( 8 ) باب مدح الصبر وترك الشكوى واليقين والرضى بالبلوى
121ـ عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما من مؤمن إلا وهو مبتلى ببلاء ، منتظر به ما هو أشد منه ، فإن صبر على البلية التي هو فيها عافاه الله من البلاء الذي ينتظر به ، وإن لم يصبر وجزع نزل من البلاء المنتظر أبدا حتى يحسن صبره وعزاؤه ( 1 ).
122 ـ عن محمد بن سنان ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : من اغتم ( 2 ) كان للغم أهلا ، فينبغي للمؤمن أن يكون بالله وبما صنع راضيا ( 3 ).
123 ـ عن أبي خليفة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما قضى الله لمؤمن قضاء ، فرضي به إلا جعل الله له الخيرة فيما يقضي ( 4 ) .
124 ـ عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الله ـ بعدله وحكمته وعلمه ـ جعل الروح والفرح في اليقين والرضا عن الله وجعل الهم والحزن في الشك والسخط فارضوا عن الله ، وسلموا لامره ( 5 ) .
125 ـ عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من ابتلي من شيعتنا فصبر عليه كان له أجر ألف شهيد( 6 ) .
126ـ عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا تعدن مصيبة اعطيت عليها الصبر واستوجبت عليها من الله ثوابا بمصيبة ، إنما المصيبة التي يحرم صاحبها أجرها وثوابها إذا لم يصبر عند نزولها ( 7 ) .
127 ـ روى أحمد بن محمد البرقي في كتابه الكبير ، عن أبي عبد لله عليه السلام قال : قد عجز من لم يعد لكل بلاء صبرا ، ولكل نعمة شكرا ، ولكل عسر يسرا ، أصبر نفسك عند كل بلية ورزية ـ في ولد أوفي مال ـ فإن الله إنما يفيض جاريته ( يقيض عاريته / خ ) وهبته ليبلو شكرك وصبرك ( 8 ) .
128 ـ عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الله أنعم على قوم فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا ، وابتلى قوما بالمصائب فصبروا ، فصارت عليهم نعمة ( 9 ).
129 ـ وعنه عليه السلام أنه قال : لم يستزد في محبوب بمثل الشكر ولم يستنقص من مكروه بمثل بالصبر ( 10 ) .
130 ـ عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله ( 11 ) .
131 ـ وقال علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام : الرضا بمكروه القضاء من أعلى درجات اليقين ( 12 ) .
132 ـ وقال عليه السلام : من صبر ورضي الله فيما قضى عليه فيما أحب وكره ، لم يقض الله عليه فيما أحب أو كره إلا ما هو خير له ( 13 ) .
133 ـ عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما من شيء إلا وله حد ( 14 )، قلت : فما حد اليقين ؟ قال : ألا يخاف شيئا ( 15 ) .
134 ـ عن يونس بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : أيما مؤمن شكا حاجته وضره إلى كافر أو [ إلى من ] ( 16 )يخافه على دينه فإنما شكا ( الله / خ ) إلى عدو من أعداء الله ، وأيما مؤمن شكا حاجته وضره وحاله إلى مؤمن مثله وكانت شكواه إلى الله عزوجل ( 17 ) .
135 ـ عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كفى باليقين غنى ، وبالعبادة شغلا ( 18 ) .
136 ـ عن أمير المؤمنين عليه السلام ، أنه قال : أيها الناس سلو الله اليقين وارغبوا إليه في العافية ، فإن أجل النعم العافية ، وخير مادام في القلب اليقين ، و المغبون من غبن دينه ، والمغبوط من حسن يقينه ( 19 ) .
137 ـ عن سليمان بن جعفر الجعفري ، عن أبي الحسن الرضا ، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام أنه قال : رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قوم في بعض غزواته فقال : من القوم ؟ قالوا : مؤمنون يا رسول الله ، قال : ما بلغ من إيمانكم ؟ قالوا : الصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء والرضا بالقضاء .
فقال ( رسول الله صلى الله عليه وآله ) ( 20 ) : حلماء ، علماء ، كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء ، إن كنتم كما تقولون فلا تبنوا ما لا تسكنون ، ولا تجمعوا مالا تأكلون و اتقوا الله الذي إليه ترجعون ( 21 ) .
138 ـ عن جابر الجعفي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنه قال : يا أخا جعفي ، إن اليقين أفضل من الايمان ، وما من شيء أعز من اليقين ( 22) .
139 ـ وعن أمير المؤمنين عليه السلام ، أنه قال : لا يجد رجل طعم الايمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ( 23 ) .
140 ـ عن علي بن سويد ، عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال : سألته عن قول الله : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) ( 24) ،
فقال : التوكل على الله درجات ، فمنها أن تثق به في امورك كلها ، فما فعل بك كنت عنه راضيا ، تعلم أنه لم يؤتك إلا خيرا وفضلا ، وتعلم أن الحكم في ذلك له ، فتوكلت على الله بتفويض ذلك إليه ، ووثقت به فيها وفي غيرها ( 25 ) .
141 ـ وعن أبي جعفر عليه السلام قال : أحق من خلق الله بالتسليم ( 26 ) لما قضى الله من عرف الله ، ومن رضي بالقضاء أتي عليه القضاء وعظم عليه أجره ومن سخط القضاء مضى عليه القضاء وأحبط الله أجره ( 27 ) .
142 ـ عن صفوان الجمال ، عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال : ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه في رزقه ، ولا يتهمه في قضائه (28) .
143 ـ عن جابر قال : قلت لابي جعفر عليه السلام : ما الصبر الجميل ؟ قال : ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى أحد من الناس .
إن إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان ، عابد من العباد في حاجة ، فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم فوثب إليه فاعتنقه ، ثم قال له : مرحبا بخليل الرحمن ، فقال له يعقوب : إني لست بخليل الرحمن ، ولكن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، قال له الراهب : فما الذي بلغ بك ما أرى من الكبر ؟ قال : الهم والحزن والسقم ، قال : فما جاز عتبه الباب حى أوحى الله إليه : يا يعقوب شكوتني إلى العباد ؟ ! فخر ساجدا عند عتبه الباب يقول :
رب لا أعود ، فأوحى الله إليه : إني قد غفرت لك فلا تعد إلى مثلها ، فما شكا شيئا مما أصابه من نوائب الدنيا إلا أنه قال يوما : « إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون » (29) .
144 ـ عن ربعي بن عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الصبر والبلاء ليستبقان إلى المؤمن فيأتيه البلاء وهو صبور ، وإن الجزع والبلاء ليستبقان إلى الكافر فيأتيه البلاء وهو جزوع (30) .
145 ـ عن يونس قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الايمان والاسلام ، فقال : قال أبو جعفر : إنما هو الاسلام والايمان فوقه بدرجة ، والتقوي فوق الايمان بدرجة ، واليقين فوق التقوى بدرجة ، ولم يقسم بين الناس شيء أقل من اليقين ، قال : قلت : فأي شيء اليقين ؟ قال : التوكل على الله والتسليم لله ، والرضى بقضاء الله ، والتفويض إلى الله ، قلت : ما تفسير ذلك ؟ قال : هكذا قال أبو جعفر عليه السلام (31) .
146 ـ عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : الايمان في القلب : واليقين خطرات ( 32 ) .
147 ـ وقال أمير المؤمنين عليه السلام : إن للنكبات غايات لابد أن تنتهي إليها ، فإذا احكم على أحدكم لها فليطأطئ لها ( 33 ) ويصبر حتى تجوز ، فإن إعمال الحيلة فيها عند إقبالها زائد في مكروهها ( 34 ).
148 ـ وكان يقول : الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فمن لا صبر له لا إيمان له ( 35 ) .
149 ـ وكان يقول : الصبر ثلاثة : الصبر على المصيبة ، والصبر على الطاعة ، والصبر على المعصية ( 36 ) .
150 ـ وقال أبو عبد الله عليه السلام : الصبر صبران : الصبر على البلاء حسن جميل ، وأفضل منه الصبر على المحارم ( 37 ) .
151 ـ عن سيف بن عميرة ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : اتقوا الله و اصبروا ، فإنه من لم يصبر أهلكه الجزع ، وإنما ( أما / خ ) هلاكه في الجزع أنه إذا جزع لم يؤجر ( 38) .
152 ـ عن ميمون القداح ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال علي صلوات الله عليه : ما احب أن لي بالرضا في موضع القضاء حمر النعم (39) ) .
____________
( 1 ) عنه في البحار : 71 / 94 ح 51 والمستدرك : 1 / 139 ح 12 .
( 2 ) ( من غم ، ما أغم / خ ) .
( 3 ) عنه في البحار : 71 / 152 ح 57 والمستدرك : 1 / 138 ح 15 .
( 4 ) عنه في البحار : 71 / 152 ح 58 وص 158 عن المؤمن : ح 24 عن يزيد بن خليفة مع اختلاف يسير ، وروى في مشكاة الانوار : ص 33 مرسلا مثله .
( 5 ) ( فأسلموا / خ ) ، عنه في البحار : 71 / 152 ح 59 .
( 6 ) عنه في البحار : 71 / 94 ح 52 وأخرجه في الوسائل 2 / 902 ح 1 والبحار : 71 / 78 ح 14
عن الكافي : 2 / 92 ح 17 بإسناده عن أبي حمزة الثمالي ، وفي البحار : 71 / 93 عن جامع الاخبار : ص 26 مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله مثله ، وفيها : المؤمنين بدل شيعتنا ، وفيها : مثل أجر ألف شهيد .
( 7 ) عنه في البحار : 71 / 94 ح 53 والمستدرك : 1 / 139 ح 13 .
( 8 ) عنه في البحار : 71 / 94 ح 54 والمستدرك : 1 / 139 ح 14 .
( 9 ) عنه في البحار : 71 / 94 ح 55 وص 41 ح 31 عن أمالي الصدوق : ص 249 ح 4 ، وص 81 ح 18 والوسائل : 2 / 905 ح 18 عن الكافي : 2 / 92 ح 18 بإسنادهما عن سماعة عنه ( ع ) ، وأورد في روضة الواعظين : ص 545 ومشكاة الانوار : ص 26 مرسلا مثله .
( 10 ) عنه في البحار : 71 / 94 ذ ح 55 .
( 11 ) أخرج في البحار : 71 / 158 عن مشكاة الانوار : ص 33 مرسلا مثله .
( 12 ) عنه في البحار : 71 / 152 ح 60 ، وفيه عن ابن مسكان عن أبي عبد الله ( ع ) والظاهر أنه اشتباه نتج عن سقط في نسخة المجلسي ( ره ) المتن ح 130 وسند ح 131 .
( 13 ) عنه في البحار : 71 / 153 ذح 60 .
( 14 ) هنا في الكافي : قال : قلت : جعلت فداك فما حد التوكل ؟ قال : اليقين . . .
( 15 ) عنه في البحار : 70 / 180 ح 46 وفي ص 182 عن مشكاة الانوار : ص 13 مرسلا وأخرج في الوسائل : 11 / 158 ح 4 والبحار : 70 / 142 ح 6 عن الكافي : 2 / 57 ح 1 بإسناده عن أبي بصير ، نحوه ، وفيه : ألا تخاف مع الله شيئا .
( 16 ) ليس في النسخة ـ أ ـ .
( 17 ) عنه في البحار : 72 / 327 ح 10 والمستدرك : 1 / 82 ح 2 .
( 18 ) عنه في البحار : 70 / 176 ح 32 وعن المحاسن : 1 / 247 ح 251 وأخرج في المستدرك : 2 / 284 ح 1 عن المحاسن بإسناده عن عبد الله بن سنان مثله .
( 19 ) عنه في البحار : 70 / 176 ح 33 وعن المحاسن : 1 / 248 ح 254 عن أبيه مرفوعا ، وأخرج في المستدرك : 2 / 284 ح 2 عن المحاسن مثله ، وفيه : غبط يقينه بدل حسن يقينه .
( 20 ) ( ويقول الله / خ ) .
( 21 ) عنه في البحار : 71 / 153 ح 61 وج 22 / 144 ح 132 وأخرج في البحار : 67 / 286 ح 8 عن الكافي : 2 / 52 ح 1 والتوحيد : ص 371 ح 12 ومعاني الاخبار : ص 187 ح 6 والخصال : 1 / 146 ح 175 وعن مشكاة الانوار : ص 19 نقلا عن المحاسن : 1 / 226 ح 151 بأسانيدهم عن محمد بن عذافر نحوه .
( 22) عنه في المستدرك : 2 / 284 ح 11 .
( 23 ) عنه في البحار : 70 / 180 ح 47 عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله ( ع ) ، والظاهر أنه اشتباه نتج عن سقط في نسخة المجلسي ـ ره ـ لمتن ح 138 وسند ح 139 وعن مشكاة الانوار ص 12 مرسلا عن أبي جعفر ( ع ) عن علي ( ع ) مثله ، وأخرج في البحار : 70 / 147 ح 9 عن الكافي : 2 / 57 ح 4 مثله وص 154 ح 12 والوسائل : 11 / 157 ح 1 عن الكافي : 2 / 58 ح 7 مثله مع زيادة وفيهما عن أبي عبد الله ( ع ) عن أمير المؤمنين ( ع ) .
( 24) سورة الطلاق : آية 3 .
( 25 ) عنه في البحار : 71 / 153 ح 62 وأخرج في الوسائل : 11 / 166 ح 3 والبحار : 71 / 129 ح 5 عن الكافي : 2 / 65 ح 5 بإسناده عن علي بن سويد نحوه ، وفي البحار : 78 / 336 ح 18 عن تحف العقول : ص 443 مرسلا نحوه زيادة ، وأورد في مشكاة الانوار : ص 16 مرسلا نحوه .
( 26 ) ( للتسليم / خ ) .
( 27 ) عنه في البحار : 71 / 153 ح 63 ، وعن مشكاة الانوار : ص 17 مثله .
( 28 ) عنه في البحار : 71 / 154 ح 64 .
( 29 ) سورة يوسف : آية 86 ، عنه في البحار : 71 / 93 ح 47 وعن سعد السعود : ص 120 عن تفسير ابن عقدة عن عثمان بن عيسى عن المفضل عن جابر مع اختلاف يسير ، وأخرجه في البحار : 12 / 310 ح 123 عن العياشي : 2 / 188 ح 57 عن جابر مع اختلاف يسير ، وفي البحار : 71 / 93 ح 47 عن سعد السعود : ص 20 بإسناده عن جابر عن أبي عبد الله ( ع ) باختلاف يسير .
( 30 ) عنه في البحار : 71 / 95 ح 56 .
( 31 ) عنه في البحار : 70 / 180 ح 48 وأخرج في البحار : 70 / 138 ح 4 عن الكافي : 2 / 52 ح 5 بإسناده عن يونس مثله وروى في مشكاة الانوار : ص 11 عن يونس بن عبد الرحمن مثله .
( 32 ) عنه في البحار : 70 / 180 ح 49 وأخرج في البحار : 70 / 178 ح 38 عن المحاسن : 1 / 249 ح 260 بإسناده عن عبد الله بن سنان مثله .
( 33 ) في البحار : فإذا حكم على أحدكم بها فليتطأطأ لها . وفي النسخة ـ أ ـ فليطأ حالها .
( 34 ) عنه في البحار : 71 / 95 ح 57 .
( 35 ) عنه في البحار : 71 / 95 ذح 57 .
( 36 ) ( عن المعصية / خ ) ، عنه في البحار : 71 / 95 ذح 57 وأخرجه في الوسائل : 11 / 187 صدر ح 6 والبحار : 71 / 77 ح 12 عن الكافي : 2 / 91 ح 15 بإسناده عن عمرو بن شمر اليماني مرفوعا عن علي ( ع ) وفي البحار : 71 / 92 عن جامع الاخبار : ص 135 مرسلا عن أمير المؤمنين ( ع ) عن النبي صلى الله عليه وآله مثله .
( 37 ) عنه في البحار : 71 / 95 ذح 57 .
( 38) عنه في البحار : 71 / 95 ح 58 .
( 39 ) عنه في البحار : 71 / 154 ح 65 .