إعلم أن الله تبارك وتعالى فرض على الأغنياء الزكاة بقدر مقدور ، وحساب محسوب ، فجعل عدد الأغنياء في مائتين مائة وخمسة وتسعين ، والفقراء خمسة ، وقسم الزكاة على هذا الحساب ، فجعل على كل مائتين خمسة حقاً ، للضعفاء ، وتحصيناً لأموالهم ، لاعذر لصاحب المال في ترك إخراجه.
وقد قرنها الله بالصلاة ، وأوجبها مرة واحدة في كل سنة.
ووضعها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم على تسعة أصناف : الذهب والفضة ، والحنطة والشعير ، والتمر والزبيب ، والإبل والبقر ١ والغنم ، وروي على ٢ الجواهر والطيب وما أشبه هذه الصنوف من الأموال ٣.
وفي كل ما دخل القفيز والميزان ربع العشر ، إذا كان سبيل هذه الأصناف سبيل الذهب والفضة في التصرف فيها والتجارة ، وإن لم يكن هذه سبيلها فليس فيها غير الصدقة ( فيما فيه الصدقة ) ٤.
والعشر ونصف العشر فيما سوى ذلك في أوقاته.
وقد عفا الله عما سواها.
وليس فيما دون عشرين ديناراً زكاة ففيها نصف دينار ، وكلما زاد بعد العشرين إلى أن يبلغ أربعة دنانير فلازكاة فيه ، فإذا بلغ أربعة دنانير ففيه عشر دينار ، ثم على هذا الحساب 5.
وليس على المال الغائب زكاة 6 ، ولافي مال اليتيم زكاة 7.
وأول أوقات الزكاة بعد ما مضى ستة أشهر من السنة ، لمن أراد تقديم الزكاة 8.
وليس على الغنم زكاة حتى تبلغ أربعين شاة ، فإذا زادت على الأربعين واحدة ففيها شاة ، إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان ، إلى مائتين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث ، إلى ثلاث مائة 9 ، فإذا كثر الغنم سقط هذا كله ويخرج في كل مائة شاة.
ويقصد المصدق الموضع الذي فيه الغنم ، فينادي : يامعشر المسلمين هل لله في أموالكم حق ؟ فإن قالوا : نعم ، أمر أن يخرج الغنم ويفرقها فرقتين ، ويخير صاحب الغنم في إحدى الفرقتين ، ويأخذ المصدق صدقتها من الفرقة الثانية ، فإن أحب صاحب الغنم أن يترك المصدق له هذه فله ذاك ويأخذ غيرها ، وإن لم يرد صاحب الغنم أن يأخذها أيضاً فليس له ذلك ، ولايفرق المصدق بين غنم مجتمعة ، ولايجمع بين متفرقة 10.
وفي البقر إذا بلغت ثلاثين بقرة ففيها تبيع حولي ، وليس فيها إذا كانت دون ثلاثين شيء ، فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة إلى ستين ، فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان إلى سبعين ، فإذا بلغت سبعين ففيها تبيعة ومسنّة إلى ثمانين ، فإذا بلغت ثمانين ففيها مسنتان إلى تسعين ، فإذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبايع ، فإذا كثر البقر سقط هذا كله ، ويخرج من كل ثلاثين بقرة تبيعاً ، ومن كل أربعين مسنّة 11.
وليس في الإبل شيء حتى يبلغ خمسة فإذا بلغت خمسة ففيها شاة ، وفي عشرة شاتان ، وفي خمسة عشر ثلاث شياة ، وفي عشرين أربع شياة ، وفي خمس وعشرين خمس شياة ، فإذا زادت واحدة فابنة مخاض ، وإن لم يكن عنده ابنة مخاض ففيها ابن لبون ذكر إلى خمسة وثلاثين ، فإن زادت فيها واحدة ففيها بنت لبون ، فإن ، لم يكن عنده وكان عنده ابنة مخاض أعطى المصدق ابنة مخاض وأعطى معها شاة.
وإذا وجبت عليها ابنة مخاض ( ولم يكن عنده ) 12 وكان عنده ابنة لبون دفعها واسترجع من المصدق شاة ، فإذا بلغت خمسة وأربعين وزادت واحدة ففيها حقة ، و سميت حقة لأنه استحقت أن يركب ظهرها ، إلى أن يبلغ ستين ، فإذا زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمسة وسبعين ، فإذا زادت واحدة ففيها ( بنتالبون ) 13 إلى تسعين 14 فإذا كثر الإبل ففي كل خمسين حقة 15.
وليس في الحنطة والشعير شيء إلى أن يبلغ خمسة أوسق.
والوسق ستون صاعاً ، والصاع أربعة أمداد ، والمدّ مائتان وإثنان وتسعون درهماً ونصف.
فإذا بلغ ذلك وحصل بغير خراج السلطان ، ومؤنة العمارة للقرية ، أخرج منه العشر إن كان سقي بماء المطر أو كان بعلاً 16 ، وإن كان سقي بالدلاء والغرب 17 ففيه نصف العشر.
وفي التمر والزبيب مثل ما في الحنطة والشعير ، فإن بقي الحنطة والشعير بعدما أخرج الزكاة مابقى ، وحالت عليها السنة ، ليس عليها زكاة حتى تباع ويحول على ثمنها حول 18.
ونروي أنه ليس على الذهب زكاة حتى يبلغ أربعين مثقالاً ، فإذا بلغ أربعين مثقالاً ففيه مثقال 19 ، وليس في نيف شيء حتى يبلغ أربعين 20 ، ولايجوز في الزكاة أن يعطى أقل من نصف دينار 21.
وإني أروي عن أبي العالم عليه السلام في تقديم الزكاة وتأخيرها ، أربعة أشهر أو ستة أشهر ، إلا أن المقصود منها أن تدفعها إذا وجب عليك ، ولايجوز لك تقديمها وتأخيرها لأنها مقرونة بالصلاة ، ولايجوز لك تقديم الصلاة قبل وقتها ، ولا تأخيرها إلا أن يكون قضاء ، و كذلك الزكاة.
وإن أحببت أن تقدم من زكاة مالك شيئاً تفرج به عن مؤمن فاجعلها ديناً عليه ، فإذا دخل 22 عليك وقت الزكاة فاحسبها له زكاة ، فإنه يحسب لك من زكاة مالك ، ويكتب لك أجر القرض والزكاة 23.
وإن كان لك على رجل مال ولم يتهيأ لك قضاؤه ، فاحسبها من الزكاة إن شئت 24.
وقد أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : نعم الشيء القرض ، إن أيسر قضاك ، وإن عسر حسبته من زكاة مالك 25.
وإن كان مالك في تجارة ، وطلب منك المتاع برأس مالك ، ولم تبعه ـ تبتغي بذلك الفضل ـ فعليك زكاته إذا جاء عليك الحول. وإن لم يطلب منك برأس مالك فليس عليك الزكاة ، وإن غاب عنك مالك فليس عليك زكاته إلا أن يرجع إليك ، ويحول عليه الحول وهو في يدك ، إلا أن يكون مالك على رجل متى ما أردت أخذت منه ، فعليك زكاته فإن رجع إليك نفعه لزمتك زكاته 26.
فإن استقرضت من رجل مالاً ، وبقي عندك حتى حال عليه الحول فعليك فيه الزكاة. فإن بعت شيئاً وقبضت ثمنه ، واشترطت على المشتري زكاة سنة أو سنتين أو أكثر من ذلك ، فإنه يلزمه دونك 27.
وليس على الحلّي زكاة ولكن تعيره مؤمناً إذا استعاره منك فهو زكاته 28.
وليس في مال اليتيم زكاة ، إلا أن يتّجر بها ، فإن اتجرت به ففيه الزكاة 29.
وليس في السبائك زكاة ، إلا أن يكون فررت به من الزكاة 30 فعليك فيه زكاة 31.
وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية ، ولا تعطي من أهل الولاية ، ولا تعطي من أهل الولاية الأبوين ، والولد ، والزوجة ، والصبي 32 ، والمملوك وكل من هو في نفقتك فلا تعطه 33.
وليس ذكر في سائر الأشياء زكاة مثل : القطن ، والزعفران ، والخضر ، والثمار ، والحبوب ـ سوى ما ذكرتك ـ زكاة 34 ، إلا أن يباع ويحول على ثمنه الحول 35.
وإن اشترى رجل أباه من زكاة ماله فأعتقه فهو جائز.
وإن مات رجل مؤمن ، وأحببت أن تكفنه من زكاة مالك ، فاعطها ورثته فيكفنونه ، وان لم يكن له ورثة فكفنه أنت ، واحسب به من زكاة مالك ، فإن أعطى ورثته قوم آخرون ( ثمن كفنه ) 36 فكفنه من مالك واحسبه من الزكاة ، ويكون ما أعطاهم القوم لهم يصلحون به شأنهم.
وإن كان على الميت دين ، لم يلزم ورثته القضاء مما أعطيته ، ولا مما أعطاهم القوم ، لأنه ليس بميراث ، وإنما هو شيء صار لورثته بعد موته 37.
وإن استفاد المعتق مالاً فماله لمن أعتق ، لأنه مشتري بماله ، وبالله التوفيق.
__________________
١ ـ ليس في نسخة « ض ».
٢ ـ في نسخة « ض » : « عن ».
٣ ـ ورد مؤداه في الفقيه ٢ : ٨ / ٢٦ ، والمقنع : ٤٨ ، والهداية : ٤١ ، والكافي ٣ : ٥١٠ / ٣ و ٥١١ / ٤ من « و وضعها رسول الله ... ».
٤ ـ ليس في نسخة « ش ».
5 ـ ورد باختلاف في الفاظه في الفقيه ٢ : ٨ / ٢٦ ، والمقنع : ٥٠ ، والهداية : ٤٣ ، من « وليس فيما دون ... ».
6 ـ التهذيب ٤ : ٣١ باختلاف في ألفاظه.
7 ـ الفقيه ٢ : ٩ / ٢٧ ، والمقنع : ٥١ باختلاف يسير.
8 ـ ورد مؤداه في الفقيه ٢ : ١٠ / ٢٩ ، والمقنع : ٥١.
9 ـ في نسخة « ش » زيادة : « وواحدة ».
10 ـ الفقيه ٢ : ١٤ / ٣٦ ، والمقنع : ٥٠.
11 ـ الفقيه ٢ : ١٣ / ٣٥ ، والمقنع : ٥٠ ، والهداية : ٤٢ باختلاف يسير.
12 ـ مابين القوسين ليس في نسخة « ش ».
13 ـ في نسخة « ض » : « ثني ».
14 ـ في الفقيه زيادة : « فإذا زادت واحدة فحقتان إلى عشرين ومائة » ، وهو الصواب.
15 ـ الفقيه ٢ : ١٢ / ٣٣ ، المقنع ، ٤٩ ، الهداية : ٤١.
16 ـ البعل : كل نخل وشجر وزرع لايسقى ، أو ما سقته السماء « القاموس المحيط ـ بعل ـ ٣ : ٣٣٥ ».
17 ـ الغرب : الدلو العظيمة « الصحاح ـ غرب ـ ١ : ١٩٣ ».
18 ـ الفقيه ٢ : ١٨ / ٥٩ ، والهداية : ٤١ باختلاف يسير.
19 ـ المقنع : ٥٠.
20 ـ الفقيه ٢ : ٩ / ٢٦.
21 ـ الفقيه ٢ : ١٠ عن رسالة أبيه.
22 ـ في نسخة « ض » : « حلّت ».
23 ـ الفقيه ٢ : ١٠ / ٢٩ ، المقنع : ٥١.
24 ـ الفقيه ٢ : ١٠ / ٣١ ، المقنع : ٥١.
25 ـ الفقيه ٢ : ١٠ / ٣٠ ، المقنع : ٥١.
26 ـ الفقيه ٢ : ١١ / ٣١.
27 ـ الفقيه ٢ : ١١ / ٣١ ، والمقنع : ٥٣ بتقديم وتأخير.
28 ـ الفقيه ٢ : ٩ / ٢٦ ، والمقنع : ٥٢.
29 ـ الفقيه ٢ : ٩ / ٢٧.
30 ـ في نسخة « ض » زيادة : « فإن فررت به من الزكاة ».
31 ـ الفقيه ٢ : ٩ / ٢٦ ، والمقنع : ٥١.
32 ـ ليس في نسخة « ض ».
33 ـ الفقيه ٢ : ١١ / ٣ ، والمقنع : ٥٢ ، والهداية : ٤٣.
34 ـ ليس في نسخة « ش ».
35 ـ المقنع : ٥١ باختلاف يسير.
36 ـ في نسخة « ش » و « ض » : « من كفن » وما أثبتناه من البحار ٩٦ : ٦٧ / ٣٩.
37 ـ الفقيه ٢ : ١٠ / ٣١ ، المقنع : ٥٢ باختلاف يسير.

أضف تعليق