ليلة القدر عيد
وهنا يبقى سؤال آخر، وهو أننا قد تعوّدنا على أن تكون الأعياد أياماً، فكيف يمكن أن تكون في الليالي كما هو الحال في ليلة القدر؟
وللجواب على هذا التساؤل نقول إن الإنسان يرتبط في نهاره بالحياة المادية، إذ أنه قد جعل معاشاً للإنسان، أما الليل فهو الوقت المناسب لعلاقة الإنسان بالله سبحانه وتعالى. ولأنّ الليل كذلك، ولأنّ العيد الحقيقي للاسلام هو عيد القيم، والعلاقات الروحيّة التي تربط بين الإنسان وخالقه، فقد كان وقت عيد مولد القرآن ليلاً لا نهاراً، ولذلك يقول القرآن الكريم: «إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍَ» (الدخان/3).
وإذا أردنا أن نتعرّف على هذه الحقيقة فلابدّ ان نرجع الى سورة (المزمّل) حيث يقول عز وجلّ: «يَآ أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ الَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً» (المزمل/1-2)، والسبب في ذلك يوضحه القرآن الكريم عندما يقـول: «إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً * إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيـلاً» (المزمل/5-6) فلأنّ الرسول صلى الله عليه وآله كان يريد أن يتلقّى الوحي فقد كان عليه أن يقوم الليل، لأنّ هذا الوقت هو ميلاد الإنسان المتمسّك بالقيم الروحيّة والمعنوية، وهو أيضاً ميلاد القرآن، وطريق توجيه الإنسان من الناحية الروحيّة.