وتتوزّع مواقفه ( عليه السلام ) في هذه المرحلة على مجالين ، وهما :
المجال الأول :
مشاركته ( عليه السلام ) في الكثير من حروب الدفاع عن بَيضة الإسلام ، وفي كثير من الفتوحات الإسلامية أيام خلافة عثمان ، منطلقاً من مقولة أبيه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في رعاية مصلحة الإسلام العليا ، التي كرَّرها في أكثر من موضع :( وَالله لأسَلِّمَنَّ ما سَلمَتْ أمُور المسلمين ، ولم يَكن جَورٌ إلاَّ عليَّ خاصة ).
وقد انضمَّ الإمام الحسن ( عليه السلام ) إلى جنود المسلمين الذين اتَّجهوا إلى أفريقيا بقيادة عبد الله بن نافع ، وأخيه عقبة ، في جيش بلغ عشرة آلاف مجاهد – كما جاء في كتاب ( العِبَر ) لابن خلدون –
وتطلَّع المسلمون إلى النصر والفتح متفائلين بوجود حفيد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وحبيبه يجاهد معهم ، وكانت الغزوة ناجحة وموفقة كما يصفها المؤرّخون .
وكما جاء في تاريخ الأمم والملوك في حوادث سنة ثلاثين للهجرة ، أن سعيد بن العاص غزا خراسان ، ومعه حُذيفة بن اليمان وناس من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والحسن والحسين ( عليهما السلام ) إلى جُرجان .
فصالحوه على حدِّ تعبير الطبري على ساحل البحر ، فقاتلهم أهلها قتالاً شديداً ، وصلى المسلمون صلاة الخوف ، وأخيراً انتصر المسلمون في تلك المناطق كما نصَّ على ذلك كثير من المؤرّخين .
المجال الثاني :
كان موقفه ( عليه السلام ) من خلافة عثمان وما آلت إليه هو موقف أبيه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فعبَّر فيه عن كامل الطاعة والالتزام بأوامره وتوجيهاته في تلك الفترة العصيبة والفتنة العمياء ، وخصوصاً بعد أن ملَّ المسلمون سياسة عثمان وأعوانه وعمَّاله .
وتنقل لنا كتب التاريخ وقائع تلك الفترة ، ومنها أنه بعد فشل كل المحاولات التي بذلها المسلمون لإصلاح سياسة عثمان وأعوانه وعماله ، وخوفهم على دينهم ودنياهم ، زحفوا إليه من جميع الأقطار ، ودخلوا في مفاوضات معه يطالبونه بإصلاح ما أفسده هو وعُمَّاله ، أو بالتخلي عن السلطة .
وكان أمير المؤمنين وولده الحسن ( عليهما السلام ) وَسيطَين بين الخليفة ووفود الأمصار في محاولة للإصلاح ، ووضع حدٍّ للفساد الذي شمل جميع مرافق الدولة .
ومما لا شك فيه أن أمير المؤمنين وولديه الحسن والحسين ( عليهم السلام ) كانوا كغيرهم من خِيار الصحابة ناقمين على تصرّفات عثمان وأنصاره وعُمَّاله ، ومع ذلك لم يبلغ بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) الحال إلى حدود الرضا بقتله والتحريض عليه .
بل وقف ( عليه السلام ) منه موقفاً سليماً ، وأراد من عثمان أن ينتهج سياسة تتَّفق مع منهج الإسلام ، وأن يجعل حدّاً لتصرَفات ذَويه وعُمَّاله الذين أسرفوا في تبذير الأموال واستعمال المنكرات .
العهد الأول : في عهد عثمان :
- الزيارات: 1641