• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فصل ـ 9 ـ (في أحوال محمّد صلّى الله عليه وآله)

 

فصل ـ 9 ـ
414 ـ ثمّ اجتمعت قريش في دار النّدوة ، فجاءهم إبليس لمّا أخذوا مجلسهم ، فقال أبو جهل : لم يكن أحد من العرب أعزّ منّا حتّى نشأ فينا محمّد ، وكنّا نسمّيه الأمين لصلاحه وأمانته ، فزعم أنّه رسول ربّ العالمين وسبّ آلهتنا ، وقد رأيت فيه رأياً ، وهو : أن ندسّ اليه رجلاً فيقتله ، وإن طلبت بنو هاشم بدمه أعطيناهم عشر ديات ، فقال إبليس : هذا رأي خبيث ، فانّ بني هاشم لا يرضون أن يمشي قاتل محمّد على الأرض أبداً ، ويقع بينكم الحروب في الحرم ، فقال آخر : الرّأي أن نأخذه فنحبسه في بيت ونثبته فيه ، ونلقي إليه قوته حتّى يموت ، كما مات زهير والنّابغة . قال إبليس : إنّ بني هاشم لا ترضى بذلك ، فاذا جاء مواسم العرب اجتمعوا عليكم ، فأخرجوه فيخدعهم بسحره . فقال آخر : الرّأي أن نخرجه من بلادنا ونطرده ونتفرغ لآلهتنا ، فقال ابليس : هذا أخبث منهما ، فانّه إذا خرج يفجأكم وقد ملأها خيلاً ورجلاً فبقوا حيارى ، قالوا : ما الرّأي عندك ؟
قال : ما فيه إلاّ رأي واحد ، وهو أن يجتمع من كلّ بطن من بطون قريش رجل شريف ، ويكون معكم من بني هاشم أحد ، فيأخذون سيفاً ويدخلون عليه ، فيضر به كلّهم ضربة واحدة ، فيتفرق دمه في قريش كلّهم ، فلا يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه وقد شاركوا فيه ، فحماداهم أن تعطوا الدّية (1) .
فقالوا : الرّأي رأي الشّيخ النّجدي ، فاختاروا خمسة عشر رجلاً فيهم أبو لهب على أن يدخلوا على رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فأنزل الله تعالى جلّ ذكره : ( وإذ يمكر بك الّذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمركون ويمكر الله والله خير الماكرين ) (2) وأجمعوا أن يدخلوا عليه ليلاً وكتموا أمره ، فقال أبو لهب : بل نحرسه ، فاذا أصبحنا دخلنا عليه ، فقاموا حول حجرة رسول الله صلّى الله عليه وآله .
وأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله أن يفرش له ، وقال لعليّ بن ابي طالب عليه السلام : أفدني نفسك ، فقال : نعم يا رسول الله قال : نم على فراشي والتحف ببردتي ، فقام وجاء جبرئيل عليه السلام فقال : اخرج والقوم يشرفون على الحجرة (3) فيرون فراشه وعليّ عليه السلام نائم عليه ، فيتوهّمون أنّه رسول الله .
فخرج رسول الله وهو يقرأ : يس إلى قوله : ( فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) (4) أخذ تراباً بكفّه ونثره عليهم وهم نيام ومضى ، فقال جبرئيل عليه السلام : يا محمّد خذ ناحية ثور ، وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثّور ، فمرّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وتلقاه أبو بكر في الطّريق ، فأخذ بيده ومرّ به ، فلمّا انتهى إلى ثور دخل الغار .
فلمّا أصبحت قريش وأضاء الصّبح ، وثبوا في الحجرة وقصدوا الفراش ، فوثب عليّ عليه السلام إليهم وقام في وجوههم ، فقال لهم : ما لكم ؟ قالوا : أين ابن عمّك ؟ قال عليّ عليه السلام جعلتموني عليه رقيباً ؟ ألستم قلتم له : اخرج عنّا ؟ فقد خرج عنكم فما تريدون ؟
فأقبلوا عليه يضربونه ، فمنعهم أبو لهب وقالوا : أنت كنت تخدعنا منذ اللّيلة ، فلمّا أصبحوا تفرّقوا في الجبال .
وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له : أبو كرز يقفو الآثار ، فقالوا له : يا أبا كرز اليوم (5) ، اليوم فما زالوا يقفون أثر رسول الله حتّى وقف على باب الغار ، فقال : هذه قدم محمّد هي والله أخت القدم الّتي في المقام ، فلم يزل بهم حتّى وقفهم على باب الغار ، وقال : ما جاوزوا هذا المكان : إمّا أن يكونوا صعدوا إلى السّماء ، أو دخلوا الأرض ، فبعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار وجاء فارس من الملائكة في صوة الانس ، فوقف على باب الغار وهو يقول لهم : اطلبوا في هذه الشّعاب ، فليس ها هنا فأقبلوا يدورون في الشّعاب (6) .
415 ـ وبقي رسول الله صلّى الله عليه وآله في الغار ثلاثة أيّام ، ثمّ أذن الله له في الهجرة وقال : اخرج عن مكّة يا محمّد ، فليس لك بها ناصر بعد أبي طالب ، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وأقبل راع لبعض قريشس يقال له : ابن أريقط ، فدعاه رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقال له : ائتمنك على دمي ، فقال : إذاً والله أحرسك ولا ادلّ عليك ، فأين تريد يا محمّد ؟ قال : يثرب ، قال : لأسلكنّ بك مسلكاً لا يهتدي فيها أحد (7) فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله : ائت عليّاً وبشّره بانّ الله تعالى قد أذن لي في الهجرة ، فهيّئ لي زاداً وراحلة وقال أبو بكر : أعلم عامر بن فهيرة أمرنا وقل له : ائتنا بالزّاد والرّاحلة (8) وخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله من الغار ، فلم يرجعوا إلى الطّريق إلاّ بقديد ، وكانت الأنصار بلغهم خروج رسول الله صلّى الله عليه وآله اليهم ، وكانوا يتوقعون قدومه إلى أن وافى مسجد قبا .
ونزل على كلثوم بن الهدم شيخ صالح مكفوف ، واجتمعت ، واجتمعت إليه بطون الأوس ، ولم تجسر الخزرج أن يأتوا رسول الله لما كان بينهم وبين الاوس من العداة ، فلمّا أمسى أتاه أسعد بن زرارة مقنّعاً ، فسلّم على رسول الله صلّى الله عليه واله وفرح بقدومه فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله للأوس : من يجيره ؟ فأجاره عويمر بن ساعدة وسعد بن خيثمة .
فبقي رسول الله صلّى الله عليه وآله خمسة عشر يوماً فقال أبوبكر : ندخل المدينة فالقوم متشوّقون إلى نزولك ، فقال : لأديم في هذا المكان حتّى يوافيني أخي علي بن أبي طالب عليه السلام وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله قدبعث إليه أن احمل العيال واقدم ، فقال أبو بكر : ماأحسب عليّاً يوافي ، قال : بلى ما أسرعه .
فلمّا قدم عليّ ركب رسول الله صلّى الله عليه وآله راحلته ، واجتمعت اليه (9) بنو عمرو وابن عوف ، فقالوا : يا رسول الله أقم عندنا ، قال : خلّوا عنها فانّها مأمورة وبلغ الأوس والخزرج خروج رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فلبسوا السّلاح وأقبلوا يعدون حول ناقته ، وأخذ كلّ حيّ بزمام ناقته ، ويقول : خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة ، فبركت النّاقة على باب أبي أيّوب ، فنزل رسول الله صلّى الله عليه وآله .
وجاءته اليهود ، فقالوا : يا محمّد إلى ما تدعو (10) ؟ قال : إلى شهادة أن لا اله الاّ الله ، وإنّي رسول الله ، وأنّا الّذي تجدونني مكتوباً في التّوراة ، والّذي أخبركم به علماؤكم ، فحرمي بمكّة ومهاجري في هذه البحيرة (11) ، فقالوا : قد سمعنا ماتقول وقد جئناك لنطلب منك الهدنة على أن لا نكون لك ولا عليك ، فأجابهم رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى ذلك ، وكتب بينهم كتاباً .
وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يصلّي في المربد بأصحابه ، ثمّ اشتراه وجعله المسجد ، وكان يصلّي إلى بيت المقدس ، حتّى إتى له سبعة أشهر ، فأمر أن يصلّي إلى الكعبة ، فصلّى بهم الظّهر ركعتين إلى ها هنا وركعتين إلى ها هنا (12) .
____________

(1) عبارت النّسخ هنا مختلفة ففي ق 3 : وقد شاركوا فيه ولا يسوغ لهم أن يعطوا الدّية . وفي إعلام الورى ص ( 62 ) : فأبقي لهم أن تعطوهم الدّية فأعطوهم ثلاث ديات بل لو أرادوا عشر ديات . وفي التّفسير المنسوب إلى علي بن إبراهيم ، الجزء ( 1 | 275 ) : فان سألوكم أن تعطوا الدّية فاعطوهم ثلاث ديات فقالوا : نعم وعشر ديات . . . ونحوه عبارة البحار ، الجزء ( 19 | 50 ) . وما احسن عبارة المتن عن ق 1 و 2 و 5 ولا يدرى أنّ العلامة المجلسي لماذا ضرب عن هذا التّعبير المختصر الجميل فقوله : فحماداهم ، أي قصاراهم وغاية ما يحمد منهم أن تعطوهم الدّية . انظر : حمد ، في كتب اللّغة .
(2) سورة الانفال : ( 30 ) .
(3) في ق 3 : يهرعون على الحجرة ، أي يمشون إليها بسرعة واضطراب .
(4) سورة يس : ( 9 ) .
(5) في ق 3 : اليوم يومك .
(6) بحار الانوار ( 19 | 47 ـ 51 ) ، برقم : ( 8 ) عن إعلام الورى والقصص وتفسير القمي .
(7) في البحار : إليها .
(8) في ق 2 : بالزّاد والرّاحلة وكذلك بني فهيرة ، وفي ق 1 وق 5 : ابن فهيرة والظّاهر زيادتهما .
(9) في ق 5 : عليه .
(10) في ق 1 : الي م تدعو ؟
(11) في البحار : الحرة . أي : أرض ذات حجارة .
(12) بحار الانوار ( 19 | 69 ـ 70 ) عن أعلام الورى والقصص ، برقم : ( 20 ) إلى قوله : مسجد قبا . والبقيّة تجدها في ص ( 104 ـ 114 ) من نفس الجزء مقدّماً ومؤخّراً زيادة نقيصةً بوحدة المضمون .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page