• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

النوع الثاني من الإبتلاء: ابتلاء أهل اليمين

 

النوع الثاني من الإبتلاء:
قال تعالى في سورة المائدة الآية119 {قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم}.
وهؤلاء الصادقون منهم من يرتقي إلى أقصى درجات ميزان أهل اليمين، ومنهم من يتوسطه، ومنهم من يتجه إلى درجاته الدنيا عند حدود ميزان الكاذبين.
ولذلك كانت الإبتلاءات في هذا النوع من أجل أن يحقق العباد موقعهم على ميزان أهل اليمين، فتكون الإبتلاءات وبشكل عام لتمييز العبد على درجات الميزان، من ناحية أعلى درجاته وهي الأقرب إلى ميزان السابقين، أوفي أوسط الميزان أو في أدنى درجاته وهي الأقرب من ميزان الكاذبين.
ولذلك كان هذا النوع من الإبتلاء والإختبار حتى يحدد العبد موقعيته على ميزان أهل اليمين، ويكشف عن حقيقة ما يدعيه مما يعتقده ويؤمن به على بساط العبودية لله تعالى.
وموقعية العبد على هذا الميزان ترتفع نحو السابقين أو تنخفض نحو الكاذبين، أي أنها تزداد وتنقص حسب فهم العبد لمعنى الإبتلاء والإختبار والتعرفات الإلهية التي يتعرض لها، فإذا كان العبد صادقا في عبوديته ظاهرا وباطنا، فيبتليه ربه ليطهره ويرقيه، وربما يكون صادقا لكنه يعيش بعض الغفلة فيبتليه ليذكره وينبهه، أوربما يكون العبد صادقا في ظاهره مدعيا كاذبا في باطنه فيبتليه ربه ليميزه عن الصادقين وليكشف حقيقته حتى يتبين أنه من المدعين لمقامات الصادقين، فينزل إلى ميزان الكاذبين المنافقين ليحدد له موقعا عليه.
وعلى ذلك يكون هذا النوع من الإبتلاء، ابتلاء تأديب وتنبيه، وابتلاء إنذار وتذكير، وابتلاء تمييز وتطهير.
وهذا النوع من الإبتلاء يعتبره العلماء العارفون منة ونعمة من الله تعالى لعبده، وهو رسائل تذكير وتنبيه من أجل التأديب والتهذيب، أو تمييز وتحقيق وتطهير. ومن أجل حماية المؤمن من الإفتتان والركون إلى الدنيا.
ويبتلى في هذا النوع أغلب المسلمين، خصوصا منهم المؤمنين، ومن عرف عن الحقائق الإلهية ولو القليل.
وحيث أن شؤون الحياة والجسد والنفس تتغلب على غيرها من الشؤون، فكثيرا ما ينزع الناس إلى الدنيا وملذاتها والطمع في الحصول على الحد الأعلى من موجوداتها، من أجل تحقيق رغبات وشهوات الإنسان، فلربما يغفل الإنسان عن آخرته وعن دينه وشريعته، ويكون التوجه إلى الدنيا في تلك الحال على حساب العمل للآخرة.

محاسبة النفس ومراقبتها
فبالتالي هو بحاجة إلى مراجعة حساباته، ومحاسبة نفسه، وتغييرها نحو الأفضل قبل نزول التعرفات الجلالية عليه. يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله تعالى عليه (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا).
ويقول عز وجل في سورة الرعد الآية 11 {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

فهم الرسائل الإلهية يجنب العبد الإبتلاء
ولذلك تأتي الإنذارات الربانية، والتحذيرات من وقوع الإبتلاء في الدنيا قبل الآخرة على لسان الأنبياء والأوصياء، لتنبه وتذكر عباد الله حتى يعودوا إلى ربهم وحتى تقام الحجة عليهم.
قال تعالى في سورة الأنعام الآية: 51 {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون}.
فإذا كان المسلم المؤمن عنده حب لله ولرسوله ولدينه وشريعته، وعنده استعداد قلبي، وإخلاص ونية صادقة، ولكنه وبسبب غفلته وانهماكه في رؤية الدنيا، يغفل أويتناسى الآخرة، أو يصير من أهل التسويف، فتأتي المنة والعطاء الإلهي على شكل الإبتلاء والتعرفات الجلالية حتى تنبه العبد أو تذكره بربه وحقوقه عليه وتأدبه حتى يعود إلى رشده ويثوب إلى ربه.
ولذلك كان المسلم المؤمن بحاجة إلى تذكير مستمر وتنبيه دائم، من أجل أن يبقى على بساط العبودية محافظا على إيمانه ويقينه، وعليه أيضا البحث عن كل مقومات ذلك التذكير والتنبيه، فقد أشارت الآيات القرآنية والسنة النبوية الشريفة إلى تلك المقومات. كاتخاذ أخ في الله يقربه من الله ويعينه على طاعته، وكثرة الدرس والمطالعة لمن يستطيع ذلك، واتخاذ المعلم، والإقتداء بالمرجع الجامع للشرائط، والمحافظة على الجو الإيماني من خلال الجماعة، ومداومة الطاعات المندوبة والأذكار، والمحافظة على أدعية الأئمة الأطهار، ومن المهم أيضا دوام التفكر والإعتبار في النفس من أجل معرفتها وفي الدنيا وحقيقتها.

ما يجب معرفته وتذكره
وعلى رأس ما يجب على المؤمن المحافظة على تذكره والتنبه له، هو المحافظة على الصلة الوثيقة بالأئمة من أهل البيت عليهم السلام، من خلال معرفتهم ومعرفة حقوقهم وأحقيتهم، وكذلك معرفة محبيهم ومبغضيهم، ومعرفة مظلومياتهم وظالميهم، بالإضافة إلى معرفة ما بينوا من الأوامر والمنهيات الربانية والأوامر والنواهي النبوية الصحيحة من خلال متابعتهم والإقتداء بهديهم، ومن المهم أيضا تذكر الموت والمصير الذي سوف يؤول إليه العبد بعد هذه الحياة، وباختصار يجب أن يعرف عقيدته التي فيها رضى الله ورسوله وكذلك الأحكام الشرعية المأمور بتحقيقها والنواهي المأمور باجتنابها.

الإعتبار من القصص القرآني
ومن المهم أيضا قراءة القرآن الكريم والحديث النبوي الصحيح، حتى يعرف العبد ما فيه من تنبيهات وتحذيرات وعبر، وسوف نلقي الضوء على بعض الآيات المتعلقة بموضوعنا من أجل توضيح بعض المعاني المتعلقة بالإبتلاء.
قال تعالى سورة الأعراف الآية 130 {ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون}.
وقال تعالى في سورة الأعراف الآية 26 {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون}.
وقال تعالى في سورة الأنعام الآية 42 {ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون}.
وقال تعالى في سورة الأعراف الآية 94 {وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون}.
وقال تعالى في سورة الأعراف. الآية: 168 {وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون}.

وقال تعالى في سورة الروم. الآية: 41 {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون}.
وقال تعالى في سورة السجدة. الآية: 21 {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون}.
وقال تعالى في سورة الزخرف. الآية: 28 {وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون}.
وقال تعالى في سورة الزخرف الآية 51 {وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون}.

تطهير وتمييزوتمحيص
وهناك قسم آخر من الناس يتعرضون لهذا النوع من التعرفات الجلالية، وهذا ما يختص به المؤمن الصادق الذي يريده رب العالمين أن يكون مؤهلا للعناية الإلهية والعطاء والمدد، وهذا لا يقبل منه أن يكون في مستوى المسلمين العاديين، فحسنات الأبرار سيئات المقربين. فتنزل بهم التعرفات الجلالية من أجل تطهيرهم، وتمييزهم وتمكينهم من القيم الأخلاقية والأدبية الفاضلة. ومن أجل الإعتبار والتأسي. بل وربما يحميهم الله من كثير من درجات الدنيا، فيبتليهم بالفقر لأنهم لا يصلحون بالغنى، ويبتليهم بالمرض لأن الصحة تفسدهم، لأن الله تعالى هو الذي يعلم الحال الذي ينفع العبد المؤمن ويصلحه أو يضره، قال تعالى في سورة البقرة الآية: 216 {عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: فيما أوحى الله إلى موسى عليه السلام أن: يا موسى ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن، وإني إنما أبتليه لما هو خير له، وأعطيه لما هو خير له، وأزوي عنه لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي، فليصبر على بلائي، وليرض بقضائي، وليشكر نعمائي، أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضائي وأطاع أمري.
وعلى ذلك فإن دور العبد المؤمن الصادق في هذا المعنى من الإبتلاء أن يرضى بقضاء ربه له، وأن يستسلم لإرادته، وأن يشهد الله على صدق عبوديته له، وعلى العبد المؤمن الصادق أن يتيقن أن الله ممتحنه ومختبره في كل ما يدعيه، وهذا ما نشاهده عند المؤمنين التائبين الآيبين إلى الله حديثا، فإن الدنيا تكون مفتوحة عليه من كل أبوابها حتى إذا ما تاب وعاد إلى بساط العبودية حقيقة، تلاحقه الإختبارات الإلهية والتعرفات الجلالية، حتى يكشف حقيقة توبته وصدق أوبته ويشهد الله على إيمانه ومجاهدته في الله ولله. فيطهره الله تعالى حتى يهيأه للمنزلة التي أعدها له في الجنة.
قال تعالى في سورة آل عمران الآية 140 {وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين}.
وقال تعالى في سورة محمد الآية 31 {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين}.
وقال تعالى في سورة الحديد الآية 25 {وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز}.
قال تعالى في سورة آل عمران 139-142 {ولاتهنوا ولا تحزنوا وإنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين. إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين. وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين. أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين}.
وقال أبو عبد الله الإمام الصادق عليه السلام: إنه ليكون للعبد منزلة عند الله عز وجل، لا يبلغها إلا بإحدى الخصلتين، إما ببلية في جسمه، أو بذهاب ماله.
تمييز الخبيث من الطيب
وقسم ثالث من العوام، وهم الذين يدعون الأحوال الدينية وهم ليسوا من أهلها، فيظهرون للناس مدى إهتمامهم في دينهم، وحبهم لله ولرسوله وأهل بيته، ويتنسكون ويلبسون مسوك الضان، ويتحلون بحلية الصالحين، ولكن قلوبهم خاوية على عروشها، خالية من مقومات الإيمان، فهم قوم أصلحوا ظواهرهم للناس وخربوا بواطنهم أمام الله، {إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وإلى أعمالكم}.
وهذا القسم يشمل طبقات متعددة من المسلمين منذ بداية الدعوة الإسلامية في مكة والمدينة وفشى واستشرى بعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الرفيق الأعلى، وما زال هذا القسم مستمرا حتى يومنا هذا، فتنزل بهم التعرفات الجلالية لتكشف حقيقتهم، ولتنضح قلوبهم بما فيها، لتفضحهم وتظهر كذبهم ونفاقهم. فمن ادعى ما ليس فيه فضحته شواهد الإمتحان. فكانت الإبتلاءات لهم تمييزا لهم وفضحا لأحوالهم، وكشفا لحقيقتهم، فتجدهم عند سكرات الموت، يظهرون كثيرا مما كان منهم في حياتهم من ظلم واعتداء على عباد الله تعالى، وتهجم على بيوت أولياء الله، وحرقها والإعتداء على المسلمين، فيظهرون ندمهم في اللحظات الأخيرة من الحياة، فمنهم من قال (وددت أني كنت نسياً منسيا (ومنهم من قال (وددت أني لم أكن أكشف بيت فاطمة وتركته). ومنهم من يقول (يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) ومنهم من يقول (يا ليتني كنت ترابا).
بينما تجد المؤمن الصادق في شوق إلى لقاء ربه ولقاء نبيه وأئمته، هذا حالهم عند الموت، فهذا بلال رضي الله عنه كان يردد وهو في حالة النزاع يقول (واطرباه، غداً نلقى الأحبه، محمداً وصحبه) وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قولته المشهورة (فزت ورب الكعبة) بعدما ضربه ابن ملجم لعنة الله عليه.
قال تعالى في سورة العنكبوت الآيات 1 - 3 {الم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}.
وقال تعالى في سورة العنكبوت الآيات: 4 - 7 {أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون، من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم، ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين، والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون}.
وقال تعالى في سورة العنكبوت الآية 10 - 11 {ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين، وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين}.
لاحظ الآيات كيف توضح أن الناس أنواع بحسب ادعاءاتهم وأحوالهم، فمنهم الصادق ومنهم المنافق ومنهم الكاذب ومنهم الضعيف الذي بميل مرة مع المؤمنين ومرة مع الضائعين في الدنيا، فجاءت التعرفات الجلالية لتضع كل واحد منهم في موقعه الذي يستحقه، وكشفت عن حقيقته والتزامه بما يقول ويدعي، فيطهر من كان من المؤمنين الصادقين من كان من السابقين، وأما إن كان من أهل اليمين، تكو ن التعرفات بالنسبة له تنبيه وتذكير وتأديب، وعى كل فكلا الحالتين هي تمييز لهما عن أهل العقوبة والطرد.

ابتلاء المال والبدن وما يرتبط بهما
و لبيان تلك الأقسام من التعرفات الجلالية وبيان أماكن تأثيرها، نقول أنها ربما تكون في نفس العبد وبدنه وما يخصه من مال أو أهل أو ولد أو عرض، ويكون ذلك تأديب وتهذيب وتطهير.
أخرج ابن عدي والبيهقي وضعفه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله ليبتلي عبده بالبلاء والألم حتى يتركه من ذنبه كالفضة المصفاة" وأخرج أحمد عن أبي الدرداء "سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الصداع والمليلة لا يزال بالمؤمن وإن ذنبه مثل أحد فما يتركه وعليه من ذلك مثقال حبة من خردل" وأخرج أحمد عن خالد بن عبد الله القسري عن جده يزيد بن أسد أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: المريض تحات خطاياه كما يتحات ورق الشجر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال: إن المؤمن يصيبه الله بالبلاء ثم يعافيه فيكون كفارة لسيئاته ومستعتبا فيما بقي، وإن الفاجر يصيبه الله بالبلاء ثم يعافيه فيكون كالبعير عقله أهله، لا يدري لم عقلوه ثم أرسلوه فلا يدري لم أرسلوه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمار أنه كان عنده أعرابي، فذكروا الوجع فقال عمار: ما اشتكيت قط؟ قال: لا. فقال عمار: لست منا، ما من عبد يبتلى إلا حط عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها، وإن الكافر يبتلى فمثله مثل البعير عقل فلم يدر لم عقل، وأطلق فلم يدر لم أطلق.
روى الحاكم في المستدرك قال، قال النبي -صلَّى الله عليه وآله وسلم-: (ما يزال البلاء بالمؤمن في جسده وماله، حتى يلقى الله -تعالى- وما عليه خطيئة).
ومن الضروري أن يتذكر القارئ العزيز أن هذا الثواب العظيم، المذكور في الأحاديث، يختص بالمؤمنين، فليس كل مبتلى يكون ابتلاءه تطهير وتزكية بل ربما يكون عقوبة، ولذلك تصف الأحاديث العبد المبتلى بالمؤمن، وحتى أعزز المعنى أضيف مجموعة من الأحاديث عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، توضح معنى هذا النوع من الإبتلاء.
قال الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: فيما أوحى الله إلى موسى عليه السلام أن يا موسى ما خلقت خلقا أحب إلي من عبدي المؤمن، وإني إنما أبتليه لما هو خير له، وأعطيه لما هو خير له، وأزوي عنه لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي، فليصبر على بلائي، وليرض بقضائي، وليشكر نعمائي، أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضائي وأطاع أمري وعن أبي الحسن عليه السلام قال: ما أحد من شيعتنا يبتليه الله عز وجل ببلية فيصبر عليها إلا كان له أجر ألف شهيد وعن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى إذا كان من أمره أن يكرم عبدا وله عنده ذنب ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ابتلاه بالحاجة، فإن هو لم يفعل شدد عليه عند الموت، وإذا كان من أمره أن يهين عبدا وله عنده حسنة أصح بدنه، فإن هو لم يفعل وسع في معيشته، فإن هو لم يفعل هون عليه الموت.
وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: وعزتي لا إخرج لي عبدا من الدنيا أريد رحمته، إلا استوفيت كل سيئة هي له، إما بالضيق في رزقه، أو ببلاء في جسده، وإما خوف أدخله عليه، فإن بقي عليه شيء، شددت عليه الموت.
وعن أبي جعفر عليه السلام قال: مر نبي من أنبياء بني إسرائيل برجل بعضه تحت حائط وبعضه خارج منه، فما كان خارجا منه قد نقبته الطير ومزقته الكلاب، ثم مضى ووقعت له مدينة فدخلها، فإذا هو بعظيم من عظمائها ميت، على سرير مسجى بالديباج حوله المجامر، فقال: يا رب إنك حكم عدل لا تجور، ذاك عبدك لم يشرك بك طرفة عين، أمته بتلك الميتة، وهذا عبدك لم يؤمن بك طرفة عين أمته بهذه الميتة. فقال الله عزوجل: عبدي أنا كما قلت حكم عدل لا أجور، ذاك عبدي كانت له عندي سيئة وذنب، فأمته بتلك الميتة لكي يلقاني ولم يبق عليه شيء، وهذا عبدي كانت له عندي حسنة، فأمته بهذه الميتة لكي يلقاني وليس له عندي شيء.
عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه رفعه قال: بينما موسى يمشي على ساحل البحر، إذ جاء صياد فخر للشمس ساجدا، وتكلم بالشرك، ثم ألقى شبكته فأخرجها مملوءة، فأعادها فأخرجها مملوءة، ثم أعادها فأخرج مثل ذلك، حتى اكتفى ثم مضى.
ثم جاء آخر فتوضأ ثم قام وصلى وحمد الله وأثنى عليه، ثم ألقى شبكته فلم تخرج شيئا، ثم أعاد فلم تخرج شيئا، ثم أعاد فخرجت سمكة صغيرة، فحمد الله وأثنى عليه وانصرف.
فقال موسى: يا رب عبدك جاء فكفر بك وصلى للشمس وتكلم بالشرك، ثم ألقى شبكته، فأخرجها مملوءة، ثم أعادها فأخرجها مملوءة، ثم أعادها فأخرجها مثل ذلك حتى اكتفى وانصرف، وجاء عبدك المؤمن فتوضأ وأسبغ الوضوء ثم صلى وحمد ودعا وأثنى، ثم ألقى شبكته فلم يخرج شيئا، ثم أعاد فلم يخرج شيئا، ثم أعاد فأخرج سمكة صغيرة فحمدك وانصرف!؟
فأوحى الله إليه: يا موسى انظر عن يمينك، فنظر موسى فكشف له عما أعده الله لعبده المؤمن فنظر، ثم قيل له: يا موسى انظر عن يسارك فكشف له عما أعده الله لعبده الكافر فنظر، ثم قال الله تعالى: يا موسى ما نفع هذا ما أعطيته، ولا ضر هذا ما منعته. فقال موسى، يا رب حق لمن عرفك أن يرضى بما صنعت.

إبتلاء العبد بما يسمع ويشاهد
وأيضا يكون الإبتلاء فيما ينزل من تعرفات وتنزلات جلالية بغيره، كالتي يراها أو يسمع عنها تقع لغيره ليكون عبرة وتذكرة للمشاهد والمستمع، كأن يرى شخصا مبتلى بمرض معين، أو حادث سير، أو زلزال، أو ظلم هنا أو هناك يقع في منطقة يسمع عنها أو يراها من خلال المحطات الفضائية. أو كأن يقرأ أو يسمع عن مظلوميات أهل البيت عليهم السلام وحقوقهم وأحقيتهم، فيكون ذلك عبرة لتنبيه العبد وتذكيره بحقيقة نفسه وعبوديته، ومن أجل التمسك بتعاليم دينه أو العودة إليها. فيستفيد من تلك التعرفات التنبيه والتذكير.
فإذا كان المشهد الذي سمعه أو رآه يتعلق بظلم أو إيذاء لمن حرم الله إيذاءهم وظلمهم، فإن الإبتلاء هنا يكون من حيث الرضى أو السخط، ومن حيث الولاء والبراء. لأن من رضي بأفعال الظالمين أو المستكبرين الخاطئين فهو منهم حتى وإن كانت الفترة الزمنية بينه وبين فعل الظالمين المستكبرين طويلة، فمن ابتلي بسماع قصص المستكبرين الظالمين الفاسقين ورضي بها وأقرها فهو منهم بدون أدنى شك. وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة فأنكرها - كمن غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها).
أو ربما يكون العبد في الأصل من أهل الإيمان والإعتبار فيزداد بالتعرف الإلهي والإبتلاء معرفة وخشية من الله تعالى، أو يستفيد معرفة حقيقة كانت غائبة عنه فيتوب ويتطهر.
قال تعالى في سورة طه الآيات 1 - 4 {طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، إلا تذكرة لمن يخشى، تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى}.
لاحظ عند استماع أو قراءة الآيات التالية، كيف يكون التأثير على العبد عند اعتقاد ضرورة معرفة ما جرى في تاريخ الأمم عموما وتأريخ المسلمين خصوصا، لابد وأن يقف على الكثير من المحطات والمواقف التي تدعوا للتفكر والتذكر من خلال العبرة والتبصر.
قال تعالى في سورة الحاقة الآية 11 - 12 {إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية، لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية}.
فالأذن الواعية هي التي عقلت عن الله تعالى وانتفعت بما سمعت، وهي أذن أمير المؤمنين على ابن أبي طالب عليه السلام، ومن له أسوة وقدوة برسول الله وأمير المؤمنين وأهل البيت، فإنه ولاشك ينتفع بما يسمع، لأنه يعلم أن السمع والطاعة لرسول الله وأهل بيته المعصومين من أهم مظاهر العبودية لله تعالى.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والواحدي وابن مردويه وابن عساكر وابن البخاري عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: "إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك، وأن تعي، وحق لك أن تعي" فنزلت هذه الآية {وتعيها أذن واعية}.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي قال: قال رسو ل الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا علي إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي" فأنزلت هذه الآية {وتعيها أذن واعية} "فأنت أذن واعية لعلمي".
قال تعالى في سورة المزمل الآية 15 - 19 {إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا، فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا، فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا، السماء منفطر به كان وعده مفعولا، إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا}.
قال تعالى في سورة ق الآية 36 - 38 {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}.

التنبه لابتلاء أهل البيت عليهم السلام
وأهم ما يجب على العبد معرفته مما يسمع ويشاهد، معرفة ابتلاءات النبي وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
لأن في معرفتها والتنبه الدائم والمستمر لها، والاعتبار من تفاصيلها، وتحديد خط السير للعبد المؤمن في الحياة الذي فيه النجاة والتطهير والتزكية، فإن العبد يطهر بولايتهم ونصرتهم واتباعهم كما بينت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية عند كل المسلمين، فهم الطاهرون المطهرون، قال تعالى {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}.
ومن اتخذ الطاهرين المطهرين قدوة وأسوة فلاشك أنه يطهر ويتطهر، يطهر بحبهم وولايتهم واتباعهم، ويحقق رضى ربه وسيده ومولاه، فقد كان ميزان الطهارة هذا ظاهر في تصرفات الصحابة المؤمنين منذ العصر الأول للإسلام، فقد ورد عن عدد كبير منهم رضي الله عنهم أنهم قالوا (كنَّا نَبُور أولادنا بَحُبّ علي عليه السلام).
ورد في الزيارة الجامعة (وجعل صلواتنا عليكم، وما خصّنا به من ولايتكم، طيباً لخلقنا، وطهارة لأنفسنا، وتزكية لنا، وكفّارة لذنوبنا، فكنّا عنده مسلمين بفضلكم، ومعروفين بتصديقنا إيّاكم). وورد في زيارة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام (فاشهدي أنّي طاهر بولايتك وولاية آل نبيّك محمد صلى الله عليه وآله).
فإما أن يسير العبد مع الناجين، ويتجنب الآثار السلبية للإبتلاء، ويوالى من أمر الله بولايتهم واتباعهم والإقتداء بهديهم، فيركب سفينة النجاة سفينة أهل البيت عليهم السلام، فتكون ابتلاءاته تطهيرا له وتزكية من الله ورسوله، وفوزا عظيما في الآخرة.
وأما من لا يتنبه إلى أئمته من أهل البيت، فإنه يضيع مع آثار الإبتلاء السلبية، ويبتعد عن ربه ودينه لأنه عليهم السلام الصلة بين العبد وربه. وربما كان موقفه مع الظالمين الذين ظلموا أهل البيت واعتدوا على حقوقهم وأحقيتهم التي فرضها الله تعالى لهم، فيحرم من الورود على الحوض يوم القيامة، مثل الصحابة الذين غيروا وبدلوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وتركوا أوامر الله تعالى في ولاية أهل البيت عليهم السلام، فيجدوا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام بينهم وبين الحوض يحجزهم عنه.

الوفاء بالعهود تمييز للصادق من الكاذب
إن الوفاء بالعهد من أهم ابتلاءات تمييز الصادقين من الكاذبين، والمتمكنين من المدعين، وتمييز الخبيث من الطيب.
قال تعالى في سورة الأحزاب الآية: 23 - 24 {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما}.
قال تعالى في سورة الرعد. الآية: 19-21 {أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب}.
فلطالما قطعت العهود على إتباع وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أمام رسول الله صلى الله عليه وآله، خاصة في يوم الغدير عندما بايعوا عليا عليه السلام بإمرة المؤمنين، وهنأه المسلمون على ذلك، وشهد كل المسلمين بولايته عليه السلام، ولقد ورد حديث الغدير يوم أخذت العهود لولايته عليه السلام في كل كتب المسلمين وهو حديث متواتر مقطوع بتواتره عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وأورد للقارئ العزيز رواية مجملة منه.
حج رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم في السنة العاشرة من الهجرة حجة الوداع، وخرج معه خلق كثير من المدينة وممّن توافد على المدينة ليخرجوا مع رسول للحج في تلك السنة. ويتراوح تقدير أصحاب السير لمن خرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومئذ للحج بين تسعين ألفا ومئة وأربعة وعشرين ألفا، عدا من حجّ مع رسول اللّه في تلك السنة من مكة المكرمة وممّن التحق برسول اللّه في مكة من اليمن ومن العشائر الذين توافدوا إلى مكة للحج.
وفي عودته صلى الله عليه وآله وسلم من الحج في طريقه إلى المدينة نزل رسول اللّه بـ (غديرخم) في يوم صائف شديد الحرّ في الثامن عشر من ذي الحجة. فأذّن مؤذن رسول اللّه بردّ من تقدّم من الناس وحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان. فصلّى بالناس الظهر، وكان يوما هاجرا، يضع الرجل بعض ردائه على رأسه، وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء. وظلّل لرسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم بثوب على شجرة سمرة من الشمس؛ فلما انصرف رسول اللّه من صلاته قام خطيبا، فحمد اللّه وأثنى عليه. ثم أخذ بيد علي عليه السلام فرفعها حتى رؤي بياض آباطهما وعرفه القوم جميعا، فقال: أيّها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟. قالوا: بلى.
فقال: (من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه) ـ يقولها أربع مرّات كما يروي أحمد بن حنبل ـ، ثم قال: (اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحقّ معه حيث دار. ألا فليبلّغ الشاهد الغائب).
فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الأقتاب التي صفت له، أخذ الناس يهنئون عليا عليه السلام يومئذ بالولاية. وممّن هنأه يومئذ بالولاية الشيخان أبو بكر وعمر؛ قالا له: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
ثم هناك عهد قد قطعه الله تعالى على المسلمين، في كل زمان ومكان، في قوله تعالى في سورة الشورى. الآية: 23 {ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور}.
أخرج أبو نعيم والديلمي من طريق مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم {لا أسألكم عليه أجر إلا المودة في القربى} "أن تحفظوني في أهل بيتي وتودوهم بي.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا
المودة في القربى}
قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودتهم؟ قال: علي وفاطمة وولداها.
وأخرج سعيد بن منصور، عن سعيد بن جبير {إلا المودة في القربى} قال: قربى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وأخرج ابن جرير عن أبي الديلم، قال: لما جيء بعلي بن الحسين - عليه السلام- أسيرا، فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم، فقال له علي بن الحسين - عليه السلام: أقرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: أقرأت آل حم؟ قال لا. قال: أما قرأت {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قال: فأنكم لأنتم هم؟ قال: نعم.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس {ومن يقترف حسنة} قال: المودة لآل محمد.
وقد ذكرت النصوص الشرعية، عددا كبيرا من العهود تتعلق مباشرة بأهل البيت عليهم السلام، تأكيدا على دورهم العظيم في الإمتحان الإلهي لعبيده.
فماذا فعل العباد بأهل البيت عليهم السلام؟ هل أوفوا بعهودهم التي قطعوها على أنفسهم؟ هل تفكر العباد بأن ابتلاءهم واختبارهم بأهل البيت عليهم السلام من أعظم الإختبارات والتعرفات الربانية التي تميز المؤمن من غير المؤمن، والموفي بعهده من الناقض لها؟ هل وصل العباد ما أمر الله به أن يوصل؟.
فهم عليهم السلام الباب الأعظم المبتلى والممتحن به الناس، فمن نجح في الإختبار وأوفى بعهده فقد نجى، ومن سقط في الإختبار فقد ضل وهلك والعياذ بالله.

تنبه الشيعة لأئمتهم منقطع النظير
إن الناظر إلى أتباع أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم المخلصين، الذين أوفوا بعهدهم ووصلوا ما أمر الله به أن يوصل، يجدهم يتميزون في إتباعهم لأهل البيت عليهم السلام، فقد نجحوا في الإمتحان الأعظم للعباد، وحصلوا على أعلى الدرجات في حبهم وولائهم لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فمن أجل دوام التذكر والتفكر والتنبه لأئمتهم، تجدهم دائما يحيون مناسبات أهل البيت عليهم السلام، ويحافظون على إحيائها بالرغم من كل المعاناة والمحن التي تعرض لها أهل البيت وشيعتهم عبر كل العصور الغابرة، وحتى يومنا هذا، تجدهم يبكون في ذكريات استشهاد أهل البيت عليهم السلام، ويفرحون لأفراحهم، ويعرفون الناس معنى الوفاء ومعنى الإتباع والإقتداء، ومعنى تعظيم شعائر الله، وإحياء لأمر أحباب الله، فقد أمرنا رسول الله والأئمة من أهل البيت عليهم الصلاة والسلام بإحياء أمرهم، فقالوا (أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا).
وفي الحقيقة فأنك لن تجد اليوم من يتذكر أهل البيت ويتنبه لهم ويحيي أمرهم ويواليهم ويوفي بعهده معهم، وينتظر فرجهم، غير شيعة أهل البيت عليهم السلام.
فبالرغم من كل رسائل التنبيه الربانية، وكذلك الإبتلاء الذي ينزل بالمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بسبب الضلال الذي تفشى بسبب معصية أمر الله ورسوله حيث قال رسول الله لنا، لن تضلوا ما إن تمسكتم بالقرآن وأهل البيت، وبالرغم من الذل والهوان الذي تعانى الأمة الإسلامية، فإن أغلب المسلمين يترفعون بل وربما يستكبرون عن البحث في أهل البيت وولايتهم، بل وربما قادهم العمى في بصائرهم أن يكفروا أتباع أهل البيت وشيعتهم المؤمنين الصادقين، والسبب في ذلك الجهل في معنى العبودية ومعنى الإبتلاء والإختبار الذي جعله الله تعالى، من أجل أن يشهد العبد فيه على حقيقة ما يدعيه من إلتزام واستسلام لله الواحد الأحد، والإقتداء برسوله محمد صلى الله عليه وآله الذي طالما يذكره أغلب المسلمين في كل وقت وحين من دون أن يصلوا على أهل بيته أو يتذكرونهم، بل يدعون حب رسول الله المجرد مع أن الرسول قال عن أهل البيت أن من أحبهم فقد أحب الله ورسوله ومن أبغضهم فقد أبغض الله ورسوله، فكيف يدعي العبد محبة ربه ورسول ربه وهو يبغض أحباب الله ورسوله، ويوالي أعداءهم ظالميهم ومبغضيهم؟. حقيقة إن هذا لهو البلاء العظيم، ولذلك روي في الزيارة الجامعة أنهم عليهم السلام الباب المبتلى به
الناس. ولم يدرك ذلك المعنى ويتنبه له سوى شيعتهم وأتباعهم رضي الله عنهم وأرضاهم.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page