ثالثا: تصرفات العبد أثناء الإبتلاء والإختبار:
أما ما يجب أن يكون عليه حال العبد المؤمن أثناء الإبتلاء، فهو ماأخبر عنه الله تعالى في القرآن الكريم ومن خلال الذين كلامهم نور رسول الله وأهل بيته المعصومين الطاهرين. وأول حال يجب على العبد المؤمن هو الصبر.
قال تعالى في سورة البقرة الآية 155 {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله {ولنبلونكم...} الآية. قال: أخبر الله المؤمنين أن الدنيا دار بلاء، وأنه مبتليهم فيها وأمرهم بالصبر، وبشرهم فقال {وبشر الصابرين}. وأخبر أن المؤمن إذا سلم لأمر الله ورجع واسترجع عند المصيبة كتب الله له ثلاث خصال من الخير: الصلاة من الله، والرحمة، وتحقيق سبل الهدى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم"من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته، وأحسن عقباه، وجعل له خلفا صالحا يرضاه".
وقال تعالى في سورة محمد الآية: 31 {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم}.
قال اللَّه تعالى في سورة آل عمران 200 {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا}.
وقال تعالى (الزمر 10): {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.
وقال تعالى (الشورى 43): {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}.
وقال تعالى (البقرة 153): {استعينوا بالصبر والصلاة إن اللَّه مع الصابرين}.
روي في مصادر الشيعة وأهل السنة أن النبي صلى الله عليه وآله قال (الصبر نصف الإيمان). وقال (الصبر كنز من كنوز الجنة). وقال (الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فكذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان).
ثم بعد الصبر الرضا بقضاء الله تعالى وهو من أهم تصرفات العبد المؤمن أثناء الإبتلاء، قال الإمام الصادق عليه السلام (كيف يكون المؤمن مؤمنا وهو يسخط قسمته، ويحقر منزلته، والحاكم عليه الله، وأنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلا الرضا أن يدعوا الله فيستجاب له).
وروي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال (ومن سخط القضاء، مضى عليه القضاء، وأحبط الله أجره).
وروي عنهم عليهم السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال (إذا أحب الله عبدا ابتلاه، فإن صبر اجتباه، فإن رضي اصطفاه).
وكذلك على العبد المؤمن أن يكون متوكلا على الله قال تعالى {وعلى الله فليتوكل المؤمنون}. وقال تعالى {ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه}.
ثم على العبد أن يكون حسن الظن بالله تعالى، حليما، محتسبا، والمهم أن لا يتجاوز حدود العبودية لله تعالى إذا حلت به نازلة، وأن لا يستكبر، وأن يتحلى بالأخلاق النبوية وأخلاق أهل البيت عليهم السلام، وأكتفي بما ذكرت من آيات
روايات في الفضائل، فلا مجال لذكرها في هذا البحث بتفاصيلها، وأحيل القارئ العزيز إلى القرآن الكريم وكتب الأخلاق والفضائل الإسلامية الواردة عن أهل البيت عليهم السلام وما أكثرها، لكنها بحاجة إلى من يطبق حكمها وأحكامها.