من خطوات الشيطان.
وأما التي عقوبتها دخول النار ، فهو إذا حلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حقه ظلماً ، فهو يمين غموس يوجب النار ولاكفارة عليه في الدنيا 19.
واعلم أنه لايمين في قطيعة رحم ، ولا نذر في معصية الله ، ولا يمين لولد مع الوالدين ، ولا للمرأة مع زوجها ، ولا للمملوك مع مولاه ، ولو أن رجلاً حلف أو نذر أن يشرب خمراً أو يفعل شيئاً مما ليس لله فيه رضا ، فحنث لايفي بنذره ، فلاشيء عليه 20.
والنذر على وجهين : أحدهما أن يقول الرجل : إن عوفيت من مرضي أو تخلصت من كذا وكذا ، فعليّ صدقة أوصوم أو شيء من أفعال البر ، فهو بالخيار إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل.
فإن قال لله عليّ كذا وكذا من أفعال البر ، فعليه أن يفي ولا يسعه تركه ، فإن خالف لزمه صيام شهرين متتابعين ، وروي كفارة يمين.
وإذا نذر الرجل أن يصوم صوماً يوماً أو شهراً ، ولم يسمّ يوماً بعينه أو شهراً بعينه ، فهو بالخيار أي يوم شاء صام ، وأي شهر شاء صام ، مالم يكن ذي الحجة أو شوال فإن فيهما العيدين ولا يجوز صومهما.
فإن صام يوماً ، أو شهراً لم يسمه في النذر ـ متتابع أو غيره ـ فأفطر فلا كفارة عليه ، إنما عليه أن يصوم مكانه يوماً آخر أو شهراً آخر على حسب مانذر.
فإن نذر أن يصوم يوماً معروفاً أو شهراً معروفاً ، فعليه أن يصوم ذلك اليوم أو ذلك الشهر ، فإن لم يصمه أو صامه فأفطر فعليه الكفارة لخلف النذر.
ولو أن رجلا نذر نذراً ـ ولم يسم شيئاً ـ فهو بالخيار ، إن شاء تصدق بشيء ، وإن شاء صلى ركعتين ، أو صام يوماً ، إلا أن يكون ينوي شيئاً في نذره ويلزمه ذلك الشيء بعينه.
وإن امرؤ نذر أن يتصدق بمال كثير ـ ولم يسم مبلغه ـ فإن الكثير ثمانون ومازاد ، لقول الله جل وعز : ( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ) 21 فكانت ثمانين ، موطناً ، وبالله حسن الاسترشاد 22.
__________________
١ ـ مؤاده في الفقيه ٣ : ٢٣١ / ١٠٩٤ ، والمقنع : ١٣٦ ، والهداية : ٧٢ ، والكافي ٧ : ٤٤٥ / ١ ـ ١٠ ، والتهذيب ٨ : ٢٩١ / ١٠٧٤ ـ ١٠٧٨.
٢ ـ المقنع : ١٣٧ ، الهداية : ٧٣ باختلاف في ألفاظه.
٣ ـ مؤاده في الفقيه ٣ : ٣٤١ / ١٦٤١ ، والمقنع : ١٠٨ ، والهداية : ٧١.
٤ ـ مؤاده في المقنع : ١٣٧. من « واعلم أن كل ما كان ... ».
5 ـ ورد موداه في المقنع : ١٣٧ ، والهداية : ٧٣.
6 ـ ورد مؤاده في الفقيه ٣ : ٢٢٧ / ١٠٧٠ ، والمقنع : ١٣٧ ، واهداية ٧٣ ، وفيه « ولا نذر في معصية ».
7 ـ ورد مؤاده في المقنع : ١٠٧ ، والهداية : ٤٧ ، من « واعلم ان الكفارة ... ».
8 ـ ورد مؤاده في الفقيه ٢ : ٧٣ / ٣١٧.
9 ـ مؤاده في الفقيه ٣ : ٣٤٦ / ١٦٦١ ، والكافي ٦ : ١٥٦ / ١٣ ، التهذيب ٨ : ٢٤ / ٨٩ ، وفيها « وفيها ما على الحر صوم شهر ».
10 ـ مؤاده في التهذيب ٨ : ٣٢٢ / ١١٩٦.
11 ـ مؤاده في الفقيه ٢ : ٢١٣ عن رسالة أبيه ، المقنع : ٧١.
12 ـ المائدة ٥ : ٩٥.
13 ـ الفقيه ٢ : ٢٣٣ / ١١١٢ ، المقنع : ٧٧ باختلاف يسير وفيهما حكم الحمارٍ الوحش مثل النعامة.
14 ـ مؤاده في المقنع : ٧٨.
15 ـ مؤاده في الفقيه ٢ : ٢٢٨ / ١٠٨٣ و ٢٢٩ / ١٠٨٤ ، والمقنع : ٧٥.
16 ـ مؤاده في الفقيه ٢ : ٢٢٦ / ١٠٦٣.
17 ـ الفقيه ٢ : ٢٨٦ / ١٤٠٦ باختلاف في ألفاظه.
18 ـ المقنع : ٩٠ ، التهذيب ٥ : ٢٣٣ / ٧٨٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٢ / ١٠٠١ باختلاف يسير.
19 ـ الهداية : ٧٢ ، الفقيه ٣ : ٢٣١ / ١٠٩٤ ، المقنع : ١٣٦ باختلاف يسير ، من « واعلم أن اليمين على وجهين ... ».
20 ـ الهداية : ٧٣ ، المقنع : ١٣٧.
21 ـ التوبة ٩ : ٢٥.
22 ـ الهداية : ٧٣ ، الفقيه ٣ : ٢٣٢ / ١٠٩٥ ، المقنع : ١٣٧ باختلاف يسير.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page