قضاء حقوق المؤمنين

كتاب
في ما يتعلّق بقضاء حقوق المؤمنين بعضهم لبعض

جمع الشيخ الاِمام العلاّمة سديد الدين أبي علي بن طاهر الصوري
رحمه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وسلّم كثيراً.
إعلم أيّها الطالب ـ أعانك الله على بلوغ درجة المؤمنين، والخروج من حزب المقلّدين ـ أنّ الاِيمان شرط في استحقاق الثواب مع مشقة فعل ما امر به وترك ما نهى عنه، وكذلك الاَمن من الخلود في العقاب الدائم، يحصلان بوجودها، ويرتفعان بعدمها، وكذلك استحقاق ما يستحقه المؤمن على أخيه المؤمن في دارالتكليف، من إيصال المنافع إليه والمسارّ، ودفع الهموم عنه والمضار، ومن لم يكن مؤمناً، لا يستحقّ ثواباً، ولا يأمن عقاباً، ولا حقّ له على المؤمن، فيجب أن يكون كلّ واحد منهما ـ أعني المنعم والمنعم عليه ـ مؤمناً، ليختصّ به ما أذكره من الاَخبار المروية عن الصادقين، محمد و أهل بيته الطيّبين الطاهرين، عليهم أفضل الصلاة والسلام، ولا يستحقون شيئاً من ذلك، إلاّ بشرط أن يكونوا مؤمنين، فإن الاِشارة بها إليهم، وهي مقصورة عليهم، لا يشاركهم فيها غيرهم.
فإذا رغبت أيها الطالب أن تعرف المؤمن من هو بحقيقة الاِيمان، فإنّك تقف منه على العلم بما أشرت إليه، ودللتك عليه، فيفصل بيّن ذلك بين من هو مؤمن، ومن ليس كذلك، فتميّز المستحق ممن ليس بمستحق، فتعلم من قد رغب به عن النبي صلّى الله عليه وآله، والاَئمة الاَطهار عليهم السلام إليه(1)، وحثّوا المؤمنين عليه.
فما جاء من الاَخبار في الحثّ على القيام بحقوق المؤمنين لبعضهم بعضاً:
1ـ قول النبي صلّى الله عليه وآله: إنّ الله في عون المؤمن، مادام المؤمن في عون أخيه المؤمن(2).
ومن نفّس عن أخيه المؤمن كربة من كرب الدينا نفّس الله عنه سبعين كربة من كرب الآخرة(3).
2ـ وقال صلّى الله عليه وآله: أحبّ الاَعمال إلى الله عزّ وجلّ، سرور يدخله مؤمن على مؤمن، يطرد عنه جوعه، أو يكشف عنه كربه(4).
3ـ وقال صلّى الله عليه وآله: سباب المؤمن فسوق، (وقتال المؤمن كفر)(5)[ و ] أكل لحمه معصية الله، [ و ] حرمة ماله كحرمة الله(6).
4ـ عدة المؤمن أخذ باليد(7).
يحثّ صلّى الله عليه وآله على الوفاء بالمواعيد، والصدق فيها، يريد أنّ المؤمن إذا وعد كان الثقة بموعده كالثقة بالشيء إذا صار باليد.
5ـ وقال صلّى الله عليه وآله: المؤمنون عند شروطهم(8).
6ـ نية المؤمن خير من عمله(9).
7ـ لا يحلّ للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث(10).
8ـ من عارض أخاه المؤمن في حديثه فكأنّما خدش وجهه(11).
9ـ وقال أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وسلامه ـ فيما أوصى به رفاعة بن شداد البجلي قاضي الاَهواز في رسالة إليه ـ: دارالمؤمن ما استطعت، فإنّ ظهره حمى الله، ونفسه كريمة على الله، وله يكون ثواب الله، وظالمه خصم الله فلا تكن(12)خصمه(13).
10ـ وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا تحقروا ضعفاء إخوانكم، فإنّه من احتقر مؤمناً لم يجمع الله بينهما في الجنّة إلاّ أن يتوب(14).
11ـ وقال صلّى الله عليه وآله: لا يكلّف المؤمن أخاه الطلب إليه إذا علم حاجته(15).
12ـ وقال صلّى الله عليه وآله مخاطباً للمؤمنين: تزاوروا (16)وتعاطفوا وتباذلوا، ولا تكونوا بمنزلة المنافق الذي يصف ما لا يفعل(17).
13ـ وقال صلّى الله عليه وآله: اطلب لأخيك عذراً، فإن لم تجد له عذراً فالتمس له عذراً(18).

____________

(1) كذا في نسخة «ش» و «د».
(2) في نسخة «ش» و «د» زيادة «مادام المؤمن في عون أخيه المؤمن في عون أخيه المؤمن» وهو تكرار بيّن.
(3)أخرجه المجلسي في البحارج 74 ص 312 ح 69.
(4) رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 153 ح 11، والقمي في الغايات ص 70 باختلاف يسير، والبحارج 74 ص 312ح 69.
(5) في البحار: وقتاله كفر.
(6) الكافي ج 2 ص 268 ح 2، والزهد ص 11 ح 23، والفقيه ج 4 ص 272، وثواب الاَعمال ص 287 ح 2، والمواعظ ص 51، والمحاسن ص 102 ح 27، ومكارم الاَخلاق ص 470، ومشكاة الاَنوار ص 100، واعلام الدين ص 60، وعوالي اللآلي ج 1 ص 362 ح 44 باختلاف يسير، والبحارج 75 ص 150 ح 16.
(7) أخرجه السيوطي في الجامع الصغير ج 2 ص 150 ح 5404، والبحار ج 75 ص 96 و ص 150.
(8) التهذيب ج 7 ص 371 ذيل ح 66، والاِستبصار ج 3 ص 232 ذيل ح 4، والخلاف ج 1 ص 508، وعوالى اللآلي ج 1 ص 218 ح 84، والبحار ج 75 ص 96 ح 18.
(9) الكافي ج 2 ص 69 ح 2، والمحاسن ص 260 ح 315، والهداية ص 12، وفقه الرضا(ع) ص 51، وجامع الاَحاديث للقمي ص 26، وعوالي اللآلي ج1 ص 406 ح 67، والبحارج 70 ص 211 ح 36.
(10) المواعظ ص 53، وعوالي اللآلي ج1 ص 162 ح 158، وشهاب الاَخبار ص 108 ح 591، والخصال ص 183 ح 250، وأمالي الطوسي ج 2 ص 5، وفيهما: لمسلم، والبحار ج 75 ص 189 ح 14.
(11) جامع الاَحاديث للقمي ص 24، وفقه الرضا(ع) ص 48، ورواه الطبرسي في مشكاة الاَنوار ص 189 باختلاف يسير، والبحار ج 75 ص 151.
(12) في نسخة «ش» و «د»: يكن، وما في المتن من البحار.
(13) رواه القاضي نعمان في دعائم الاِسلام ج 2 ص 445 ح 1553 والبحار ج 74 ص 230 ح 28.
(14) الخصال ص 614، وتحف العقول ص 69، وفيهما: عن علي عليه السلام، والبحار ج 75 ص 151.
(15) الخصال ص 614، وتحف العقول ص 69، وفيهما: عن علي عليه السلام، ورواه الديلمي في اعلام الدين ص 54 باختلاف يسير، والبحار ج 74 ص 230.
(16) فى الخصال: توازروا.
(17) الخصال ص 614، وتحف العقول ص 69، وفيهما: عن علي عليه السلام، والبحار ج 74 ص 231.
(18) الخصال ص 622، ورواه ابن شعبة في تحف العقول ص 74 باختلاف في ألفاظه.

أضف تعليق