( 11 )
واعلم يا أمير المؤمنين : ان احوال الانسان التي بناه الله تعالى عليها وجعله متصرفاً بها اربعة احوال :
الحالة الاولى : لخمس عشرة سنة ، وفيها شبابه ، وصباه ، وحسنه ، وبهاؤه ، وسلطان الدم في جسمه .
والحالة الثانية : لعشرين سنة . من خمس عشرة الى خمس وثلاثين سنة ، وفيهما سلطان المرة الصفراء ،
وغلبتها ، وهو اقوم ما يكون ، وايقظه والعبه . فلا يزال كذلك حتى يستوفي خمس وثلاثين سنة .
( ثم يدخل في ) (1) الحالة الثالثة : وهي من خمس وثلاثين سنة الى ان يستوفي ستين سنة ، فيكون في سلطان المرة (2) السوداء ( ويكون احكم ما يكون ، واقوله ، وادراه ، واكتمه للسر ، واحسنه نظراً في الامور وفكراً في عواقبها ، ومداراة لها ، وتصرفاً فيها ) (3) .
ثم يدخل في الحالة الرابعة : وهي سلطان البلغم ، وهي الحالة التي لا يتحول منها ما بقى ( وقد دخل في الهرم حينئذ ، وفاته الشباب ، واستنكر كل شيء كان يعرفه من نفسه ، حتى صار ) (4) ينام عند القوم ، ويسهر عند النوم ويذكر ما تقدم ، وينسي ما تحدث به ، ويكثر من حديث النفس ، ويذهب ماء الجسم وبهاؤه ، ويقل نبات اظفاره وشعره ، ولا يزال جسمه في ادبار وانعكاس ماعاش ، لانه في سلطان البلغم ، وهو بارد جامد . ( فلجموده ورطوبته في طباعه يكون فناء جسمه ) (5) .
____________
(1) زيادة من ( ج ود ) .
(2) زيادة من ( ب وج ود ) .
(3) في ( ب وج ود ) وهو سن الحكمة والموعظة والمعرفة والدراية وانتظام الامور ، وصحة النظر في العواقب ، وصدق الرأي ، وثبات الجأش في التصرفات .
(4) في ( ب وج ود ) : الى الهرم ونكد عيش وذبول ونقص في القوة وفساد في كونه ونكهته حتى ان كل شيء كان لا يعرفه ، حتى ينام » .
(5) في ( ب وج ود ) فبجموده وبرده يكون فناء كل جسم يستولي عليه في آخر القوة البلغمية .