• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الشهادة

وطلع فجر اليوم العاشر من المحرم فصلّى الحسين (عليه السلام) بأصحابه صلاة الصبح ثم خطبهم قائلاً : إنّ الله قد أذن في قتلكم فعليكم بالصبر(1).
ثم عبّأهم للحرب ، فجعل على الميمنة زهير بن القين البجلي ، وعلى المسيرة حبيب بن مظاهر الأسدي ، وثبت (عليه السلام) وأهل بيته في القلب ، وأعطى رايته أخاه العباس بن أمير المؤمنين (عليه السلام).
ثمّ تقدم خطيباً في أهل الكوفة ، فعن الضحاك المشرقي : فو الله ما سمعت متكلّماً قطّ قبله ولا بعده أبلغ في منطق منه (2).
كما خطب بعض أصحابه رضوان الله عليهم ، والتحق الحرّ الرياحي وآخرون بالحسين (عليه السلام) بعد أن وضحت لهم معالم الحق والرشاد ؛ وخاف ابن سعد أن يفلت من يده الزمام، فتقدّم نحو عسكر الحسين (عليه السلام) ورمى بسهم وقال : اشهدوا لي عند الأمير أنّي أول من رمى، ثم رمى الناس، فلم يبق من أصحاب الحسين (عليه السلام) أحد إلاّ أصابه من سهامهم ، فقال (عليه السلام) لأصحابه : قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لا بدّ منه ، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم ، فحمل أصحابه حملة واحدة ، واقتتلوا ساعة فما انجلت الغبرة إلاّ عن خمسين صريعاً (3).
ثم أخذوا يحملون فرادى ومجموعات صغيرة حتى استشهدوا عن آخرهم رضوان الله عليهم أجمعين.
وتقدّم الهاشميون يودّع بعضهم البعض، وأوّل من تقدّم منهم للحرب أبو الحسن علي الأكبر (عليه السلام) ، فلما رآه الحسين (عليه السلام) رفع شيبته نحو السماء وقال : اللهمّ اشهد على هؤلاء القوم ، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وكنّا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه ، اللهمّ فامنعهم بركات الأرض، وإن متّعتهم ففرّقهم تفريقاً ، ومزّقهم تمزيقاً ، واجعلهم طرائق قددا ، ولا ترضِ الولاة عنهم أبداً ، فأنّهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلونا ويقتلونا؛ ثمّ صاح الحسين بعمر بن سعد: ما لك قطع الله رحمك، ولا بارك لك في أمرك، وسلّط عليك من يذبحك على فراشك (4)، كما قطعت رحمي، ولم تحفظ قرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم رفع صوته وقرأ :
(إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(5).
ثمّ حمل علي بن الحسين (عليه السلام) وهو يقول:
نحن وبيت الله أولى بالنبي
أطعنكم بالرمح حتى ينثني
ضرب غلام هاشمي علوي
أنا عليّ بن الحسين بن علي
والله لا يحكم فينا ابن الدعي
أضربكم بالسيف حتى يلتوي
فلم يزل يقاتل حتى ضجّ أهل الكوفة لكثرة من قتل منهم ؛ حتى روي أنه قتل على عطشه مائة وعشرين رجلاً ، ثم رجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة فقال:  يا أبه العطش قد قتلني، وثقل الحديد قد أجهدني ، فهل إلى شربة ماء من سبيل، أتقوّى بها على الأعداء؟
فبكى الحسين (عليه السلام) وقال : يابني عزّ على محمد وعلى عليّ وعلى أبيك أن تدعوهم فلا يجيبونك ، وتستغيث بهم فلا يغيثونك ، يابنيّ هات لسانك ،فأخذ لسانه فمصّه ، ودفع إليه خاتمه وقال له : خذ هذا الخاتم في فيك ، وارجع إلى قتال عدوّك فإني أرجو أن لا تمسي حتّى يسقيك جدّك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبداً.
فرجع علي بن الحسين إلى القتال ، وحمل وهو يقول:
وظهرت من بعدها مصادقُ
جموعكم أو تغمد البوارق
الحرب قد بانت لها حقائقُ
والله ربّ العرش لا نفارق
وجعل يقاتل حتى قتل تمام المائتين ، ثم ضربه منقذ بن مرّة العبدي علي مفرق رأسه ضربة صرعه فيها،وضربه الناس بأسيافهم ، فاعتنق الفرس فحمله إلى عسكر عدوه ، فقطّعوه بأسيافهم إرباً إرباً ؛ فلما بلغت روحه التراقي نادى بأعلى صوته: يا أبتاه هذا جدي رسول الله قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبداً ، وهو يقول لك : العجل ، فإنّ لك كأساً مذخورة.
فصاح الحسين (عليه السلام) : قتل الله قوماً قتلوك يابني ، ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة رسول الله، على الدنيا بعدك العفا(6).
___________
1- كامل الزيارات : 73 .
2- تاريخ الطبري : 6 / 242 .
3- مقتل الحسين (ع) للمقرم : 292 .
4- وقد استجاب الله جلّ جلاله دعاء سيد الشهداء(ع) ، فقد أرسل إليه المختار رضوان الله عليه من قتله على فراشه.
5- سورة آل عمران : 33 – 34 .
6- مقتل الحسين(ع) للخوارزمي : 2/31 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page