• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

التوبة

اعلموا يا أولادي ، ويا إخواني ، ويا أعزائي أن العدالة التي يجب على كل مسلم أن يتحلى بها ، وهي المطلوب توفرها في مرجع التقليد ، وفي إمام الجماعة وفي الشهود ، وفي كل وقت ، هي الاستقامة على جادة الشريعة الإسلامية ، والالتزام بأوامر الله سبحانه ونواهيه ، وأنها تزول بارتكاب واحدة أو أكثر من الذنوب الكبيرة ، لا بل حتى الصغيرة ، أي بمجرد وقوع المعصية ، لكنها تعود بالتوبة والندم .
والتوبة معناها الرجوع إلى الله تعالى والندم على ما صدر من العبد من الإساءة في جنب الله سبحانه ، وتعتبر نعمة من نعم الله تعالى ، وهبة منه سبحانه ، وفضل ورحمة لا تعوض ، فإنها سبب لمحو الذنوب وإبدالها بالحسنات ، وسبب لرفع الدرجات ، فإنه تعالى يحب التائبين من عباده ، ويحب الذين يكثرون من التوبة والاستغفار في كل يوم ، وبذلك وردت الآيات والأحاديث الكثيرة والمتواترة ، فقد قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا
عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم . . . )
( 1 ) .
هذه منزلة التوبة ، ومنزلة التوابين عند الله سبحانه ، وقد أوجب الله تعالى على نفسه قبول التوبة من عباده التائبين كما في الآيات الكثيرة ، منها قوله تعالى : ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما ) ( 2 ) .
وفي آية أخرى : ( إن الله كان توابا رحيما ) ( 3 ) .
وفي أخرى : ( إن الله هو التواب الرحيم ) ( 4 ) .
وفي آية أخرى : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ) ( 5 ) .
وفيما روي عن الإمام علي ( عليه السلام ) : " إن التوبة يجمعها ستة أشياء : على الماضي من الذنوب الندامة ، وللفرائض الإعادة ، ورد المظالم ، استحلال الخصوم ، وأن تعزم أن لا تعود ، وأن تربي نفسك في طاعة الله كما ربيتها في معصية الله ، وأن تذيقها مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية " .
والجدير بالإشارة هنا أن الإنسان بعد أن يعرف ربه الكريم ، الرحمن الرحيم ، ويلتفت إلى النعم التي أنعم الله بها عليه والتي لا تعد ولا تحصى ، وأن شكره سبحانه واجب عقلي ، تكون الطاعات عنده محبوبة إلى نفسه ويتذوق فيها حلاوة ، ويشعر في أدائها بأنس وراحة ، أما في بداية الطريق فيشعر في أدائها بمرارة ، وهذا ما يشير إليه الإمام ( عليه السلام ) ، إذا لا بد من الندم على ما مضى من المعاصي والتقصير في جنب الله تعالى ، وسوء الأدب ، وقلة الحياء مع الله سبحانه ، ومع الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته الطاهرين ( عليهم السلام ) .
فقد روي عن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " الندامة توبة " .
وروي في الكافي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " ما من عبد أذنب ذنبا فندم عليه إلا غفر الله له قبل أن يستغفر " .
كما روي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر ( عليه السلام ) ، قال : " يا محمد بن مسلم ، أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر الله تعالى منه ويتوب
[ إليه ] ، ثم لا يقبل الله توبته ؟ ! قلت : فإن فعل ذلك مرارا يذنب ثم يتوب يستغفر ، فقال : كلما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة ، عاد الله عليه بالمغفرة ، وإن الله غفور رحيم ، يقبل التوبة ويعفو عن السيئات فإياك أن تقنط المؤمنين من رحمة الله " .
فينبغي للإنسان أن يبادر إلى التوبة ، ولا يسوف بها لئلا يسجل من الذين يستهينون بالذنوب ويستصغرونها ، كما تقدم في كبيرة استصغار الذنب ، وأن الدرجات الرفيعة التي تنال بالتوبة ، إنما تنال بالتوبة العاجلة القريبة ، فلنبادر إلى التوبة ، ولا تفوتنا الفرصة ، ولنتدبر قوله تعالى : ( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) ( 6 ) .
ولا نسوف بالتوبة ، ونؤخرها فيفاجئنا الموت فيحول بيننا وبين التوبة فينطبق علينا ما في وصية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في نهج البلاغة : " وإنك طريد الموت الذي لا ينجو منه هاربه ، ولا يفوته طالبه ، ولا بد أنه مدركه ، فكن منه على حذر أن يأتيك وأنت على حال سيئة ، قد كنت تحدث نفسك
منها بالتوبة ، فيحول بينك وبين ذلك ، فإذا أنت قد أهلكت نفسك " .
وفي الختام أسأل المولى العلي القدير أن يوفقني وإياكم لاجتناب الذنوب والمعاصي ، كبيرة كانت أو صغيرة ، ونتوسل إليه سبحانه بمحمد وأهل بيته المعصومين المنتجبين ( صلوات الله عليهم أجمعين ) أن يعينوننا على مجاهدة نفوسنا الأمارة بالسوء ، والميالة إلى الشهوات والملذات ، وتطهيرها
من الرذائل والصفات الذميمة الوضيعة ، وتحليتها بالفضائل والصفات الحميدة لترتفع عن أفق البهائم ، وتعلو إلى أفق الملائكة ، وأن ننال السعادة الحقيقية ، ومرافقة الأولياء في الدنيا والآخرة ، إنه نعم المولى ونعم النصير .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
من وصايا الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إتماما للفائدة رأيت من المناسب أن أذكر في نهاية رسالتي مقتطفات من وصايا وحكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وإلى الصحابي الجليل عبد الله ابن مسعود ( رضي الله عنه ) وأبو ذر الغفاري
( رضي الله عنه ) منقولة في آخر كتاب مكارم الأخلاق للعلامة الجليل الشيخ أبي الفضل الحسن بن الفضل الطبرسي ( رضي الله عنه ) ، وكتاب " تنبيه الخواطر " ، و " مجموعة ورام الحلي " وكتابنا " النجاة من الذنوب " .

 

________
( 1 ) التحريم / 8 .
( 2 ) النساء / 17 .
( 3 ) النساء / 16 .
( 4 ) التوبة / 118 .
( 5 ) طه / 82 .
( 6 ) الفرقان / 70 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page